حوادث اليمن أكثر من قتلى فلسطين
بقلم/ نشوان محمد العثماني
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 25 يوماً
الإثنين 20 سبتمبر-أيلول 2010 03:16 ص
جرت العادة أن نحصي خسائرنا جراء التفاوت في الآراء السياسية, وما قد تتسبب به على البلد من حالة عدم استقرار, وما قد تنتج عنها من اختلافات قد تصل حد الحروب, لكن أن نحصي ضحايانا أيضا جراء الحوادث المرورية والتي تشير المعلومات إلى أنها أكثر عددا من ضحايا فلسطين المنكوبة أو العراق المحتل, فهذا ما كان ينقصنا.
تقول المعلومات الصادرة من جهات رسمية إن ضحايا الحوادث المرورية تعد بالمئات والآلاف, وان خسائرها تفوق الملايين, وبهذا الشأن كانت جهات أمنية قد أكدت في إحصائية لها وفاة 625 شخصا في الربع الأول من العام الجاري 2010م، في حين قالت إن عدد حالات الجرحى بلغ 4578 حالة بعضها خطيرة, وجميعهم سقطوا ضحية 3420 حادثا مروريا، توزعت ما بين حوادث صدام مركبات, ودهس مشاة ، وحوادث انقلاب، وحوادث سقوط.
وغير بعيد يا سادة, فقد لقي 70 شخصاً مصرعهم فيما أصيب 393 آخرين بإصابات مختلفة بينهم 174 وصفت إصاباتهم بالبليغة في حوادث سير وقعت خلال فترة إجارة عيد الفطر المبارك الممتدة من 8-13 سبتمبر الجاري, بإجمالي 221 حادثة سير في عموم طرقات محافظات الجمهورية.
وقبل ذلك بقليل, لقي 162 شخصاً مصرعهم, فيما أصيب 1011 آخرين بإصابات مختلفة في حوادث سير وقعت خلال النصف الأول من شهر سبتمبر الجاري.
وفي كل مرة ترجع وزارة الداخلية أسباب وقوع هذه الحوادث إلى السرعة الزائدة والتجاوز الخاطئ، وعدم الالتزام بالآداب والقواعد المرورية، وإهمال السائقين والمشاة والانشغال بغير الطريق خصوصا على الخطوط الطويلة التي تربط بين المحافظات.
ولا ينكر أي أحد منها حالة العشوائية وعدم التنظيم التي تسود قيادة السيارات في بلادنا, فبإمكان أي طفل يصل عمره الأربعة عشر عاما, ينقص أو يزيد, أن يأخذ سيارة أبيه الوزير أو الوكيل أو المسئول بأي جهة حكومية, أو أيا كان والده يعمل, ويقودها في شارع عام وبسرعة جنونية ومفرطة لا تراعي أي مسئولية, في حين أن رجال المرور يشاهدون ذلك بأم أعينهم, ولا يفتئون إيقاف السائق عند حده, إما لأنه ابن الفلان الفلاني, وإما لأن جيبه مكتظة, وبحق ابن هادي فلتذهب الأنفس البريئة هدرا, وخلي القيامة تقوم, وأيش همني؟؟؟؟.
كما أن الشباب والمراهقين ومن في هذه السن العمرية, إضافة إلى المخمورين, وقائدي سيارات القات المتسابقة على السوق, كل يقود على هواه وبالسرعة التي تروق له, طالما أن دنيا قيادات السيارات ساح وباح لا رقيب ولا معيب.
ولقد تفاءلت كثير ببارق الأمل في التصحيح الذي أبدته الحكومة الموقرة في تكليفها وزير الداخلية بتقديم تقرير متكامل حول مشكلة ارتفاع الحوادث المرورية التي تحصد العشرات يوميا، على أن يقدم مقترحات بالحلول العملية للحد منها وذلك بالتنسيق مع مختلف الوزارات والجهات ذات العلاقة.
والأمر لا يعود إلى كون المشكلة قضاء وقدرا, فلنعمل بالأسباب, وما قدر الله فليكن, إنما من الواجب أن نحتاط من البينات, فبالأمس القريب يا عقّال كان قائد أي سيارة يخضع لتعليم قواعد المرور وتتم إجازة قيادته بعد التأكد من تأهيله لذلك, حتى لا يظن أن أرواح الناس لعبة قد يتسلى بها..
إنه لمن الواجب على وزارة الداخلية, وهذا ليس منّا منها أو هبة, أن تنظم حركة السير البرية بالقدر الكافي, لأننا لسنا بحاجة إلى كثير من المآسي, كما أن ازدياد الخصوبة في اليمن ليست بحاجة إلى تنقيصها أو تنظيم نتائجها بهكذا بشاعة, ويكفينا الذي فينا.
ومن المخجل أن تكون ضحايا الحوادث المروية في اليمن أكثر من ضحايا العنف في العراق المحتل أو مجازر الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة..
فكم من أسرة بأطفالها وشبابها ورجالها ونسائها تقع أحيانا, وبشكل جماعي, ضحايا التهور في القيادة.. خصوصا أثناء المناسبات والأعياد التي لم وقع ضحيتها هذه المرة موكب نائب رئيس الجمهورية في منطقة كرش- القبيطة على طريق تعز عدن, حيث أدى اصطدام إحدى الحافلات بسيارات الموكب إلى مصرع 13 شخصا.. تخيلوا أن واحدا منهم قريبا لكم وأنتم مقبلون على عيد؟؟؟؟.
nashwanalothmani@hotmail.com