|
أتذكر أن "بن شملان" تبحبح في الكلام ومدد في الوعود إلى ما تقْصُر عن بلوغه الأمانة أو الخزانة.
لا أتذكر أنه انبسط بالحشد ففرش الدرب بُسُطاً من نسيج الكلام ملونةً تسر الناخبين، ولا أذكر أن أحداً من قادة المشترك اشترك معه في إثم "...الاتجار بالأكاذيب والأوهام..." حسبما جاء في خطبة الرئيس بـ"عمد" حضرموت.
لم يقل "بن شملان" في رداع يوم الحشد "...انتهت الجرع وإلى الأبد ولا وجود لأي إصلاحات سعرية.."، لم يبدِ نوايا نووية ولم يخبز أحلاماً بحجم الرغيف لمتروكٍ بلا حجم يبحث عن سعره أولاً مقابل الأشياء في بلدٍ إنسانه أكثر ما فيه رخصاً ورخاصة وعُرضة للاسترخاص بالفعل والقول.
لا أتذكر أن "د/ ياسين سعيد نعمان" ألقى على أضيافه موعظةً سخيةً كمائدته الممتدة ذات إفطار بحضرموت تتبع فيه الخطبة الوجبة قال فيها باسم الكادح الفقير:"...صحيح سياستنا هي حرية التجارة، لكن على أساس ألا يتحول المواطن إلى ضحية لمجموعة صغيرة من التجار الجشعين.." ولا مرّ بي أن "محمد قحطان" وعد الناس بمحاربة القحط و"...مكافحة التصحر.." وتبييض وجه الوطن ولا ترامى لمسمعي أن "العتواني سلطان" وأستاذنا "الرباعي والشامي" قد أتوا كلهم شيئاً من ذلك بأم ألسنتهم خطابة أو كتابة.
ترى لو كان غير الرئيس؟ لو كان واحداً منهم أو من الناس في بلادي هل ستعد حجة عليه أم له؟ هل سيقال له:" لسانك حصانك" هل صالح عبدالقدوس فيما يعلمه لأبنائنا منذ كان وكانت حكمياته في عهد العباسيين؟ هل سيعيدها:
وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن
ثرثارة في كل نادٍ تخطب؟
هل سيملك "عبده حمود" خفة امرأة غير مثقلة ليهبط على المثل الطائر: "الرجال تحبل من لساسينها".
في عامرٍ يحبل بمخاوف المسئول غير المسائل عما يفعل أو يقول غير مسائل عما يغيض أو يبيض ويرزأ به الناس من كوارث اللسان والسلطان.
من سيجرؤ على إمساك زمام الوعظ والإرشاد فيسوق نجايب النصح نحو كبراء الإفساد؟
أنا أحترم الرئيس وأحترم - تبعاً لذلك- كلامه كرئيس دولة مسئول عما يصدر منه وعنه وأن لا أحمل ما يقول محمل الجد قلة احترام وأن أبرر مخالفته لما قال أو يقول خيانة له ولي وللمبدأ.
كيف يقال: لا غبار عليه إن أنكر الحال المقال في حين لو كان أغبراً من أهل المعارضة لطمره غبار السب والتقريع وغبّروا صحيفته وصحائف أهله وشيعته وصلبوه على كل لسان.
تقول لهم بحمية صادق مصدق: الرئيس قال ووعد وأزبد وأرعد وندد بالتجار وهدد وطالبهم وشدد فيقولون:"...لا يمتلك أن يسعر بيضة أو دجاجة.." وزيادة في التخريجة عن "...حرية النظام الاقتصادي.." ويلحقونها بما "...يحمله للقادمات من برنامج متكامل ومشروع نهضوي.." تخريجة ولا مخرج والمخارج الله.
بالله عليكم: الرئيس بعد كل هذه الخطابات الراعدة والراعفة، بعد كل هذه الوعود الخضراء "...المكرّعة طريق...طريق.." من قبل ومن بعد يقال لنا صرفاً عن المطالبة بالوفاء وتيئيساً أنه "..لا يملك تسعير بيضة.."؟ طيب ليش أمس كان يلعب بالبيضة والحجر؟ هذا لعبٌ بالبشر وتمييعٌ مُسِفٌ للقضايا وحين يمعن الكبار في استسهال الكلام واتخاذه وسيلة كسب واتجار ومطية هرب، وحين يظن المسئول أن بإمكانه مخادعة البسطاء والطيبين ممن أعجزهم بؤس الحال وسوء المآل عن التوقف أمام ما يكال لهم من غث القول كتنويمات وقتية حين يذهب الحاكم بعيداً في الرضا عن نفسه وعن أداءه فترة سلطته واستمراره رغم كل ما يحاول أن يخفيه من أمارات السقوط حينها يحضر الصوت المعارض كنذير يقظة منغص ومعكر لمزاج الحاكم.
قحطان أخرجها بيضة، هوى بها من حالق "هُبْ" وافتقشت الكَذَبة، فقست الخطبة بيضة فاسدة مشوهة كريهة.
الرئاسة طُلبت بأطباق الذهب وأطباق وعود عسلية وانتهت كاختبار على طبق بيض.
شوفوا سعر البيضة كام ياعالم؟ شوفوا الروتي.
الاشتراكي والإصلاح من أكلة البيض والروتي مشترك اجتمعوا لا على شيء كما ترون غير البيض والروتي.
لن تدخل الحكومة الجنة بإرخاص وترخيص تآلف الأحزاب، لن يعيد السكينة إلى الوطن بإعادة تنمية الأحقاد واستثمار الضغائن.
فقط عليها إعادة سعر البيضة إلى عشرة ريالات وإعادة الروتي إلى سابق وزنه.
الكلام عن الاشتراكي والإصلاح بين الأمس واليوم لا يصلح للأكل ولو كان فيه حل لمشاكل الحكومة لهان الأمر.
حديث فاسد، بايت، ممجوج، يجدر بالرئيس مجاوزته وتوفير ما بقي من نشاطه وحماسته لصنع خاتمة تليق بحاكم معمر لديه -كما يدرك- وعودٌ تنتظر التحقيق لجمهور تهمه خواتم الأعمال، ودونه فساد أولى بالمعاداة وأحق بالزجر والوعظ والسؤال عن الذمة وحسن السيرة وأمامه مانحون يرجون منه ما لا يرجوه من نفسه ويعجز عنه محيطه.
ما أيسر الكلام وما أسهل بذر الكلام لكنه يظل كرماً زائفاً ينكسر على قشرة بيضة والذين ناموا طويلاً على زبد الوعود وشهد الأماني صحو على المر المختار مذعورين من سعر البيضة وتضاءل الخبز ولاح لهم المشوار سبعاً من أوهام وأسقام وفاقة وأكاذيب عملاقة.
في الخميس 25 يناير-كانون الثاني 2007 06:26:49 م