ارتفاع أسعار النفط مع تعطل الإنتاج في أكبر حقول غرب أوروبا تهريب الذهب... تفاصيل واقعة صادمة هزت الرأي العام في دولة عربية اتفاقية تعاون جديدة بين روسيا والسودان روسيا تستخدم الفيتو ضد قرار بريطاني عن السودان استعداداً للانفصال.. ليفربول يستبدل صلاح بـ نجم شباك أول دولة خليجية عظمى تستعد في إنشاء ائتلاف عسكري مع الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب
قبل سنوات وأثناء تغطيتي الإخبارية لجلسات محاكمات متهمي القاعدة خاصة في قضيتي المدمرة الإمريكية (كول) والناقلة الفرنسية (ليمبرج), كنت ألحظ بين أدلة النيابة كم كبير من البطائق وجوازات السفر, فقد يكون للمتهم الواحد أكثر من 6 بعضها بأسماء مختلفة وأخرى متشابهة.
والحصول على البطاقة الشخصية أو العائلية أو جواز السفر, من المعروف سهولة إجراءاته يمنياً, خاصة إذ توفر المال, حيث انه من السهل إستخراج هذه الوثائق للمتهمين أو المشتبهين ويشمل ذلك الخير أحياناً حتى غير اليمنيين.
لكن المواطن البسيط والكادح والمُعدم دائماً يكون أمام خيارين: إما عدم الحصول على واحدة منها رغم أهميتها, أو عليه أن يستعد بمال يفوق قيمتها المعلنة رسمية أضعافاً مضاعفة وطوابير وإهانات وروتين ولامبالاة إذا كان سيخضع للإجراءات المتبعة دون (دليل مدفوع الثمن) أو لا يستند لظهر نافذ.
الأمر ليس إكتشافاً خطيراً أو شيئاً كهذا, سأزعم تفردي به, فهو معاناة يومية يتكبدها المواطن اليمني في مصلحة الجوازات وفروعها أو الأحوال المدنية أو المرور كشأن بقية مؤسسات الدولة, حيث يجد الكثير من موظفيها (ضباطاً وصف وجنود) بيئة خصبة ومناخ مناسب لجلد (ظهر) المواطن مادام والنافذين والمسئولين يجلدون (ظهر) موازنة الدولة وثروات الوطن.
في جلسات محاكمة متهمي القاعدة بالمحكمة الجزائية, كنت أرى النيابة تتقدم بأدلتها في كل قضية أهمها البطائق الشخصية وجوازات السفر تصل بعضها إلى 6 بطائق بأسماء مختلفة والبعض الاخر بأسماء مكررة أو متشابهة, والمال هو السلاح الذي يمتلكه هؤلاء ليتمكنوا من الحصول على تلك الوثائق وإن كان لا حق لهم فيها.
هذه الوثائق التي يتوجب على الدولة ان تشجع مواطنيها على إستخراجها من خلال سهولة الإجراءات وإنتشار مراكز الإصدار ومجانية الرسوم, لكن كمثال يتناقض مع ذلك, فقد تمكنت من تجديد جواز سفري بعد أسبوعين أهدرت خلالهما الكثير من الوقت والمال والجهد في البحث عن (معاريف) هنا أو هناك.
فلأن مهنتي المدونة في الجواز السابق (موظف), كان علي أن أكتشف على مدى أسبوع أنني كموظف عام أمتلك حصانة (بالسالب) ويتوجب علي ملاحقة مسئولي الجهة التي أعمل فيها للحصول على إفادة بعدم وجود مانع لديهم من تجديد الجواز, ليكون الأسبوع الثاني بأكمله من نصيب مصلحة الجوازات.
ومادام أنت مواطن لا (معاريف) لديك أو سماسرة من الموظفين, والمال مطلوب للإثنين, عليك أن تتبع إجراءات وطوابير تسير كالسلحفاة, فيما ترى من يرتدون (الميري) بأشكال مختلفة وخاصة ضباط وجنود الجوازات يخترقون كل تلك الإجراءات والطوابير منفردين أو بصحبة (ذوي الشأن) كما يصفونهم.
المكاتب في الأغلب خاوية من موظفيها وهذا طبيعي, فهم مشغولون بمزاحمة ذوي الشأن من الغلابى لصالح ذوي الشأن ممن يستأثرون لأنفسهم وأقربائهم بكل شيء في الوطن, أو لصالح من يفضلون الإختصار وإن خسروا مقابل ذلك مال يفتقده غيرهم.
حينما كنت طالباً في الجامعة وقبل أن أنخرط في مهنة الصحافة, عملت لمدة عام كمندوب في مصلحة الجوازات, ولم يكن السوء قد وصل إلى هذه الدرجة, رغم التوسعات في المباني وحضور الكمبيوتر كفاعل أساسي.
خلال ذلك عرفت إثنين من المسئولين هناك, الجميع يشهد لهم بالنزاهة والكفاءة والإلتزام بالنظام والقانون, أحدهما كان مديراً عام للشئون العربية والأجنبية (العميد البشاري) وصار منذ سنوات وكيلاً للمصلحة.
والثاني يمارس عمله كنائب لمدير فرع صنعاء لأكثر من 12 سنة (العقيد الديلمي), والمدراء يعينون وينقلون ويبعدون من فوقه وقريباً منه, لكنه بقى في منصبه وذاك الرجل المحترم الذي عرفته ولم أضطر قديماً أو حديثاً لفرض نفسي عليه ليعرفني حتى اليوم, حتى وإن كان هو والبشاري أحد الذين أشترطوا إفادة جهة عملي لتجديد جوازي.
صحيح أن أي شيء حسن في مصلحة الجوازات وفرعها بصنعاء قد يحسب لهما, وغيرهما, كموظفين يقدمان صورة طيبة عن الموظف الحكومي أمام المواطن أو العربي والأجنبي, لكن أستغرب كيف يستطيعان التعايش مع ذلك السوء وهما خبيران بشئون المصلحة والفرع بحكم فترة عملهما الطويل؟.
ولعل ممايمكن الإشارة إليه هو واحدة من تلك المساويء, وتتمثل في غلق النوافذ والمكاتب أمام المئات من (ذوي الشأن) من قبل الموظفين المختصين لإستكمال معاملات آخرين بعيدين عن النوافذ والطوابير لأن من يتابع بعدها زملائهم موظفي المصلحة.
والأسوأ الذي أستفزني أكثر أن المختصين بتسليم الجوازات لأصحابها يستغلون حتى فرض صلاة الظهر التي تشغلهم 40 دقيقة, ثم إنتهاء الدوام الساعة الواحدة, فيما لا تهتز لهم شعرة من مسئولية دينية أو قانونية أو إنسانية وهم يرون أمام نوافذهم أكثر من 200 مواطن منهم من جاءوا من محافظات أخرى.
وبإعتقادي أن الصلاة التي "تنهى عن الفحشاء والمنكر" صارت مجرد ذريعة لممارسة منكر تعطيل الناس ومضاعفة معاناتهم جراء وقوفهم يتزاحمون ساعات تحت حر الشمس وإذلالهم بصب ماء وجوههم لهذا وذاك.
Rashadali888@gmail.com