العنف والفتيات والزواج في اليـمن
بقلم/ شبكة إيريـن
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و يومين
الأحد 06 إبريل-نيسان 2008 05:28 م

كانت الفتاة تبلغ 14 عاماً عندما قام أهلها بتزويجها، وهي اليوم أم لطفل رضيع ولم تتعد سن الطفولة بعد". "لا يجب السماح بذلك لأنه يحرم الفتاة من التمتع بطفولتها".

"أجبرها أهلها على الزواج وهي لم تتعد 14 عاماً. كانت ولادتها الأولى طبيعية ولكنها كادت أن تموت وهي تنجب طفلها الثاني".

كانت هذه كلمات فتيات يمنيات وهن يعبرن عن آرائهن حول الزواج المبكر في تقرير صادر عن منظمة "إنقاذ الطفولة" السويدية بالتعاون مع مركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء تحت عنوان "العنف الجنسي ضد المراهقات في الشرق الأوسط".

وجاء في التقرير أن الفتيات اليمنيات يُحرمن من حقوقهن كأطفال عندما يتم تحضيرهن للأمومة في سن مبكرة، حيث أخبرت بيرنيلا ويس، قائدة فريق البحث، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "مثل هذا الدور يخلق شعوراً لدى الفتيات وأسرهن مفاده أن الزواج هو الهدف الرئيسي للفتيات".

وتجدر الإشارة إلى أن اتفاقية حقوق الطفل تعرّف الزواج المبكر على أنه الزواج الذي يتم قبل بلوغ العروس أو العريس سن 18 عاماً. وهذا ما يحصل في اليمن حيث تُجبر القيم الاجتماعية المحافظة والفقر الفتيات على الزواج وتحمل مسؤولية الأمومة قبل بلوغهن سن 18 عاماً، حسب ويس. كما أن العديد من أولياء الأمور يعتقدون أنهم يحمون شرفهم وشرف بناتهم إذا زوجوهن في سن مبكرة.

غير أن ويس أوضحت أن نتائج الدراسة التي أجراها فريقها أثبتت عكس ذلك، حيث قالت: "لقد وجدنا أن هناك علاقة قوية بين الزواج المبكر وارتفاع نسبة العنف المنزلي ضد الفتيات بالإضافة إلى ارتفاع عدد حالات الطلاق بين الأزواج الصغار. أضف إلى ذلك الفقر الذي يجبر الأسر على تزويج بناتها للتخفيف من العبء المالي ومصاريف التعليم".

تدني الترتيب

وأخبرت ويس شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الظروف التي تواجهها الفتيات والأمهات الشابات جعلت ترتيب اليمن يأتي في نهاية قائمة مؤشر الأمومة لعام 2007، حيث جاءت في المرتبة 31 من بين 33 دولة من أقل الدول تقدماً.

من جهتها، أخبرت سهى باشرين، مسؤولة سياسة في منظمة أوكسفام، شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الزواج المبكر يؤثر بشكل سلبي على جهود التنمية. وأوضحت أنها لا تشك في أن الزواج المبكر الواسع الانتشار وتأثيره على المجتمع ساهم في تدني ترتيب اليمن في قائمة تقرير التنمية البشرية حيث تدنى من 148 عام 2000 إلى 150 عام 2007.

وأضافت باشرين أنه "عندما يتم تزويج الفتيات، فإنهن يواجهن مشاكل جسدية ونفسية لأن أجسادهن وعقولهن لا تكون قد نمت بالشكل الذي يكفي لتصبحن زوجات وأمهات. بالإضافة إلى ذلك، فإن غياب المعرفة بقضايا الصحة التناسلية يسبب مشاكل كبيرة حيث لا تحصل الفتيات على الدعم الذي يحتجنه حول كيفية التفاوض مع أزواجهن بخصوص حياتهن الجنسية وعدد الأطفال الذي سينجبنه".

وأضافت أن "هذا الأمر يعد من أهم أسباب ارتفاع نسبة الخصوبة لدى المرأة اليمنية، حيث تصل إلى حوالي 6.5 طفل للأم الواحدة. كما تواجه الفتيات نقصاً في الخدمات الطبية ويضطررن للولادة في البيوت. ولا يستفيد سوى 20 إلى 30 بالمائة من النساء في اليمن من مساعدة العاملين الصحيين المدربين أثناء الولادة".

وقد احتلت اليمن المرتبة 128 في تقرير الفجوة النوعية لعام 2007 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي والذي أشار إلى أن النساء اليمنيات يعشن في مجتمع لا يمنحهن حقوقاً متساوية مع الرجال.

ووفقاً للمقياس الذي استخدمه التقرير (حيث يعني 0.0 عدم المساواة و1.0 المساواة)، تم ترتيب التمكين الاقتصادي للمرأة في اليمن في الرتبة 0.251، والتحصيل العلمي في الرتبة 0.565 والصحة والقدرة على البقاء في الرتبة 0.980 ، أما التمكين السياسي فجاء في الرتبة 0.008.

انعدام التعليم والتمكين

وفقاً للدكتورة حسنية القادري، مديرة مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء، يعتبر الزواج المبكر السبب الرئيسي في انعدام التعليم بين الفتيات وغياب برامج تمكين المرأة. وقالت لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه "عندما تتزوج الفتيات، من المتوقع أن ينقطعن عن المدرسة ويتفرغن لأنشطة الأمومة. وهذا ما يشرح وصول نسبة الأمية بين النساء في اليمن إلى أكثر من 70 بالمائة".

وأضافت قائلة: "للأسف، أخشى أن تضطر هذه الفتيات إلى مواجهة المزيد من العراقيل عندما يحاولن الالتحاق بالتعليم العالي. فقرار الحكومة فرض سنتين خدمة إجبارية في مراكز التعليم والصحة لثلاثين ألف فتاة بعد انتهائهن من المدرسة سينعكس سلباً على إمكانية التحاقهن بالتعليم العالي. فإذا لم تكن تلك الفتيات قد تزوجن عند بداية الخدمة الإجبارية فسيتزوجن حتماً عند نهايتها بعد سنتين. وهذا يعني أن عدد الطالبات في الجامعات سينخفض أكثر".