طفل يموت بحكم قضائي.. سحبوا عنه أجهزة التنفس رغم معارضة أمه نقابة الصحفيين اليمنيين: نواجه حربًا واستهدافًا ممنهجًا من أطراف الصراع محمد بن سلمان يلغي رحلته إلى قمة العشرين.. ومصدر لبلومبرغ يكشف السبب وفاة 10 أشخاص وإصابة 4 في حادث مروري مروع بمحافظة ذمار رونالدو يكشف موعد اعتزاله كرة القدم.. هل سيكون مدربًا بعد تعليق حذائه؟ الداخلية السعودية : القبض على يمني قـ.ـتل آخر حرقاً بالأسيد وطعنه بسكين صدمة في اليمن بعد قيام الحوثيين بالإفراج عن أخطر إرهابي يقف خلف مجزرة ميدان السبعين الدامية عام 2012 نيابة الأموال العامة في الضالع تنفذ حملة لإغلاق محلات الصرافة المخالفة في قعطبة تم تعذيبه حتى الموت ..وفاة شيخ مسن ٌمختطف في سجون الحوثيين بمحافظة البيضاء واتس آب تكشف عن ميزات جديدة لمكالمات الفيديو .. تعرف عليها
تحققت الكثير من المكاسب لمصر والمصريين بفعل ثورة الـ 25 من يناير الخالدة، وبالذات في مجال الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير، لكنهم مع الأسف فقدوها ودفعة واحدة بفعل إنقلاب 3 يوليو العسكري الذي أعاد مصر إلى الوراء، وها هي الدولة البوليسية التي يقودها الجنرال السيسي تعلن حالة الطوارئ، والتي ستستمر طويلا برأيي، وتمعن في قتل المدنيين وتكميم الأفواه وإخراس الإصوات المعارضة !
من المضحك المبكي أن الليبراليين والعلمانيين والتقدميين هم من وأدوا حلم المدنية في مصر في المهد ومهدوا لعودة العسكر من الباب الكبير، بيدهم لا بيد عمرو كما يقال !
ما عمله السيسي ليس سوى قفزة في الظلام فالسيسي دخل المغامرة ولم يحسب حسابها وهذا ينم عن جهل وتخلف وعقلية عسكرية فظة، فقد أغراه حلاوة الطُعم ما جعله ينسى وجود السنارة. دخل الرجل السياسة ليخرج سريعا من بابها الواسع. ربما توقع العسكر وقيادات الأمن بأن المتظاهرين في رابعة والنهضة سوف يفرون بمجرد مشاهدة المجنزرات والعربات العسكرية تتجه نحو ميداني رابعة العدوية والنهضة في الجيزة وهو ما لم يحصل.
لقد عرى ما حصل في مصر خلال الأيام القليلة الماضية دعاة الحرية والديمقراطية المزيفة، كما عرى كل من يتشدقون بحقوق الإنسان وحق التظاهر السلمي الذي تكفله كل القوانين والمواثيق الدولية وعرى بذلك زيفهم وكذبهم وأظهر تناقضاتهم.
نحن ندين هنا ونشجب بأقوى العبارات العنف الذي تقترفه قوات الإنقلاب ضد المعتصمين والمتظاهرين السلميين في ربوع مصر، ومع ذلك فأنا أشفق على الإنقلابيين لأنهم أغبياء، فالمظاهرات والإعتصامات لن تنتهي بفض إعتصامات رابعة العدوية والنهضة، وحتى وإن فض الإعتصام في ميدان إو إثنين، يمكن لعشرات الميادين أن تتحول إلى ساحات حرية وميادين إعتصام !
وبعد أن سالت الدماء أصبح من المستحيل التراجع من طرف الضحية، لكن المزعج هو أن يستمرأ الجلاد القتل وخاصة وهو يعلم بأن مصيره سيكون المحاكمة والسجن في أحسن الأحوال.
ما حصل كان نتاج تعبئة طويلة وظالمة ضد الإخوان تمتد على مدى تأريخهم الطويل، وأثر هذه التعبئة كان واضحا جليا أثناء الإنتخابات الرئاسية حين فضل البعض، ومن الثوار أيضا، إنتخاب شفيق المحسوب على النظام السابق خوفا من وصول الإخوان لسدة الحكم ونكاية بهم. يبقى الأخوان أكبر قوة شعبية منظمة في مصر، وقد يكون الطرف الأخر أكبر عدديا لكنهم متفرقون حيث يحسبهم الجاهل جميعا وقلوبهم شتى، ومن الغباء أن يورط الجيش نفسه في مواجهة قوة بحجم الإخوان وخاصة إذا ما جر الأخير إلى العنف.
نعم كانت هناك أخطاء، لكن هذه الأخطاء لا ترقى لمستوى الإنقلاب على الرئيس المنتخب. كان يمكن الضغط شعبيا على الحكومة والرئيس نحو تحقيق المطالب والتطلعات العادلة. في الحقيقة كانت النية مبيته ومن أول يوم للإنقلاب على الإخوان في أول فرصة سانحة. عمليا، لم يتح للإخوان أو للرئيس الدكتور محمد مرسي فرصة كافية لإثبات إنفسهم، حيث واجهوا ومنذ اليوم الأول تحديات داخلية وخارجية جمة وتعاون المال الأجنبي المدنس والمخابرات الأجنبية والثورة المضادة في تعجيل سقوط الأخوان. المشكلة أيضا بأن الأخوان لم يتمكنوا من النفاذ إلى الدولة العميقة ولم يجدوا أي تعاون منها وظلوا يصارعونها من أول يوم وحتى أخر دقيقة لهم في الحكم.
للإنصاف كانت الكرة في ملعب الرئيس مرسي وكان بإمكانه أن يقلب الطاولة على الإنقلابيين برمي الكرة مرة أخرى في ملعب الشعب والإحتكام للشارع من خلال إنتخابات رئاسية مبكرة تخرج الأخوان بأقل الخسائر الممكنة، لكنهم في أعتقادي خافوا المزاج العكر للشعب لحظتها بالإضافة إلى عدم تحقق الكثير على المستوى الإقتصادي وفي جانب إستعادة الأمن والسكينة، ولهذا فضلوا عدم المجازفة.
في رأيي، أعتقد أن الأخوان المسلمين أخطأوا مرتين : في الأولى في إدارة الدولة في المقام الأول وفي إدارة الأزمة تاليا، حيث تم الخلط بين العمل التنظيمي والعمل السياسي والإنكفاء على الذات. لقد عجزوا في تحقيق التوافق والتشارك وبناء التحالفات مع فرقاء ورفقاء الـ 25 من يناير لكونها كانت أكثر من ضرورية لإعاقة مخططات القوى الرجعية والفلول والمال الإجنبي وغيرها من القوى التي سعت لتقويض سلطة الإخوان.
وفي الثانية بالعمل على مشاريع إستراتيجية لن يظهر أثرها وتأثيرها إلا على المدى البعيد، ربما سنوات، وهي أمور لا يلمسها المواطن البسيط ولا يلقي لها بالا؛ فما يهمه فعليا هو لقمة العيش ورغيف الخبز وتوفر الأمن والخدمات الأساسية والإحتياجات الضرورية . كان الأولى السير بإتجاهين متوازيين من خلال العمل على المشاريع الإستراتيجية طويلة الأجل والعمل في نفس الوقت على المشاريع التي تضمن عودة الأمن وتوفر الإحتياجات الضرورية وتيسر المعيشة، مع ضرورة التركيز على الإتجاه الثاني وهي أمور يلمس المواطن نتائجها بسرعة !
في المقابل، ترشيد الخطاب الديني والتحول للخطاب السياسي الذي يناسب الزمان والمكان بات ضرورة اليوم أكثر من أي وقت مضى بغرض الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المصريين ! فقد قالوا قديما "لكل مقام مقال" وهي حقيقة قائمة في كل زمان ومكان، وعليه فتجديد الخطاب والتحول للخطاب السياسي مطلوب اليوم من الأخوان ... الخطاب الديني يستهدف القاعدة الجماهيرية للأخوان، لكنه في ذات الوقت يحصرهم، أي الأخوان، في زواية ضيقة . ما هو مطلوب اليوم هو خطاب سياسي منفتح على كل التيارات والإتجاهات والديانات والمذاهب ... خطاب بلغة يفهمها الجميع .
في النهاية، ما حصل لن يكون نهاية العالم والأخوان مثلهم كمثل العنقاء التي تعود من رمادها إلى الحياة مرة أخرى، وبإمكانهم أن يصلوا إلى سدة الحكم مرات ومرات، لكن عليهم أن يراجعوا ما حصل بعمق وتأن كي لا يتكرر ما حصل ويحصل اليوم مرة أخرى.
ما يؤسف له فعلا هو أن روح الثورة الحقيقية قد ضربت في الخاصرة، وها قد عاد الفلول والنظام السابق إلى الواجهة ومن باب الثورة العريض !