رسالة الى البرلمان
بقلم/ توفيق سعد القدمي
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 29 يوماً
السبت 14 يناير-كانون الثاني 2012 08:10 م

السادة الافاضل / أعضاء مجلس النواب اليمني المحترمون

تحية ملؤها الحب والتقدير ، وبعد :

تعلمون حضراتكم كما نعلم جميعا ان حالة الانقسام الشعبي وسلبية مواقف الأغلبية الصامتة هي التي أملت على شعبنا الحر الكريم القبول بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، كمعالجة توافقية اضطرارية .

وتعلمون ونعلم ان من يحاول افشالها او الرهان على تعطيلها انما يراهن على عدم أكيد ؛ كونها الوثيقة التي أضحت بإجماع الاطراف السياسية اليمنية وبمباركة الاشقاء والاصدقاء في كل دول وبلدان العالم المرجعية الرسمية الوحيدة التي يمكن من خلال تطبيقها ؛ التطبيق الأمثل تجاوز حالة المعاناة والألم التي يمر بها يمننا العزيز .

وتعلمون ونعلم أن بند الحصانة بند اساسي وثابت لا يمكن التحاور حوله إلا من باب طرح المقترحات او الاشارة الى النقاط الجديرة بالاهتمام والقابلة للتنفيذ .

ان الهامش المحدود للتحدث حول تفاصيل الحصانة قد يتيح لنا أولا التذكر ان الفكرة في حد ذاتها منحت كحافز او كمكافأة لطرف قبل بتنفيذ رغبة قطاع واسع من الشعب في الابتعاد عن سدة الحكم ؛ ونتج عن قبوله تجنيب الوطن ويلات سفك المزيد من الدماء الطاهرة .

وبالتالي فان الحصانة من وجهة نظري ونظر الكثير تفقد قيمتها حين تعطى لأناس واشخاص شاء حظهم السعيد ان يبقوا على رأس هرم المؤسسات العسكرية او الامنية او المدنية ؛ كونهم في الاصل ممن أسهم وشارك في وصول البلد الى ما وصل اليه من المآسي والمحن .

واتصور انه لا مسوغ قانوني ولا اخلاقي ولاشرعي إطلاقا لمنح الحصانة لمن اختار البقاء في ممارسة النشاط الرسمي والسياسي . لأن الوطن يئن من وطأة الشتات والحروب والفساد الذي غمر البر والبحر ولوث حتى السماء ؛ جراء سوء ادارتهم وقبح تصرفاتهم !!

لذلك نناشدكم - يا أحرار اليمن المخلصين في برلماننا الكريم - ان تراجعوا حساباتكم وتتذكرون قبل كل فعل انكم ستقفون بين يدي الله جل شأنه للحساب ، وان الأمانة اكبر واعظم من اي مكسب دنيوي زائل .

فاحرصوا على اعطاء الشعب الذي منحكم ثقته شيئا من الأمل في المستقبل .

ثمنوا الدماء الزكية التي سفكت هنا وهناك من اجل الوصول الى يمن جديد تسوده العدالة والمحبة والسلام .

فمن حق الشعب ان يتضمن قانون منح الحصانة موادا وأحكاما عامة تحد وتحول دون تكرار المآسي . كأن يشترط سريان الحصانة على كل مسؤول قبل باعتزال العمل السياسي او العسكري او الامني نهائيا ؛ حبا ووفاء لليمن ارضا وانسانا .

أو ان يتضمن القانون شرطا جزائيًا ينص على الغاء الحصانة تلقائيا عن كل مشمول بقانون الحصانة يتورط في ارتكاب فعل لاحق لصدور القانون يخالف اي بند من بنود المبادرة الخليجية أوآليتها المزمنة او الدستور او القوانين والشرائع السماوية او ينتقص من حقوق وكرامة وحرية الانسان . بحيث يحاسب – فور ثبوت قيامة بارتكاب الفعل – عن القديم والجديد من الافعال الاجرامية والمخالفة .

كما اتصور ان في اضافة فقرة خاصة تسمح لأي شخص من المشمولين بقانون الحصانة بتقديم طلب شطب او حذف اسمه من القوائم او الكشوفات الملحقة لقناعته ويقينه ان سجله ناصع وخال من الافعال التي تستوجب العفو او البقاء في خانة المشكوك في افعالهم وماضيهم سيشجع الشرفاء على التحرر من الخوف والانطلاق للعمل والبناء بثقة وشجاعة واخلاص .

واذكر قبل هذا وذاك بأن شعبنا اليمني الكريم بكل فئاته وشرائحه يتمنى على البرلمان الاطول عمرا في برلمانات العالم ان يستشعر المسؤولية الوطنية والتاريخية ويبادر دون انتظار او تأخير الى تبني تعطيل اي فقرات قانونية كانت ولاتزال تمثل الراعي الرسمي الوحيد للدفاع عن المتورطين في الفساد من كبار موظفي الدولة ؛ تحديدا شاغلي الوظائف العليا . فالبرلمان حين يبادر لمثل هذا الفعل الوطني الغيور انما يكفر عن اقدامه او من سبقه على اقتراف واصدار مثل هذه القوانين العبثية الظالمة التي دمرت وتدمر اليمن . فمن غير المنطقي ان يستمر البعض في ممارسة الاجرام والقتل والسرقة والتدمير والقوانين اللا اخلاقية تتبنى رعايته وحمايته !!

كما ان الواجب الديني والاخلاقي يحتم عليكم ان تتبنوا وبصورة عاجلة مساوية لسرعتكم في تبني منح الحصانة الزام حكومة الوفاق بتعويض اسر الشهداء والمصابين ورعاية اسرهم واطلاق الصلاحيات القانونية اللازمة لتفعيل اداء الاجهزة الرقابية حتى يكون مبدأ الثواب والعقاب عنوان الجد والنزاهة في المرحلة المقبلة .

بل واتمنى ومعي ملايين اليمنيين ان يعمل البرلمان مع حكومة الوفاق على اعادة هيبة القضاء واستعادة سمعته عن طريق اقرار القوانين واللوائح المناسبة لتحقيق العدل والمساواة ؛ بعيدا عن ممارسات اللهو والاستخفاف بالحريات وبعيداً عن القضاة الذين يتبنون الاحكام ويصدرون القرارات وفقا لما يصلهم من التوجيهات عبر الاقسام الامنية او الجهات السلطوية الفاسدة .

ان ثقة الناس بمجلسكم الكريم تضعكم امام اختبار صعب . فمن غير الحكمة ومن غير المقبول أوالمعقول ان يكون الشعب متسامحا مع من يسفه طموحاته واحلامه وحقوقه في الحياة .

ومن غير المعقول ان تسوّقون انفسكم لمرحلة مستقبلية وانتخابات آتية بأفعال تهريجية او مماحكات سياسية عقيمة .

حفظكم الله ووفقكم الى ما يحبه ويرضاه . والسلام ختام