29 عاما من إدارة صراعات القوى..ترف الاحتفاء بعيد الجلوس
بقلم/ أحمد الزرقة
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 13 يوماً
الأربعاء 18 يوليو-تموز 2007 02:13 م

مأرب برس - خاص

لا يحتاج الرئيس علي عبد الله صالح للتذكير بفجاجة أنه متربع على كرسي الرئاسة منذ 29 عاما ،فالاحتفاء السمج ب17-7 1978م كعلامة فارقة ووحيدة في حياة اليمنيين ،يسيء للرئيس صالح ويجعله وحيدا منفصلا عن ما يدور في العالم من تغيرات ،كما أن اختزال اليمن وتاريخه ورجالاته في شخص الرئيس فيه من الإساءة الكثير لمفاهيم المواطنة.

الاحتفاء بقراءة فكر وانجازات الرئيس الصالح عبر ندوات تلفزيونية وإذاعية وتسابق الجهات الحكومية على تنظيم مثل هذه الاحتفاليات ،وبمشاركة عدد كبير من السياسيين والأكاديميين يؤكد حقيقة أن هناك فشلا ذريعاً في إنجاز تلك الجهات والشخصيات في تحقيق أهداف وقضايا من صلب عملها ،ولأجل تغطية ذلك الفشل تولد كل تلك الفعاليات التي لا ترقى لمستوى النقاشات الفكرية بتكريسها لصنميه الحاكم ، فيما تؤكد كل الدراسات وأوراق العمل انه رجل بلا أخطاء ،لتصل به لدرجة التأليه ،وتخرجه من دائرة المساءلة .

المبالغ التي تصرف لتلك الندوات والفعاليات كانت ستكون أكثر خدمة للرئيس صالح لو أنفقت باتجاه مشاريع تنموية وخدمية بدلا من المزايدة المفضوحة .

قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 20 سبتمبر 2006م والتي حافظت على بقاء الرئيس صالح وأكسبته شريعة دستورية أكثر من تلك التي منحت له في 17 -7 1978م ، كتب عدد من المقربين للسلطة يدافعون عن ترشيح الرئيس صالح لنفسه في تلك الانتخابات ، قالوا أن الرجل لم يحكم اليمن الموحد إلا منذ انتخابه في عام 1999م وأن فترة ما قبل الوحدة ليست محسوبة لأنه كان رئيسا للجمهورية العربية اليمنية حتى مايو 1990م ،وأن فترة الوحدة منذ حتى حرب صيف 1994م كان هناك مجلس رئاسة ،وانه بعد ذلك لم يتولى فترة رئاسية بانتخاب مباشر إلا منذ سبتمبر 1999م،وبالتالي فان من يقول ان الرئيس صالح يحكم منذ 1978م مخطئ.

لكن ما يحدث اليوم من احتفاء قد لا أقبله أنا والعديد من أبناء جيلي باعتبار أن تلك الفترة كان لها مساوئها ولا تعني لنا كثيرا ،لأننا من الجيل الذي تأذي كثيرا من أخطاء وصراعات السياسيين خلال الفترات الماضية .

نحن مع شرعية انتخابات 2006 م والتي وعد الرجل فيها بإجراء المزيد من الإصلاحات الاقتصادية وتوسيع الحريات السياسية ،وبرنامج الرئيس صالح كان برنامجا مستقبليا،فلماذا يصر البعض على شده للوراء؟!.

يوم عيد الجلوس ليس من إنتاج الديمقراطية التي تتشدق بها وسائل الإعلام الرسمية ،وليست جزء من مكونات النظام الجمهوري ،ولم نسمع بالاحتفاء بيوم الجلوس إلا لدى الأنظمة الديكتاتورية والأنظمة الملكية ، التي تفوق فيها قيمة الفرد الحاكم قيمة الجماعة المحكومة.

من حق الرئيس صالح الاحتفاء بيوم وصوله للحكم في 17-7-1978 بشكل شخصي خاص به مع مجموعة من أصدقائه،لكن هناك عقد اجتماعي مع ناخبيه الجدد الذي انتخبوه في سبتمبر الماضي ، عندما وعدهم بيمن جديد ومستقبل أفضل.

كم كان سيكون مفرحا لو احتفل الرئيس بهذه الفعالية بالإعلان عن إجراءات حقيقية لوقف التدهور الاقتصادي والبدء بحزمة إصلاحات واسعة ،لان ذلك الاحتفال لا يهم احد ، بل على العكس تبدو مستفزة جدا لمشاعر المواطنين .

ولا أعتقد حتى أن الرئيس صالح يتابع تلك الفعاليات أو يكترث لما يبثه الإعلام الرسمي.

قد يكون الرئيس صالح شخصية فذة وذات معدل ذكاء مرتفع ،وتلك أمور يدركها بنفسه ،وليس غافلا حتى يأتي شخص ليمتدح تلك الصفات فيه ويذكره بماضي كان هو صانعه.

لقد حاول الرئيس التطهر من شركاء مرحلة يوليو 1978م ويوليو 1994م ، عندما قال انه لن يترشح خلال انتخابات سبتمبر الماضي ،وأنه لن يكون مظلة للفاسدين ،أو تاكسي لهم يحملهم للفنادق، لكنهم لم يسمحوا له وذرفوا الدموع من اجل إثنائه وفعلا تراجع الرئيس عن قراره ،الذي اعتقد انه حاول من خلاله قراءه مواقف القوى المختلفة ومراكز صنع القرار المقربين منه إذا ما حاول المضي في فكرته تلك، إلا أن النتيجة باعتقادي كانت مخيفة ،بالنسبة لرجل اعترف ذات لقاء صحفي مع الجزيرة أنه لا يحكم بل يدير مصالح القوى المختلفة ، وبالتأكيد هناك فرق كبير بين من يحكم ومن يدير.

Alzorqa11@hotmail.com