اليمن والسعودية علاقات اقتصادية واستثمارية متطورة
بقلم/ يونس الشميري
نشر منذ: 17 سنة و 3 أشهر و 5 أيام
الأحد 12 أغسطس-آب 2007 05:51 م

تعد العلاقات بين بلادنا والشقيقة المملكة العربية السعودية نموذجاً متميزاً يرمي إلى تحقيق أسس قوية وشراكة طويلة المدى على كافة المجالات، ومما يزيد تلك العلاقات الأخوية متانة ورسوخاً أنها أزلية وضاربة في القدم منذ فجر التاريخ ولا تزال مرتكزاتها قائمة حتى وقتنا الحاضر متجسدة في مجلس التنسيق اليمني ـ السعودي الذي يلعب دوراً كبيراً ومتميزاً بالدفع بتلك العلاقات الأخوية نحو الأفضل ويعمل على تطويرها وإزدهارها.

دعم سخي

إن النتائج الإيجابية والناجحة لمؤتمر المانحين المنعقد في لندن في نوفمبر من العام الماضي ومؤتمر فرص الإستثمار في اليمن والمنعقد في العاصمة صنعاء خلال الفترة (22 -23)ابريل المنصرم، لهي خير دليل على عمق العلاقات اليمنية ـ السعودية، حيث لعبت المملكة دوراً بارزاً في حشد الدعم الخليجي والدولي لبلادنا في مؤتمر المانحين وكانت سباقة في الدعم الذي وصف بالسخي من خلال تقديم مبلغ مليار دولار لبلادنا، إضافة إلا أن حضورها في مؤتمر فرص الإستثمار كان فاعلاً وقوياً من خلال الحجم الكبير للإستثمارات التي وقعتها مع بلادنا، وهذا مما يؤكد متانة تلك العلاقات التي تربط بين البلدين الشقيقين، والتي لا تزال قيادتا البلدين تؤكدها وتوثقها أفعالاً وأقوالاً، ويتضح ذلك من خلال مخاطبة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية للأشقاء في دول الخليج العربية بقوله: (إن اليمن جزء لا يتجزأ من الخليج)، وقول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في لقائه بالصحفيين الخليجيين بالرياض: (إن شاء الله سينضم إلينا إخوانكم في اليمن، فاليمن جزء من الأمة العربية والإسلامية، وجزء من الخليج).

التبادل التجاري في تطور

ومما لا شك فيه أن الوضع العربي العام سيستفيد بالإيجاب من تطور العلاقات اليمنية ـ السعودية لما تمثله كل دولة منهما من ثقل سياسي وإستراتيجي واقتصادي كبير على مستوى المنطقة، ويبرز الثقل الاقتصادي بما تمتلكه كل منهما من موارد طبيعية مهمة وفرص استثمارية كبيرة متعددة اكتسبت أهمية إضافيةً من خلال العلاقات الثنائية والاقتصادية المتميزة بين الجانبين والرامية نحو تحقيق مصالح مشتركة للدولتين الشقيقتين، وهذا ما أكده تزايد حجم التبادل التجاري والاقتصادي بينهما خصوصاً بعد تواصل انعقاد مجلس التنسيق اليمني ـ السعودي، الذي أدى إلى زيادة حجم التجارة البينية بين البلدين الشقيقين، حيث تعد بلادنا من أهم الأسواق الرئيسية لصادرات المملكة من المنتجات الصناعية الغذائية الإستهلاكية، كما تعد المملكة سوقاً للمنتجات الزراعية اليمنية والتي تتمتع بمزايا نسبية على مثيلاتها من سلع الدول الأخرى، وهذا مما يؤكد ضرورة العمل على زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين لما يمثله ذلك من مدخل رئيس لتطوير مجمل العلاقات بينهما، فالفرص المتاحة في السوق اليمنية كبيرة ومتنوعة خاصة من حيث استيعابه كميات كبيرة من السلع الإستهلاكية والغذائية نظراً لإنفتاح السوق اليمنية على العالم وتدني حجم الإنتاج المحلي من هذه السلع واتساع حجم الطلب عليها وظهور أنماط وعادات استهلاكية جديدة في ضوء تغير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، مما يستدعي ـ بحسب مصادر اقتصادية ـ أن يركز قطاع الأعمال السعودي على تصدير سلع عالية الجودة وبأسعار تنافسية، كما أن المنتجات اليمنية وخاصة المنتجات الزراعية تمتلك مكانة متميزة في الأسواق السعودية، وهذا يشكل عنصراً مهماً في مجال الإستثمار.

تزايد حجم الإستثمارات

ومن الجدير بالذكر أن سياسة الإصلاحات الاقتصادية التي انتهجتها بلادنا واتجاهها نحو تطوير علاقاتها الاقتصادية مع مختلف دول العالم بما فيها دول الخليج العربية الشقيقة تعتبر في نظر إقتصاديين حافزاً قوياً للمملكة العربية السعودية في أن تحرص على توسيع علاقاتها الإستثمارية والتجارية مع بلادنا بل وخلق علاقات اقتصادية قوية ومتينة ذات أبعاد استراتيجية تتضمن التعاون المثمر بين الجانبين ليس في مجال التجارة فحسب بل في مختلف المجالات الأخرى مثل البنوك والزراعة والصناعة والسياحة والكهرباء وتحلية المياه وتقنية المعلومات وغيرها.

 وبرغم حجم الاستثمارات السعودية في بلادنا والذي يعد متميزاً بحسب الإحصاءات الرسمية إلا أن التوقعات تشير إلى أن حجم تلك الإستثمارات سيزداد بشكل كبير خلال السنوات القادمة حيث يتوقع أن يتم جذب المستثمرين في القطاع الخاص السعودي للإستثمار في اليمن نظراً لما يتميز به القطاع الخاص السعودي من وفرة في رؤوس الأموال وخبرة واسعة في مجال الإستثمار ورغبة أكيدة للأستثمار في بلادنا، في الوقت الذي يمتلك فيه العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة والمتنوعة والمتضمنة مشاريع البنية التحتية ومشاريع الاتصالات، إلى جانب مشاريع تعليمية، تعدينية، سمكية، سياحية، وغيرها، وكل تلك المشاريع المهمة تعمل على تنشيط حركة الإستثمار المشتركة في بلادنا.

منطقة حرة مشتركة

وقد كان إنشاء منطقة اقتصادية حرة مشتركة في منفذ الوديعة الحدودي بين البلدين في مايو 2006م بمثابة نقطة تحول إيجابية على طريق تفعيل التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين وأولى مراحل التكامل الاقتصادي بينهما، وقد تم في المنطقة الاقتصادية المشتركة إلغاء القيود الجمركية، كذلك إلغاء القيود على حركة عوامل الإنتاج وصولاً إلى الوحدة الإقتصادية المشتركة بين الجانبين، هذه المنطقة يطبق فيها نظام خاص عالمي لمزاولة الأعمال الحرة في داخلها بإستثناء إستخراج ومعالجة الثروة الطبيعية من باطن هذه المنطقة التي تعتبر جزءاً من أراضي كلا البلدين (اليمن والسعودية)، كما يطبق فيها نظام منطقة جمركية حرة يجري بموجبه إعفاء السلع المستوردة التي تجلب إلى تلك المنطقة، ومن المؤكد فإن إنشاء المنطقة الاقتصادية المشتركة سيسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف التنمية المستدامة لكلا البلدين الشقيقين.