مؤتمر مأرب الجامع يدعو لسرعة توحيد القرار العسكري والأمني ويؤكد ان تصدير النفط والغاز هو الضامن لانعاش الاقتصاد الوطني ودعم العملة المحلية الامين العام لمؤتمر مأرب الجامع: مأرب لن تقبل ان تهمش كما همشت من قبل ونتطلع لمستقبل يحقق لمارب مكانتها ووضعها الصحيح قيادي حوثي استولى على مدرسة اهلية في إب يهدد ثلاث معلمات بإرسال ''زينبيات'' لاختطافهن الهيئة العليا لـ مؤتمر مأرب الجامع تعلن عن قيادة المؤتمر الجديدة.. مارب برس ينشر قائمة بالأسماء والمناصب الذهب يرتفع بعد خسائر حادة سجلها الأسبوع الماضي رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور ويبدأ بهيكلة رئاسة الوزراء.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران انفجاران بالقرب من سفن تجارية قبالة سواحل اليمن محكمة في عدن تستدعي وزير موالي للإنتقالي استخدم نفوذه ومنصبه في ظلم مواطن العليمي يضع الإمارات أمام ما تعانيه اليمن من أزمة اقتصادية
بدعوته الى مناقشة فكرة إنشاء كيان سياسي جديد ، ألقى الكاتب الصحفي نبيل الصوفي حجرا في المياه الآسنة لبركة السياسة اليمنية ، وبمجرد أن خرجت تلك الدعوة من مقايل القات الى العلن ، عبرالموبايل والانترنت ، حتى توالت ردود مثقفينا عليها بين مؤيد ومعارض ومتحفظ ، على النحو الذي وقفنا عليه جميعا في موقع نيوز يمن .
وبالنسبة لي ، وربما لكثيرين غيري ، لم تكن الدعوة الى إنشاء كيان سياسي جديد مفاجئة ، بل أنها في نظري قد تأخرت كثيرا عن الوقت الذي كان يجب أن تظهر فيه ؛ فليس جديدا القول أن الحياة السياسية في اليمن لا تزال تراوح مكانها منذ إنهيار التحالف " الإستراتيجي" بين المؤتمروالاصلاح عام 1997 ، والمستجد الوحيد ، الذي جاء كرد فعل طبيعي لإنفراد المؤتمر بالسلطة ، هو ظهور " اللقاء المشترك " كتجمع معارض ، أو بالأحرى كتحالف بين متعارضين ، إقتضته غريزة المحافظة على البقاء ، أكثر مما أملته رؤية سياسية واضحة في كيفية التصدي للسياسات القائمة وتفكيك بنيتها حتى لا تعاود إنتاج نفسها .
ورغم الصخب والضجيج ، وتزايد حدة خطاب كل من السلطة والمعارضة خاصة في السنتين الأخيرتين ، إلا أن المتابع يلحظ بغير عناء أن اختلاف خطاب أطراف اللعبة السياسية لم يستتبع أي تغييريذكر في أرقام معادلة القوة على الأرض والتي ظلت راجحة لصالح الوضع القائم ، بل أن قيادة المؤتمر المخضرمة قد إستغلت إفتقاد المعارضة الى قيادات سياسية محنكة ومجربة ، لتعزز مواقع قوتها ، ونجحت باستمرار في جرجرة قيادات المعارضة الى قضايا ثانوية وغير رئيسية . ومن الأمثلة ، التي لا تخلو من مرارة ، أن اليمن قد جاء عليه وقت – قبل الانتخابات الرئآسية الأخيرة – كانت فيه جُلْ ، إن لم يكن كُلْ ، القوى الحية غاضبة ومُضربة ، ففي تتابع ، بل وفي تزامن أحيانا ، أضربت نقابات المعلمين ، وأساتذة الجامعات والأطباء والمحامين والمهندسين والصحفيين ، وفي نفس الوقت أضرب العاملون في كثير من مؤسسات الحكومة وهيئآتها.. أي أن البلد كله كان في حالة غليان وسخط على السياسات القائمة ، ومع ذلك أخفقت المعارضة اليمنية الهزيلة في إستغلال ذلك المناخ ( والذي لا يزال قائما ) في الضغط على المسؤلين عن تدهورالأوضاع وإحداث التغييرالمطلوب نحو الأفضل.
هذا العجز الواضح للمعارضة اليمنية ، الذي تبدى للعيان في أكثر من موقف ، جعل من أي دعوة لتشكيل كيان سياسي جديد بقيادات شابة ، واعية باحتياجات جيلها ومدركة لحقائق عصرها ، دعوة منطقية ومبررة يمليها ، بل ويحث عليها ، فشل كل من السلطة والمعارضة ، بعد ما يقرب من عشرين عاما على الوحدة ، في إحداث التغييرالذي يتطلع إليه اليمنيون.
هل يُصلح المثقفون ما أفسده السياسيون ؟
دعوة الصوفي – المثقف سابقا السياسي حاليا- إلى إنشاء كيان سياسي جديد ، تثيرإشكالية كانت دائما محل جدل كبير ، هذه الاشكالية يمكن تلخيصها في السؤال التالي :
هل يصلح المثقف أن يكون قائدا سياسيا ؟ وهل بمقدور الثقافي أن يحدد إطار وبرنامج عمل السياسي ؟
ليس جديدا القول ، أن المثقف ، كحامل معرفة إيجابية مفترضة ، هو ضميرمجتمعه ووطنة بل قد يتجاوز ذلك فيصبح ضمير أمته وعصره وعالمه ، ومواقف المثقف تجاه مايجري حوله محكومة بالمبادئ والقيم الانسانية والوطنية التي يؤمن بها ، بينما السياسي - كصاحب طموح أو صاحب مشروع - محكوم بمصالحه وبمصالح القوى التي يمثلها ، وفوق ذلك محكوم بالضرورات السياسية المحيطة به وقت اتخاذ قراراته . واذا كان يفترض في المثقف أو السياسي أن يكون وطنيا وأن يعمل لصالح مجتمعه ، فليس بالضرورة أن يكون كل المثقفين ولا كل السياسيين كذلك ، بل أن العكس هو الصحيح في كثيرمن الأحيان ، وفي حالة الدول الفقيرة والتابعة ، من الشائع جدا أن يضع بعض المثقفين والسياسيين أنفسهم – بعد لبس الأقنعة المناسبة – في خدمة مصالح قوى محلية أو إقليمية أو دولية ذات تناقض جوهري مع مصالح مجتمعاتهم .
ولما كان فضاء المثقف أوسع كثيرا من فضاء السياسي ، و لما كان التعبيرعن الأفكار والآمال والطموحات ممكن دائما بالنسبة للمثقف ، لأن الأمر لا يكلفه أكثر من نظم رؤيته وأفكاره في عبارات وجمل ونشرها في صحيفة أو كتاب أو الحديث بها في مقيل ، ولما كان المثقف يرصد المعارك السياسية من خارجها دون أن يتحمل أعباءها ، فإنه يكون دائما في موقف أفضل بالمقارنة بالسياسي ، فهذا الأخيريحترق فعلا لا مجازا بلظى المعارك السياسية ، وهو يسير دائما وسط حقل من الألغام ( أحيانا يكون هو من زرعها بنفسه !) ، ومحكوم بضرورات وحاجات إجتماعية لواقع كثيرالتناقضات وشديد التعقيد وملئ بالخصوم والمنافسيين السياسيين المتحفزين للإنقضاض عليه في أية لحظة .
نعم ، قد يصلح بعض المثقفين أن يكونوا قادة سياسيين إذا كانت مجتمعاتهم على درجة من الوعي بحيث تستطيع إستيعاب مشروعاتهم ورؤآهم ، واذا أمتلكوا ، الى جانب الثقافة والمعرفة العلمية ، الشخصية القيادية والرؤية والحنكة السياسية ليكونوا قادة ( المثل التاريخي الأوضح لذلك هم قادة الحركات والثورات اليسارية والقومية في بداية ومنتصف القرن الماضي ) وعلى هذا ، لا تكفي الثقافة ولا الشهادة الجامعية وحدها لصنع القائد السياسي ، فالقيادة – في المقام الأول- إستعداد فطري وموهبة وإلا لكان لدينا قادة سياسيون بعدد الكتاب والصحفيين وحملة الشهادات .
تلك إذن هي الإجابة على الشطر الأول من السؤال ، فماذا عن الشطر الثاني : هل بمقدور الثقافي أن يحدد إطاروبرنامج عمل السياسي ؟
مالم تتحول الرؤية الثقافية إلى أيدولوجيا سياسية ، يصعب القول أن المثقف يمكن أن يحدد إطار وبرنامج عمل السياسي ، ولكن متى ما تحولت الرؤية الثقافية إلى أيدولوجيا ، أمكن على أساسها عندئذ إنشاء حزب سياسي يقوم على نشر تلك الايدولوجيا وتعبئة الجماهير حولها من أجل الوصول الى السلطة . وبدءا من الثورة الفرنسية في أواخر القرن الثامن عشر ، مرورا بالثورة البلشفية في بداية القرن العشرين ، وصعودا الى الثورات وحركات الاستقلال الوطني في منتصف القرن الماضي ، قدم لنا التاريخ نماذج ناجحة وأخرى فاشلة للرؤية الثقافية حين تتحول الى " أيدولوجيا سياسية " بصرف النظر عن إيجابية أو سلبية تلك الأيدولوجيات .. ولا أريد الاستطراد هنا بل أكتفي بالتذكير بأن عصرالأنظمة السياسية القائمة على الأيدولوجيا ( دينية ، قومية ، يسارية ..إلخ ) قد إنقضى وانتهى بعد أن طورت القوى النافذة عالميا ، و المتطلعة للسيطرة على المصير الانساني ، أساليب ناجحة في النيل من الأيدولوجيات المناهضة لها .. وهذا يفسر أيضا مقدار رعب تلك القوى وقسوتها الشديدة في التعامل مع أي حركة سياسية قائمة على الأيدولوجيا ، لأن الأيدولوجيا إذا نجحت في إقامة مشروعها السياسي ، ،تعمل سريعا على تحصين نفسها من وسائل إختراق الآخر المتطلع الى السيطرة بلا موانع ولا معوقات.
هل إستطردت كثيرا ؟
لا .. فقد كان هناك نقاط تستحق الإيضاح ، ولآن أعود الى السؤال :
هل تحتاج اليمن الى حزب سياسي جديد ؟ واجابتي هي نعم .
نحتاج الى حزب سياسي جديد بقيادات شابة ودماء جديدة وطريقة تفكير مختلفة.
نحتاج الى حزب سياسي جديد ، يستهدي بخلاصة تجربة النضال الوطني لليمنيين في التحرر من الظلم والاستبداد من جهة ، ومناهضة التبعية بأقنعتها وشعاراتها المختلفة من جهة أخرى .
نحتاج الى حزب جديد يعيد للثورة اليمنية ألقها ، ويعطي لأهدافها مضمونها ، ويحمل هموم جميع اليمنيين في الحياة الحرة والكريمة وفي التحرر نهائيا من الفقر والجهل والمرض.
نحتاج الى حزب برؤية وطنية ، تستلهم تاريخنا وعقيدتنا وثقافتنا ، وتضع خارطة طريق آمنة لأجيالنا القادمة.
نحتاج الى حزب جديد يقوده شباب شجعان يجمعون بين معرفة المثقفين وحنكة السياسيين ، قادة معتزون بوطنهم وعقيدتهم وثقافتهم ، ومدركون لحقائق عصرهم ، وواثقون من قدرتهم على أن يصنعوا مستقبلا أفضل لوطنهم ومواطنيهم .
نعم نريد حزبا جديدا ، ونريد أن يقدم لنا مثقفونا رؤية وأفكارا وبرنامجا تنفيذيا نبدأ على أساسه العمل لإنشاء هذا الحزب .. نريد نقطة بداية جادة ومسؤولة لأننا لا نريد أن نختلف من الآن على أين يجب أن نربط الحمار ؟ وكلكم تعرفون الحكاية .
smahmood80@maktoob.c