اليمن.. بين فساد الداخل وأطماع الخارج..!!
بقلم/ احمد الحمزي
نشر منذ: 15 سنة و 5 أشهر و 5 أيام
الجمعة 12 يونيو-حزيران 2009 05:37 م

دول العالم وخاصة الكبرى منها في تقاريرها ترى أن الوضع في اليمن يسير نحو مزيد من التأزم، وعزت هذا التأزم والتدهور إلى فشل في أداء الحكومة اليمنية.

.ففي هذا الإطار حذر الاتحاد الأوربي من مستقبل مخيف في اليمن إذا لم يحدث تغيير، وقال في وثيقة تضمنت رؤيته للمشاكل في اليمن ومقترحات للحل اليمن تواجه مشاكل عدة من أهمها انتشار الفقر الذي يؤثر على أكثر من نصف السكان، كما أن الدولة لا تستطيع تمديد سلطتها إلى المناطق الريفية وتواجه توترات قبلية ومحلية إلى جانب حوادث متصاعدة للإرهاب، وكذلك التوتر الأمني المتمثل في التمرد في صعدة وما يسمى بالحراك في المحافظات الجنوبية.

وبحسب الاتحاد الأوربي فان الدولة اليمنية غير قادرة على ضبط حدودها، كما أن المؤسسات السياسية اليمنية ضعيفة وذلك ما اوجد خيبة أمل شعبية للخطوة البطيئة للديمقراطية والتي تشمل عجزاً كبيراً للجنسين في المشاركة السياسية والاقتصادية، والوصول إلى الخدمات الرئيسية.

تأتي هذه الأزمات في ظل نمو سكاني سريع بواقع 3% كل سنة، بالإضافة إلى أزمة موارد، خاصة في النفط الذي زود تقريباً 70% من إيرادات الدولة وقد تجاوزت الآن ذروتها، وتزويد المياه التي بإمكانها تقديم خدمة مستدامة لشعب أقل من نصف الحجم الحالي.

وفي سياق متصل عبر المرصد اليمني لحقوق الإنسان في تقرير حديث عن القلق من الاستمرار في دفع اليمن إلى حالة انقسام سياسي واجتماعي حاد يتخذ عدة أوجه ومنها الانقسام الجهوي والمذهبي..مؤكداً أن ذلك يضعها – اليمن – أمام خطر حقيقي لا يُستبعد معه فقدان كل مستوى من الاستقرار وانهيار الدولة.

واتهم التقرير الذي تركز اهتمامه لهذا العام على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية مع رصد الانتهاكات للحقوق السياسية والمدنية, الحكومة بالتسييس والتكييف المتعمد لمؤشرات وإحصائيات قاعدة البيانات والمؤشرات الخاصة بالحسابات القومية وكذلك للمسوحات الميدانية الممولة منها أو من المنظمات والجهات الدولية المانحة التي.

وأوضح أن الإصرار على تزييف وتسييس قاعدة البيانات الرسمية وتكييف إحصائياتها بصورة مستمرة واتخاذه دون اكتراث كنهج متواصل اعتادت عليه يعكس السياسة اللامسئولة للحكومة والسلطة معاً في استبدال وتسييس المؤشرات والإحصائيات الرسمية بهدف إظهار نجاحات اقتصادية مزعومة ومعدلات نمو وهمية, وبما يوحي بنجاح سياسات التنمية والإصلاح الاقتصادي – الاجتماعي, دونما اعتبار لما يترتب على ذلك من أضرار وعواقب خطيرة على كل المستويات..منوهاً إلى أنه بسبب ذلك العبث الرسمي تصبح الدراسات والأبحاث وعمليات التخطيط والبرمجة للتنمية والإصلاحات الحاضرة والمستقبلية مجرد أوراق بعيدة عن الوقع وخاطئة في أهدافها ومناهجها ونتائجها.

وهناك تقارير غربية أشارت إلى سيناريو الفوضى في اليمن وتعتبره "مشروعاً طويل الأجل في أفضل الأحوال"، أي أنه سيناريو قادم، وهذا ما أشار إليه التقرير الدوري لـ "وحدة المعلومات الاقتصادية الدولية" بلندن الصادر في أبريل الماضي 2009، فقد رأى التقرير أن موقف الحكومة والنظام في اليمن بات مهزوزاً أكثر من أي وقت مضى نتيجة للعديد من العوامل السياسية والاقتصادية والأمنية، وذلك نتيجة لضعف أداء الحكومة، وفشل وزرائها المستمر، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي اليمني الهش، ويخلص التقرير لترجيح وصول سيناريو الفوضى لليمن، عاجلاً أم آجلاً، لو استمرت الأوضاع على ما هي عليه!.

وبدورنا نحن ومن خلال الوضع القائم نؤكد ما طرحته هذه التقارير والتحذيرات الدولية والتي تشير والواقع نفسه يشير إلى مستقبل مخيف، إلا أن الدولة اليمنية لم تأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد ولم تعيرها أي اهتمام، ولم تعترف بوجود أزمات حقيقية محدقة باليمن ككل اقتصاديا وسياسيا وامنيا، حيث تقابل الدولة هذه الأوضاع بمزيد من اللامبالاة، وبإمعان في الفساد الذي يعتبر العامل الأول والرئيسي في أزمات البلاد، هذا السرطان الذي ينهش في جسد الدولة، أُفرغت من خلاله خزائنها واتخمت بها بطون الكبار المترفين وجاعت في مقابلها بطون المستضعفين والمساكين، وخلق كل المشاكل في اليمن حيث زادت حالات الفقر وارتفعت معدلات البطالة في حين يلعب الفاسدون بالمال العام ويعبثون به، وهذا ما اوجد حالة من التذمر والحراك وجعل الدولة عاجزة عن تحمل مسؤولياتها تجاه شعبها.

كما أن الحكومة اليمنية قابلت تحذيرات دول العالم وتحذيرها من خطورة الوضع بمزيد من العبث والفساد واستنزاف للمال العام ونهبه وسلبه ولكن بطرق منظمة وتحت مسميات عدة منها الاحتفالات والمهرجانات والمؤتمرات التي لا تسمن ولا تغني من جوع ولا تحل مشكلة المواطن الفقير، ولن تعيد لليمن أمنه واستقراره، ولن تقضي على تمرد ولن تحد من غضب الشعب المتصاعد هنا وهناك، فكل هذه الفعاليات ما هي إلا استنزاف للخزينة العامة إن كان فيها بقية من حطام يتسابق عليه القائمون عليها والتي ستكون عليهم بال يوم يرجعون فيه إلى الله، ويسألهم أين مال الشعب الذي وليتكم عليه، وساعتها لا ينفع الندم، وسيتبرؤون من بعضهم، لأنهم كانوا غير عادلين وغير منصفين وخانوا الأمانة "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".

أما آن الأوان لان نقف صفا واحدا من اجل اليمن السعيد ونثبت للعالم أننا قادرون على حماية بلدنا مهما كانت التحديات والأطماع المحدقة به من كل مكان.