وتكفن الجسد النحيل
بقلم/ محمد الصالحي
نشر منذ: 8 سنوات و 10 أشهر و 18 يوماً
الأربعاء 30 ديسمبر-كانون الأول 2015 05:25 م
 ستة ايام فصلت بين السطر الاول وهذا السطر..
ما ان كتبت صديقي الشهيد حتى تفا جاءت بهروب الكلمات والحروف ..
لا اقف وحدي امامك فهل لي بقبلة اخيرة من راسك او جسدك الطاهر قبل الرحيل , او حتى سلام او تأشيرة يد يا أخي .
هل لي بعد دفنك ان اقبل يدأي الملتخطان برائحة تراب قبرك الطاهر اللتان حملتا جثتك التي تفوح منها رائحة المسك.
قل لي اين اذهب بدموع طمرت الارض؟ , والزرع لا انبات زهرة برائحتك الطيبة ..
اااااه...اااااه... يا صديقي
ااااه....اااه...يا اخي
اعدك اننا سنلتقي
فكما قال الله تعالي بكتابه العزيز
(كل نفس ذائقه الموت)صدق الله العظيم
ويوم نلتقي سأروي لك الايام , كيف كانت بعدك لا تطاق , و حتى وان احببتها فقط لذكراك ,هنيئا لك بالدنيا والآخرة , واشتياق الجنه لك , كنت تحلم بيوم بلا طغاة ,كنت تحلم بربيع دائم وابتسامه كابتسامتك .
هاأنذا ابحث عنك في غياهب الذكريات وكل رجائي في الدنيا ان اجدك حيا ان تجمعني بك صورة او لحظه او ذكري و اتخيل صوتك الذي يرن في مسمعي وتنزف دموعي , فاخرج مسرعا... افتش عنك في قوائم الموتي
و ادعو الله ان لا اجد اسمك فيها , فصرت ابحث عنك علي اعواد المشانق , واشم رائحة الحبال , فلايمكن لعطرك الزكي ان يزول,
فسالت رصاصات الغادرين عنك فحارت جوابا , ومضت في صمت رهيب , ومضيت ابحث عن اثر يدلني عليك , اتقلب بين الجماجم والعظام , وبقايا الركام , فليس هناك سوي كومه من ثياب نأت الاجساد عنها بعيدا
وفرت الروح الي عالم الملكوت . 
يختلجني شعور بان روحي تكاد تنزع مني لتعانق روحك وان صدري يضيق رغم رحابته , وان الهم يجري في عروقي بدل الدماء , وان زفيري ما عاد له شهيق.
لا اصدق ان ذلك الوجه الصبوح سيصبح حفنة من تراب , وان روحه المملؤة بالحياة صارت بلاحياة , وان امنيتي بأن القاك صارت وهم ومحض خيال , فصار مثلي كمثل الضمآن يبحث عن الماء بين السراب , ويتسلل اليأس الي نفسي وهي تحدثني ان كانت روحك الطاهرة تنظر آلي وتتعرف علي من بين هذه الجموع ففضائي معتم بدونك محدود في ابعاده وفضاؤك لا حدود له.
فهنيئا لمن هيئوا لك اليوم عرس الانتقال الي الجنان , فاليوم عرسك ياشهيد, اليوم تستطيع النوم مطمئنا بجوار الشهداء بان لك بيتا بجوار الشهداء تضيئه شمعة حب صغيرة لا تنطفئ, وتعمرة السكينة , فمن اين لنا ان نصل الي الطمائنية.
في محطة فاصلة بين برزخ وحياه هكذا ايها المودع بثقة بعمرك الثامن والثلاثون المنتظر بعشق لحظاتك الملكوتية ستكون حكاية رحيلك عبرة بالغه تجسد انتظار الروح الباقية علي الجسد الفاني وتعالى الروح علي رهبه الجسد.
فاليوم ... تكفن الجسد النحيل ,, وكان عرسك ياشهيد....،