آخر الاخبار

احتشاد قبلي مُهيب بمأرب.. قبائل مذحج وحمير تُعلن جاهزيتها الكاملة لمواجهة مليشيا الحوثي وتدعو التحالف العربي لمواصلة الدعم العسكري وتطالب الشرعية إعلان معركة التحرير بيان توضيحي عاجل لشركة الغاز اليمنية حول الوضع التمويني وحقيقة تهريب مادة الغاز إلى الخارج الشركة المالكة.لفيسبوك وواتساب وانستغرام تعلن عن نشر أطول كابل بحري بالعالم.. يربط القارات الخمس؟ خفايا وأطماع مواجهات نارية في الدور الستة عشر في دوري أبطال أوروبا قرعة دور الستة عشر للدوري الأوروبي لكرة القدم الملك سلمان يعتمد رمز عملة الريال السعودي الريال يصطدم بجاره أتلتيكو ومواجهة سهلة لبرشلونة.. تعرف على قرعة دور ثمن نهائي أبطال أوروبا وموعد المباريات أبو عبيدة يعلن أن القسام ستفرج غداً عن 6 أسرى إسرائيليين بينهم "هشام السيد" هكذا ردت حماس على الاتهامات الاسرائيلية بشأن جثة الأسيرة الإسرائيلية "شيري بيباس" ترامب يوجه بتحريك قنابل جي .بي.يو-43 الشهيرة بأم القنابل ذات القدرات الفائقة لسحق كهوف صعدة ونسف تحصينات الحرس الثوري الإيراني

الحلول اليمنية المأزومة!
بقلم/ توفيق السامعي
نشر منذ: يوم واحد و 22 ساعة و 59 دقيقة
الأربعاء 19 فبراير-شباط 2025 08:46 م
 

شُهر عن اليمن حكمتها وفقهها وحنكتها وشجاعتها، حتى صارت شهادة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لهم وساماً تاريخياً يردده اليمنيون في كل مكان، وفي كل محفل، وفي كل زمن (الإيمان يمان، والحكمة يمانية، والفقه يمان)!

لكن من يراجع التاريخ اليمني الحديث، خاصة بعد خروج الأتراك من اليمن واستيلاء الإمامة على عموم اليمن منذ عام 1922 وحتى اليوم، يجد أن هذه الحكمة غابت في أهم محطات التحولات التاريخية اليمنية، والتي عجزت عن إنتاج شخصية قيادية حضارية مُخلِّصة لليمن من بؤسها وعهدها الظلامي.

حاول اليمنيون النهوض من خلال بعض الشخصيات الفكرية كالزبيري والنعمان والوريث، وغيرهم، خلال عقدي الثلاثينيات والأربعينيات إلا أنه كان ينقصهم الكثير؛ فهؤلاء كانوا مفكري زمانهم، لكن الفكر وحده لا يكفي دون مصاحبة من شدة بأس وقبضة عسكرية تنفيذية متنورة تنتقل باليمن انتقالة جذرية وعملية، والانتقال من التنظير إلى التطبيق.

اجتهد ثلة من اليمنيين في الثورة الدستورية عام 1948 للانتقال الجزئي، وربما المرحلي، باليمن من العهد القديم إلى العهد الجديد التحاقاً بالموكب العربي العام الذي شهد تحرراً وانتقالاً نوعياً عقب حقبة سميت بعصر النهضة والتأسيس لما هم عليه اليوم من تقدم ولو لم يكن بالمستوى المأمول إلا أنه انتقال أفضل من الركود الماضي.

قرر اليمنيون الثورة على الإمامة في ذلك العام، كمحطة من محطاتهم النضالية التاريخية ضد الإمامة التي بدأت منذ عصور غابرة، وكانت أولى محطات التثوير الحقيقي في العصر الحديث؛ غير أنها كانت متساهلة ومتراخية وغير حاسمة. فقد كانت رؤيتهم جزئية بسيطة، ربما فرضها الواقع اليمني الذي لم يكن متهيئاً لذلك الانتقال نتيجة قرون من الانغلاق والتدمير الحضاري والفكري الذي قام به الإماميون، وليس سهلاً الانتقالة الجذرية والكلية بسبب وسائل لم تكن حاسمة ولا مهيأة.

كانت تلك الرؤية تقوم على انتقال الإمامة من بيت إلى بيت؛ من أسرة حميد الدين إلى أسرة بيت الوزير، مع شيء من الإصلاح، وبسبب التنافس التاريخي بين الأسرتين، مع أن بيت الوزير قادت حروب كارثية ومدمرة على اليمن الأسفل كأداة تنفيذية لبيت حميد الدين.

كان الحامل المؤمل عليه ضعيفاً سياسياً وعسكرياً ومالياً وقيادياً؛ إذ لم يوسع علاقاته بالقبائل والشخصيات الفكرية في كل مكان، ولم يعمل فكرياً ولا إعلامياً في مناطق اليمن المختلفة، ولم يجيش القبائل ويبذل الأموال للاستقطاب، فكان فكره محدوداً، ومخطط الثورة انكشف قبل أوانه، وكانت قوة شخصية وبأس أحمد حميد الدين لا تضاهى من بيت الوزير. وبكذا يكون الثوار أنتجوا نصف ثورة فقط، وحفروا قبورهم بأيديهم.

قال الزعيم والمفكر الصيني ماوتسي تونغ: من يصنع نصف ثورة يحفر قبره بيده!

جمع الزعيم الصيني بين الفكر والقوة العسكرية وقوة الشخصية فأسس دولة الصين الحديث بكثير من الحزم والعز، وهكذا تبنى الدول الحقيقية والامبراطوريات الضخمة، وليس بأيدي مرتعشة ومترددة.

لذلك رأينا النماذج العربية في الثورات أو التأسيس، سواءً في سوريا الماضي في الأربعينيات، أو الحاضر في عشرينيات القرن الحادي والعشرين، وكذا مصر والعراق والجزائر، تعمل اجتثاثاً جذرياً للماضي، وتؤسس من جديد للمستقبل، كمن يهدم بيتاً قديماً خراباً ليقيم على أنقاضه برجاً حديثاً، بكل ما فيه من خدمات وتكنولوجيا.

ولنا خير دليل كنموذج مضيء في الجزيرة العربية لدى جيراننا في المملكة العربية السعودية، التي تزامن عهد مؤسسها الحديث الملك عبدالعزيز بزمن الإمام يحيى، ولكن شتان بين النموذجين؛ فالملك عبدالعزيز قاد بلاده نحو العالمية والرقي والتقدم والبناء الحضاري، وقاد ثورة حقيقية لاجتثاث كل الماضي السلبي التشتتي، وبنى دولة حقيقية بكل مؤسساتها الحديثة، وهي اليوم في مصاف الدول العالمية المؤثرة، ورائدة للأمة العربية، بينما عمل يحيى حميد الدين على غلق اليمن وتخلفه وتدميره وتدمير حتى بذرات النهوض التي أسسها الأتراك في اليمن من مصانع للسلاح والذخيرة ومجلس نيابي وطابعة وجريدة مطبوعة وتلغراف وسلك وسكة حديد، وغيرها.

كانت نظرة القردعي كشخصية بدوية بسيطة ولكنها محنكة متقدمة على الثوار المفكرين، وعلى من تصدروا الثورة؛ ففكرة دون قوة تحميها وتعمل لإنفاذها تكون فكرة ميتة، وبذرة لا تنمو، وشجرة لا تثمر.

في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كانت الثورة متقدمة، والأفكار متطورة، والشباب متحفزين ومتيقظين، والتنفيذ مخططاً له وبحسم كبير، لكن الطبع اليمني غلب التطبع، ومرة أخرى يريدون ثورة دون انتقال جذري حاسم، ولا كي مؤلم قليلاً لينجو الجميع من داءٍ أشد إيلاماً مستقبلاً، وبدأ فريق ينادي بالمصالحة مع الإمامة على أرضية مشتركة، حتى أن واحداً من المقترحات كان إنتاج دولة ونظام لا هي ملكية إمامية ولا جمهورية تقدمية، فيما عرف باتفاق الطائف أو حرض بعده.

فإبقاء شيء من الماضي في التأسيس للمستقبل يكون كمن أبقى جمراً تحت الرماد، ما تلبث أن تشتعل مجدداً، وتُحدِث الكوارث المختلفة في البلاد، وهي كالداء الذي لا يتم استئصاله ينبعث مجدداً في الجسد، ويؤدي إلى هلاكه.

ودخلت النزاعات، وصُفي الفاعلون الحقيقيون في الثورة، ودخلت التدخلات الخارجية التي تحكمت بالقرار اليمني، وصار العمل في الداخل لإرضاء الخارج لا حاجة ماسة لإنقاذ الشعب من العبودية والتوجه لبناء الوطن كبقية الدول العربية.

أنتج اليمنيون دولة تتحكم بها مراكز قوى داخلية لأجندة خارجية، وتم تصفية الجناح المتشدد للجمهورية داخل الجيش والدولة، ومضى الجميع في مصالحة مع الإمامة لا تؤمن بالانتقال النوعي للبلاد، ودخلت شخصياتها معرقلة لهذه الانتقالة وتتحكم بالجمهورية من تحت الطاولة، ومرة أخرى يتم إنتاج نصف ثورة، ومرة أخرى يتم قبر اليمن في حفرة حفرها أبناؤها بأيديهم.

في حروب اليمن الستة مع المليشيا الإرهابية الحوثية أيضاً كانت المخاتلة والتلاعب السياسي العسكري، وعدم حسم المعركة نهائياً مع هذه المليشيا باعتبارها جمرة الإمامة، وعدم اجتثاثها أنتجت لنا كل هذه الحروب والأزمات والتخلف والتشتت اليمني وتدمير ما تبقى من مظاهر بسيطة لمؤسسات دولة هشة، وهي تؤسس لحروب أخرى مستقبلية سواء مع اليمنيين أو مع الإقليم أو مع العالم، كما حدث في قرصنة البحر الأحمر وهي اليوم تصدر إرهابها للقرن الأفريقي.

في ثورة فبراير 2011 مضت العقلية اليمنية بذات الطريق التي مضت فيه من عام 1948 إلى اليوم، أو لنقل من عهد خروج الأتراك من اليمن وتأسيس المملكة المتوكلية لبيت حميد الدين.

ما جرى في فبراير 2011 كان تطلعاً لليمنيين النهوض بالبلاد كبقية البلاد العربية، لكن الحقيقة جرى تحريك عش الدبابير لا أكثر، والدوس على اللغم لينفجر بالجميع، وقد قيل: "من يُثر عش الدبابير, عليه أن يجيد الركض"!

تجنباً للصراع اليمني اليمني دخل الجميع في مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر قرابة عام كامل، لكنه كان حوار المتربصين، ولم يكن حواراً حقيقياً للخروج بالبلاد من أزماتها وانتشالها من حالة الصراع؛ فقد دخل الجميع مؤتمر الحوار بقنبلة مشتعلة فتيلها هي الحوثية مع سلاحها، متحالفة مع ضبعة متربصة وجريحة؛ فكانا يحاوران في قاعة الحوار بصنعاء ويتمددان عسكرياً ويوسعان جبهاتهما القتالية على الأرض في الجوف وعمران وحجة وإب وصنعاء، اتضح أن مؤتمر الحوار كان تخديرياً ريثما تكون الضبعتان جاهزتين للانقضاض على الدولة التي حملها ابن وزير ضعيف آخر، وغير مخلص لها، فكانت نتيجة حتمية للحصانة الممنوحة له وعدم محاسبته على الفترات الماضية.

يمضي العجزة والمبررون اليوم لرمي المشكلة فوق الفاعلين الخارجيين، وما كان لهذا الخارج أن يؤثر فينا قيد أنملة لو كانت هناك قيادة حقيقية على الأرض مخلصة ومعتزة بيمنيتها، لا تعطي فرصة لمن يركب ظهرها ويستقلها للوصول إلى عمق اليمن، فلا نرمي عجزنا وتخاذلنا على الخارج (قل هو من عند أنفسكم).

اليوم، وعلى ذات الطريق، يمضي اليمنيون لتأسيس حروب مستقبلية بالإبقاء على فقاسة الأزمات عاملة في حركة دينميكية لا تكل ولا تتعطل، وتشكيل الكيانات والجيوش خارج شكل الدولة الواحدة ليؤسسوا دويلات وحروب لا تنتهي؛ فالقرارات معطلة بسبب هذا الكوكتيل المتنافر، والشروخ تتعمق كل يوم، وكل يوم ونحن في أزمة، وجيل تائه لا يدري ماذا يصنع.

يتحدث الجميع عن السلام مع مليشيا إرهابية لا تعرف السلام، وهو محض استسلام وتسليم اليمن للإمامة الجديدة لا أكثر، فالسلام القائم على الضعف هو استسلام، وما يفرضه حقيقة ويكون فاعلاً هو القوة ولا شيء غير القوة، وقد قيل: إذا أردت سلاماً حقيقياً فابق يدك على الزناد، وأعد سلاحاً جيداً لحمايته، وإلا فاليحفر الجميع قبورهم بأيديهم من الآن!

ومن يرد أن يرضي الجميع فقد الجميع أيضاً؛ فإرضاء الناس غاية لا تدرك.

أنصاف الحلول، ومحاولة مراضاة الجميع، وجمع سيوف اليمن كلها في غمد واحد، لم تُعرَف إلا في اليمن دون غيرها من البلدان، وليس من الحكمة في شيء، ولا تعافياً ولا تجنباً للصراعات والحروب، بل هو تأسيس للحروب والأزمات المستقبلية، وتسوية الميدان للمزيد منها، ولذا لم تفلح اليمن في النهوض والتخلص من مشاكلها؛ فتأسيس الدول يحتاج لقبضة من حديد، بقرار واحد، وجيش واحد، ودولة واحدة، خاصة إن كانت هذه القبضة تحمل مشروعاً مستنيراً وعادلاً للجميع.

الكي المؤلم لحظة قد يكون علاجاً لكل الآلام والداءات المستقبلية، والحرب الخاطفة الحاسمة في عام أفضل من حروب تستمر لعشرات السنين، كلما هدأت اشتعلت، والتضحيات التي تقدم ميدانياً بالآلاف قد تكون حائط صد ومنقذة لملايين بين قتلى وجرحى ومشردين ومجوعين ومنهوبي الأموال والديار؛ فليس ثمة داء أشد من إطالة الأزمة التي تستنزف كل شيء.

خلال الهدنة المزعومة مع المليشيا الحوثية الإرهابية من عام 2022 وحتى اليوم هناك آلاف الشهداء في الجبهات يسقطون كل يوم بفعل عدم الالتزام الحوثي، وهناك قتلى أيضاً من جانبهم، وهناك ضحايا الجوع والانتحار والسكتات القلبية والدماغية من تأزم الأوضاع المعيشية، وحوادث السير في طرق مخربة وطرق بديلة وعرة، وهناك ضحايا التعذيب، وضحايا التضليل، وضحايا من يقدم على قتله أهليهم وذووهم بسبب عدم القدرة على تحمل معاناتهم، وثمة ضحايا كثر يموتون في المستشفيات المعطلة وعدم القدرة على العلاج.. وهناك ضحايا أخفياء كثر من الأمراض الذي يذهبون نتيجة السرطانات الذين لم يتم علاجهم، أو بسبب علاجات مهربة، أو بسبب طب شعبي غير ملائم، ,هناك وهناك وهناك...وكل هذا بسبب فقد الدولة، والدولة الحقيقية المغيبة أب وأم حانية ومنقذ، وتمثل كل شيء للإنسان، وكلما طالت الأزمة كلما كان الضحايا أكثر.

عودة إلى وحي القلم
الأكثر قراءة منذ أسبوع
حسناء محمدالبشرى القريبة
حسناء محمد
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
سيف الحاضري
صديقي الحاقد... حين تصبح الطعنات لغة الصداقة
سيف الحاضري
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
محمد مصطفى العمراني
عن الشرعبية زوجة سقراط
محمد مصطفى العمراني
وحي القلم
الشيخ ناجي صالح الحنيشيالحقبة السلمانية
الشيخ ناجي صالح الحنيشي
مشاهدة المزيد