حزن رجل صادق
بقلم/ انيسة الصيادي
نشر منذ: 15 سنة و 3 أشهر و 21 يوماً
الإثنين 27 يوليو-تموز 2009 06:51 م

شدني الحوار الذي أجراه الأخ عارف الصرمي المذيع المتألق في قناة السعيدة مع الدكتور صالح باصره وزير التعليم العالي والبحث العلمي، الذي حوى العديد من الأسئلة المنطقية والإجابات الصادقة المغلفة بحب الوطن والصراحة المتناهية لرجل جعلنا نحترمه أكثر؛ إذا أردت أن أقول نعم نؤيد كلما جاء على لسان الدكتور صالح، .

حيث طرح الحقائق دون خوف أو وجل. باصره كما عرفناه دوما رجل الكلمة الصادقة والموقف النزيه، الذي يضع الوطن والمصلحة العامة فوق كل اعتبارات شخصية، نعم لباصره حين قال يجب معالجة الإحداث بالحوار لا بالسلاح خاصة والسلطة هي من جعلت أكثر الأحداث تتفاقم بتجاهلها الهمهمات الصغيرة حتى كبرت، وغدت صراخا وبتهميشها الحركات الصغيرة واستهزائها بها حتى غدت حراكا له أصدائه العالمية، وتأثيراته الخطيرة على الوطن أولا وأخيرا، نعم نحن مع باصره حين قال أن القائد كرب البيت الذي هو مسؤول مسئولية كاملة عن جميع أبنائه الصالحين والطالحين، وعليه أن يفهم ويحاور ويناقش كل واحد منهم ويعدل بينهم؛ لذا عليه أن يتفهم المطالب الشرعية لجميع أبناء الوطن وأن يلمس المواطن حلولا لقضاياه، لا خطبا رنانة فقط هي ما يناله؛ مع باصره في أن المواطن (ذاتي) لا يقدر أي جهود إلا التي تدخل منزله حيث لا يعنيه الطرقات والمباني الحكومية الضخمة؛ فالمواطن يريد منزلا وسيارة ووظيفة وعلاج وخدمات متوفرة ومتيسرة لا تثقل كاهله كأبسط حقوقه كانسان.

نعم مع باصره أن الحلول لما يعانيه الوطن ممكنه إذا أرادت السلطة ذلك، وهي بعملية الاحتواء وتقديم التنازلات من أجل الوطن بالحوار الذي يجب أن يشمل الجميع؛ مع باصره في أن أصحاب الأهداف الكبيرة استغلوا مطالب المواطن الشرعية والبسيطة التي طالما طالب بها، لكن لم يجبه أحد، فاستقطاب أصحاب الأهداف الكبيرة لهؤلاء البسطاء أصبحت سهلة؛ في ظل تجاهل الدولة لهم. فاتجاه المواطن لهؤلاء ليس كرها في الوطن بل رغبة في إيجاد حلول قد تأتي من هؤلاء، الذين لا ينوون أن يعطوهم شيئا، سوى الوهم لذا على الدولة قبل أن تعمل على الحوار أن توجد الحلول السريعة والملموسة لكل قضيه يعاني منها المواطن، مثل قضية الأراضي ومشكلة الوظائف التي يجب أن تحل حيث على الدولة إعطاء الأولوية لأبناء كل محافظة في المناصب الإدارية لها؛ ومعه أيضا حين قال لا يمكن للحراك أن يغير شيء، ولا أن يعيد اليمن حتى الى ما قبل 22مايو، بل الأسوأ هو مصيرهم ومصير الوطن، في ظل وجودهم لأنه -كما قال المذيع عارف الصر مي- عندما سأل أحد المؤيدين للحراك عن رؤيته لما بعد الانفصال إن تحقق، فأجابه قائلا :( سوف نقاتل الشماليين ثم نتقاتل نحن بعد ذلك!).

حيث تؤكد هذه العبارة أن الداعون إلى الانفصال لا يملكون رؤية واضحة عن مصيرهم ومصير البلاد بعد ذلك؛ لأنهم وضعوا أيديهم في أكثر من يد وسخه وملوثه؛ نعم مع باصره حين حذر وكرر أنه يجب أن ننأى بالبلاد من أي تفاقمات قد تدخلها في حرب أهليه، وقد تجعلنا نسخة مكررة للوضع في الصومال الشقيق.

لذا أرجو أيها القارئ أن تسمح لي أن أقول للسلطة عليكم بالتفكير في الوطن قبل كل شيء، لا في مناصبكم ووجاهتكم، لأن حب الوطن سيهديكم إلى وضع الحلول التي تعيد الأمن -الذي بدا يتفكك-للبلاد، وهو ما كنا نفاخر به عاليا؛ حيث لم يعد هناك أمنا، ونحن إلى الآن نجهل مكان وجود أطباء أجانب مختطفين، لا يوجد أمن، وقد قتل بائع حلوى لا حول له ولا قوه لا لشيء، ولكن لأنه بائع حلوى، لا يتبع للحراك.

أعود للدكتور باصره لأقول قد لمسنا الحزن الذي يحتل قلب هذا الرجل وهو حزن لا ينجم إلا عن شخص صادق ومخلص، لذا من منطلق الصدق والإخلاص نطالب السلطة بسرعة تطبيق وتنفيذ نتائج مؤتمرات السلطة المحلية، ونطالب الدولة التي تحتفل كل يوم بتخرج دفعات من القوات المسلحة بأن ترينا الدور الحقيقي لهذه القوات، على الأقل في حماية شواطئنا! فالصياد اليمني البسيط أصبح يخشى الصيد خوفا من القراصنة، لعدم وجود شرطة تحميه، نطالب السلطة أن تدعو أصحاب الحراك في داخل الوطن للحوار، وتضع الحلول تحت مظلة الوحدة كما قال الدكتور با صره، نطالب السلطة أيضا أن تكف عن الوعود الكاذبة، شأن الكهرباء ومحطة الغاز، وتبدأ بمحاسبة المسؤولين عن هذه الإختلالات الواضحة والمخزية، نطالب الدولة أن تلغي هيئة مكافحة الفساد لأنها أضافت عبئا على الموازنة! ولم تضف جديدا على ساحة مكافحة الفساد، فلم نسمع عن محاسبة مسؤول أو محاكمة مختلس، رغم ظهورهم للعيان ورغم كثرة الدعاية الصحفية لهذه الهيئة؛ نطالب السلطة أن ترفع الجور والغبن عن المواطن البسيط لأن كثرة الضغط يولد الانفجار، نطالب السلطة أيضا أن تخلع النظارة السوداء والاعتراف بوجود ما يسمى بالحراك لأنهم أصبحوا موجودين، وعدم الاعتراف بهم سيزيدهم وجودا، أو تضخما. أما أسلوب القمع الذي تظهرونه لن تجدوا من خلاله الا تحويل هذا الحراك إلى مقاومه، وفي تلك الحالة فان المشكلة لن تحل أبدا؛ نطالب السلطة أن تحذر الأيادي الناعمة المبسوطة لها والابتسامة الجميلة، لأن هناك أيادي لا تقل دناءة عن حية رقطاء جميلة الملمس وهناك وجوه مبتسمة لا تحمل خلف ابتسامتها سوى الحقد والرغبة الدفينة في إغراق هذا البلد في الفتن والمصائب لكي لا يعلو شأنه، ومازالت لنا مطالب لن تتحول إلى حراك أبدا..

كل ما سيحدث أنها ستستمر إن وجدت لها آذان متفهمة، أما إن لم تجد فإنها ستستمر أيضا الى ما لا نهاية! لان أقلامنا هي ألسنتنا التي تحدث عن صدق ما تعتمر به قلوبنا، والقلوب قد ضاقت بما تحتويه، ولا سبيل لها إلا هذه الوريقات وهذه القطرات التي لا نرجوا منها إلا أن تجد لها صدا طيبا وأثرا جميلا يقودنا إلى مواصلة مسيرة البناء لهذا الوطن الذي يستحق كل جميل .

والله من وراء القصد..