من سيوقظ عملاق اليمن؟!
بقلم/ خالد زوبل
نشر منذ: 8 سنوات و 4 أسابيع و يوم واحد
الثلاثاء 04 أكتوبر-تشرين الأول 2016 05:19 م

كتبت استفتاءاً لشباب الإصلاح في 24 سبتمبر الفائت، شارك فيه قرابة مائة وخمسين فرد من شرائح وثقافات مختلفة من الحزب، أحسبهم كذلك، وكان سؤال الاستفتاء هو: "هل ترى ضرورة المراجعات والتغيير الداخلي في حزب التجمع اليمني للإصلاح من ناحية اللوائح والقيادات والمنهجيات؟"، وكانت نسب الإجابات الأربعة هي كالتالي:
الأول: مع التغيير وهو واجب المرحلة، بنسبة 44%.
والثاني: لا توجد مشاكل أصلا، والأداء على ما يرام، بنسبة 7 %.
والثالث: مع التغيير والمراجعة ولكن ليس هذا وقته؛ لظروف الحرب، بنسبة 44%.
والرابع: مع التغيير لكن نتركه خوفاً من الطرد والتصنيف والإبعاد، بنسبة5%.
أي أن قرابة 88%مع التغيير والمراجعة لأداء الحزب وإن اختلفوا في التوقيت، وأما النسبة التي لا ترى أن هناك مشاكل فهم الجنود والملأ في كل حركة أو دولة أو مؤسسة يتقوى بها الفاسد والفاشل والمستبد؛ ليبقى أطول فترة ممكنة على سلطته دون محاسبة وتقييم نزيه، بل بتصفيق دائم من ملأ "كله تمام"، و"نحن وراك"، و "يا عظيم الابتلاء، وحكيم السراء والضراء"!!!
لايهم، فهؤلاء كثيرا ما يعاقبهم التاريخ على مشاركتهم السيئة وإطالة عمر المستبد ولو تحدث بإسم الله!
لكن لي تعليق بسيط على النسبة الأخرى وهم الفئة الذين هم مع التغيير لكنهم لايرون أن الوقت مناسب لظروف الحرب التي تمر بها اليمن... فأقول: أقدر أولا تفكيركم في هذا التوقيت العصيب، والذي أذهب النوم عن كل يمني حر حتى إسقاط عصابة الانقلاب وميليشياتها.... لكن لي بعض الملاحظات...
أولها: أن الإنسان ابن بيئته، فالبيئة العربية بشكل عام لا تنظر للمستقبل، بل هدفها آني لحظي، كدول وجماعات وأحزاب في الغالب، فالجميع يفكر في ردة الفعل ويوقف نفسه وجماعته في خانة ردة الفعل، ولايفكر في أسباب ذلك الفعل كيف جاء وكيف أمنعه من المجيء ثانية... وهذا من أكبر أخطاء الحركات الإسلامية التي لا تخطط إستراتيجيا فتتكشف الأيام وإذا بها تستنزف في حروب وكالة ويضربها هذا بهذا حتى تفنى أو تضعف... ناهيك عن أن تكون صانعة للحدث والتاريخ!!
وثانيها: أنه حتى الآن لاتملك القواعد في الحزب الإجابة عن ماذا بعد ، بل قد جالسنا قيادات كبيرة ويحيبون بالحرف:"خليها على الله"!
نعم هي من الله، لكنه وضع الأقدار بيدك وبيد أعداءك لتصارع أقدارك بأقدارهم، تحقيقا لسنة التدافع والأخذ بالأسباب التي لاتتبدل...
إن غياب الرؤية المشتركة من رأس الهرم إلى قاعه خطأ كبير في العمل الإسلامي، ناهيك عن إدارة أزمة يفترض أن تبلور رؤية جامعة تضمن مستقبل العمل الإسلامي والحزب والدولة ما بعد الحوثي؛ أما خليها على الله فهو تواكل وتآكل وتخاذل!
وثالثها: أن تأخير المراجعات والتقييم لا يعالج أو يسكن المصائب والأخطاء بل هو باب لتراكمها وزيادتها، فترك الفشل يولد لنا فشلين، وترك مرارة العلاج بذريعة المحنة هو دفع لضريبة العلاج مضاعفة لتغير الأوضاع السياسية والاجتماعية والدينية مابعد الحرب إلى ما هو أسوأ مما كان لو كان ثم رؤية وعلاج مستعجل..
لقد تم إهمال المراجعات طوال عمر الحركة الإسلامية، وهو ما أنتج تراكم الفشل، فكلما قام ناصحون أسكتوهم بذريعة المحنة أو الحرب و"ليس وقته"، وكأن الحركة الإسلامية عاشت يوما ما في رخاء!
برغم أن تاريخها كلها أزمات ومحن، صقلتها وكيفتها على التناغم مع المحن وإدارة الذات.... لكن حين يتعلق الأمر بالنقد الذاتي تتحرك اللوبيات الدعوية المعارضة للتغيير بكل ثقلها ضده بذرائع المحنة والابتلاء ويساندهم في ذلك خفيف القلب وكل قصير النظر، فيترك التغيير ويتم ترحيله لأجل غير مسمى، فيتكرر الفشل ويتكاثر؛ لتأتي آيات الابتلاء والمحن تتردد على أسماعنا بأن اصبروا وصابروا فإنما هذا بذنوبكم فإستغفروا الله ثم توبوا إليه!
ورابعها: أن شمولية العمل الإسلامي الذي ارتضوه منهجا، يحتم على القيادة توزيع الأدوار، فصنف يجاهد ويقاوم المحتل الانقلابي، وصنف يخطط لما بعد الأزمة، وصنف يجاهد بقلمه لتعرية ميليشيات الانقلاب، وصنف يدعو لهم في الثلث الآخر، "وكل ميسر لما خلق له"، إذ ليس كل إصلاحي يقاوم بسلاحه، حتى يتم الرد على كل من قدم رؤية أو نقدا أو تصحيحا بالمقولة السيئة : "قدامك الجبهة ورينا شطارتك"!!
أوليس الأولى أن يقال له: هات ما عندك ندرسه ونناقشه! بدلا من التخلص من إزعاجه بقذفه للجبهات بحجة اختبار ضميره ونيته.. عامل أم كلامولوجي! كما تفعل التنظيمات الإسلامية!!
إن اختبار النيات حق لله وحده... لا للعباد..
و "رب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته"..و"أكثر شهداء أمتي لأصحاب الفرش"....
ولعل اختبار الجبهة هذا هو ما سبب إحجام كثيرين من أهل الرأي الثاقب عن تقديم النصح والنقد البناء للحفاظ على مستقبل الحزب مابعد الحرب.... لخوفه من كثرة سهام اللوم التي ستلقى عليه وتسأله: أتفكر من بيتك وغيرك في الجبهة... توكل على الجبهة ورينا شطارتك!!
وكأن الناس سواسية في المقاومة وكأن كلهم ليس له مكان إلا الجبهة!!
وهذا ما دفع أحد القادة السياسيين الكبار في الحزب ممن التقيت وسألناه عن مستقبل الحزب بعد الحوثي، فأجابنا باللارؤية، وأنه يخجل أن يتكلم وشباب الإصلاح يقدمون أرواحهم في ميادين الشرف والبطولة!!
نجاح إيماني عالي المستوى، لكنه فشل سياسي وإيماني أيضا على المستوى البعيد... وكأن جبهة هذا هي القتال لا الندوات والمؤتمرات والقنوات والصحف والحكومة والبرامج السياسية التي ينتظر أن يراها المقاوم الذي سكب دماءه الطاهرة على الأرض الطاهرة...!!
أعيدوا قراءة سنن الله في الإنسان وتبادل الأدوار لتستشرفوا مستقبلا وضاءا لكم ولشعبكم ما بعد الانقلاب على كل جبهة، لا أن تستنزفوا أنفسكم وأنصاركم في جبهة الحرب فقط، ثم تعارضون أنصار التغيير ب "قدامك الجبهة... ورينا شطارتك"!!