الذكاء الاصطناعي يورط عملاق التكنولوجيا «تسلا» ويقودها للمحاكمة عبر القضاء كلاب آلية تنظف أحد الجبال المصنفة ضمن قوائم التراث العالمي رابطة اللاعبين المحترفين تكشف عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لشهر أكتوبر دولة خليجية تبدأ بسحب الجنسية من المئات من مطلقات مواطنيها الإنذار المبكر ينشر توقعات الطقس خلال الساعات الـ24 القادمة في 11 محافظة يمنية قراءة تركية: من سيحسم المعركة الانتخابية في أمريكا ويفوز بكرسي الرئاسة؟ أول تعليق من أردوغان على تعيين نعيم قاسم خلفاً لـ نصر الله تحذير خطير في أحدث تقرير للبنك الدولي عن الوضع الاقتصادي والإنساني في اليمن اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين تترأسه اليمن مسلحون حوثيون وزنبيات مدججات بالأسلحة نفذوا مهمة إختطاف موظف يمني في السفارة الأمريكية بصنعاء
مأرب برس - خاص
كنت أعتقد أن مجتمعاتنا العربية تعاني من ظاهرة ما في محيط معين، في حين تختفي هذه الظاهرة في محيط آخر، فإذا بالأمر عام، والظاهرة واحدة، والسلبيات ذاتها، والخسارة بنفس الحجم، والشعار واحد: "غياب كرامة الإنسان العربي"!!
التسول على إشارات المرور في شوارع المدن العربية التي زرت منها الكثير، كان وما زال يعني لي شيئاً واحداً وهو قصور الأنظمة العربية عن توفير أبسط مقومات العيش الكريم للشعوب الجائعة، التي تستجدي قوت يومها على الإشارة الحمراء، في صور ومظاهر خطيرة تمس الطفولة والشيخوخة والمرأة والمعوقين.. وعزيز قوم ذل!!
قد يعتقد البعض – كما كنت اعتقد – أن الأمر متعلق بقصور هيئات الرعاية الاجتماعية في وطننا العربي، لا أكثر ولا أقل، أو أنه عيب نفسي في هؤلاء المتسولين، أو.. أو.. ، ولكني وللحقيقة وبعد تمحيص وجدت أن هذه الظاهرة ليست وليدة ظروف اقتصادية معينة، أو نتيجة طارئ اجتماعي معين، أو إفراز للتغيرات الفوضوية العالمية، ولكنها بلا شك نتيجة حتمية لتراكمات سياسية تهدف إلى التجويع الذي يقود إلى التركيع، وكلاهما (التجويع والتركيع) يقود إلى خسارة الكرامة الإنسانية للنفس العربية، التي تنشغل بقوت اليوم قبل أن تنشغل بتنمية الغد، وتفكر في مستقبل العشاء، قبل أن تفكر في مستقبل الأبناء.. وهكذا حتى الوصول إلى مرحلة الخضوع التام لكل الظروف القاسية، مع استلاب في الكرامة الإنسانية، ثم بعد ذلك يطالب مسؤولو النظام شعوبهم أن يكونوا شركاء في التنمية المستذامة.. أقصد المستدامة!!
التسول على إشارات المرور ليس هو القضية العربية، بل هو ظاهرة من ظواهر القضية، وأدناه في سلم الخنوع، فالمواطن العربي الذي يترفع عن التسول على إشارة المرور لا يجد بأساً في أن يتسول على باب المسؤولين والمتنفذين وذوي السلطة.. والجميع هنا وهناك يتسولون لقمة العيش، والرعاية الصحية، وحق الاعتراف بهم، بل ويتسولون مواطنتهم على أبواب البطانات التي تشبه إشارات المرور، غير أنها تختلف عنها بأن أبواب البطانات دائماً ذات إشارة حمراء، ولا تسمح بالإشارة الخضراء إلا للمقربين والاتباع.. وهكذا يصبح التسول ظاهرة، ولكن القضية الأساس هي أن تتسول حقك!!
أعتقد أن الجميع يقر معي أن ادعاءات الفقر العربي، ونقص الموارد أصبحت باطلة ومدحوضة أمام إيرادات النفط العالمية، والضرائب الخيالية، واستحقاقات الدولة من المواطنين على أشكال جبايات مختلفة،، وأن الحقيقة الكامنة وراء ظاهرة الفقر العربي ، أصبحت في اعتراف صريح من الأنظمة عن أسباب غياب العدالة، وغياب التنمية الزراعية في الأراضي التي خلقت للزراعة، وغياب مقومات الدولة المستدامة كما هي التنمية المستدامة والمواطنة المستدامة، فبذور العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص، وحقوق الرعاية الشاملة، متوفرة دائما، وجاهزة للزراعة، على أن لا يزرعوهــا سماً!!
لنتفق أن ظاهرة الفقر العربي هي إفرازات سياسية، خلفتها مركبات التمكين من السلطة، وإحكام قبضة النظام، وأنها ظواهر في طريقها إلى الازدياد، وليس إلى الانقراض، إلا إذا تنبهت الأنظمة العربية أنها تتعامل مع مواطنين وليس متسولين!!.. وهذا هو مربط الفرس الذي تمكن منه النظام السعودي على مستوى القيادة الحكيمة، مع تحفظي على مستوى أداء الهيئات التنفيذية!
وختاماً، سألني أحد الأصدقاء: هل يمكن القضاء على ظاهرة التسول باقتلاع الإشارات الضوئية من الشوارع العربية؟.. أجبته: يمكن القضاء عليها دون اقتلاع الإشارات الضوئية!، فسألني: وكيف ذلك؟.. أجبت بحذر: باقتلاع الفساد من أطراف الأنظمة العربية!!.. ومن مأمنه يؤتى الحذر.
* الباحث الرئيسي المشرف العام على مركز أبحاث الشرق الأوسط للتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان.