فوتوا الفرصة على صالح وزمرته
بقلم/ حسين علي بدران
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 6 أيام
الأحد 01 يناير-كانون الثاني 2012 08:38 م

جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله : ( المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى ) والمنبت في الحديث هو المستعجل في أي جانب من جوانب الحياة ، وهذا ينطبق على بعض شباب الثورة المستعجلين وبعض الشيوخ أيضا وأقصد هنا من كانت نيته حسنة وسعيه لأجل الدين والأمة والوطن ـــ أما أصحاب الأهواء والمصالح والمفسدون فشأنهم آخر فديدنهم التشكيك ونشر الدعايات الكاذبة ويرون في العرقلة مصلحتهم وفي المصالحة ذهاب ريحهم وانكسار شوكتهم وتشتت شملهم وانتهاء حقبة الكسب والغنى لهم فيجب عدم الالتفات إليهم ولا إلى نعيقهم ـــ فالمستعجلون الذين أقصدهم مع احترامي لرأيهم ووجهة نظرهم لا يرقبون الأحداث عن بعد ولا يرون بعين بصيرة ثاقبة ترى ما لا يرى عامة الناس ، ولا يفكرون في العواقب والمآلات ؛ فمنهم من يقول أن المبادرة التفاف على الشباب والثورة وتفريط في دماء الشهداء والجرحى بل بيعت تلك الدماء بثمن بخس هو نصف وزارة ( حكومة ) أو نصف كرسي ، والبعض الآخر يريد من حكومة الوفاق أن تكون لديها قدرة خارقة تحل المشاكل كلها في عشية وضحاها وكأنه لا يعرف العبء والعفش الثقيل المتراكم والفساد المستشري خلال 34 عاما وهي مدة حكم علي صالح وفترة نظامه الذي زرع فيه قنابل موقوتة في المؤسسات العامة وفي كل مفاصل الدولة كما خلف جيوشا من العابثين ونفوسا عاثت في الأرض الفساد وهذا كله يحتاج إلى حكمة في المعالجة والتفكيك كما تتطلب إزالته وقتا قد يطول وقد يقصر حسب الظروف والإمكانات المتاحة .

أنا أعرف أن المبادرة فيها عيوب ونواقص ومثالب وإجحاف وأسوأ ما فيها مخرج لعلي صالح ، ولكنها الخطوة الأولى لتحيق أهداف الثورة وأرى فيها الفتح بإذن الله ، واعتبرتها في مقال سابق أنها بمثابة صلح الحديبية ؛ إذا صبر المستعجلون كما حصل الفتح من صلح الحديبية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فإن وفى علي صالح فهو المطلوب الذي سوف يحقق أهداف الثورة المتبقية بهدوء وبدون تكاليف إضافية ، وإن نكث فإنما ينكث على نفسه فاتركوا هذه المبادرة تؤتي أكلها واتركوا الحكومة تعمل فالبوادر تبشر بخير واتركوا العراقيل تأتي من عند علي صالح وزمرته فهو لن يصبر ولذلك فإن بعض التصرفات تعطيه المبرر للتنصل من المبادرة أمام الآخرين وتجعلهم يتعاطفون معه .

وانظروا إلى المحاسن والفوائد والوجه المشرق وتفاءلوا بالخير تجدوه ، ألم يترك السياسيون حرية البقاء للشباب في الساحات لكي تتم مراقبة الوضع هل سيصدق علي صالح ؟ ولذلك لم يرضوا برفعها مع إصراره على عودة الشباب إلى بيوتهم ، انه مكسب فاستثمروه لصالح الثورة ، ولتحقيق بقية الأهداف .

ألم تتم إزالة تلك الوجوه الكالحة من الإعلام التي كانت تحرض على قتل الشباب؟ ألم يكن من الخطوات المهمة عدم ظهور المغرور علي صالح في المقابلات والزيارات للوزراء والسفراء ؟ إنه يحترق وأنتم لا تدرون ، إن به جنون الظهور في القنوات وقد لاحظ الجميع عندما حوصر ولم يجد من يعبره اجتمع بشركائه في القتل والتدمير والفساد تحت مسمى اللجنة العامة وهرف عليهم بشريطه المعروف واصطوانته المشروخة حتى يخرج ما في صدره من الحقد الدفين على هذا الشعب العظيم الذي صبر عليه هذه الفترة الطويلة ، وتهجم على الثورة والثوار ورجالات البلد الذين زلزلوا الأرض من تحت قدميه ، واستطاعوا أن يزيحوه من العرش الذي اعتلاه فترة طويلة من الزمن وما دار بخلده يوما أن يبرحه ، وكرر المشهد مرة أخرى باسم دراسة الموقف واتخاذ التدابير المناسبة عندما رأى ثورة المؤسسات ، ولكن هذه المرة بدون وجود قنوات الشعب ، إنه يريد مبررا للنكوص ففوتوا عليه الفرصة أيها الثوار بحكمتكم اليمانية. 

أيها الشباب أعطوا مهلة لهذه الحكومة مع ما فيها من عرج لتقدم ما عندها فأعضائها في الجملة جادون ومخلصون نحسبهم كذلك وأول خيرها توقف حملات التضليل والتحريض في وسائل الإعلام الرسمية وعدم تمجيد الأشخاص ، كما أنها افتتحت برنامجها بعدم صرف سيارات للوزراء كما كان يفعل علي صالح لكل حكومة تشكل وبذلك وفرت ما يقارب (700000000 ) ريال لخزينة الدولة وإذا ترك لها المجال فسوف نرى أكثر من هذا بإذن الله .

أيها الشباب إن بعض التصرفات تساعد علي صالح على التملص من الاتفاقية وهذا ما يسعى إليه أتباعه الذين يعرفون أنهم سوف يفطمون عن ما تعودا امتصاصه من خيرات البلد وقوت الفقراء والمحتاجين ، وقد شاهدتم جمعتهم التي كان عنوانها " وان عدتم عدنا " وهذا إضمار لغيض وحسرة في صدورهم وتلويح بالعودة إلى ارتكاب حماقات .

ومن الواجب أيضا تفويت الفرصة على أهل المشاريع الصغيرة والخاصة الضيقة ، وأصحاب المشاريع الطائفية الذين يتبنون أجندة خارجية والذين ضللوا على الناس بدندنتهم على الظلم والظالمين وبالشعارات الثورية الرنانة التي بدءوا في تطبيقها على أبناء جلدتهم ووطنهم قبل أن تطبق على أعدائهم ، هؤلاء سقط في أيديهم عندما رأوا بوادر انتصار الثورة وعرفوا أن مشروعهم تحطم على صخرة الوعي الشعبي والثوري فطعنوا الثورة من الخلف في وقت انشغال الثوار بإسقاط علي صالح وبدءوا يلعبون بذيولهم النجسة وتحركاتهم المريبة ورضوا بأن يكونوا أداة لعلي صالح لإفشال الثورة وعملوا فقاعة هنا وأخرى هناك ، فمرة محاولة الاستيلاء على منطقة ومرة حصار لنساء وأطفال ومرات عديدة العبث بساحات التغيير ونشر الفوضى وبث الدعايات ، ولكن بفضل الله انكشفت سوءاتهم وعرفهم القاصي والداني على حقيقتهم وبالتالي سقط مشروعهم الطائفي بإذن الله . 

وهناك من ينادي ويقول قدمنا شهداء بالمئات ولدينا جرحى بالآلاف والمبادرة سوف تضيع ذلك كله ، فهل حقا ستذهب هذه الدماء سدى ؟ الحقيقة أن هذا كلام صحيح ولا غبار عليه ومن الواجب عدم التساهل في المطالبة في القصاص من القتلة سفاكي الدماء فضلا عن النسيان ، وهذا له زمانه ومكانه وظرفه ولكن من الحقائق أيضا أنه لابد لكل ثورة من شهداء وجرحى وهذه سنة الحياة فلا يمكن أن تقوم ثورة بدون ذلك ، وهذه التضحيات ثمن للحرية وإزالة للظلم والظالمين وأهم من ذلك كله أن هذه الدماء لن تذهب سدى بإذن الله لأن هؤلاء قدموا أرواحهم الغالية ثمنا لإزالة الظلم وطلبا لحرية من بعدهم ولن يضيع أجرهم عند الله فنحسبهم شهداء أحياء عند ربهم يرزقون بالإضافة إلى أن هذه الدماء ستكون سببا بإذن الله في نهضة اليمن وبناء دولة النظام والعدل والمساواة التي سوف ترعى فيها أسر الشهداء ويعوض الجرحى والمتضررون ويؤهل من كان يحتاج إلى ذلك ، وسوف ترد الحقوق إلى أهلها ويأخذ كل ذي حق حقه ومن أهم هذه الحقوق السلطة المغتصبة منذ زمن بعيد سوف تعود إلى مالكيها وهم الشعب وسوف ينتهي حكم الفرد المتسلط الظالم وهذا ما يسعى إليه الثوار ، وعند قيام المؤسسات القضائية العادلة يتقدم كل ذي دم إلى القضاء للقصاص ممن سفك دمه ولن يضيع حق ووراءه مطالب .

والله اسأل أن يبصرنا بعيوبنا وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا إتباعه وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ، كما أسأله عز وجل أن يحقق أهداف ثورتنا ويحفظ شبابنا ويكفينا شر الأشرار وكيد الفجار ومؤامرة الأعداء ومخططاتهم ، كما أسأله تبارك وتعالى أن يخزي ويفضح من تدثر بثوب الثورة وفي نفس الوقت يتآمر عليها ويريد إفشالها من داخلها بافتعال الأزمات ونشر الدعايات وتحريض الشباب على اتخاذ موافق تعرق مسيرة هذه الثورة واشغله اللهم بنفسه.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .