آخر الاخبار

عاجل.. ترامب نجحنا في القضاء على عدد كبير من قادة الحوثيين وخبرائهم وسنستمر في ضربهم مليشيا إيران المسلحة في العراق تعلن الاستسلام وتستعد لنزع سلاحها بعد تهديد واشنطن ترامب يهدد الصين بعقوبات غير مسبوقة قناة CNN الأمريكية تكشف موقف الإمارات والسعودية من اي عملية عسكرية برية لاقتلاع الحوثيين في اليمن ودور القوات الحكومية وتفاصيل الدعم .. مصادر دبلوماسية أمريكية: العملية البرية هي الكفيل بإنهاء سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة والعاصمة صنعاء اليمن تدعو الشركات الفرنسية للإستثمار في 4 قطاعات حيوية المقاتلات الأمربكية تدك منزل قيادي حوثي رفيع بالعاصمة صنعاء خلال إجتماع عدد من القيادات فيه الرئاسة اليمنية تدعو لتوحيد الصفوف لمعركة الخلاص من الحوثيين وتحدد ''ساعتها الحاسمة'' الإعلام الصحي يكشف بالأرقام عن خدمات مستشفيات مأرب خلال إجازة عيد الفطر المبارك العملة في مناطق الشرعية تسجل انهياراً كبيراً ورقماً قياسياً ''أسعار الصرف الآن''

تعز.. غزة اليمن!
بقلم/ توفيق السامعي
نشر منذ: 8 ساعات و 21 دقيقة
الإثنين 07 إبريل-نيسان 2025 05:29 م
 

إلى كل العاملين في الحقل التاريخي، وأخص بالذكر الزميل العزيز بلال الطيب؛ كمؤرخ حصيف، مستقل الرأي والقلم (كما أحسبه) ليس من بين مدعي كتابة التاريخ الراكبين موجته الحالية والطارئة، المؤجرين أقلامهم في سوق النخاسة السياسية التي تزين القبيح وتقبح الجميل مقابل ذلك التأجير! 

أدعو كل شريف أن تدون أقلامهم بدقة ما يجري لتعز اليوم من مآسٍ يندى لها جبين الأمة بعد غزة؛ فهي غزة الثانية بحق؛ الكل يقف ضدها داخلياً وخارجياً، ليس من عهد الانقلاب وحسب، بل من عقود طويلة؛ إلا أنها انفجرت فيها مؤخراً كل موجات الحقد والطغيان والعنصرية السلالية والجغرافية؛ لأنها حاولت أن تنهض باليمن، أن تقول للظلم أن يقف عند حده.

في تعز مآسٍ كثيرة وكبيرة من خلال هذه الحرب اللعينة لم تأخذ حقها من التدوين ولا التنويه والتعريف، فهي إن خذلت سياسياً فلا ينبغي أن تُخذل تاريخياً وكتابة مأساتها للأجيال.

تعز التي ظلمها وخذلها أبناؤها من قادة العمل السياسي ونخبها المختلفة، قبل أن يخذلها الآخرون، الذين ظهروا بمظهر التابع الذليل للآخر، لا يستطيعون الاستقلالية الشخصية والاعتزاز بالذات، فضحوا في كل المجالات سياسياً واقتصادياً وإعلامياً.

تعز المنكوبة بنخبها السياسية والفكرية رغم أنها أم اليمن فكراً وثقافة وحيوية ونشاطاً وديموغرافيا واقتصاداً، وقلب اليمن جغرافيا؛ فقد ظهرت نخبها بكل غثائية، مستلبة الإرادة تلهث وراء مصالح شخصية ضيقة على حساب المصالح الوطنية الكبرى، وتركت التطلع للنهوض باليمن دولة وجمهورية، وهي التي كانت عقل اليمن ومركز الأحداث والحارس الأمين للجمهورية.

لم يتجرأ مسؤول من مسؤوليها التعريف بقضيتها، ولا المناداة بإنصافها، ولا تبني حل من الحلول التي ترفع المعاناة عنها، خوفاً من اتهامهم بالمناطقية، أو تحيزاتهم السياسية، مع أن قضيتها معروفة للجميع، وظلمها مشهود عالمياً.

أبناء تعز المخلصون لها ميدانياً، الذين قدموا أنواع التضحية في سبيل عزتها وكرامتها مقاومة للغزو والتدمير، ودفعوا أثماناً باهظة التكاليف بشرياً ومادياً واقتصادياً، خُذلوا في ميدان النضال من قبل نخبة لم تشاركهم النضال، ولا الشعور بالمسؤولية، ولا التضحية ولا الكرامة ولا الأنفة، ولا الشعور بالضيم، فقد صاروا لافتات تمرر عبرهم المشاريع المختلفة، وظهروا بمظهر (الشقاة/السخرة) لدى الآخرين، منقادين لا قادة، تابعين لا متبوعين، مؤجَّرين لا مؤجِّرين، ومشتتين بين المحاور المختلفة على حساب محافظتهم، وغير متجرئين على رفع معاناة محافظتهم.

محافظها يعمل سفيراً متجولاً، لا يكاد يستقر في عمله، يعيش متنقلاً بين تعز والقاهرة، وإن عاد كأنه غير موجود، ولا يهمه ما تعانيه محافظته طالما كان جيبه عامراً بالمال، على حساب شخصيته وكرامته واحتياج محافظته، وكلما دعته الحاجة هرع نحو المخا، وهو أكبر نكبة تمنى بها المحافظة.

بعض المسؤولين من خارجها يدركون حجم ظلمها ومأساتها ويأسون لها أكثر من مسؤوليها. فالنائب السابق لرئيس الجمهورية الفريق الركن علي محسن تحدث إليّ عن تعز "أنها ظلمت ظلماً لم يشهد له التاريخ اليمني مثيلاً"!

هناك الكثير من المآسي التي مورست بحقها من قبل الجميع، لا أتحدث عنها حالياً، فقد دونت كثيراً منها في كتاب للتاريخ، لكن مأساتها الحقيقية في عقوق نخبتها لها!

أقفلت مليشيا الإرهاب الحوثية منافذ وبوابات تعز المختلفة حصاراً، وتدكها قصفاً ودماراً ليلاً ونهاراً، بينما ذهبت نخبها تذرف الدموع وتولول دون اتخاذ أدنى خطوات رفع الحصار عنها، ولم تحاول حتى إضاءة شمعة في ظلامها الدامس، رغم مشاركاتهم في وفود المحادثات المختلفة التي كانت تساوم في قضايا هامشية وتاركة أهم قضية إنسانية يمنية، وظلت كذلك حتى تفضلت مليشيا الإرهاب الحوثي التي فرضت الحصار بالسماح بثقب بسيط للتنفس منه في بوابة الحوبان.

في تعز بعد تحرير جزء منها، لا تدري من أوقف معارك تحريرها، ولا تدري من هو المتحكم بقرارها، ولا لماذا توقفت عند بواباتها، ولا لماذا تراجعت بعد تقدمها وتحولت من الهجوم إلى الدفاع وتلقي القصف المستمر، وفي وقت كادت أن تتحرر فيه المحافظة بفعل أبنائها المخلصين كان الانتهازيون من أبنائها (الشقاة) بين أصحاب القرار والنفوذ والمال يتربصون بها، ويسيئون إليها، ويشوهون سمعتها، ويحرضون عليها، وعند تقصي حقائقهم وجدتهم إما حوثيين مشاركين في مأساتها، أو متحوثين قادوا الحوثة عليها، أو متعفششين شاركوا الحوثية في دمارها، واليوم يجري محو تلك المشاركة بفعل المال الذي يوزعه طارق لبعض الانتهازيين منها، أو أبناء منظمات مؤجرين مواقفهم ضدها، أو مسؤولين أزِمَّتهم بأيدي مموليهم لا يريدون تحريرها، أو أحزاب عاجزة هي الأخرى تمضي بأجندة من يمولها ويطعمها؛ عطلت قواعدها وحراكها وفضحت بين جماهيرها!

لم تفضح نخبة من نخب الجمهورية كما فضحت نخب تعز المختلفة، ولم تسئ نخبة لمحافظتها كما أساءت نخب تعز لتعز؛ تتصارع فيما بينها على لا شيء، وتعارك فيها طواحين الهواء، وأثبتت أنها منقادة تماماً بعيداً عن أية استقلالية بالرأي ولا بالعمل، مع أنه باستطاعتها عمل الكثير والكثير، لكنها ذهبت تحج إلى المخاء في ممارسة المهنة المعتادة كتابع ذليل، دون أجندة معروفة ولا سياسة مثمرة على الأرض.

كارثة الكوارث في نخب تعز المختلفة أنها توصد الأبواب أمام كل محاولة للنهوض، وأمام كل ناصح يقدم مقترحاً لمحاولة رفع المعاناة عن المحافظة.. تواصلنا بالمسؤولين، قدمنا مقترحات بسيطة وعملية لرفع جزئي لهذه المعاناة، وكان الجميع يعمل أذناً من طين وأخرى من عجين، رغم أن المبادرات المجتمعية التي صارت رافعة حقيقية لهذه المعاناة أو التخفيف منها، إلا أنها حلت محل الدولة، في حين المعنيين لم يأبهوا لها وكان الأصل أن يستثمروها الاستثمار الأمثل للنهوض بالمشاريع المختلفة للمحافظة، بينما كان المحافظ يرد: "أنتم تخطبوا من واحد ما فيش معه بنات"! وهو يقصد أنه لا يوجد معه موازنة لأحد المشاريع الذي وجه بتنفيذه هو!

الأشقاء في المملكة العربية السعودية فتحوا لليمن صندوق إعادة الإعمار في اليمن، الذي يمول كثيراً من المشاريع الضرورية في البلاد، ونفذوا –مشكورين- من خلاله مشاريع مختلفة في كثير من المحافظات اليمنية المحررة، لكن مسؤولي تعز لم يكلفوا أنفسهم أن يقدموا خطة لمشروع واحد مميز لرفع معاناة تعز عبر هذا الصندوق رغم اقتراحنا على المسؤولين من أبناء تعز تبني سفلتة طريق فرعي دائري للمحافظة إما طريق الأقروض/ الحوبان، أو طريق فوفلة/ العين، وهذا الأخير طريق موسع ورئيسي يحتاج فقط إلى السفلتة، رغم تحقيق العديد من المبادرات المجتمعية فيه لرص نقله ولتسهيل التنقل عبره وتخفيف معاناة التنقل والسفر بين أجزاء المحافظة والمدينة.

هناك الكثير من التفاصيل والقضايا والمحاور التي سنتحدث عنها تباعاً، كمؤرخين، ومدونين، وإعلاميين، براءة للذمة، وتوضيحاً للأجيال القادمة، وكواجب علينا في نقل معاناة محافظتنا، حتى لا تُنسى أحداثها كما نسيت من قبل، وعدنا نبحث عنها في بطون كتب الإمامة، في حين لم نجد من دوّن أحداثها الماضية من مؤرخين وكُتّاب من خارج إطار الإمامة.