ماذا يعني استهداف واشنطن للجنرال اقاسم سليماني؟
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 4 سنوات و 10 أشهر و 14 يوماً
السبت 04 يناير-كانون الثاني 2020 04:48 م
 

من المؤكد بأن مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بقصف ‎امريكي في بغداد يشكل ضربة عسكرية كبيرة لإيران وخسارة فادحة فسليماني يعد أبرز قائد إيراني تولى مهام عسكرية خارجية وأدار عمليات أمنية وعسكرية ولذا فإن هذه الضربة لن تمر دون رد وستسعى إيران للرد عليها ومن المرجح بأن يكون الرد في العراق الذي تحول موخرا لساحة صراع مصالح ونفوذ بين واشنطن وطهران .

تفيد الأخبار القادمة من طهران فجر اليوم بأن خبر مقتل سليماني قد تسبب بصدمة كبيرة لدى قيادات النظام الإيراني وأن إيران قد أعلنت الحداد لمدة 3 أيام وأن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي سيدير خلال الساعات القادمة اجتماعا لكبار القيادات العسكرية والأمنية الإيرانية لتدارس الرد على هذه الضربة الأمريكية .

هذه الضربة الكبيرة تؤكد بأن واشنطن قد نجحت في اختراق القوات الإيرانية وقوات حلفائها في العراق ولذا كانت ترصد تحركات سليماني والمهندس ونفذت ضربتها بدقة بعد أيام من استهداف المتظاهرين العراقيين الموالين لإيران للسفارة الأمريكية في بغداد ردا على قصفها لقوات الحشد الشعبي الموالية لإيران .

* من هو قاسم سليماني ؟

في 12 مارس آذار 2019 م قام المرشد الإيراني علي خامنئي لقاسم بتكريم سليماني قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني حيث قام بتقليده لوسام ” ذو الفقار ” وهو أعلى وسام عسكري إيراني.

وُلد قاسم سليماني في ١١ آذار/ مارس عام ١٩٥٨، في قرية جبليّة اسمها رابور تابعة لمحافظة كرمان شرقي إيران لينخرط بعد ذلك في الحرس الثوري الايراني ويشارك في الحرب الإيرانية العراقية وفي مهام أمنية وعسكرية عديدة ليتم تكليفه بعد ذلك بإدارة فيلق القدس المكلف بإدارة العمليات العسكرية الإيرانية خارج إيران ودعم وإسناد حلفاء إيران وتدريب وإعداد الفصائل المسلحة الموالية لإيران وقد شارك سليماني في الحرب بسوريا وظهر في عدة مناطق كما اشارت العديد من المصادر الإعلامية عن قيام قاسم سليماني بزيارة العراق مؤخرا وعقده اجتماعا بكبار القيادات العسكرية والأمنية الموالية لإيران وحثهم على استهداف الحراك الشعبي العراق واخماد التظاهرات بكل السبل والوسائل وأبدى استعداده لنقل تجربة طهران في إخماد التظاهرات والاحتجاجات للقيادات العراقية .

ويعتبر الجنرال قاسم سليماني أول من حصل على وسام ” ذو الفقار ” منذ الثورة الإيرانية عام 1979م اي منذ 40 عاماً كما ان هناك إجماع لدى القيادات العسكرية والسياسية في طهران وفي المنطقة على أن سليماني يعد الشخصية العسكرية الأكثر سطوعاً والأكبر تأثيراً في دوائر صنع القرار في إيران وخصوصا في المجال العسكري حيث قاد سليماني الجهود الإيرانية لتوسيع التأثير في المنطقة الذي تحاول الولايات المتحدة الحد منه .

ومثل يومها ذلك التكريم إشارة واضحة على أن النظام الإيراني لن يغير من سياساته في المنطقة بل انه يعتبرها مفخرة له وهذا التكريم هو مباركة واحتفاء ودعم لا محدود من قبل المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي لتحركات قاسم سليماني وقوات فيلق القدس التي يقودها والمخصصة للمهام الخارجية وخصوصا في المنطقة العربية حيث أكد خامنئي خلال تكريم سليماني بأن هذا القائد الإيراني ” قد عرض نفسه المرة تلو الأخرى لخطر الأعداء وفعل هذا لله ولله فقط ومن أجل الله، وقام بمهمة عظيمة» وأضاف خامنئي: «أرجو من الله العظيم أن يجزيه ويباركه ويساعده على العيش حياة مباركة ويجعل نهايته الشهادة » واستدرك المرشد قائلًا: «طبعًا ليس سريعًا؛ لأن الجمهورية الإسلامية بحاجة إلى خدماته في السنوات المقبلة، لكنني آمل أن تتوج خدماته بالشهادة إن شاء الله.. وآمل أن يكون هذا الوسام بشارة لك إن شاء الله».

قوات فيلق القدس بقيادة قاسم سليماني نجحت في إدارة عمليات عسكرية في سوريا والعراق وكان حضور قاسم سليماني للقاء الرئيس السوري بشار الأسد بالمرشد الإيراني خامنئي لدى زيارته لطهران في 25 فبراير شباط 2019م نوعا من الاعتراف بجهوده والاحتفاء بهذا الانتصار الذي حققته قوات النظام السوري بدعم من قوات فيلق القدس التي يقودها في سوريا والمنطقة .

* دلالات استهداف واشنطن لقاسم سليماني

من المؤكد بأن واشنطن قررت التصعيد العسكري ضد إيران وحلفائها في العراق ولذا أقدمت على هذه الخطوة التي ستزيد من تعقيد المشهد العراقي المتوتر وستخلط الأوراق وتشعل المواجهة بين واشنطن وطهران في العراق والمنطقة ومن المرجح أن يقوم حلفاء طهران في العراق بالرد بعمليات انتقامية كبيرة من الجنود الأمريكيين وقواعدهم في العراق والمنطقة اذا قررت طهران عدم الرد المباشر عبر قواتها واكتفت بالرد عبر حلفائها واذرعها المسلحة في العراق فمن المرجح أن لا تنزلق واشنطن وطهران إلى مواجهات عسكرية شاملة لكن ايران سترد على هذا التصعيد الأمريكي وستنتقم لا محالة وستوجه ضربات موجعة ومدروسة لمصالح واشنطن وحلفائها في العراق والمنطقة .

وزارة الدفاع الأمريكية من جهتها أصدرت بيانًا أشارت فيه إلى أن الضربة الجوية كانت بتوجيه من الرئيس دونالد ترامب، وجاء في البيان الرسمي الأمريكي: “بتوجيه من الرئيس، اتخذ الجيش الأمريكي عملًا دفاعيًّا حاسمًا، لحماية الأمريكيين في الخارج عبر استهداف قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المصنف كمنظمة إرهابية بالولايات المتحدة الأمريكية.

هذا التصعيد الخطير ينسف كل الجهود والوساطات اليابانية والأوربية لتخفيف التوتر وتلطيف الاجواء بين طهران وواشنطن وإعادة قيادات البلدين إلى طاولة المفاوضات ومن المرجح أن مفاوضات كهذه صارت مستبعدة الآن إلى أجل غير مسمى حيث صارت خيارات المواجهة بين واشنطن وطهران مفتوحة على كل الاحتمالات .

* باحث في الشأن الإيراني