صدمة في اليمن بعد قيام الحوثيين بالإفراج عن أخطر إرهابي يقف خلف مجزرة ميدان السبعين الدامية عام 2012 نيابة الأموال العامة في الضالع تنفذ حملة لإغلاق محلات الصرافة المخالفة في قعطبة تم تعذيبه حتى الموت ..وفاة شيخ مسن ٌمختطف في سجون الحوثيين بمحافظة البيضاء واتس آب تكشف عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو .. تعرف عليها فايننشال تايمز تكشف عن الطريقة التي ستتعامل بها إدارة ترامب مع ايران ومليشيا الحوثي وبقية المليشيات الشيعية في المنطقة عيدروس الزبيدي يلتقي مسؤولاً روسياً ويتحدث حول فتح سفارة موسكو في العاصمة عدن وزارة الدفاع الروسية تعلن عن انتصارات عسكرية شرق أوكرانيا العملات المشفرة تكسر حاجز 3 تريليونات دولار بيان شديد اللهجة لنقابة الصحفيين رداً على إيقاف أنشطتها بالعاصمة عدن محتجز تعسفيا منذ سنه..بأوامر مباشرة من محافظ صنعاء المعين من الحوثيين.. نقل رجل الأعمال الجبر لاصلاحية ومنع الزيارات عنه
مأرب برس - عمرو عزت
سيخطف بصرك.. ذلك الشاب الوسيم ذو اللحية القصيرة المهذبة والقوام الرياضي والهندام الأنيق.. سترتاح عيناك لتلك الفيلا الفاخرة التي يتجول فيها.. وستلمس الشاعرية في عمله... هو مصور فوتوغرافي.. إذن لا شك أنك تتوقع ظهور فتاة جميلة هنا أو هناك لكي يكتمل هذا الفيديو كليب.. غير أن هذا الشاب سيدهشك بأنه سيغني أغنية دينية تمدح "المعلم" محمد صلى الله عليه وسلم.... وبالإنجليزية.
هكذا أدهش سامي يوسف مشاهدي الفضائيات العربية واستطاع أن يبدأ مشوار شهرته في العالم العربي.
من الغرب إلى الشرق
كانت شوارع القاهرة تمتلئ بلافتات إعلان ضخمة كلها تزف الخبر: "سامي يوسف في مصر"، وكان المدهش ذلك الإعلان المكتوب بالإنجليزية والذي يفترض أن قراءه لا شك يجيدونها بل ويعرفون صاحبها المغني البريطاني سامي يوسف ومن ثم ينتظرون قدومه. وكان من السهل على أي شاب مصري من طبقة غنية أو حتى متوسطة أن يقرأ الشعار على واجهة أكبر متاجر بيع شرائط الكاسيت والأسطوانات معلنا عن تواجد ألبوم سامي يوسف "المعلم" وعن برنامج حفلاته في مصر والتي أقيمت في أفخر فنادق القاهرة وقاربت أسعار تذاكرها أسعار تذاكر حفلات مشاهير الغناء العربي من أمثال عمرو دياب وكاظم الساهر!
وكان قد سبق الحفلات وواكبها مظاهر حضور مفاجئ وكثيف؛ فالتليفزيون المصري استضافه على قناته الأولى في أول ليالي رمضان في برنامجه "البيت بيتك" ليكون أول ضيوف البرنامج الجديد، كما امتلأت الصحف والمجلات المصرية والعربية بل والأجنبية بحوارات معه وتقارير مطولة عنه باعتباره "صوت المسلمين في أوربا"، حسبما قدمته هيئة الإذاعة البريطانية في حوارها معه.
ولكن قبل أن تبدأ الفضائيات العربية بث أغنيته المصورة الأولى "المعلم"، وقبل أن تملأ إعلانات ألبومه الأول الذي يحمل نفس الاسم شوارع العواصم العربية.. كان سامي يوسف الشاب المسلم بريطاني المولد ذو الأصول الأذربيجانية قد شق طريقه نحو الشهرة بين المسلمين في أوربا والولايات المتحدة وبدأت تتناوله الإذاعات والصحف الأجنبية كأحد مشاهير المسلمين في الغرب.
بدأ سامي يوسف رحلته مع الموسيقى منذ صغره حيث درس على يد أبيه -الشاعر والموسيقي- المقامات الشرقية، وأتيحت له بعد ذلك فرصة دراسة الموسيقى الغربية بالأكاديمية الملكية بلندن من خلال منحة لا تتاح إلا لصفوة من الموهوبين.
ونجح سامي يوسف في إصدار ألبومه الأول "المعلم" عام 2003 في أوربا الذي ضم عدة أغان دينية قام هو بكتابة كلماتها وتلحينها، وقبل الإعلان عن قدومه لمصر كان قد أحرز نجاحات كبيرة على مستوى العالم من خلال حفلات أحياها في بريطانيا وفرنسا والسويد وألمانيا والولايات المتحدة وكندا وماليزيا، ولكن جاءت مصر كمحطة غير عادية بالنسبة له فهي بوابة العالم العربي.
شرق وغرب
في أغاني سامي يوسف سيجتذب سمعك ذلك الامتزاج بين روح شرقية ذات طابع آسيوي وبين روح غربية غير خفية وبين الكلمات الإنجليزية التي تعتمد عليها الأغنيات بالأساس (سامي يوسف لا يجيد العربية) وبين اللوازم العربية من التهليل والتكبير وأسماء الله الحسنى أو الصلاة على النبي، وهي لوازم يجيدها ويفهمها المسلمون في الغرب بغض النظر عن معرفتهم بالعربية.
أغنيات سامي يوسف اختارت أن تمسك العصا من المنتصف بالنسبة لإشكالية الحكم الشرعي للموسيقى؛ فاعتمدت على آلات الإيقاع فقط وتنوع الإيقاع بين إيقاعات شرقية أو آسيوية أو غربية حتى بعض الخلفيات الموسيقية لأغانيه التي تذكرك بالموسيقى الروحية الغربية - spiritual music - جاء تنفيذها عبر أصوات الكورس.
إلا أن في أغانيه اهتماما بالموسيقى عبر الألحان التي جاء في صالحها المضمون البسيط للأغنيات واقترابها من روح الإنشاد الصوفي والتواشيح والابتهالات في بعض الأحيان.
مضمون معظم أغاني سامي يوسف مختلف، فقد جاء تمجيدا للذات الإلهية أو مدحا للرسول صلى الله عليه وسلم أو إشادة بالقيم الأخلاقية الأساسية والعامة للإسلام وللإنسانية عامة كالحب والتسامح والإخاء والتعاون والسلام، ولم يحتو على أي مضامين سياسية أو نضالية أو حتى قضايا تفصيلية من تلك التي تمتلئ بها الأغنيات والأناشيد الدينية المعاصرة.
بريق الصورة
كل ما سبق ربما اجتذب الأسماع لأغاني سامي يوسف وفتح لها الطريق للانتشار، غير أن سامي اجتذب الأبصار قبل الأسماع وهو الطريق "الشرعي" للشهرة في عصر الفيديو كليب؛ فكل ما فيه جذاب ولافت؛ بدءا من مظهره الشخصي وصوره المنتشرة في شوارع العواصم العربية بشكل كثيف، مرورا بصورة غلاف الألبوم المصمم بشكل احترافي حاملا لمسات تجريدية، وانتهاء بالأهم: أغنيته المصورة التي شكل فيها عالم الصورة مجالا جماليا موازيا فتم الاهتمام بصورة سامي يوسف بطل الأغنية وصورة مسكنه الأنيق والباذخ، كما صورت المشاهد الخارجية في أماكن ذات أبعاد جمالية عالية مثل مسجد السلطان حسن بالقاهرة وشوارع راقية ومشاهد ليلية لمخيم في الصحراء، حتى مهنة بطل الأغنية كانت مصورا فوتوغرافيا عمله هو الاحتفاء بعالم الصورة!
عالم الصورة ليس جماليا فقط وإنما يحمل أيضا قيما معينة فهي صورة تهتم بإبراز حالة من الترف، وهو ملمح درج مشاهير عصر الفيديو كليب على إبرازه، كما أنه -على جانب آخر- أصبح هاجسا لكثير من الأوساط الإسلامية من خلال التأكيد على أن الإسلام لا يعارض الحياة الرغد ومظاهر الرفاهية الحديثة وفق ضوابط، كما أنه أصبح مصدر انتشاء لدعاة وتيارات إسلامية معاصرة قدرتهم على اجتذاب الطبقات فوق المتوسطة والعليا من المجتمع.
تقاطع مع الدعاة الجدد
تجربة سامي يوسف المغني أو المنشد تتقاطع إذن مع تجارب تيار الدعاة الجدد من الإسلاميين الذين يتوجه خطابهم إلى الطبقات المتوسطة الصاعدة والعليا، كما يجمعهم الحرص على إبراز ذلك الوجه العصري والحديث "للإسلام". ويجمعهم الحرص على تفادي السياسة أو التفاصيل والتركيز على الجوانب الأخلاقية العامة والفردية والعاطفية والتأكيد على التسامح وأهمية التوافق والاندماج في المجتمع والتواجد بجوار الآخرين مهما بلغت حدة الاختلاف... فالدعاة الجدد أصبحت مختلف المحطات الفضائية -لا الدينية وحدها- منبرهم الأساسي، كما أن أغنية سامي يوسف "المعلم" تعرض في الفضائيات العربية المتخصصة في إذاعة الأغاني المصورة على مدار الساعة بلا انقطاع أو ضوابط!
هذا التقاطع من ناحية أخرى ليس محض افتراض، فقد جرى تقديم سامي يوسف للعالم العربي بالفعل على يد الداعية المصري الشهير عمرو خالد وذلك بعد لقاءات مشتركة في أوربا جاءت على شكل لقاءات يحاضر فيها عمرو خالد، ثم تختتم الأمسية بإنشاد سامي يوسف. هذا اللقاء بين عمرو خالد المصري العربي وبين سامي يوسف الإنجليزي ذي الأصول الآسيوية يمثل أحد تجليات العولمة "الإسلامية".
والمفارقة أن حفلات سامي يوسف في مصر ترعاها مؤسسة "جود نيوز فورمي" وهي التي استضافته في المسرح والسينما الخاصة بها وصارت صاحبة الحق في تولي توزيع ألبومه في مصر، وهي مؤسسة متخصصة في إصدار مطبوعات ذات طابع خفيف واستهلاكي بعضها متخصص في تقديم حياة المشاهير وصور مناسباتهم وغير ذلك، بالإضافة إلى أنها تصدر صحيفة يومية تبشر بالليبرالية منهجا للإصلاح! وهي نفسها المؤسسة التي تفرد بابا ثابتا بإحدى مطبوعاتها الأسبوعية لعمرو خالد وتتولى توزيع أشرطة محاضراته!
تجربة سامي يوسف الفنية تتوجه إلى نفس جمهور الإسلاميين الجدد في مصر: جمهور الطبقات العليا والمتوسطة الصاعدة، هي الطبقات التي يمكنها شراء تذاكر حفلات الأول كما يمكنها التجاوب مع أغانيه التي تعتمد بصورة أساسية على اللغة الإنجليزية. وهو ما يشي بأن سامي يوسف سوف يحصد شعبية مماثلة لشعبية نجوم الوعظ والدعاة الجدد في نفس الأوساط والطبقات التي سوف ترى فيه بديلها الفني "الإسلامي" الذي يناسب مزاجها العصري بدلا من المنشدين الذين يقدمون أعمالا ساذجة ومباشرة ومسيسة ولا تتعدى نطاق شهرتهم أوساط المتدينين المنتمين للتيارات الإسلامية التقليدية والسياسية.
معجبو المنشد!
ورغم حداثة سن سامي يوسف وتجربته فقد صار له معجبون وصار للمعجبين نواد خاصة على الإنترنت fan clubs شأنه شأن مشاهير "النجوم" وإن كانت هذه النوادي ملحقة بمواقع ومنتديات إسلامية، وهي ظاهرة جديدة أن تتواجد نواد على الإنترنت تحمل اسم منشد أو مغن لأغان دينية.
فلا شك أن العديد من الشباب كان ينتظر سامي يوسف ليرى فيه "صورة" نجمه المفضل الشاب العصري الذي يجمع بين جاذبية نجوم السينما والموسيقى في الغرب وبين دماثة شاب مسلم متدين. أغنيته المصورة تحمل صورة جميلة وعصرية تراوح بين الملامح الغربية والشرقية، وهي صورة "نظيفة" و"ملتزمة" وتحمل مضمونا هادفا وفي الوقت نفسه خفيفا وعاطفيا. وربما كان هذا ما وعته حملة الترويج له بين الشباب والفتيات فركزت على أنه ينوي الإقامة في مصر لفترة لاستكمال تعلمه اللغة العربية والإسلام وأنه ربما كان هناك مشروع زواج!
سامي يوسف وأغانيه تجربة جديدة ومختلفة، ولكنها ليست فذة ولا تبرر التضخيم التسويقي والدعائي الذي جرى لها والذي حملها بدلالات ربما لا تحملها بالضرورة تجربته الفنية وحدها.
التجربة الفنية ليست فذة وإن كانت تحمل ملامح جديدة ومختلفة، ولكنها لا تبرر هذا الصعود المفاجئ والظهور الكثيف مع ضجة إعلامية وإعلانية وتسويقية واسعة. وربما لا يبرره أيضا كون الإسلام في بؤرة الأحداث اليومية العالمية وفضول الغربيين نحوه وحاجة المسلمين الأوربيين لبدائل ثقافية تحمل بصماتهم الإسلامية والغربية معا.
ولكن ربما نجد تبريرا في كون يوسف وتجربته منتجا ذا قدرة تنافسية وتسويفية عالية؛ فهو شاب وسيم ذو لحية قصيرة مهذبة وقوام رياضي، يجمع بين جاذبية نجوم السينما ودماثة شاب مسلم متدين ويمزج أغانيه بين اللغتين الإنجليزية والعربية وبين الروح الشرقية والغربية، أغانيه ذات طابع محايد ولا تحتوي على مضامين تضعها تحت طائلة رقابة من أي نوع.