الفضول … شاعر الخلود الوطني
بقلم/ علي محمود يامن
نشر منذ: يومين و 18 ساعة و 24 دقيقة
الثلاثاء 24 ديسمبر-كانون الأول 2024 06:26 م
  

القليل من الشخصيات الوطنية والاجتماعية والثقافية التي تحقق النجاح والخلود التاريخي والحضور الجمعي في الوجدان الشعبي والتاريخ الوطني العظماء الاستثنائيون وحدهم من تجتمع لهم القدرات الذاتية والاستعداد العاطفي لخلق ذلك النجاح باقتدار عالي ، حينها تفتح لهم أبواب التاريخ وآفاق المجد 

 

 الراحل الخالد عبدالله عبدالوهّاب نعمان 

 سطر ملحمة طويلة من الكفاح الوطني والأدبي مثلت رافداً هاما من روافد الحركة السياسة والثقافية في بلادنا. وقد كان الفضول ولا يزال علما من أعلام الشعر الوطني والغنائي العاطفي في اليمن بل وفي الوطن العربي قل ان يتكرر

 

ثرية هي حياة الشاعر الفضول متعددة الجوانب عميقة الأثر خالدة الحضور فهو المناضل الصلب ابن الشهيد المناضل العتيد سليل الأسرة الوطنية العريقة في النضال والعلم والثقافة والفكر وهو الصحفي الساخر والكاتب العميق الذي جلد الإمامة بقلمه وقوّض الاستعمار بحروفه وهو الشاعر الذي نسج خيوط الوطنية شعرا ونثراً وألهب مشاعر الجماهير نشيدا خالدا يرتل في سموات الدنيا حبورا واخباتا واستنهض الشهداء من الأجداث ليطلوا على الكون ويحتفلوا بثمار غرسهم ومألات جهادهم 

 تحضر جميع المناسبات في الوجدان الوطني والثقافي والاجتماعي ويحضر الفضول بكلماته وآيات الإبداع بصوت أيوب والحان اليمن الشجية .

الشاعر الذي الهب الثورة وجذر الوطنية في عقول وقلوب الأجيال من تغنى باليمن الكبير وانشد لليمن العظيم وغاص في اعماق الذات اليمنية 

شاعر الحب والجمال والأرض والزروع 

كلماته روح تسري في وجدان الأمة اليمنية وتحفر أخاديد راسخة في قلوب العشاق 

الشاعر الكبير بفكره وجهاده بمعانيه وأدبه 

 

 صوت الشعب وضمير الوطن ونبض الأرض وهب اليمن عصارة أفكاره وجل عمره ، وكتب بحبر دمه اناشيد الكرامة وقصائد النضال وعهد الحرية.

 شاعر الوطن، الذي حمل اليمن في قلبه وجوارحه ومناضل أصيل حمل على كتفيه هموم الأرض والإنسان، وصاغ بحروفه صوت الحركة الوطنية اليمنية ونشيدنا الوطني الخالد 

  

الفضول أحد أبرز رموز الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر. مع انبجاس فجر السادس والعشرين من سبتمبر المجيد ١٩٦٢ كان النعمان الشاعر قد رسم الثورة في مخيلة الأحرار شعرا يدك جحافل جيش الإمامة 

 

 نقف مع شذرات من حياة ونضال ملهم الجماهير في السطور التالية:

 

أولاً: النشأة والميلاد :

 

 ولد عام 1917م في منطقة ( ذبحان ) قضاء الحجرية لواء تعز، وهو ثاني أصغر أبناء الشهيد المناضل الشيخ عبدالوهاب نعمان أول الثوار على حكم الإمامة ، منذ بداية تسلمهم الحكم من الأتراك عام 1918. وكان والده الشيخ عبدالوهاب بيك نعمان ، قائم مقام الحجرية بمرسوم من الباب العالي للدولة العثمانية في الأستانة (اسطنبول). 

 

نشأ في مسقط رأسه بذبحان وتعلم مبادئ القراءة والكتابة على يد أبيه، في صنعاء حيث كان معتقلًا فيها، منذ عام ۱٩٢٣م من قبل الإمام يحيى حميد الدين، بعد ثورته ضد ابن الوزير، نائب الإمام في تعز ، والذي كان يسمى ذئب الإمامة وأشاع الظلم والفساد وأكثر من المكوس والجبايات والمظالم في أوساط أبناء تعز .

 

ثم واصل مشواره التعليمي على يد ابن عمه، الأستاذ أحمد محمد نعمان في ذبحان بالحجرية، 

 

في مدينة زبيد تلقى شيئا من العلوم على يد الشيخ عبد الله المعزبي الذي يعد من أشهر علماء زبيد في تلك الحقبة .  

 

وفي أوائل الأربعينات كان ضمن الشباب الذين تجمعوا في تعز لنشر التعليم والثقافة، حيث عمل بالتدريس بالمدرسة الأحمدية في الفترة من العام ۱٩٤۱م إلى ۱٩٤٤م.

 

 . وفي عدن عمل في سلك التدريس وقام بتعليم اللغة العربية في مدرسة بازرعة الخيرية،

 

العام 1948م الذي حلَّ بمآسيه الثقال، على الثورة والثوار، واقتيد فيه اقطاب الحركة الوطنية ورجالات اليمن الأحرار إلى سجون الإمامة ومنهم من رحل إلى المنافي كا- والد الفضول - البطل الجسور عبدالوهاب نُعمان

أحد أبرز شهداءها، والذي أعدم بسيف الطاغية أحمد حميد الدين 

تغلب الشاب الطموح على مآسيه وأحزانه وغادر إلى عدن تجنبا لبطش الإمام ولمواصلة مشوار الحياة والنضال .

 

ثانياً: المسيرة النضالية :

 

مع بزوغ فجر السادس والعشرين من سبتمبر المجيد تشكلت لحظة فارقة في تاريخ اليمن المعاصر منحت "الحرية"، لليمن كقيمة وجود مقدسة، وأعادة بناء كينونة الانسان، اليمني كمواطنين لهم حقوق وعليهم واجبات لا رعايا للحاكم المقدس، ومتاعا لسلالة الكهنوت تفتقد للكرامة وتعمل من اجل رفاهية السلطان المستبد وهي اللحظة التي نذر الفضول نفسه وقلمه وفكره للوصول اليها 

 

 فمنذ بداية مسيرته النضالية الحافلة بالعطاء والزاخرة بالحضور التي بدأها من ذبحان مسقط رأسه ومنطلق آل النعمان ثم غادر توقيا لبطش الإمام إلى مدينة عدن الباسلة محضن الثوار ومركز انطلاق الحركة الوطنية أليمنية ومستقر المفكرين ودعاة الحرية والفكر الثوري والتي نمت فيها الحركات الإصلاحية والأدبية والثقافية المعاصرة.

 

ومن بوابة الثقافة ونشر الوعي دخل معترك العمل النضالي الصحفي وقرر الفضول إصدار جريدة (صوت اليمن) الناطقة باسم الجمعية اليمنية الكبرى عام 1947م, وكانت مقالاته صوتا قويا في وجه الإستبداد الإمامي ومنصة إعلامية للدفاع عن الأحرار ضد تخرصات وحملات التضليل الإمامية وردا على أبواق الكهنوت التي حاولت شيطنة مسيرة الأحرار ورموز الحركة الوطنية الفتية ومن خلال منابر إعلامية أخرى كتب مقالات سياسية في جريدة (فتاة الجزيرة) بتوقيع (يمني بلا مأوى).

 

وبعد فشل ثورة 1948 في إقامة النظام الدستوري، وبعد إعدام قادة الثورة ومنهم والده الشهيد الشيخ عبد الوهاب نعمان قام في عدن، في ديسمبر 1948، بأصدار صحيفة "الفضول" وهي من المحطات الهامة في حياته 

 

. وتعود هذه التسمية إلى الحلف الذي كان قائما في الجاهلية مهمته إنصاف المظلومين، 

وهو "حلف الفضول". وقد اشتهر شاعرنا وعرف في الأوساط الأدبية بلقب "الفضول" نسبة إلى صحيفته.

 

وفي نهاية العام 1953 قامت سلطات الاحتلال البريطاني بإغلاق صحيفة "الفضول" من خلال رفض تجديد ترخيصها بضغوط من النظام الإمامي في شمال الوطن، بعد أن أقلق عبدالله عبدالوهاب نعمان مضاجع الإمام أحمد حميد الدين بما تنشره "الفضول" الصحيفة 

 وهجر الفضول مع بداية العام 1954 الكتابة والشعر، وانخرط في هذه الفترة في الأعمال الحرة لتأمين لقمة العيش لأسرته.

ولكنه، وفي نفس الوقت، ظل يقاوم الأوضاع في ظل الإحتلال في الجنوب والإمامة في الشمال من خلال كتابة صفحة باسم "البسباس" في صحيفة "الكفاح" التي كانت تصدر في عدن للأستاذ حسن علي بيومي.

 

ثالثاً : العهد الجمهوري :

 

وفي العام 1966، وبينما هو في تنقله بين عدن وصنعاء، اعتقل الفضول مع مجموعة من السياسيين الآخرين، في سجن "الرادع" الشهير، عندما تم اعتقال حكومة الأستاذ أحمد محمد نعمان في القاهرة، وذلك ولم يطلق سراح من سجنوا إلا بعد نكسة 1967.  

 

وبعد ذلك استقر مقام الفضول في شمال الوطن، في صنعاء، وتقلد بعد حركة 5 نوفمبر 1968 منصب مدير مكتب الإقتصاد والجمارك في تعز، ثم منصب وزير الإعلام في حكومة عبد الله الكرشمي، التي لم تعمر أشهر.

بعد وزارة الإعلام، قام فخامة القاضي عبد الرحمن بن يحي الارياني، رئيس المجلس الجمهوري حينها، بتعيين عبد الله عبد الوهاب نعمان مستشاراً لشئون الوحدة، نظراً لطول خبرته بأحوال جنوب الوطن ورجالاته. وظل في هذا المنصب مع الرئيس إبراهيم الحمدي، والرئيس أحمد الغشمي، والرئيس علي عبد الله صالح، إلى أن وافته المنية.

 

 وخلال هذه الفترة تفرغ للشعر والأدب، وكوّن مع الفنان أيوب طارش عبسي ثنائيا فنيا استثنائيا قدم الكثير من الأعمال التي تمثل حضورا واسعا في وجدان الإنسان اليمني.

 

 رابعاً : الفضول الشاعر والأديب والصحفي 

 

الشاعر الفضول من الرعيل الأول للحركة الوطنية التي تشكلت في أربعينات القرن العشرين في عدن خاض غمار السياسية وأبحر في الأغنية الوطنية والأناشيد الحماسيه وكان لشعره الوطني ومقالاته السياسية الناقدة دورا كبيراً لا يقل أهمية عن الكفاح المسلح 

 

كان رحمه الله في طليعة المناضلين ضد الإمامة والاستعمار ومعه كوكبة من الشعراء اليمنيين الذين أولو اهتماما كبيرا لقضايا الوطن وثاروا علي الأوضاع ، الاستبدادية، فاحتل الاتجاه الوطني ، والسياسي الصدارة في الشعر 

المعبر عن إرادة الشعب الحرة والصلبة في تحقيق الكرامة والحرية والاستقلال.

 له حضوره الفاعل في مسيرة الكفاح والنضال الوطني ومواجهة الاستعمار الإنجليزي البغيض بالقصائد العظيمة العابقة بروح النضال والثورة والكفاح التي عبرت أصدق تعبير عن المشاعر النبيلة التي كانت تنبض بحب الوطن والنضال من أجله. استنهض من خلالها همم اليمنيين للثورة ضد كهنوت الإمامة وطرد الإستعمار وبناء اليمن الحديث  

 

وحول دور الشعر في الثورة والنضال يقول شاعر اليمن وأدبيها الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح:

" إذا كانت ثورة الأدب قد أسهمت في الايقاظ والتحريض على دك النظام العقيم في شمال الوطن ودحر الاحتلال الأجنبي في جنوبه فإن أدب الثورة قد أسهم في ترسيخ الثورة ذاتها وفي تحديد ملامحها وطنياً وعربياً وإنسانياً وأسهم في الانفتاح على التجارب الإبداعية في الوطن العربي والعالم، وحقق كل هذا الثراء الفني في الشعر بأشكاله المختلفة في القصة والرواية وفي الكتابات المسرحية، وإذا كانت ثورة الأدب قد تمحورت حول الواقع الذي كان قائماً بمآسيه وتخلّفه وصوره المفزعة فإن أدب الثورة قد تمحور حول المستقبل بكل ما يحفل به من حنين إلى الزمن الجديد ومن أحلام وأشواق ورفض لكل ما تبقى عالقاً من مخلفات العهدين البائدين. "

 

بدأ الشاعر الفضول ينظم الشعر وهو في العشرينيات من عمره، فكتب عددا من القصائد السياسية التي مثلت الانطلاقات الأولى له.

ومارس الشعر والـكتابة السياسية مستفيدا من ثقافته العربية والإسلامية التي انعكست في كل قصائده وفي معارضاته الشعرية.

 

ومن ذالك القصائد السياسية الساخرة والراقية التي انتقد فيها نظام الحكم في اليمن، وهاجم الكثير من الظواهر الاجتماعية والسياسية السلبية في عدن والمحميات.

 

 تغنى في قصائده الوطنية بقضايا بلاده وشعبه فألهب مشاعر اليمنيين. وكان من رواد الحركة السياسة والثقافية وبشر بالثورة وتحقيق الاستقلال من الاستعمار البغيض  

 ما زال حضور شعره فاعلا وقويا ومؤثرا في الساحة الوطنية وقادرا على إشعال جذوة الحس الوطني كما هو حاضرفي كل جوانب الحياة والأرض والإنسان .

 

ويعد شعر الفضول العاطفي من أروع ما نظم وكتب وقيل. فقد كان عاشقاً ومعشوقاً من الطراز الأول.

كتب للحبيب وللمهاجر والمزارع والأرض والوطن والغربة وألهب مشاعر الناس بأجمل الأناشيد الوطنية، مثل : "هذه يومي فسيروا في ضحاها" و "أملؤوا الدنيا ابتساما" و "هتافات شعب" و "ياسماوات بلادي باركينا" و "عطايا تربتي"  

 

خامساً : اليمن في وجدان الشاعر الفضول 

 

اليمن قدس أقداس النعمان من اجلها ناضل وفي سبيلها سجن ودفاعا عنها هاجر ومن اجلها ضحى وكتب وناضل فهي الحاضر الأبرز في إنتاجه الأدبي والسياسي والشعري وهي حبه الذي فاق ما سواه وروحه التي لا تقبل القسمة على غير اليمن .

 

يا سماوات بلادي باركينا

وهبينا كل رشد ودعينا

نجعل الحق على الأرض مكينا

أرضُنا نحن أضأنا وجهها

 وكسونا أفقها صبحاً مبينا

 

وجعلنا في ذراها عزها

 لا يرى فوق ثراها مستكينا

 

***

 

هاهنا بعض عطايا تربتي

 قلب أرضي لم يزل جم العطاءِ

 

هاهنا مازال خير الجنتين

 على أرضيَ موفور النماءِ

 

*****

إنها ما برحت مغدقةً

 أرضنا خيراً علينا

 

تصنع الخير لنا أروقةً

 حيثما امتدت يدينا

 

***

فهبوها الجهد كي تعطيكمُ

 خيرها أخضر جَمَّا

 

وأطيلوا فوقها أذرعكم

 تعطكم ما شئتمو كيفاً وكمّا

 

 ****

لا تعقوها وتبغون عطاها

 لا تشحوا ثم ترجون نَداها

 

ودعوا فيها ثراها يرتوي

 عرقاً منكم إذا شحَّت سماها

 

ولوجه الله دوموا سُجَّداً

 أنه لم يعطكم أرضاً سواها

 

سادسا الوحدة اليمنية في ضمير الشاعر الفضول :

 

كانت الوحدة اليمنية هدف الأقلام الصادقة التي ضحي من اجلها صناديد الرجال بأرواحهم فكانت الحاضر الأهم في روائع الفضول 

ولقد تنبأ رحمه الله بالوحدة اليمنية المباركة منذ زمن مبكر، وظل يتغنى بهذا الحلم الجميل قبل غيره، وحمله بين جنبيه مؤمنا بحتمية الوحدة، وعدم قبول تجزؤ الجسد اليمني الواحد واستلهم أفكاره الوحدوية من روعة مدينة عدن الحرة التي عاش فيها زهرة سنين عمره ، وقد صنعت شخصيته الصلبة والعنيدة في النضال من معاناة التشرد وخلف قضبان سجون الطغاة .

 

 من أروع أناشيده الوطنية الذي اختير نشيداً وطنياً لجنوب الوطن قبل الوحدة، والذي أعيد اختياره ليكون النشيد الوطني لليمن الموحد " الجمهورية اليمنية "، 

والذي لحنه فنان الشعب وأسطورة الوطن أيوب طارش عبسي : 

 

رددي أيتها الدنيا نشيدي

 

ردديه وأعيدي وأعيدي

 

واذكري في فرحتي كل شهيد

 

واِمنحيه حللاً من ضوء عيدي

 

رددي أيتها الدنيا نشيدي ... رددي أيتها الدنيا نشيدي

 

وحدتي..وحدتي..يا نشيداً رائعاً يملؤ نفسي

 

أنت عهد عالق في كل ذمة

 

رايتي.. رايتي..يا نسيجاً حكته من كل شمس

 

أخلدي خافقة في كل قمة

 

أمتي.. أمتي.. اِمنحيني البأس يا مصدر بأسي

 

واذخريني لك يا أكرم أمة

 

عشت إيماني وحبي أمميا

 

ومسيري فوق دربي عربيا

 

وسيبقى نبض قلبي يمنيا

 

لن ترى الدنيا على أرضي وصيا

 

خاطب فيه الدنيا بأسرها امراً لها بترديد نشيد اليمن الخالد  

 

 وقد ابرز الفضول صاحب فكر وطني كبير، ومنظر أول في حب الوطن والتضحية من اجله بالرصاصة والكلمة والفكر السياسي الناضج.

 

سابعاً: الفضول شاعر الحب والأرض والوجدان :

 

 تميزت أشعار الفصول بعمق الفكرة وعذوبة الكلمة وقوة المعنى وسحر البيان والدعوة الى القيم الوطنية والإنسانية النبيلة يخاطب العاطفة ويتجول في فضاءات الوطن بالروح والعقل والوجدان معا مجسدا قيم الخير والحب والوفاء متكئا على الصدق والمعاناة وقوة الكلمة ونفاذ الفكرة الى العقول 

الحب في شعر الفضول محراب يتبتل فيه العاشقين يحرك اللواعج ويوقظ الصبابات ويطرب القلوب ويهز وجدان الأرواح السابحة في فضاءات الجمال وافلاك الحياة المليئة بالحب والغرام خاطب العذارى ككائنات من الضوء وجمع حول من يحب كل جمالات الكون واختزل في لقاء الأحباب كل النعيم:

ما أحلى حبيبي وسط داري يحوم

كأن عندي كل ضوء النجوم

والنهر والزهر وقطر الندى

ورونق الشمسِ وظل الغيوم

ياما احب الناس من قبلنا

وقد يحب الناس من بعدنا

لكننا في حبنا وحدنا

فليس عند الناس ما عندنا

ماتشرق الشمس على دارنا

إلا وضمتها إليها ضموم

وما يمر الليل من بابنا

إلا دعا لحبنا أن يدوم

والفجر ما يبدأ إلا بنا

يطوف حولينا طواف القدوم

 

 جعل خصوصية فريدة لنفسه وحبه ولاحبابه تخيل انه الوحيد في الحب وان غرامه الأكثر بهاء :

 يا حبنا يكفي فقد فاضت رحاب العمر نور

يا حب قلبينا تلملم في زجاجات العطور

 

تتعطر الاعياد منك او تعطر بك زهور

وحدك وباقي العطر للايام في باقي الشهور

 

 كلما تعطر من هوانا عيد جانا يستزيد

من اجل يبقى طول ايامه على الدنيا جديد

 

والحب كله عطر لكن حبنا عطره فريد

ياتي من الجنه وما يصلحش الا عطر عيد

 

السماء والأرض والإنسان الفلاح والعامل والمدينة والريف المطر والغيم الزهر والشجر وغيرها من مفردات الوجود الكوني حاضرة بجلالها وجمالها سابحة في شعر الفضول الذي لملم شتات الأرض والإنسان .

   

المؤلفات كتاب "الفيروزة" وهو ديوان شعر فصيح صدر 1986 مع أن أشعاره الغنائية لا تزال مخطوطة، وكُتيب "المعرفة سلاح المعركة" غير أنه لم ينشر باسمه.

   

 قلده الأخ علي ناصر محمد، رئيس هيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى، الشطر الجنوبي للوطن وسام الأداب والفنون. في 10 سبتمبر 1980.

وقلده االرئيس الراحل علي عبد الله صالح، رحمه الله وسام الفنون في 23 يونيو 1982.

 

توفي الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان الفضول في 5 يوليو 1982م على فراشة في تعز بالسكتة القلبية، عن عمر يناهز الخامسة والستين عاما عليه شئابيب الرحمة والمغفرة .