تعز علينا ان نسلمها
بقلم/ د. محمد البنا
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 28 يوماً
الجمعة 02 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:09 م

قرات قبل فترة طويلة ان تسميت تعز بهذا الاسم كان في عهد الدولة الرسولية عندما هوجمت المدينة فقام اهلها للدفاع عنها مطلقين هذا الشعار \"تعز علين ان نسلمها \".

تحتل تعز المرتبة الأولى من حيث عدد السكان في الجمهورية إذ يشكل سكانها ما نسبته (12.16%) من إجمالي سكان الجمهورية, وينمو سكانها بمعدل (2.47%) سنوياً. وتبلغ مساحة المحافظة حوالي (10008) كيلومتر مربع تتوزع على ثلاثة وعشرين مديرية .

تتميز المحافظة بتنوع نشاطها الاقتصادي العديد من المنشآت الصناعية منها مصنع أسمنت البرح ومصانع الصناعات الغذائية وغيرها. كما تمتلك المحافظة مساحات زراعية واسعة تمتاز بخصوبة أراضيها وعطائها الوافر، وتأتي في الترتيب السادس من حيث المساحة المزروعة من بين محافظات الجمهورية وتشكل نسبة المساحة المزروعة في المحافظة (6.07% ) من إجمالي المساحة المزروعة في الجمهورية. كما توفر المحافظة فرص الاستثمار في مجال صيد الأسماك والإحياء البحرية, حيث تمتلك محافظة تعز شريطاً ساحلياً طويلاً يمتد من باب المندب جنوباً حتى شواطئ الملك والزهاري شمالاً. وتضم أراضي محافظة تعز كميات ضخمة من المعادن والحجر الجيري والزجاج البركاني والجبال الرخامية تعتبر من افخم الرخام علي مستوي اليمن, وتعتبر تعز من اغنى محافظات الجمهورية اليمنية في الحديد وألالومنيوم والجبس والاسمنت والفضة والفحم .

اشتهرت تعز بثروتها البشرية المتعلمة غزيرة الثقافة العلمية والادبية والسياسية والتجارية, ونجاح ابنائها في جميع المجالات. كما يتميز ابناء هذه المحافظة المقهورة ببساطتهم وتواضعهم وتحضرهم. استغلت النخب القبلية والسياسية اليمنية هذه الميزات لتعز وابنائها ابشع استغلال, فاذلوهم ايما اذلال, وشتتوهم في كل البقاع, وازاحوهم من موقع القرار المركزي وحتى في مدينتهم واحزابهم, ونهبوا اراضيهم واملاكهم حتى اننا لا نجد في تعز مشروع مياه للشرب منذ ماقبل ثورة سبتمبر والى الان, وسرقوا تجارهم وتجارتهم حتى تجد من يقول لو تركوا لنا الخمسة الريال ضريبة السجائر لحولنا تعز الى دبي, وحرموهم من الوظائف لتجدهم يعملون في المقاهي والمطاعم والبناء وبيع الخضار وغيرها من الاعمال وهم يحملون اعلى الشهادات العلمية, كل ذلك بقوة سلطات الدولة القمعية الامنية والقبلية .

تعز وابنائها هم قادة ثورة سبتمبر وثوارها لكنهم قتلوا وشردوا وسجنوا بعد مزاوجة الثورة بالملكية وتنصيب الملكيين ورجال القبائل على راس الدولة الفتية. يا سبحان الله, ما اشبه الليلة بالبارحة, تعز وابنائها ينتفضون من جديد ثائرين ضد الظلم والتسلط الاسري ويفجرون ثورة الشباب السلمية من تعز وينشرونها في كل محافظات الجمهورية, حيث تجدهم الاكثر حضورا في صنعاء والحديدة واب وغيرها والتجمع الاكبر على مستوى الوطن في محافظتهم الابية تعز, والاكثر تضحية في كل الساحات. ان التاريخ يعيد نفسه, فالنظام الامني والقبلي للاسرة الحاكمة يركز اهتمامه على تعز ليعيدها الى حضيرة الذل والمهانة, يستخدم ضد المدينة وابنائها كل الته القمعية واسلحته العسكرية والاعلامية, ويخصها بمحرقة شنيعة لشبابها لم تستثني المعاقين في الساحة والجرحى في المستشفيات, ويكرمها بقصف متواصل ودمار قبل وبعد توقيع المبادرة الخليجية .

من اساليب اهانة تعز واذلال ابنائها انهم لا يذكرون في مناهج التاريخ ولا يهتم باثار محافظتهم, ولا في انجازاتهم التي اقاموها, حيث نجد على سبيل المثال انهم من اسس كليات جامعة عدن ومع ذلك لا يشار اليهم باعتبار ان مؤسس جامعة عدن هو اول رئيس معين لها. الابشع من ذلك, انهم الكتلة الاكبر في كل احزاب السلطة والمعارضة, لكنهم الاقل تمثيلا في قياداتها ومؤسساتها. تعز الاولى على مستوى الوطن من حيث عدد ابنائها والاقل تمثيلا في البرلمان والحكومة ومؤسسات الدولة عسكرية ومدنية. تعز الاكثر توريدا للضرائب والزكاة وغيرها من الموارد على مستوى الوطن, لكنها الاقل من حيث المشاريع التنموية. تعز الاكثر تعلما وثقافة على مستوى الوطن, لكنها الاقل من حيث الدرجات الوظيفية. المصيبة الجديدة انهم الاكثر حضورا في الثورة والاكثر في عدد الضحايا, لكنهم الاقل تمثيلا في قيادة الثورة الشبابية وفي المجلس الوطني وفي الحكومة القادمة وفي الدولة المدنية الحديثة المرتقبة .

تعز الابية اصبحت مثل العقدة على الجميع, لا يتقبلون ذكرها ولا الاشارة اليها ولا يعنيهم شانها. تعقد الهدن لوقف اطلاق النار في صنعاء لا تدخل فيها تعز, تشكل لجان لفض الاشتباكات في دماج لا شان لها باشتباكات تعز, يدان قصف ارحب وتعز لها الله, حتى في التقرير المقدم الى بعثة الامم المتحدة لتقصي الحقائق حول انتهاكات حقوق الانسان لا يذكر ضحايا محرقة تعز الدموية, ونتوقع ان تكون وظيفة بنود الية المبادرة وقرار مجلس الامن واللجنة العسكرية المزمع تشكيلها فض الاشتباك في صنعاء وارحب. حتى المجتمع الدولي غير معني بما يدور في تعز يدلل على ذلك امتناع مبعوث الامم المتحدة عن زيارتها لمشاهدة ماساتها .

مشكلة ابناء تعز انهم قنوعين, مستعدين لتقديم التضحيات دون انتظار المقابل, مستعدين لتنفيذ المهام الصعبة دون انتظار للمكافئة, مستعدين للتخلي عن استحقاقاتهم للغير بكرم وطيبة نفس بدون حتى كلمة شكر. مشكلة ابناء تعز انهم اجتماعيين عاشوا في كل ارض واعتادوا الالفة ويعتبرون جميع ابناء اليمن اخوة لهم, لهذا لا يتقبلون التكالب المناطقي حتى لا يكونوا في مواجهة اخوانهم الاخرين من ابناء اليمن وهم يعلمون انهم الاكثر عددا والاقدر على حمل السلاح والاكفأ مهارة وعلما وحجة وسياسة. فهل ينصفهم الاخرون؟ سؤال موجه الى القادمين الجدد القدامى الواعدين بالدولة المدنية دولة العدالة والمساواة والحق والانصاف. وهل تعلم ابناء تعز من دروس التاريخ القديم والحديث, واخذوا العبر؟