لا تقطع أعناق موظفيك يا وزير الاتصالات ..!
بقلم/ همدان العليي
نشر منذ: 16 سنة و 6 أشهر و 14 يوماً
الأحد 04 مايو 2008 10:54 م

مأرب برس - خاص

قد يكون الأمر غريباً ، عندما نسمع ما يُخجل عن وزارة الاتصالات السلكية واللاسلكية و تقنية المعلومات ، إذا ما مس ذلك موظفين فيها ..!

لطالما – سابقاً – سمعنا عن الرفاه الذي يعيشه غالب موظفو هذه الوزارة ، و من الطبيعي – حالياً – أن يتقهقر هذا المستوى المعيشي إلى الخلف بعد موجة الغلاء الوافدة من الخارج ،و المُستقبلة بأهازيج جشع التجار من الداخل ..! لكن أعتقد أنه ليس من الطبيعي و المُنصف بل و الغريب أن تقوم وزارة الاتصالات صاحبة السمعة الطيبة التي بناها " الآنسي " و من بعده " المعلمي " ؛ بامتناعها عن صرف مُرتبات و مُستحقات 39 موظف من موظفيها في منطقة الأمانة ، من بداية شهر فبراير 2008 حتى يومنا هذا ( ثلاثة أشهر ) دون جُرم اقترفوه ، بالرغم أنهم و إلى اليوم يعملون في مواقعهم و غير مُقصرين في واجباتهم ، آملين رفع الحصار على مُستحقاتهم التي لم يُبالغ بعضهم حين قال أن هذا الحصار شبيه بحصار أبناء غزة في هذه الأيام لأنه حصار على عائلاتهم و أولادهم في لقمة عيشهم ..!

عَلل البعض رجوع أسباب هذا التقاعس في تسليم الحقوق ؛ بأن قيادات الوزارة صرحت أن وزارة الاتصالات تُعاني من البطالة المُقنعة و فائض في العمالة ، و لكن أين مصداقية هذا التعليل و الموظفين يعملون إلى اليوم و في أماكن مُهمة ، فمنهم الفني و منهم الإداري و بالتالي و في حالة إقصائهم – كونهم غير رسميين – سيتركون فراغ و ستتحمل الوزارة أعباء تأهيل و تدريب من سيخلفهم ..!

لا شك أن للوزارة رؤاها و حساباتها الاقتصادية و الإدارية الخاصة ، و التي تهدف من خلالها إلى الحفاظ على كيان هذه الوزارة العملاقة – بالنسبة لليمن - و التي ترفد الوطن بخدمات ملموسة ، سواء من خلال خدمة المجتمع بشكل مُباشر أو كرافد للمنظومة الاقتصادية ؛ و لكن يجب على قادة الوزارة مراعاة الجانب الإنساني قبيل إقدامهم على تطبيق أي خطوة أو سياسة خاصة بهم ..! خاصةً في أيامنا العصيبة هذه .. فلو تأملنا حال هؤلاء من مُنعت عليهم مُرتباتهم و هم يعملون ؛ كيف يعيشون اليوم ؟ أو كيف تعيش عائلاتهم في ظل هذا الغلاء الفاحش ؟ و إن خرجوا من أعمالهم نهائياً أين سيذهبون ؟ لا سيّما أن فترة عمر عمل بعضهم في الوزارة تعدت الست السنوات ..! و الجميع يعلم المقولة التي تقول ( قطع الأعناق و لا قطع الأرزاق ) أيضاً هناك من تخلى عن دراسته لأنه مرتبط في عمله صباحاً و مساء ، كونه قد وجد مصدر رزق لأولاده في هذا الزمان الذي تشح فيه فرص العمل و بالتالي تمسك بعملة بنواجذه ، و إن كان غير رسمي .

و الغريب أيضاً يا أصحاب الشأن ، إذا ما تابعنا بعض ما ينضح من وزارتكم مؤخراً و أسقطناه على ما يحدث مع هؤلاء الموظفين ..! فإذا حسبنا إجمالي مرتبات و إضافي هؤلاء الموظفين لمدة ثلاثة أشهر فلن يتعدى الرقم 4 مليون ونصف أو أقل ..! فهل عجزت وزارة الاتصالات على دفع هذا الرقم الزهيد – بالنسبة للوزارة – و هو حق ؟ أي بمعنى تستمر بدفع أجورهم ما داموا يعملون حتى تجد لمشكلتهم حل إنساني مُنصف ..؟ 

بل هل من الصواب أن تُساهم الوزارة في دعم إحدى الحفلات الغنائية التي أقيمت في عدن مؤخراً بمبلغ ليس بهين ( أخبرني بعض الموظفين هناك عن الرقم ولم اصدق لذا لم اذكره ) ..؟ في المُقابل لا تدفع مرتبات من يعملون بها ؟ أين الحكمة في هذا التصرف الغريب ؟

الأستاذ المُهندس : كمال الجبري .. وزير الاتصالات السلكية و اللاسلكية و تقنية المعلومات المحترم ..

يعلم الله أني أكتب مقالي هذا و أنا أتذكر الأستاذ المُهندس " عبد الملك المعلمي " من كان على كرسيكم بالأمس القريب رعاه الله ، و بالرغم أني لا أعرفه شخصياً ، ولكن كلمة حق تُقال في حقه – وهو غائب في الصين - أني ما وجدت موظفاً في عهده أو اليوم ينخر في جسده أو فعله أو في فترة تسنمه وزارة الاتصالات بكلمة سوء ..! بل العكس تماماً ، فموظفين الوزارة يشهدون له بالكفاءة و إعطاء كل ذي حقِ حقه ، كما أن المنجزات في عهده لا زالت تشهد له إلى اليوم ..فأين أنت منه ؟

و اسمح لي عن طريق هذه الصفحة الإلكترونية التي لا تقل أهمية عن غيرها أن أوصل لك ما يختلج في الأنفس دون أن أُلّبس الحقيقة قميصاً ، مُخالفاً المثل الأسباني الذي يقول ( لا تُقدم الحقيقة عاريةً ، بل ألبسها قميصاً ) ..!

ففي عهدك قلّما أجد موظفين في وزارتك و فروعك من يذكرون محاسن وزيرهم من باب حبهم له و كثير ما هو العكس ، و لا دخان دون نار و السبب أنهم يلمسون التراجع المُخيف لأوضاعهم و بعكس النظرية الإدارية لتكييف الأفراد العاملين كلّما زادت فترة الخدمة ، كما أن و في عهدكم يا معالي الوزير و كرأي شخصي قد يكون سطحي ، لكن أتمنى أن تُتيح له مُجرد هامش من التفكير ؛ فلم أجد شيء جديد منذ سنة من توليكم هذا المنصب باستثناء تخفيض تعرفه الإنترنت و التي جاءت عن طريق قرار رئاسي .. والجديد منكم هو مُعضلة الـ 39 موظف و الذي أحجمتم عن تسليمهم مرتباتهم ..! كما لا ننسى دعمكم و تفضلكم لأصالة نصري ..!

ودعني يا معالي الوزير أختتم مقالي هذا الذي أرنو من بعده إزاحة كربة و محنة هؤلاء قدر الاستطاعة ، و لو بالقلم و إسماعكم أصوتهم ؛ و ذلك ببعض مآسي بعضهم و أقوال الشريعة ..!

فأحدهم يُخبرني أنه يمر بمرحلة تُسمى اقتصادياً مرحلة " استهلاك المُدخرات " ( بيع ذهب الزوجة و بعض المُقتنيات ) على أمل أن تعطوهم حقوقهم و تنظرون بعين الإنسانية في أمرهم ، و أنتم خير من يعرف أن ما بعد هذه المرحلة – استهلاك المُدخرات – إلا مرحلة تسمى بالعامية " على الحَديدة " و في زمن غلاء الغذاء العالمي المُعاصر ، فأي كارثة ستحل بأمثال هذه العائلات قريباً ؟

والبعض أخبرني أنه مذ أحجمتوا و امتنعتم عن دفع مُرتباتهم ؛ وهو يمد يده لمن حوله طالباً السُلف و القروض لتسيير أمور حياته و عائلته ، على أساس أن مُستحقاته ستعود له ما دام يعمل بجد إلى اليوم أملاً عدم ظلمهم و أخذ مستحقاتهم ..! و على أساس ما يحدث تذكروا أقوال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره" وقال صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه )

كانت هذه نماذج لبعض هموم و ما يعانيه بعضهم بسبب عدم إعطائهم حقوقهم ، و لكن الهم الأهم و المُشترك يا معالي الوزير ، هو خوفهم ليل نهار من تسريحهم من أعمالهم و مصدر أرزاقهم نهائياً ..!

hamdan_alaly@hotmail.com