تحسن مفاجئ في أسعار الصرف
كميات ضخمة من المخدرات والممنوعات وكتب طائفية تقع في يد السلطات في منفذ الوديعة كانت في طريقها إلى السعودية
إسرائيل تنقل المعركة الضفة .. دبابات تدخل حيز المواجهات للإجهاز على السلطة
سوريا تعلن افتتاح بئر غاز جديد بطاقة 130 ألف متر مكعب
بعد الإمتناع عن اخراجهم ..رسالة إسرائيلية جديدة بشأن الإفراج عن 620 أسيرا فلسطينيا وهذه شروطها التي لا تصدق
الجيش السوداني يعلن السيطرة على المدخل الشرقي لجسر سوبا وفك الحصار جزئيا عن الخرطوم
مجلس الأمن يعتمد مشروع قرار أمريكي لإنهاء الحرب بأوكرانيا
النفط يقفز بشكل مفاجئ وسط مخاوف الإمدادات بعد عقوبات أميركية جديدة على إيران
حالة هرمونية نادرة تجعل رجلاً أربعينياً يبدو شاباً إلى الأبد
عاجل .. وزير الدفاع يلتقي عددا من السفراء والملحقين العسكريين ويشدد على أهمية بسط القوات المسلحة سيادتها على كافة التراب الوطني
ما يجري في اليمن يمكن أن يكون قضية مصيرية للمنطقة والعالم. إذ تتكالب قضايا عدة. فمن جهة فإنّ "التمرد الحوثي" هو تجسيد لإشكالية القضية الطائفية، فالحوثيون رغم نفيهم تحول مذهبهم الزيدي إلى المذهب الشيعي الإثنى عشري، كما تؤكد ممارساتهم، يعتمدون في طروحاتهم على أفكار بدر الدين الحوثي، الذي أمضى سنوات في إيران بعد خلافات فقهية سياسية مع أئمة الزيدية في اليمن. وحسم حقيقة هذا التمرد يجيب عن أسئلة من نوع هل هناك فعلا عملية تشييع إيرانية – رسمية أو بدعم مراجع شيعية - تتم على نحو سياسي ومخطط ووفق دعم مالي وعسكري؟. أم هي قضية تمييز طائفي؟ أم الأمران معا؟
حُريّة الدين والمذهب حق للناس، شرط أن يكون ذلك منزّه عن التسييس والإغراء المالي والمادي ولخدمة مصالح بعض الأنظمة ضد أخرى. وما يزيد من مصداقية الادعاءات بالتدخل الإيراني عدا علاقة بدر الدين الحوثي بإيران، هو تصريحات "الشيوعيين السابقين"، قادة النظام السابق في اليمن الجنوبي، وتحديدا رئيس جمهورية (اليمن الجنوبي) سابقا علي سالم البيض، الذي قال قبل أيّام "لم نتلق أي مساعدة من إيران لكننا سنرحب بها". ولا نعلم هل يؤيد هؤلاء "الرفاق" أيضا دفع ثمن هذا الدعم على شكل القبول بتسييس الدين وتغيير الطوائف وعلى شكل نفوذ إيراني؟!
واليمن مثال للمعضلة القبلية. فقيام الدولة الحديثة في عالمنا العربي أسهم في أن تأخذ الدولة كثيرا من وظائف القبيلة، خصوصا في توفير الأمن والحاجات الأساسية للمواطنين. وإذا كانت متطلبات السياسة الداخلية وحفظ التوازنات وغايات التدرج في التغيير أبقت للقبائل كيانات اجتماعية وقانونية، فإنّ اليمن مثال واضح على أنّ التنازل عن وظائف الدولة الأمنية والقانونية بأكثر من حد معين، يعني ضربا لكل مفهوم الدولة. فعدم وحدانية السلاح في اليمن، يُبَرَر في جزء منه بهذه التركيبة القبلية، التي تجعل اليمن أقرب للكونفدرالية القبلية، وجاء العامل الإيراني الآن لجعلها قبلية – طائفية.
الصراع القبلي والطائفية وعدم الاستقرار والخراب والدمار، هي البيئة المثالية التي يتغذى عليها ويزدهر فيها تنظيم "القاعدة" والإرهاب الديني. فدخول إيران والحراك الطائفي الشيعي، يعني دخول السلفية الجهادية مقابلها، وفي هذا التقاء مصالح مؤقت، على ضرورة تقويض الدولة، تمهيدا للمواجهة الدموية اللاحقة بين أمراء الطوائف. واليمن مكان أساسي "للقاعدة" للانطلاق منها إلى التخريب والتفجير والقتل في السعودية، وكلما زاد خراب اليمن أصبحت ملاذا أكثر أمنا للإرهاب.
وبطبيعة الحال فإنّ عوامل إيران والقبيلة والطائفة تتفاعل وتزدهر بسبب فشل مشاريع التحديث والتنمية. وهذا الفشل هو الذي جعل اليمن مصنفة ضمن قائمة الدول الفاشلة التي تصدرها مجلة "فورين بوليسي" بالتعاون مع "مركز أبحاث صندوق السلام". والمضحك المبكي أنّه أيضا في سياق هذا كلّه لا تتخلف اليمن عن نهج "الجمهوريات العائلية"، فالحديث عن التوريث في الحكم وعن العائلة الحاكمة موجود في اليمن.
مسألة بسط نفوذ الدولة على كل شيء ووحدانية السلاح، وتحقيق معدلات تنمية أعلى ومساواة أكبر بين أبناء المكونات اليمنية الطائفية والقبلية تمهيدا للوصول لمبدأ المواطنة المتساوية، كلّها مفاتيح للحل في اليمن، كما في المنطقة ككل. المشكلة أنّه لا توجد أنظمة عربية، أو نظام عربي جماعي، يفكر بهذا المنطق، وأنّه في أحسن الأحوال يتم التفكير في دعم الجيش اليمني ضد التمرد – الذي قد يكون مدعوما - إيرانيا، أي دعم قبيلة وطائفة ضد قبائل وطوائف أخرى. أمّا دعم قيام الدولة على نحو فاعل لكل مواطنيها، فلا يوجد أفق حقيقي له. ومن دون قيام ذلك لا يوجد أمل حقيقي بحل جذري في اليمن، وبعدم تحول اليمن لقاعدة لنشر عدم الاستقرار إقليميا وعالميّا.
*نقلا عن "الغد" الأردنية