آخر الاخبار

مؤتمر مأرب الجامع يدعو لسرعة توحيد القرار العسكري والأمني ويؤكد ان تصدير النفط والغاز هو الضامن لانعاش الاقتصاد الوطني ودعم العملة المحلية الامين العام لمؤتمر مأرب الجامع: مأرب لن تقبل ان تهمش كما همشت من قبل ونتطلع لمستقبل يحقق لمارب مكانتها ووضعها الصحيح قيادي حوثي استولى على مدرسة اهلية في إب يهدد ثلاث معلمات بإرسال ''زينبيات'' لاختطافهن الهيئة العليا لـ مؤتمر مأرب الجامع تعلن عن قيادة المؤتمر الجديدة.. مارب برس ينشر قائمة بالأسماء والمناصب الذهب يرتفع بعد خسائر حادة سجلها الأسبوع الماضي رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور ويبدأ بهيكلة رئاسة الوزراء.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران انفجاران بالقرب من سفن تجارية قبالة سواحل اليمن محكمة في عدن تستدعي وزير موالي للإنتقالي استخدم نفوذه ومنصبه في ظلم مواطن العليمي يضع الإمارات أمام ما تعانيه اليمن من أزمة اقتصادية

من لا يمتلك الحقيقة لا يمتلك الحرية
بقلم/ باسم الشعبي
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر و 10 أيام
الخميس 08 إبريل-نيسان 2010 09:02 ص

الحريات في وطنا العربي إلى الآن لم توظف توظيفا إيجابياً لحل المشكلات للدفع بحركة التقدم والنمو إلى الأمام. بل في عديد مجتمعات عربية تحولت الحرية بفعل الفهم القاصر لها إلى معيق وحجر عثرة أمام كثير من المشروعات التي كان بإمكانها إحداث نهضة وتحول كبيرين على أصعدة مختلفة وفي وسائل الإعلام- مثلا- أوجدت الحرية ذات الفهم القاصر جو من الفوضى والسباب واللعن.. بدلا من التنمية الثقافية والفكرية الهادفة.

وحتى لا يبدو الكلام تنظيرياً أكثر من كونه عملياً يتحرك ضمن سياق الواقع ويتعاطى مع نتائجه, فإنه لا بد من القول إن الأنظمة والحكومات العربية هي المعنية أساساً بتهيئة وتعزيز الحريات في مجتمعاتها، والحريات المقصودة هنا ليست تلك المتعلقة بالرأي وحرية النشر فحسب, وإنما في مفهومها الأوسع, لتشمل حرية الفكر والإبداع والخلق والتجديد... أما من الذي منح الحكومات والأنظمة العربية حق التصرف بمنح ومنع الحريات، فهذا بالطبع يحيلنا إلى شكل هذه الحكومات وأنظمة الحكم, ومن هنا نفهم أن الحرية إذا ما عجزت عن خلق ثقافة التنوع والقبول بالآخر في عقل الحاكم, فإنها بكل تأكيد لن تمنح مكتملة الشروط إلى المجتمعات التي يتحكمون بها أو يحكمونها.

لذلك فإن تصرفاً كهذا لا يعزز الشعور بإمكانية التغيير, بالقدر الذي يجلب الإحباط والغبن لدى الحركات السياسية والأحزاب وغيرها من المنظمات الثقافية والاجتماعية والإعلامية, وبدلاً من خلق أفق وشراكة للتغيير برزت محاولات التدمير, إذ لجأت الكثير من هذه الحركات إلى الشوارع لحشد الجماهير للضغط على أنظمة الحكم, ولأن هذا الأخير لم يستجب إلا في الصورة القمعية, فإن هذا الشكل والأسلوب لطالما أخل بالحرية ومضامينها الهامة.

هل يمكن أن تكون الحرية مفتاحا للحل للخروج بالمجتمعات العربية من وضعها الراهن؟ هذا ممكن..ولكن طالما كانت الحرية في شقها السياسي والاقتصادي والاجتماعي.. مرتبطة إلى حد كبير بشكل الأنظمة والحكومات العربية, وإذا لم يطرأ أي تغيير في هذا الجانب فإن التحول سيكون بطيئا للغاية, كما هو الحال الراهن, لكن هذا لا يعني أن تستكين المجتمعات وتستسلم للأمر الواقع, أو تلجأ للصدامات وخلق الأزمات, التي لا تعالج في الواقع شيئاً, بقدر ما تمنح الحاكم شرعية الاستمرار.. فهناك أدوات ووسائل عديدة للنضال يمكن تعزيز فعاليتها بالاستفادة مما يهبه الحاكم من فرص نادرة, سواءً أكان في التعليم, أو الصحافة والإعلام, أو في المجتمع المدني, بشرط أن تتجه تلك الأدوات صوب الناس, لتعيد صياغة تطلعاتهم وتوجهاتهم بما يخدم عملية التغيير, لا أن تتجه صوب الحاكم لخلق صراعات سياسية جديدة ملها الناس, وأثبتت عدم جدواها في الواقع.

في مجتمعاتنا العربية أو فلنقل معظمها تشكل القضية السياسية محور الخلاف, إذ عجزت الحرية والديمقراطية حتى الآن ومنذ عقود خلت عن إنتاج أنظمة سياسية جديدة, هذا فيما يتعلق بالأنظمة التي تدعي الديمقراطية مجازاً, وما سواها من أنظمة ملكية وأسرية, فإن الهامش المسموح به لا يكاد يذكر, وفي أحسن الأحوال لا يتجاوز عتبة البرلمان.

هذا الجمود السياسي رافقه جمود ثقافي واجتماعي واقتصادي. وإذا ما قارنا التحولات التي طرأت في مجتمعات غربية وأسيوية أقل إمكانيات, فإن ذلك معناه أن الجميع اليوم أمام مسؤوليات كبيرة في إعادة إنتاج تشخيصات منطقية وواقعية للواقع, وهذا لا يمنع الاستفادة من تجارب شعوب مختلفة تحفل بقصص نجاح مناسبة وملائمة. فمن غير اللائق أنه بينما يتقدم الآخرون خطوات إلى الأمام, تتراجع مجتمعاتنا العربية مثلها إلى الخلف..هذا يخلق مبررات كافية لاستمرار هيمنة القوى الكبرى على مقدراتنا.

إذن الحريات مجتمعة) سياسية..واجتماعية..واقتصادية.( بما فيها الحرية الدينية, هي نتاج للتقدم والرقي، إذ لا يمكننا عزلها عن بعضها. وفي تقديري أن التعاطي مع الديمقراطية في مجتمعاتنا العربية يشوبه الكثير من القصور, حيث يجري سلقها سلقاً, فتبرز مشوهةً غير قادرة على الفعل كون مخرجها وراسمها لم يعر(الحرية) اهتماماً يذكر, ما جعل الديمقراطية التي ينظر إليها كأداة (خلاص)عاجزة عن خلق شروط تحفيز ودفع عملية التغيير والتحول, بل صارت في ذاتها عقبة كأداء, كما هي أداة في يد الحاكم يوظفها ويستخدمها عند الحاجة والضرورة, لمواصلة تعزيز وتجسيد البقاء.

من هنا يمكن القول إن الحريات على اختلافها في مجتمعاتنا العربية تعيش مأزقاً حقيقياً, لأنها ما تزال توهب, ولم تحن الفرصة بعد كي تنتزع.

ونحن هنا إذ نؤكد أننا لسنا في حاجة إلى انتزاعها بالقوة, لما لذلك من تداعيات قد يكون ضررها أكثر من فائدتها, بل أن الاستفادة مما هو ممكن ومحاولة توجيهه التوجيه السليم هو الحل الأمثل لتحقيق غير الممكن.

ما سبق يدل دلالة كبيرة على أن الحرية هامة إلى الدرجة التي لا يمكن النظر إلى التقدم والنمو بدونها,ولما كانت الحرية في مجتمعاتنا العربية لا تقل في فائدتها بالنسبة للجسد العليل عن أهمية إجراء عملية جراحية معقدة, وهذا معناه أنها ستكون بين احتمالين, إما النجاح, وإما الفشل, وكي تنجح بالتالي, فإنها تحتاج إلى تضافر جهود الجميع, حكاماً ومحكومين ومؤسسات.. وقبل كل شيء طبعاً التشخيص السليم غير المتعالي على الواقع. 

وأخيراً فإن المجتمعات التي لا تمتلك الحقيقة ولا تدركها أو(تجرؤ على قولها) لا تستطيع أن تمتلك الحرية أو تمارسها وبالتالي فهي لا تحصد الفائدة بالقدر الذي تغرق في التقوقع والفوضى إلى ما لا نهاية.

b.shabi10@gmail.com