ثورة ساحة التغيير 2
بقلم/ م/ فهد العبسي
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 19 يوماً
الأحد 29 مايو 2011 09:34 م

المكونات البشرية والسياسية

ساحة التغيير أمام بوابة جامعة صنعاء تحتضن شباب متطلع للحرية، وأفراد ومجموعات وقبائل وقوى بشرية وسياسية مختلفة ومتناقضة من جميع أبناء اليمن، ويعتبر الشباب المستقل العمود الرئيس في ساحة التغيير، إلى جانب شباب الأحزاب الليبرالية والقومية والإسلامية التي تحمل رؤى فكرية مختلفة مثل الأخوان المسلمون والحوثيون والسلفيون والإشتراكيون والناصريون والبعثيون وغيرهم من القوى السياسية الأخرى. ويقدر عدد التكتلات والإئتلافات والحركات داخل ساحة التغيير بأكثر من 200 تكتل وإئتلاف، 40 منها فقط هم الفاعلين والناشطين داخل الساحة. وقد تجاوزت هذه الأطراف الخلافات والصراعات وأجتمعت تحت مطلب واحد وهو "إسقاط النظام". خصوم الأمس أصدقاء اليوم في الساحة، الحوثيون وأعضاء الفرقة الأولى مدرع يجتمعون في مشهد واحد، بل وتقوم الفرقة بتوفير الحماية للمعتصمين سواءً كانوا حوثيين أو غيرهم من الشباب. الإشتراكيون والإصلاحيون جنب إلى جنب في صورة واحدة، ونخبهم السياسية تؤكد أنه برحيل هذا النظام سوف تندثر الأزمات التي أوجدها نظام الرئيس علي صالح منذ عقود. ويراهن كثير من الساسة اليمنيين، أنه مادام وأننا قد أجتمعنا على هدف واحد وتحت سقف واحد ، فإننا قادرين على أن نكون في المستقبل في مكان واحد وتحت مظلة واحدة وكل وفق رؤيته السياسية، متجاوزين كل الخلافات لأجل بناء الدولة المدنية الحديثة التي تكفل الحقوق والحريات. 

المكونات المادية:

يقدر عدد الخيم الموجودة في الساحة بأكثر من 2000 خيمة صغيرة وكبيرة، تحتوي مختلف شرائح المجتمع اليمني، وأهم مكان في الساحة هو منصة ساحة التغيير والتي ظلت محل نزاع بين جميع الاطراف في الأيام الأولى من الإعتصام ، بسبب سيطرة مجموعة من الشباب على المنصة ، وحرمان بقية الحركات الشبابية من تأدية أي عرض عليها، وبعد جدال ونقاش وحوارات دارت بين الشباب وجميع الأطراف داخل الساحة، والتي تمخض عنها تشكيل إئتلافات وتحالفات ومنسقيات شبابية مختلفة، تم الإتفاق على إعطاء مساحة معينة لكل تحالف أو إئتلاف موجود في الساحة لتقديم العروض والأغاني والأهازيج والشعر، وحجز حيز من وقت المنصة للأكاديمين والإعلاميين ، لإلقاء المحاظرات ، والتوعية وفضح الفساد المستشري في مرافق الدولة المختلفة، إلى جانب المحاظرات وحلقة النقاشات التي تدور داخل الخيم المنتشرة في الساحة، بالإضافة إلى تزويد المعتصمين باخبار الساحات وإعلان الإستقالات والإنضمام إلى الساحة والثورة الشبابية الشعبية.

ويشير الشباب بأنهم قد تجاوزوا مسئلة الفوضة الخلاقة وهم الآن في مرحلة بناء الجسم السليم للثورة الشبابية السلمية، ويظهر ذلك جليا في أمتداد ساحة التغيير من جامعة صنعاء الجديدة إلى جامعة صنعاء القديمة، والتوسع الجديد يزيح الستار عن عرض جديد للثورة الشبابية، حيث يتضح للعيان بأن الخيم التي ثبتت دعائمها هناك لا توجد عليها أي ملصقات تشير إلى تسمية حركة أو تكتل أو إئتلاف معين، والأهم من هذا كله وجود منصة جديدة يداعب فيها الثوار أحلامهم المتعلقة بالثورة السلمية.

المستشفى الميداني :

يوجد في الساحة مستشفى ميداني يوفر الخدمات الطبية اللازمة لمعالجة الإصابات والجروح من جراء إستخدام الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع أو الغازات السامة، وبالإمكانيات البسيطة والمتاحة، ويحتضن المستشفى مخزن خاص بالأدوية والعلاجات الضرورية، ويشرف عليه عدد من الأطباء والجراحين والممرضات والممرضين، وتنتشر فروع المستشفى في أجزاء مختلفة من ساحة التغيير لإستقبال الجرحى والمصابين.

المركز الإعلامي :

تزخر الساحة بمركز أعلامي متميز يديرة مجموعة من شباب الثورة المستنير والمستقل، ويقوم برصد ونشر أخبار ثورة التغيير والحرية على الموقع الإلكتروني للثورة وصفحات التواصل الإجتماعي الفيس بوك وتويتر، ولديهم لجان توعوية يشرف عليها العديد من الدكاترة والأكاديميين، ويقومون بالتنسيق مع العديد من المنتديات داخل الساحة مثل المنتدى السياسي، والمنتدى الأكاديمي، ومنتدى القضية الجنوبية، ومنتدى الثورة وغيرها من المنتديات التي يتغذى عليها شباب الثورة صباحا ومساءً ، ويعملون على التنسيق مع بقية ساحات التغيير والحرية المنتشرة في معظم محافظات الجمهورية، كما يقومون بأرشفة وتوثيق كل ما ينشر عن الثورة الشبابية السلمية. 

إدارة الساحة :

تشكلت لجان مختلفة لأجل إدارة الساحة وتنظيمها مثل اللجنة الأمنية ، واللجنة الإعلامية ولجنة الخدمات والنظافة وغيرها، وفي البداية وكما أسلفنا كانت الساحة تدار من قبل شباب وكوادر جهة معينة، ولكن بعد أن تشكلت التحالفات والإئتلافات، تم إشراك الجميع في اللجان الأمنية، والإعلامية ، ولجان الخدمات وغيرها، فقد اصبح لكل تحالف أعضاء منتدبين داخل هذه اللجان، وتعتبر اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية بمثابة مجلس إدارة الساحة وهي المخولة بإصدار البيانات والتعاميم وتنظيم المسيرات، وتسمية أيام الجمعة بمسميات مختلفة مثل (جمعة الإنذار، جمعة الرحيل، جمعة الكرامة، جمعة الحسم، جمعة الوفاء، ...)، وتضم هذه اللجنة مجموعة من الشباب المستنير سواءً كان متحزب أو مستقل، وأكادميون، وناشطون وصحفيون. وإلى جانب اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية توجد المنسقية العليا للثورة، والتحالف المدني، الذي يعتبر أحد الأركان الرئيسية لهذه الثورة، وكذلك المجلس التنسيقي تنوع، وغيرها من التكتلات الكبرى المتواجدة داخل الساحة.

الشعارات التي تتردد داخل الساحة:

هناك العديد من الشعارات التي يرددها المعتصمون ولكن أهما هي (الشعب يريد إسقاط النظام، لا حزبية ولا أحزاب ثورتنا ثورة شباب، سلمية سليمة، ارحل ارحل، كلما زدنا شهيد يا علي أهتز عرشك، يا الله يا الله أسقط علي عبدالله، والشعب يحبك يا شهيد، وغيرها من الشعارات الأخرى).

مخرجات ساحات التغيير والحرية:

1.  بروز ساحات للإعتصامات ومنابر ديمقراطية مثل ساحة التغيير بصنعاء وساحة الحرية بتعز وغيرها من الساحات في مختلف انحاء الجمهورية، استقطبت وحفزت الشباب للإعتصام والمطالبة برحيل النظام.

2.  تفجرت العديد من المواهب الإبداعية والفنية والشعرية والمسرحية، وبشهادة العديد من رواد الثورة والفن المصري، يقول عمار الشريعي "أن طول فترة الثورة اليمنية اتاحت الفرصة لشباب الثورة لإبراز العديد من المواهب والطاقات الفنية الكامنة"، وبالتالي فإن المخرجات الإبداعية والفنية للثورة اليمنية أعظم من مخرجات الثورة المصرية.

3.  ساحة التغيير بصنعاء أصبحت الجامعة المثالية لشباب التغيير من خلال المحاظرات والندوات السياسية والعلمية والثقافية والتنويرية التي يحقن بها الشباب صباحا ومساء.

4.  الصمود والإستبسال الذي قدمه المعتصمون في ساحة التغيير أذهل النظام، الذي راهن على مسألة الوقت لفظ الإعتصامات، وصمود الشباب في جمعة الكرامة عرى النظام، وزعزع مشروعيته.

5.  إنشقاق الجيش ممثلا باللواء علي محسن وغيره من القيادات العسكرية وتأييدها لمطالب ثورة الشباب السلمية الشعبية.

6.  إستقالات وتهاوي عدد كبير من شخصيات ورموز الحزب الحاكم وعدد من السفراء والدبلوماسين وإنظمامها لثورة الشباب.

7.  إنشقاق القبيلة بين مؤيد ومعارض وخصوصا قبيلة الرئيس في سنحان، والتي كان يعول عليها الرئيس كثيرا ويطمح في جعلها خط إمداد وملجأ له في المستقبل إذا سقط النظام، فالرئيس حاليا لا يملك الآمان والحماية حتى في قبيلته.

8.  بروز الشباب كقوة سياسية طامحة في الساحة اليمنية.

9.  تطور الوعي الديمقراطي والسياسي والثقافي لدى الشباب والقبائل والمجموعات المتواجدة في الساحة.

وكما يروج التاجر لبضاعته حينما يعمد على طرح منتج جديد للسوق ويعلن "اشترى قطعة وأربح هدية مجاناً"، فإن شباب ثورة التغيير يقولون للشعب اليمني هذه بعض هدايا الثورة الشبابية الشعبية:

1)  تطبيق إستراتيجية الأجور الخاصة بالمعلمين ورفع رواتب الموظفين ودفع المستحقات المتراكمة للمعلمين منذ سنين

2)  إنزال ما يقارب 70 ألف وظيفة وزعت على مختلف أنحاء الجمهورية اليمنية

3)  إختفاء ظاهرة المضايقات المرورية في شوارع العاصمة وغيرها من المدن اليمنية

4)  إختفاء ظاهرة الرشوة في كثير من الوزارات والمؤسسات الحكومية

5)  سرعة إنجاز المعاملات الإدارية وبدون تأخير أو تلكؤ أو محسوبية

6)  المعاملة الحسنة التي يلقاها المواطن في الدوائر الحكومية، وقيام المسئولين بإبلاغ المواطنين بأن قيمة الإستمارة الفلانية كذا، والرسوم المحصلة كذا دون زيادة أو نقصان