اسعاف الوطن في كابوس مخيف
بقلم/ أحمد عبدالله جحاف
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 18 يوماً
الجمعة 20 يناير-كانون الثاني 2012 11:04 م

في إحدى الليالى المظلمة والبرد الشديد وبعد توقف مولد الكهرباء من العمل بسبب إنتهاء البنزين ، قررت أن أستسلم وأن أذهب للنوم وياليتني لم أستسلم ، حينها وبمجرد أن وضعت رأسي على فراش النوم سيطر النوم عليا وبدأت الحكايه بحلم "كابوس" مخيف عن وطني الجريح ، أترككم مع الحلم أو الكابوس . .

عدت إلى المنزل للراحة قليلاً بعد جهداً وعملاً شاق ، وعندما دخلت إلى المنزل سمعت صراخ عالً "الحقووووني ، النجده ، أني أموووووت" هذا صوت وطني يصرخ ، بحثت عنه في جميع أنحاء المنزل ووجده على الأرض يصرخ ويستغيث ويطلب المساعده لأنقاذه من آلم شديد في القلب وذلك بسبب توقف إحدى شريان القلب عن العمل ، أعطيته بعض الأدويه والحبوب المهدئه والتي طالما كان يستخدمها منذ 33 عام ولكن للأسف لم تعطيه الان أي نتيجه بسبب تدهور حالته في الوقت الحالي ، يصرخ بصوت عالً وأنا أمامه عاجز عن تقديم المساعده لم أستطيع حتى التفكير بسبب الخوف والهلع الذي أصابني ، توجهت فوراً إلى هاتفي المحمول لطلب المساعده إلا ان التغطيه كانت ضعيفه جداً في المنزل فتوجهت إلى سطوح المنزل للبحث عن الارسال "التغطيه" وعندما وجدتها إتصلت فوراً باحدى المستشفيات الخاصة " الووووو الطوارئ أرجوووكم ساعدوووني وطنـ ... طيت طيت طيت" إنقطع الخط بسبب إنتهاء الشحن في بطارية الموبايل ، فعدت إلى الاسفل ولكن للأسف كانت الكهرباء كالعادة "منقطعه" ، لم أستطيع التفكير حينها وأنا أسمع صراخ وطني العزيز "أرحموووووني أنا أحبكم فلا تقتلووووني" حملت وطني على كتفي لإسعافه ولم يكن بحوزتي نقود كافيه فأخذت البطاقة الائتمانيه الخاصه بي ATM وأتجهت فوراً إلى سيارتي وبسرعة جنونية أسابق جميع السيارات طالباً منهم إفساح الطريق وإعطائي الاولويه بالمرور بسبب حالة وطني الحرجه ومازلت في الطريق وعين على وطني وهو يصرخ ويتألم والعين الاخرى على الطريق وإشارة البترول الصفراء والتي لم تفارق سيارتي خلال الفترة الماضيه ، اشاهد أمامي زحمة سيارات قبل نقطة تفتيش ، أطلب منهم الاذن بالسماح لي بالمرور أولاً ولكنهم يرفضون فأصرخ بصوت عالً لعسكري النقطه ولاكنه لا يجيب وعندما وصل دوري للتفتيش قلت له : "الا تعطون المجال للحالات الطارئه والمرضى والتي بسببكم قد يتوفون" قال لي العسكري : "كلنا مرضى وكلنا بنموت أمشي" فنظرت إلى وطني الذي يأس من الصراخ وطلب المساعده من المخلوق وأتجه إلى الخالق بالدعاء والتوسل لله سبحانه وتعالى ، طمنت وطني بأني مستحيل أن أتركه واني ساعمل المستحيل من أجله ، واصلت طريقي بسرعه خياليه خائفاً من أن تتوقف السيارة بسبب عطشها المتواصل وعشقها الدائم للبترول ابو 3500 ريال للدبه ، استمريت في طريقي لأجد نقطه تفتيش أخرى وأنتظر وأعبر هذه النقطه ووطني مستمر في الآلم واستمر أنا في طريقي إلى نقطة تفتيش ثالثه " لاحول ولاقوة إلا بالله" بداء صبري ينفذ ودموعي مستمره في تساقطها على صوت صراخ وتوجع الوطن الذي أتمنى لو أستطيع أن أنقل له أحدى شرايين قلبي ليستمر في الحياة بصحه وعافيه ، وأخيراً وبعد أكثر من ساعة ضاعت في الطريق ونقاط التفيش وصلت إلى المستشفى الخاص وخرجت مسرعاً طالباً يد العون والمساعده ونقلنا وطني إلى غرفة الانعاش وحوله بعض الممرضين والممرضات والذي ليس في أيديهم شيء غير المعاينه وتقديم المساعده البسيطه ، صرخت بصوت عالً في المستشفى "فيييييين الدكتووووووور بسررررعه" كانو يصرخون في وجهي "في الطريــــــق من البيت قلنا لك الان وقت راحه وكويس أنه وافق يرجع ، من قالك ما تتصل قبل ماتجي" ، حينها لم أستطيع التفكير "ماذا أعمل؟ ما الحل؟" أعصابي مشدوده لدرجة أني قد أرتكب جريمه في هذا المستشفى ، الجميع في المستشفى لا يبالي بحالته كونهم قد تعودو على مقابلت العديد من الاشخاص في مثل حالتي من الهلع والخوف وحالة وطني الحزين ولا يملكون إلا كلمة " أصبر الان بيجي اكيد" ويكررون هذا الجملة "انت الغلطان ليش ماتتصل وانت عارف الان وقت راحة" وبقلب بارد وقح يرسلون لي ورقة مطالبة بدفع رسوم العملية وغرفة الانعاش قبل وصول الدكتور وان الدكتور اتصل وأبلغهم بضرورة حصوله على سند القبض قبل دخوله إلى غرفة الانعاش والعمليات ، توجهت إلى الحسابات لأعطيهم البطاقة الائتمانيه لاكنهم رفضوها حيث أنهم لايتعاملون إلا بالكاش وكما قال موظف الحسابات "ورقة تنطح ورقة" خرجت مسرعاً للبحث عن أقرب مكينة لسحب النقود إلا أن جميع المكائن القريبه لا تعمل وفي حالة صيانه في الوقت الحالي ، وبعد بحث مكثف في عدة مناطق وجدت المكينة التي تعمل والحمدلله قمت بسحب المبلغ وتوجهت فوراً للعودة إلى المستشفى إلا أن سيارتي أعلنت إنسحابها ورفضها مواصلة تقديم المساعدة المجانيه أكثر من ذلك وبسبب تجاهلي الدائم لها لعشرات الكيلومترات والاشاره الصفراء ومستمره في التنبيه ، وقفت السيارة في وسط الطريق ، فوراً تركتها في الشارع وطلبت سيارة أجرة "تاكسي" لينقلني إلى المستشفى بسرعة وعندما علم سائق الأجرة بحالتي المزريه تعاطف معي بالكلام وأستغلني في أجرة التاكسي "إستغلال حقير" فدفعت المبلغ للمستشفى وذهبت للدكتور في مكتبه وحينها صرخ في وجهي بسبب أنتظاره لفترة وانا غائب فأعطيته السند وتوسلت إليه بالرفق بوطني وعمل المستطاع لمساعدته ، دخل الدكتور "دكتور الدفع المسبق" إلى غرفة العمليات وتوجهت أنا إلى المصلى الخاص في المستشفى للصلاة والدعاء والتوسل لمن في يده القدرة على إنقاذ وطني المسكين ، وبعد ساعات من الانتظار خرج الدكتور من غرفة العمليات وأخبرني بأن وطني لن يكون بخير إلا اذا قمت باعطائه بعض المتبرعين بالدم شرط أن تكون نفس فصيلة دم وطني ، حينها شعرت بأن هناك أمل كبير ليعود وطني واذا كانت المشكله مجرد تبرع بالدم فليست بمشكله كبيره ولكنني لم أطمئن لطريقة حديث الدكتور معي وشعرت بأنه غير مطمئن نوعاً ما ، أمرني بالذهاب إلى المختبر ليعطوني نوع فصيلة دم وطني للبحث عن متبرعين ، توجهت إلى المختبر فسألت الدكتورة هناك فأجابت لي بأن فصيلة دم وطني نادره جداً(( دم خالي من الفساد وعلامته + (موجب) ولا تقبل علامة – (السالب) وغير مقبوله أبداً)) وبسبب إنعدام هذه الفصيله مات العديد من المرضى ، خرجت مسرعاً من المستشفى ولم أهتم بقول الدكتوره في المختبر عن إنعدام هذه الفصيله وأنه عدده ضئيل جداً في هذه البلاد ، بدات في البحث في جميع أنحاء المنطقه والمناطق المجاروه ولم أجد ، توجهت إلى جميع الاهل والاصدقاء وللاسف لم أجد ، واصلت في البحث في جميع الشوارع وطرقت جميع الابواب في العديد من الاحياء ولكن لم أصدق ذلك أنه لهذه الدرجة منعدم ، هل سأترك وطني يموت ولن أستطيع أن أوفر له على الأقل متبرع واحد؟ ما الحل؟ تعبت جداً واليأس سيطر عليا ، أعلنت لنفس أن هذا الشارع الأخير الذي سابحث فيه وإن لم أجد ساتوجه إلى المستشفى وأطلب من وطني أن يسامحني ويغفر لي ، بدات في البحث في الشارع الأخير ولم أصدق ذلك " وجدت نفس الفصيله " الحمدوالشكر لله ، أجابني الشخص الذي يملك نفس فصيلة دم وطني بصورة وجهه الجميله والناصعة البياض بأن فصيلة دمه نفس فصيلة دم وطني ، أخبرته بأني محتاج له "مسألة حياة أو موت" ومستعد لتقديم كل ما أملكه مقابل التبرع بقليلاً من دمه الخالي من الفساد ، أجابني بأن من يملكون نفس هذه الفصيله لا يستغلون الوضع رغم حالته الماديه الضعيفه ولكنه بالرغم من ذلك يرفض تقديم المساعده لي ، حينها تساقطت دموعي أنهاراً امامه متوسلاً إليه تقديم المساعده مستغرباً سبب رفضه إلا أنه أجابني بأن لو علمت بعض الجهات التي تعمل لحساب الشيطان بأن مازال هناك من هو على قيد الحياة ويحمل هذه الفصيله ويمارس حياته بشكل طبيعي في هذه البلاد لأعتقلته وأسرته وعذبته وأن توفى سيورثون أبنائه وبناته العقاب والعذاب حتى تنتهي هذه السلالة .. ))

صحوت من هذا الكابوس وهو على وشك النهاية ليعلن وفاة وطني المسكين فارحاً بانه كان مجرد كابوس ، ولكن هل هو بالفعل مجرد كابوس ؟؟