لا هجرة بعد الفتح .. يا خادم الحرمين الشريفين
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 15 سنة و 9 أشهر و 19 يوماً
الأحد 25 يناير-كانون الثاني 2009 06:13 م

لو كانت لله خالصة يا خادم الحرمين لألهمك الله يومها موقفا تفوز به برضوان الله سبحانه ، ويحفظه لك التاريخ على صفحة مضيئة ، وقد كنت تستطيع بما توافر لبلدك من مقومات أن تفك حصار غزة بدافع الدين أو الشهامة إن توارى الأول وذلك من خلال قيامكم بالضغط على النظام المصري الذي لا يقوى أن يخالفكم لما لا يجد سوى التسول على العالم بمكانته المحورية بشان فلسطين وموضوع الصراع مع إسرائيل ، وحتى هذه فقد فرط بها المذكور ولم يحسن توجيهها حتى جاءته الصفعة من ليفي رايس ،فانتفض كا الملدوغ لا يلوي على شيء يستجدي الأوربيين لقمة شرم الشيخ ليرفع بها أسهمه ، يتحسس ورقة فلسطين ليعاود بها سوقه ، والخوف يملاه من دخول أطراف أخرى ، وهو يدرك بجلاء أن من الصعوبة تجاوزه تماما ما دام سيء الذكر بيده الخناق المتمثل في معبر رفح.

لو كانت صافية بداخلكم يا خادم الحرمين ومحورها الله أولا وأخيرا ، ثم التزامكم لامتكم وتاريخها وماضيكم المجيد ما ساهمتم بالموانع والعوائق دون وصول حجاج غزة إلى بيت الله العتيق وانصرافكم كليا عن مناشدات حجيج غزة وعموم المسلمين في التدخل وقد أعطاكم الله إمكانات أن تفعلوا في قدرات القول والفعل ، أما وإن عطلتموها وتصاممتم فانتظروا قدر الذي فوقكم ، من ولاكم وأوفر وأغدق عليكم ، لا احسبه إلا قريب وهي سنة إلهية تعمل ولا تتبدل (فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا اخذناهم بغتتة فإذا هم مبلسون).والله سبحانه لا يحابي احد لمكانة أو جنس أو نسب ، انما ( أكرمكم عند الله اتقاكم ) ( ولها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) وهي( سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ) ( فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) : ( وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون). 

( مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)

( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ)

وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه أبو داود : (ما من ذنب أجدر أن يُعجّل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدّخر له في الآخرة مثل البغي وقطيعة الرحم) ) وانتظروا وإنا معكم منتظرين .

كيف استطعت يا خادم الحرمين الشريفين أن تذوق غمضا أو مذقة من طعام وصرخات الثكالى والأطفال والجرحى في غزة تملا الآفاق وقد عكرت صفونا جميعا حتى قادات وشعوب فنزويلا ومن جاورها ، وقد كنت قادرا على أن تتدخل بمكانتك الدينية والسياسية دون أن تعرض بلدك لسوء ، فتكون سببا في حقن دماء ، والدفاع عن المقدسات .

ما لذي ستقوله لربك غدا عن المصاحف التي انتهكت وطبع عليها نجمة داود وعن بيوت الله التي هدمت وعن تلك الأرواح التي زهقت ، فلم نسمع لكم إدانة او تصريح أو تلميح ، سوى تصريحات وزير خارجيتكم التي تزيد من الهم والأنة والوجع وهو يتحامل ويتمايل برقبته على المقاومة بصريح القول والسلوك المتواطيء.

آ...آ لآن ؟ وقد أطفأ الله الحرب التي أوقدها اليهود ، وشفى الله المؤمنين بنصر كنصر يوم الخندق ، ورد الله اليهود على رؤوسهم خائبين ، طلعت علينا بتلك الكلمات ولكنة الغضب والألف مليون .

أ...بعد ثلاثة وعشرون يوما جئتم بغضب ، أين كنتم قبلها ؟ ألم يصلكم الخبر ؟ أم كنتم تنتظرون انتهاء المهمة التي تواعدتم عليها جميعا ، وشواهد ذلك عندنا مطبوعة بدماء أبناء غزة وتلك المحرقة وتوثيق العدو ذاته .

رُد عليك ألف مليونك يا خادم الحرمين فقد يكون فتنة ، وأداة جديدة للخنق وسياطا مع الدحلانيين على أبناء غزة ، ولسلطة عباس أرصدة في البنوك ودخانا في المواخير ، وسببا آخر لإسرائيل في خنق غزة ، وأداة ضغط جديدة لحليفكم مبارك .

رد عليك ألف مليونك ، والله وحده القادر على إعالة غزة وإعادة أعمارها وقد أيدها وحده بنصره ثم بالمؤمنين به وبقضيتها العادلة .

رد عليك ألف مليونك يا خادم الحرمين ، فأنت بحاجة له في دعم ماكينة الاقتصاد الأمريكي لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي قيل أنكم تكفلتم بمواجهة جزء منها , وإسرائيل التي قال رئيس حكومتها انه حارب عنكم بالوكالة ، يلزمكم تبعا لذلك تغطية نفقاتها العسكرية على غزة من خلال تعويض المخزون العسكري الإسرائيلي بقنابل الدايم والفوسفورية .

ونحن على هذه البسيطة أصحاب مشروع الرغيف سنتعاهد مع الله أن نتقاسمه مع غزة ، سنقاسمهم المتاح كلا وسعته في المخدة والبطانية ، ورضاعة الحليب للأطفال ، وفي توفير قيمة البلاطة والحجر حتى نعيدها بمال طاهر نقي مغموس بالعرق ، منطلقة الرحمة والإيثار والتكافل بين المؤمنين الذين جعلتهم غزة كجسد واحد .

رد عليك ألف مليونك يا خادم الحرمين الشريفين ، فهذه المعركة معركتنا نحن التي نخوضها لأول مرة [أرواحنا ، وأعصابنا ، ونشيجنا ودموعنا ، وصلواتنا وابتهالاتنا ، بنياتنا تسبقنا ، ما سارت المقاومة في غزة مسيرا أو قطعت شوطا إلا كنا معها ، ولقد كنا نحس رحمات الله تتنزل ونشاهدها تتمثل في أرض غزة على تلك الأيدي الطاهرة ، والهمم الخالصة .

قد عرفنا الآن السر في حكمة الله أن كنتم بعيدين ، فهذا نصر خالص أبى الله إلا أن يكون لحماس وفصائل المقاومة ليس لكم فيه نصيب ، ولعل ابتعادكم وتخندقتم في الصف الآخر السبب الرئيس في هذا النصر الرباني .

ولقد كنا والمقاومة وانتم في الجهة المقابلة فسطاطين صافيين كلا وجهته لا بينهما غبش ولا يستفسرون ، حقيقة كا الشمس ساطعة .

والذي نصر حماس ، وشفى صدوركم ، ورد اليهود مدحورين، وقلبكم محور الاعتلال أو الاعتدال بغيظكم ، لقادر سبحانه أن ينصر حماس في معركة البناء والتعويضات ومعركة المعابر .

والذي ساعد وتواطأ من فوق الطاولة أو من تحتها على غزة وتسبب في الإبادة والحريق والدمار الشامل لا يمكنه البتة أن يأتي اليوم ليبني ويمسح على الجراح ، إلا إذا تحول الذئب إلى حمل والثعلب إلى حمامة .

ابقوا حيث انتم وابتعدوا عن فلسطين ، واتركوها لقدرها ، لا أبقى الله لكم عافية ، أو مسار في العالمين .

الآن حصحص الحق وبان المستور ، قمتكم الأخيرة في الكويت إنما جاءت لسرقة انتصار المقاومة والتغبيش عليها ، ومحاولة تحقيق هزيمة عليها في المجال السياسي ولعبة التتويه ، ولترميم حصون الأنظمة التي بدأت تتهاوى أمام انتفاضة الشارع ، ولذر الرماد على العيون ، وهي اسطوانة قديمة قد فقهناها تماما .

بعد اليوم لا أمان للنظام الإقليمي العربي بوضعه المهتريء البائس والمتآمر ، ولا بيت عربي في هذه الجامعة العربية يجمعنا ، التي لم نعهد منها سوى اصطفافات لصالح الأعداء ، فلا طريقا لنا قطعت ولا ظهرا أبقت ، ولا بورك بعمرو موسى هو الآخر الذي سقط عند قمة الدوحة المفصلية .

بعد محرقة غزة نحن الشعوب وأنظمتنا المتواطئة في مسارين متناقضين لا جمعنا الله معهم في نقطة سواء .

على المقاومة في فلسطين والشارعين العربي والإسلامي أن تبني منظومة جديدة لمحور ما يسمى الممانعة من بينه سوريا وقطر والبقية الأخرى ، ومنظمات شعبية تتشكل وتأتلف بدء من حزب الله وانتهاء بجورج جاليوري وشافيز.

وليس لدينا ما نعا أن نصطف اليوم وراء تركيا وإيران .

إن معركة غزة القادمة سياسية ومع أطراف عربية وستكون أشد ألف مرة من تلك المحرقة مع إسرائيل ، وستكون الجولة الأولى فيها مع موضوع إعادة الاعمار ثم المعابر ، ومن ثم فلابد أن يستمر وقود المعركة الملتهب في الشارعين العربي والإسلامي بوتيرة تزيد على ما كان .

لابد من تشكيل اتحاد عالمي غاية في التعبئة والتنظيم لنصرة فلسطين وغزة اليوم تحديدا ، وأن لا يراهن على الأنظمة المتآمرة ، بحيث يعالج موضوع إعادة الإعمار بنفس الآلية التي عالج بها حزب الله الجنوب .

أما الانتظار لمخرجات قمة الكويت بهذا الشأن كمن يسير بقدميه إلى حفرة الخديعة .

إن قمة الكويت لم تأت إلا بعد توصيات ومشاورات أمريكية بقصد احتواء انتصار المقاومة وتفويت الفرصة على إيران والمقاومة في المنطقة من البناء على هذا الانتصار ، ومن ثم فهو المكر والخديعة .

وكم كنا نتمنى أن يعي هذا الطرف المعتل الواقع والحقيقة فيحتوي الموضوع بجدية ويفوتها على إيران فعلا من باب القرابة والمصلحة والجوار والبرغماتية في أسوء الأحوال إن قل الوازع ، لكن من سلبه الله البصيرة ، سلبه تباعا الرؤية والنظر وقلة التدبير .

ومن ثم فما دام القوم فرطوا وانتكسوا فإن إيران عندنا تبقى القطب والمحورية ومعها تركيا في الطريق ، فسنة التدافع والأضداد فرصة الضعفاء منذ بدء الخليقة ، والغبي من يفرط في فرص القوة والتدعيم حتى لو جاءت من الصين أو عباد البقر والمجوس ، المهم فرص تتعاضد على المشروع الصهيو أمريكي.

ثم إن إيران قوة إقليمية ليس منها بد وهي الآن جاهزة وعلى الطاولة فمن الجنون استدعائها لافتعال معارك لصالح من وراء البحار لا يحدك في الجوار أو تربطك به مصلحة إستراتيجية تقوم على الأرض والتاريخ سوى استنزافك وقهرك وتصفيتك ثم سرعان ما يفرط بك إن ألجأه ميزان القوى الحاصل على التوافق مع الآخر .

إذن فلنجرب التمحور والاصطفاف خلف إيران في مواجهة الشيطان الأكبر بعد أن وجدناها فعلا تبني مفاعلات وقواعد وترسانة ثقيلة وبعد خيبتنا من تلك وقد آيسنا منها تماما وهي لا تبني إلا إقتصاد الكروش ومتعة الجسد وقنوات هشك بشك ، وقلاع ( مش هتقدر تغمض عينيك ..)

الله بالمرصاد وسيفضح من حضر بتواطؤ وريبة على المشهد في الحاضر والمستقبل .

أما قمة الكويت الأخيرة فهي حلقة أخرى من حلقات الخديعة والمكر والتتويه ، وهي كلمة حق أريد بها باطل ، ظاهرها إسماعيل هنية وباطنها عباس وسيء الذكر دحلان .، ولا ثم إلا ليفي وبارك في مجسم مبارك .

فإلى بديل إقليمي آخر بنكهة أخرى يتشكل ، يكون فيه القرار والقمة للشعوب .   

alhager@gawab.com