الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي رابطة اللاعبين المحترفين تكشف عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لشهر أكتوبر دولة خليجية تبدأ بسحب الجنسية من المئات من مطلقات مواطنيها الإنذار المبكر ينشر توقعات الطقس خلال الساعات الـ24 القادمة في 11 محافظة يمنية قراءة تركية: من سيحسم المعركة الانتخابية في أمريكا ويفوز بكرسي الرئاسة؟ أول تعليق من أردوغان على تعيين نعيم قاسم خلفاً لـ نصر الله تحذير خطير في أحدث تقرير للبنك الدولي عن الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين تترأسه اليمن مسلحون حوثيون وزنبيات مدججات بالأسلحة نفذوا مهمة إختطاف موظف يمني في السفارة الأمريكية بصنعاء
ما من ثورة ناجحة الا و كان لها فترة انتقالية. فالثورة تعني قطيعة مع الماضي و لكن يجب ان تكون هذه القطيعة منظمة حتى يتم تقليل تكاليف الانتقال من الماضي الى المستقبل. فلان الماضي لم يد صالحا لا للحاضر و لا المستقبل قامت الثورة عليه. اذ ان ثمة فرقا بل فروقا كبيرة بين الاصلاح و الثورة.
و نتيجة لذل فان الكل ( سلطة و معارضة و جهات خارجية) يدرك و يعترف بان النظام الحالي بكل مكوناته ( الدستورية و المؤسسية) قد فشل في اصلاح نفسه ناهيك عن قدرته على التأقلم مع المتغيرات الجديدة الحالية و المستقبلية. و بالتالي فان النتيجة المنطقية لذلك هو ضرورة قيام الثورة لإيجاد قطيعة معه.
و الدليل على كون النظام (سلطة و معارضة) الحالي غير قادر على التعامل مع الاوضاع في اليمن هو فشله في اجراء الانتخابات البرلمانية مرتين. فلو كان فعل ذلك لما كانت الاوضاع قد وصلت الى هذا الحد من السوء. و اذا فشل النظام في الماضي في تنظيم انتخابات حرة و نزيهة مقبولة فان عجزه في الوقت الحاضر و في المستقبل امر لا يجادل فيه احد.
ان ثورة شباب اليمن ماضية في طريقها رضي من رضي و كره من كره. ذلك انه لا يمكن البدا في بناء اليمن الجديد بدون ذلك. انها تمثل فرصة تاريخية لتغير النظام الحالي باقل تكلفة. و بما ان الفرص التاريخية نادر فانه يجب اقتناصها بكل عزم و اصرار.
لذلك فان المرحلة الانتقالية اصبحت ضرورة لنجاح ثورة الشباب مما يحتم البدا بها من الان.انها تشبه من عدة وجوه البرزخ الذي يفصل بين الحياة الدنيا و الحياة الاخرة. فالانتقال من الحياة الدنيا الى الحياة الاخرة لا يتم بدون فاصل ( البرزخ) بهدف تحقيق العدالة. و كذلك فان الانتقال من مرحلة ما قبل الثورة الى مرحلة ما بعدها لا يمكن ان يتحقق بدون مرحلة انتقالية حتى لا تتعرض العدالة للخطر.
فبدون مرحلة انتقالية سيتم الاضطرار الى التعامل مع من شارك في مرحلة ما قبل الثورة اما على انه فاسد يجب اقصاءه و لا شك ان ذلك سيعرض نسبة كبيرة من اليمنين للظلم. و اما على انه يجب الحفاظ على حقوقهم المكتسبة و لا شك ان ذلك يمثل ظلما للشعب. فاذا ما احتفظ كل من شارك في مرحلة ما قبل الثورة على سلطاتهم و مناصبهم و ثرواتهم فان شيئا من اهداف ثورة الشعب لن يتحقق و بالتالي فان الأمور ستبقى على ما كانت عليه (و كأنك يا ابي زيد ما غزيت).
و لذلك فانه من الضروري ان تعمل المرحلة انتقالية على القطيعة الضرورية مع الماضي و التهيئة الضرورية للمستقبل. و في هذا المقال سيتم التركيز على القطيعة الضرورية مع الماضي في حين سيتم تناول التهيئة الضرورية في المستقبل في مقالات قادمة بأذن الله تعالى.
ففما لا شك فيه انه يجب ان يكون في المرحلة الانتقالية قطيعة مع ظلم الماضي بكل انواعه. و هنا يجب التركيز على ظلم الماضي و ليس على اشخاصه. و من اجل تحقيق ذلك فانه يجب في بداية المرحلة الغاء او تجميد كل قوانين و مؤسسات و احزاب و شخصيات الماضي. و على سبيل التحديد فانه يجب ايقاف او الغاء العمل بالدستور الحالي لأنه اما ان فيه قصورا مكن من حدوث الممارسات الظالمة التي يعاني منها الشعب في الوقت الحاضر و اما انه لم يعد يحظى باي احترام او الاثنين معا. و في كل هذه الحالة فان الابقاء عليه لن يكون لها اي فائدة بل انه سيسبب اضرارا كثيرة. فعلى سبيل المثال فقد يستخدم لتبرير ممارسة العديد من المظالم البشعة. و ينطبق الامر على القوانين التي سنت وفقا له.
و من اجل ان تبدا المرحلة الانتقالية فانه يجب حل كل من مجلسي النواب و الشورى و الحكومة و مجلس القضاء الاعلى. فمجلس النواب و الحكومة قد فقدا مشروعيتهم و وظائفهما. اما المجلس الاستشاري و مجلس القضاء الاعلى فقد اسسا على شفاء جرف هار من العدالة فانهار بهما في مستنقع الظلم و الفساد. و اذا كانت كذلك فان الابقاء عليها ليس مفيدا بل مضر و سيعطل كل الخطوات الضرورية للتهيئة للمستقبل.
و بما ان الاحزاب السياسية الحالية اما انها قد مارست الدكتاتورية و حمتها و بررت قيامها و اما انها احزاب ايدلوجية لا تتناسب مع الديمقراطية و اما انها احزاب مفرخة لا برامج لها و لا قواعد شعبية تدعمها فانه يجب اعادة هيكليتها خلال المرحلة الانتقالية. و بالتالي فانه يجب على الاقل ان لا يسمح لها بالممارسات السياسية كأحزاب حتى لا تعرقل جهود بناء المسرح السياسي بطريقة محايدة و عادلة للجميع. و لعل ان تقيد مساحة عملها السياسي مؤقتا قد يوفر لها فرصة ثمينة تمكنها من استيعاب ما يحدث و بالتالي قد يساعدها في اعادة النظر في كل مكوناتها والعودة من جديد بحسب القواعد و المعايير الجديدة.
فمن اجل انجاح ثورة الشباب فانه يجب ان لا يسمح للشخصيات السياسية التي لعبت دورا بارزا في الماضي ان تشن ثورة مضادة. فمن الواضح و المؤكد انه بدون ازاحتها من المسرح السياسي لن يتم احداث اي تغير حقيقي. انها قد تعتقت في مواقعها و تجمدت في افكارها. و الدليل على ذلك انها في الوقت الحاضر لا تفتئي تعمل جاهدة على توريث مواقعها لأبنائها و لا شك ان تمكينها من ذلك في المستقبل يمثل ظلما للأخرين الذي لديهم قدرات و لكنهم يقصون لا لشيء و انما لان هذه المواقع قد حجزت لأنباء الطبقة المتنفذة.
ان القطيعة مع الماضي بهذا المعنى ضروري لأنه من شب على شيء شاب عليه و الطبع غلب التطبع. فالأيادي الملوثة لا تطهر غيرها بل على العكس تلوثها. هذا من ناحية و من ناحية اخرى فإنها لن تكون متحمسة للتغير و ستعمل على عرقلته بكل السبل الممكنة.
و على هذا الاساس فان ما تضمنته المبادرة الخليجية لا يصلح لان يكون اساسا لأي مرحلة انتقالية حقيقية لأنها تسعى فقط لتقسيم السلطة و الثورة بين اللاعبين الحالين. و بما انهم ثعابين باعترافهم فانه يستحيل تنقيتهم من السم و او قلع انيابهم. ان تنفيذ بنود هذه المبادرة بكل حذافيرها لن يعمل الا على اعطاء شرعية جديد للفاسدين و الفاشلين. و بما انهم لم يهتموا بقضايا الشعب في الماضي فلن يهتموا به في المستقبل و بما انهم قد انهمكوا في تأجيج الصراع فيما بينهم فانهم سيستمرون كذلك في المستقبل.
هذا من ناحية و من ناحية اخرى فانه من المتوقع ان لا يتم تطبيق اي بند من بنودها و في هذه الحالة فان التعويل عليها سوف لن يؤدي الى اطالة عمر الثورة و زيادة تكاليفها.
فمن غير المرجح ان الرئيس سينقل السلطة و لديه العديد من الاوراق في هذه المبادة تمكنه من ذلك. و لا نقل السلطات الى نائب الرئيس حكومة الوحدة الوطنية سيعمل على معالجة اي اختلالات امنية او سياسية ناهيك عن قدرتها على معالجة الاوضاع الاقتصادية لعدم قدرتها على اتخاذ اي قرارات ضرورية و حاسمة.
بالاضافة الى ذلك فانه من المؤكد ان تنجح هذه الحكومة في اجراء اي انتخابات و نزيهة. بل انه من المرجح ان يتم اجرائها. و اذا ما تم اجرائها فان نتائجها في احسن الاحوال ستكون ا محكومة بالتقاسم بين المؤتمر و احزاب اللقاء المشترك. و كذلك فان هذه الحكومة لم تتمكن من صياغة دستور جديد يؤسس لبناء اليمن الجديد. ذلك ان اي لجان مشكلة سيسيطر عليها المنتمين لكل من المؤتمر و اللقاء المشترك و سيتم تهميش القوى السياسية الاخرى.
ان نجاح المرحلة الانتقالية بهذا المعنى يتطلب ان يتوفر فيمن سيشارك فيها طان اساسيان هما قطيعتها مع الماضي و قبولها بالتنحي جانبا بعد انجاز مهام المرحلة الانتقالية. و بالتالي فلن يكون لديها حافزا لتحيز في لنفسها فيما تقوم به من خطوات او إجراءات. و في هذا الاطار فانه يجب الاخذ بعين الاعتبار هذه القيادة ستكون مسئولة ة على اتخاذ قرارات كبيرة ضرورية لإيقاف التدهور في المجال الاقتصادي و الاداري و الامن و ستكون وسيطا محايدا بين القوى السياسية المختلفة و التي ستتولى صياغة قواعد العمل السياسي في المستقبل بشكل عادل و مناسب للجميع لأنها ستكون خارج اللعبة السياسية في المرحلة الانتقالية.
و من المهم ان يلعب الشباب دور الداعم و المساند و الرقيب و المحاسب لهذه القيادة خلال هذه الفترة لمنع تلكؤها او تباطؤها او انحرافها عن المسار الصحيح لضمان عملية الانتقال بالسرعة المطلوبة و الانجازات المرغوبة.
لذلك فانه يجب على شباب الثورة المطالبة بمرحلة انتقالية بدلا من المطالبة بنقل السلطة او تشكيل مجلس انتقالي. فنقل السلطة او تشكيل مجلس انتقال بدون هذه المهام و الشروط سيكون عديم الجدوى و بالتالي سيعمل على افشال ثورة الشباب. و في نهاية المطاف سيعمل فقط على المحافظة على الاوضاع الراهن و ليس على تهيئة الاوضاع لصناعة مستقبل مشرق لليمن.