في الكتابة كان عام 2015 بالنسبة لي حافلا بالأهداف التي تفرعت من هدفين رئيسين . ولتحقيق ذلك كم عانت كلماتي لتقنع بعض النفوس بالحقائق الجلية . وأزعم أن حروفي ساهمت في تقوية النفسيات وتجديد الثقة في مسار ارتضيناه فخضناه . ومع إطلالة عام جديد أجدد النثر . بما أحسبه نصح وتصحيح لنا أجمعين .
1 ـ خلال عام 2015 لم تكن مشكلتنا في توضيح الحقائق وكشف الحقيقة مع الذين لا يقرأون الكتاب من عنوانه . بل مع الذين فُتِحت أمامهم صفحات الكتاب , وتباينت سطوره , واتضحت جُمله وما يتعلق بها من حروفه , فلم يعد خافيا تمييز تشكيل كلماته من خفض ورفع , ومن نصب وسكون . مشكلتنا مع الذين مازالوا في غفلتهم يترنحون . يثقون فيمن فقد مصداقيته ووطنيته , ويسيرون خلف من فقد إخلاصه وإنسانيته . كيف السبيل إلى تبصيرهم بأن السراب مخادع كذاب وإن ظننته ماء السحاب . وأن الغراب محتال ينعق بالشؤم والتخريب وإن غرد بصوت العندليب .
2 ـ في 2015 تم التغير , ولكن لم يحدث التغيير . وفي هذه القصة يتجلى معنى التغيير الحقيقي . جلس الشاب بجوار أبيه يمدح تفاني أخيه في عمله حتى رفعت المؤسسة راتبه فتضاعف عما كان عليه . ولكن الأب الحكيم قاطع ولده : حدثني عن نتيجة هذا التغيير ! كم يوفر نهاية الشهر ؟ . فرد الأبن : لا يوفر شيئا .! . فقال الأب : إذن الوضع على حاله . والحالة كما هي . صدق الأب . فإن التطور يُقاس بواقع نتائجه وبحقيقة آثاره . والدندنات والأهازيج ليست مقياسا له .
3 ـ في 2015 رأيت بشرا يتعاطون الحدث وكأنهم خاضعون لتنويم مغناطيسي , وهو ما يجعل العقل ﺍﻟﺒﺎﻃﻦ ﻣﻔﺘﻮﺣﺎً , فتترسخ الإيحاءات ﻓيه ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻟﺘؤدي ﻣﻔﻌﻮﻟﻬﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﺃﻓﻀﻞ . وبه يقوم المختصون بالسيطرة على مراكز التفكير وخلايا الإرادة . فيصبح الشخص خاضعا للتوجيهات ومنفذا للأوامر . وحين يفيقون لا يصدقون أنهم فعلوا كذا وقالوا كذا . ويتسألون بذهول أين كانت عقولنا ونحن نرتكب تلك الأعمال ؟ وأين كانت إرادتنا ونحن نتفوه بتلك الأقاويل ؟. فيُقال لهم كنتم أجسادا تتحرك وفق مخطط عقلٍ غير عقلها ، وكنتم آلسنة تنطق وفق غاية قلبِ غير قلبها . وتحسبون أنكم من حرية عقولكم تتحركون ، ومن إرادة قلوبكم تنطلقون . والواقع أنكم جند مأمورون . وثوار مسيرون .
4 ـ يسيطر على بعض الناس مرض الرهاب النفسي . وهو نوع من المخاوف غير المبررة والغير منطقية وتختلف أنواعه وأعراضه , فمنه رهاب المرتفعات والأماكن الضيقة والظلام وغيرها . وللتخلص منه لابد له من علاج نفسي . وفي عصرنا أصاب بعض الناس والدول رهاب جديد لا يحتاج علاجه سوى إلى صدق في المراجعة وعدل في الميزان وتجرد في التقييم وسلامة في الصدور . عندها سيجدون أن تخوفهم منه لم يكن له من حجة ولا برهان . وأن كل ما تم غرسه فيهم من المخاوف مجرد كذب وبهتان صنعته عقول مجرمة ونفذته آياد خبيثة . وحينها سيدركون جميعا في كل مكان ودولة فداحة خطأهم وعظيم جرمهم , سيتبين لهم , كم خذلوكم , وكم ظلموكم , أيها " الإخوان المسلمون " . .
6 ـ في 2015 حمدنا لله الذي عافانا مما ابتلى به غيرنا . وسنظل نحمده على نعمه التي لاتعد ولا تحصى .
الحمد لله الذي منحنا وجها واحدا . ولم يجعلنا معرض وجوه , نلبسها تبعا لمجرى الأحداث .
الحمد لله الذي وهبنا قلبا واحدا . ولم يجعلنا مستودع قلوب , نبرمجها وفقا لمصالح الذات .
الحمد لله الذي زيننا بعقل واحد . ولم يجعلنا متجر عقول , نضبطها مع مسار الحلقة الأقوى .
الحمد لله الذي أكرمنا بلسان واحد . ولم يجعلنا مخزن آلسنة , نطلق حروفها بالدفع المسبق .
الحمد لله الذي جمعنا إخوانا في الإصلاح . ولم يجعلنا أعضاء شرف نتنقل بين حافلات السياح .
الحمد لله الذي وفقنا لصفاء رؤية الإخوان . ولم يجعلنا بقعا متناثرة على جدران نادي الألوان .