الخيارات والبدائل.. ومسارات الحل
بقلم/ صادق عبد الرزاق
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 3 أيام
السبت 13 أغسطس-آب 2011 12:22 ص

بات نظام صالح يمثل إحراجا للمجتمع الدولي والجوار الإقليمي , ورغم ذلك فان الموافق المعلنة لا تعكس حالة الإحراج تلك إلا من طرف خفي ,لان نظام صالح مثًل لإطراف دولية وإقليمية نموذجا للخادم المتفاني في خدمة مصالحها أيا كانت تلك المصالح .

(1)

 صالح ومن خلال علاقته بتلك الإطراف افهمها ان المقابل لخدماته هو الوقف معه ضد القوى المناهضة له والوقوف معه ضد اى محاولات لإسقاط نظامه . وكان هذا الأمر واضحا لدي تلك الأطراف , الأمر الذي جعل صالح متصلبا خلال السنوات الماضية تجاه المطالب المشروعة للمعارضة في إجراء إصلاحات سياسية مستندا إلى دعم تلك الأطراف , هذه العلاقة استطاعت ان تحمي صالح من أي تصعيد دولي يطال نظامه , لكنها فشلت في تقديم المساعدة لنظام صالح على ارض الواقع في الداخل , مما أصابها بالشلل السياسي وبما يمكن وصفه بالمراوحة السلبية تجاه الأحداث والتطورات , وتأتي أهمية الحديث عن القوى الخارجية لسببين الأول: باعتبارها حلقة التواصل بين صالح و بين قوى الثورة حيث انقطع التواصل الرسمي بين الطرفين منذ اشترط المشترك للحور مع صالح عزل أبناءه وأقاربه من مواقعهم المدنية والعسكرية , وكان ذلك في بداية اندلاع الثورة الشبابية منتصف فبراير, أما السبب الثاني فيكمن في ان صالح شديد التأثر بالبعد الخارجي وله حساباته في هذا الشأن وقد تعود على منح العامل الخارجي أولوية وأهمية قبل العوامل الداخلية , لعدة اعتبارات منها : أمواله كلها في الخارج , اعتماده على المساعدات والمنح , الخارج يعتبر ضمن خيارات اللجوء , تأثير القرارات الدولية على مستقبل عائلته في الخارج, وغيرها من المبررات.

(2)

بالعودة إلى الموضوع يمكن القول ان عملية المراوحة وحالة السكون باستثناء ضجيج الأعلام ومضامين التصريحات المتناقضة , فان المراوحة التي استهدفت إضعاف الفعل الثوري وخلق ثورة مضادة , جاءت نتائجها في صالح الثورة , حيث مثلت فرصة لإعادة صياغة سبل المواجهة بتشكيل مجلس وطني جامع يضم كل الأطراف المناصرة للثورة , وكذا تشكيل مجلس قبلي بصيغة تتجاوز صيغ التحالفات الجهوية إلى صيغة تستوعب جغرافيا الوطن, بالإضافة الى جهود تفكيك عوامل القوة لنظام صالح وإسقاط مشاريعه التخريبية كـ( القاعدة والانفصال ومحاولته خلق بؤر صراع كمثل الذي حدث في محافظة الجوف ) وفي هذا الإطار اتسمت المرحلة بالنسبة لقوى الثورة بالسير نحو الحسم دون الالتفات إلى أي مواقف للخارج او لرئيس صالح وبقايا نظامه , بما يعني تجاوز مربع الانتظار والمراهنات.

وفي المقابل فان فترة المراوحة أظهرت فشل بقايا نظام صالح في إدارة البلد مثلت حالة من الضعف , بالإضافة إلى ان حلقة الحصار لصالح وبقايا نظامه تضيق و تشتد يوم بعد أخرى , وتهديدات الانهيار الكامل تتضاعف بصورة تجعل من المراوحة ذاتها خطر حقيقي على صالح ومن يقف خلفه الأمر الذي سيدفع في اتجاه العودة مجددا لبحث الحلول والمخارج وهذه التحركات ستصب في واحد من اتجاهين , إما في اتجاه إيقاف عملية الانهيار الوشيك و إعاقة جهود قوى الثورة , ومنح النظام فرصة تطيل عمره وان كانت مؤشرات ذلك محدودة , و إما خروج النظام بعملية انتقال سلمي للسلطة.

(3)

ويمكن هنا أن نستعرض خيارات الحل لمختلف الأطراف على النحو التالي:

أولا: خيارات صالح

- تفويض النائب بالحوار مع المعارضة والتوقيع على نتائج الحوار دون الحديث عن نقل السلطة , بحجة انه لا يمكن نقل السلطة بعد الاعتداء على صالح في جامع النهدين

- تفويض السلطة للنائب والبقاء رئيسا فخريا خارج البلاد لنهاية 2013م او لنهاية العام الحالي, وهذا الخيار يتضمن بقاء الأبناء والأقارب في مواقعهم وخيارات بقاء الأقرباء تتدرج على النحو الأتي:إما بصورة دائمة في إطار مشروع الشراكة , او البقاء لنفس مدة بقاء الرئيس , او إلى نهاية العام الحالي

- نقل السلطة وفق المبادرة الخليجية , مع ضمان عدم المحاكمة وهذا يظل خيار احتياطي في حال تم رفض الخيارين السابقين, و كل الخيارات السابقة تستبعد عودة صالح إلى اليمن

- المراوحة وخلق مزيد من المعاناة للشعب من خلال الانفلات الكامل للأوضاع وتوسيع دائرة العنف بتحويل وحدات من الحرس الجمهوري إلى مجموعات لحرب العصابات, وتجنيد المرتزقة , وغيرها من أساليب التخريب, ويستمر صالح في إدارة المعركة من سرير المرض , هذا السرير الذي سيتحول إلى غطاء للمراوحة والتخريب مقرونا بالهروب المسبق

ثانيا: خيارات قوى الثورة

- خيار نقل السلطة وفقا للمبادرة الخليجية يعقبها حوار وطني مفتوح لصياغة المستقبل , وتتضمن المبادرة رحيل أقرباء صالح, مع تعديلات في المدد الزمنية.

- السير في إسقاط بقايا النظام بعيدا عن المبادرات وقيود الضمانات من خلال خلق إجماع وطني في إطار المجلس الوطني ووضع برنامج تصعيدي يركز على ضرب نقاط القوة لنظام صالح واستكمال إسقاط مشاريعه التخريبية , وسيكون للمجلس الوطني دوره المؤثر باعتبار تشكل المجلس يعد تجاوزا لنقطة ضعف في جسد قوى الثورة, ولتوحيد الجهود المبعثرة والمتضاربة والتي أسهم تضاربها في إضعاف الثورة في الفترة السابقة , بالإضافة إلى أن المجلس يسد ذريعة أمام منظمات المجتمع الدولي التي كانت تتذرع من تحديد موقف حازم تجاه نظام صالح بتضارب المواقف داخل مكونات الثورة وعم توحدها.

(4)

مسار الخيارات

لا يمكن بأي حال الحديث عن مسار الخيارات بعيدا عن محددات ومؤشرات توضح نقاط الاتفاق والاختلاف, بالإضافة إلى المسوغات على ارض الواقع وممكناتها, ويمكن سرد بعض تلك المحددات والمؤشرات على النحو الآتي:

بالنسبة لقوى الثورة

- ترفض قوى الثورة بقاء أقرباء صالح في مواقعهم رفضا قاطعا وتعتبر ذلك التفاف على الثورة وخطوة في مشروع توريثي ممرحل يترصد الفرصة المناسبة لابتلاع الثورة و إعادة إنتاج نظام صالح المورث مرة أخرى, بالإضافة الى ان الإبقاء على الأقرباء سيمثل عامل عدم استقرار باعتبار هؤلاء الأقرباء فاعلين أساسيين في الجرائم المرتكبة ضد الشعب.

- لا يمكن القبول بتفويض كامل او مشروط للسلطات الرئيس بل المطلب نقل كامل الصلاحيات الى النائب.

- الاعلان عن يوم 17 رمضان لإشهار المجلس الوطني يؤشر الى ان المعارضة تمنح الوسطاء الدوليين والإقليميين فرصة لإقناع صالح بالتوقيع على المبادرة , وبهذا فان المعارضة قد زاوجت بين السير في طريق تشكيل مجلس وطني بعيدا عن المبادرة وبين منح المبادرة فرصة أخيرة.

- رفض الانزلاق في دوامة العنف والعمل المسلح وتمسكها بالفعل السلمي.

بالنسبة للرئيس صالح

- عدم نفي أخبار عدم العودة وتقرير البقاء في السعودية, يؤشر إلى إمكانية قبول صالح التوقيع على المبادرة.

- حتى اللحظة لا يزال صالح يعلن تمسكه بالمبادرة , ولكنها بالنسبة له تمثل أخر الحلول وليس أولها.

- عدم قدرة النظام على إحراز أي تقدم على ارض الواقع لصالحه هذا الوضع يسير به نحو الانهيار , وتزداد خشيته من الانهيار الكامل والخروج القسري وبدون أي ضمانات.

بالنسبة للقوى الدولية

- تتحرك القوى الدولية وفق قاعدتين الأولي قاعدة التوافق بين مختلف الأطراف والقاعدة الثانية ما اتفق عليه سابقا على أرضية الجهود الخليجية.

- رفضها للحلول العسكرية او الدخول في حرب أهلية , او انهيار الأوضاع بصورة كاملة خشية تكرار النموذج الصومالي و تاثيرته على المنطقة والعالم, وعدم القدرة على إعادة الاستقرار لليمن مرة أخرى, بالاضافة الى تخوفات من ظهور تشكيلات لتنظيمات جهادية تحاكي نموذج تنظيم القاعدة تفرض هذه التشكيلات الجهادية وجودها في ظل غياب كامل لأجهزة السلطة او بتواطؤ بقايا نظام صالح وتحالف بقايا النظام معها. كما ستؤدي الحلول العسكرية الى تشكُل جبهات جهوية يصعب بعد ذلك تفكيكها بالاضافة الى دوامة الاغتيالات والتصفيات وأعمال التفخيخ والتفجير وحرب العصابات إلى أخر مصفوفة العنف والعنف المضاد.

(5)

الاستنتاجات لمضامين الحلول في ضوء ما سبق ذكره يمكن القول ان المواقف التوافقية قد تتجه نحو الحلول التالية:

- استكمال تنفيذ المبادرة الخليجية مع التعديل في المدد الزمنية وفقا لمقتضيات الواقع وحيثياته.

- سير قوى الثورة في استكمال إسقاط النظام في حال تمسك صالح بموضوع إشراك أقرباءه وأركان حكمة في صياغة النظام القادم وباحتفاظ الأقارب بمواقعهم.

- ربما لا تمانع قوى الثورة حقا للدماء من بقاء صالح رئيسا فخريا الى نهاية العام الحالي او حتى نهاية فترته الرئاسية بشرط عدم عودته للبلاد وخروج أبناءه و أقرباءه من البلاد, وأركان حكمه المتورطين في جرائم القتل والمشمولين بالضمان وفق المبادرة الخليجية.