رئيس المجلس الوطني بالمسيمير
بقلم/ مأرب برس - خاص
نشر منذ: 14 سنة و 11 شهراً و 3 أيام
الخميس 10 ديسمبر-كانون الأول 2009 08:17 م

حاوره انيس منصور

*لماذا لم تنظموا إلى مجلس قيادة الثورة بعد أن عُرضتْ عليكم مناصب قيادية؟

أخي العزيز أقول لك إن ما بني على باطل ونحن في ثورتنا التحررية التي نخوضها الآن ننظر إلى المستقبل وننشد دولة مدنية حديثة وديمقراطية وقبول بالرأي الآخر, وهؤلاء للأسف يجسدون الشمولية ونحن في بداية الطريق علما أن انتفاضتنا الحالية كانت بدايتها الشمولية الفردية وأن مجلس قيادة الثورة لم تعد له آلية عمل يتفق عليها قادة مكونات الحراك وكانت بطريقة غير مدروسة تضمن سلامة الزخم الجماهيري المتعطش للتحرر وبقاء الجنوبيين متماسكين تحت قيادة موحدة توحيدا حقيقيا لا قسريا كوحدة 7/7/1 994م كما ظهر لنا جليا في الاحتفال بعيد ثورة 14اكتوبر المجيدة مؤخرا في مدينة الحبيلين حيث أن قادة مجلس الثورة رفضوا أن يكون الاحتفال تحت مسمى مكونات الحراك وقالوا إما أن يحضروا معنا تحت مسمى مجلس قيادة الثورة أو أن يختاروا لهم يوما آخر ومن هذه التصرفات ظهرت لنا الشمولية الحزبية المقيتة بأقبح صورها ومن هذا الفعل يتضح جليا أن القرار ليس بيد قادة مجلس قيادة الثورة الذين هم في الظاهر وان هناك إملاءات حزبية داخلية وخارجية ورأينا الإصرار بعدم ا لاعتراف بالآخر.

*نريد توضيح أكثر بعيدا عن العموميات.

يا أخي أرى أن القائد الرمز جيفارا الجنوب المناضل حسن باعوم, عافاه الله وحفظه من كل مكروه, قد أحسن يومها بنظرة ثاقبة وبحداسة القائد الحكيم أن هناك أحزابا تريد أن تستثمر جهود الآ خرين وركوب الموجة, وهاهي الحزبية تلتف من طريق آخر لركوب موجة الحراك الجنوبي وبطريقة أخرى عبر مجلس قيادة الثورة.

*أنت تقصد بذلك الحزب الاشتراكي وبعض القيادات المحسوبة علية أو المشترك؟

نعم الاثنين, الاشتراكي وتكتل المشترك, وهم مرتبطون بنظام صنعاء, والاشتراكي لمَ لا يستطيع أن يخرج القضية الجنوبية إلى بر الأمان ويريد أن يطرح نفسه وصيا على الحراك ويمكن أن يكون شريك في الحراك وليس وصيا عليه, وحاليا يعاني الاشتراكي من أزمة داخلية؛ لأن بعض أعضاء لجنته المركزية غير مقتنعين بسياسته حاليا وارتباطه بنظام صنعاء.

*إذا ما هو المخرج برأيك؟

أرى أن على قادة مكونات الحراك العقلاء أن يتركوا فضاء الحراك مفتوحا مستقلا وأن تخرج الجماهير بتلقائية بعيد عن الولاءات الحزبية والشخصية الضيقة وأن يكون الولاء كل الولاء للوطن الجنوبي المحتل وإن دعت الضرورة إلى إلغاء هذه التسميات من الهيئات والاتحادات, وليكن إذا اقتضت المصلحة الوطنية ذلك بحيث لا تترك الفرصة لأي حزب ينصب نفسه وصيا على الجنوب وهو مربوط العنق إلى السلطة المحتلة, وعليهم أيضا أن يحترموا مشاعر الجنوبيين لا أن يستثمروها للصراع على الزعامات وعليهم أن يعلموا أن إصلاح المستقبل لا يمكن أن يكون بأدوات الماضي, وعلى جميع القيادات في الداخل الإذعان والوقوف أمام مطالب الشعب الجنوبي الذي أصبح عنده الاستعداد الكامل للتحرر والتخلص من هذا المستعمر المتعجرف, وألا يزجو بهذا الشعب في أتون خلافات ضيقة تافهة لا تخدم إلا المحتل والا يصنعوا من أنفسهم زعامات شمولية فردية وألا يجعلوا الشعب عبيدا لهم في ميادين الحرية وليتركوا للشعب حريته وليصنع قيادته من بين أوساطه وكذا على قيادتنا في الخارج ألا تملي على الجماهير الهائجة ما يحلو لها من إملاءات لاستخدامها كورقة ضغط على السلطة المحتلة, ولكن عليها كقيادات في الخارج الاستماع للإملاءات من الداخل وإعانة الشعب الجنوبي من التخلص من سلطات الاحتلال؛ لأن الشعب هو الذي يقدم صدره العاري للبندقية وهو الذي يكتوي بجحيم الاحتلال كما قال الشاعر:

ما يسهر الليل إلا من به ألم وما يحرق الشوك إلا رجل واطيها 

*يعني أنت لا تؤمن بتقديس القيادات والامتثال لأوامرها سواء كانوا في الداخل أو في الخارج؟

أنا أحترم ولا أقدس. أحترم كافة القيادات في مكونات الحراك في الداخل والخارج وكل من يريد التحرر فنحن نحترمه ونقدره على مواقفه النبيلة متى ما كانت نابعة من إرادة الشعب المقهور ملبية لمطالبة. نعم الشعب الذي أضحى ضحية صراعات زعامات الماضي التي عليها أن تعوض الشعب على ما فاته وما لحق به من أذى, والاستفادة من الماضي أيام الجبهة القومية وجبهة التحرير وصراعات اليمين واليسار. أقولها والله إن قلبي يتقطع ألما عندما أسمع جنوبيين يريدون التحرر ومستعدون للتضحية من أجل ذالك ومع هذا يقدسون أشخاصا, وينتقصون آخرين من قيادتنا في الداخل والخارج كباعوم والشنفرى والخبجي والشيخ طارق ألفضلي والنوبة وغيرهم, وهذا سببه نقص في الوعي ما يجعلهم يتعصبون لبعضهم دون الآخرين, وهؤلاء القادة كلهم عظماء بكل ما تحمله الكلمة من معنى وهم خير من القيادات التي في الخارج؛ لأنهم في ساحة المواجهة, وعلينا توعية الشعب الجنوبي باحترام كل قياديي يريد التحرر, فنحن نتشرف بقيادتهم لنا وكلنا نريد منهم تحكيم العقل في التعامل فيما بينهم حفاظا على تماسك الشعب الجنوبي وألا يتركوا فرصة للسلطة المحتلة للدخول بينهم وخلخلة الجماهير, كما عليهم أن يتركوا الأنانية والولاءات الحزبية تحت أقدامهم؛ إكراما لهذا الشعب الأبي, ويتنازل بعضهم للآخر بما يحفظ وحدة الشعب الجنوبي ولو في الميدان.

*لماذا أنت متحامل على الحزبية وما هو المانع أن تكون الأحزاب قائدة للحراك؟.

بالعكس أنا لست متحامل على الحزبية ومعظم قادة المجلس الوطني متحزبون كالمناضل باعوم وهو عضو في المكتب السياسي للحزب الاشتراكي, وهناك قيادات من أعضاء اللجنة المركزية للاشتراكي مثل أمين صالح, وهناك المحامي محمد مسعد العقلة قيادي في الإصلاح وعضو مجلس محلي للمحافظة وشورى الإصلاح المحلية, لكن الذي أهدف وأرمي له أن نترك هذه الأحزاب جانبا وأن يكون فضاء الحراك مفتوحا للجميع بعيدا عن الانتماء الحزبي؛ لأن الحزبية تشتت ولا تجمع ولن يستطيع أحد أن يضمن الشعب الجنوبي في الخروج للمطالبة باستعادة دولته بالانتماء الحزبي في ثورة تحررية كثورتنا الحالية لأن الحزبية لا تصلح للقيادة في الوقت الراهن وفي مثل هذه الظروف, لأن فضاءها ضيق ومحدود ولن يتسع لمطالب الجنوبيين وأقول لا مانع من أن يشاركوا في الحراك كشركاء في الميدان بكل وضوح وتكون مطالبهم تحررية واستعادة الدولة كما هي مطالبنا وهذا ما لا يستطيعونه؛ لأنهم قد عجزوا عن أخذ حقوقهم الحزبية المشروعة فضلا عن استعادة دولة الجنوب, وإلا ما الذي قدمته الحزبية خلال (15) عاما من احتلال الجنوب وما رافقه من سلب ونهب وظلم وفساد ومصادرة حقوق وعبث بثروة الجنوب وأرضه برا وبحرا, وما الحراك الجنوبي إلا ردة فعل على فشل الأحزاب ودورها السلبي بماء فيها تكتل اللقاء المشترك ذو المطالب الرخيصة.

*في اعتقادك أن مستقبل الجنوب سيكون بالبعد عن خلافات مكونات الحراك ووحدة شعب الجنوب فقط؟.

أولا أرجو ألا يفهم من كلامي أن هناك خلافا كبيرا بين مكونات الحراك؛ لأن الخلاف بينهم خلاف رؤى فقط, ومستقبل الجنوب مشرق بإذن الله وشعب الجنوب قد قرر التحرر ولن يتراجع عن هذا الخيار مهما كلفنا من ثمن ولكني أردت أن أوضّح الصورة لقيادتنا حول ما يدور في الميدان وأن السلطة المحتلة تصطاد في المياه العكرة وخلق نوعا من الإحباط لديهم, وإلا فنحن على ثقة تامة بأنهم وإن اختلفوا في مفاهيم بسيطة فإن ذلك لا يشكل خطورة على مستقبل الجنوب, لأن كل القيادات وفي جميع المكونات مجمعة على التحرر والذي يحصل الآن هو مخاض ولادة مستقبل مشرق لأبناء الجنوب وهناك حوار بين القيادات في المكونات نتمنى أن يتكلل بالنجاح وأن نراهم قريبا على طاولة واحدة تجمعهم وأن يخرجوا برؤية مدروسة تضمن عدم الانجرار وراء المماحكات التافهة والتي لا تخدم إلا المحتل.

*ترى من يهدد مسيرتكم في الثورة السلمية, السلطة أو المماحكات التافهة كما تسميها؟.

بالنسبة لسلطة الاحتلال فلا نخشاها فقد وقفت عاجزة أمام إرادة الشعب الجنوبي وجربت كل الوسائل التي بيدها من قتل الأبرياء المسالمين واعتقالات وملاحقات ومحاكمات سياسية وتعذيب وتشريد, لكن إرادة الشعب تزداد كلما زادت السلطة عجرفتها وعنجهيتها, وإن كان هناك خطر حقيقي قادم من السلطة فهو الدس الأمني وإثارة الفتن وركوب موجة الحراك بواسطة قيادات مدسوسة في أحزاب المعارضة, ولكن ذلك لا يؤثر كثيرا ولن يقف حائلا بين شعب الجنوب ومطالبه المشروعة في تقرير مصيره, وبصورة أوضح فالخطر يكمن في الحزبية والمناطقية والجهوية ولكننا سنضعها تحت أقدامنا وسيبقى التحرر عقيدة راسخة في قلوبنا رسوخ الجبال الشم الرواسي مهما طال الزمن وسنغرسها كثقافة في قلوب فلذات أكبادنا, لأن أمد الاحتلال لن يدوم وإن طال سيكون الجيل القادم مشبع بثقافة طرد الاحتلال وإن شاء الله ستخرج عصابات الاحتلال في أسرع وقت ممكن.

*أخيرا.. ماذا تريد أن تقول في كلمة أخيرة؟.

أقول إن النصر قريب قريب, ولن يأتي النصر إلا بتضحيات وثمن باهظ وكما قال العرب قديما: من طلب عظيما ضحى بعظيم, فالتحرر قادم قادم لا محالة, ولكن الخسائر والتضحيات واردة, وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم, وسيبقى هاجس التحرر شعلة متوهجة في قلوبنا كشمس النهار لا ينقص منها شيء, ولا يدنوا سقفها ولن يكون ثمن الجنوبيين الذين سقطوا في ميادين الحرية حلولا تحت سقف ما يسمى بالوحدة كما يلوح البعض, ولن يكون ثمنها إلا التحرر واستعادة الدولة المحتلة من قبل سلطة هجر الثيران.