عندما تطغى البيادة على عقول لاعقيها..!
بقلم/ اسامه عبد الرحيم
نشر منذ: 11 سنة و 4 أشهر و 11 يوماً
الأحد 07 يوليو-تموز 2013 05:03 م

أثبت الانقلاب على الشرعية الوجه الآخر للذين كانوا أكثر الناس حديثا عن قبول الآخر، فكشف الانقلاب أنهم أكثر الناس تعصبا ورفضا وإلغاء واستئصالاً للآخر، هذا الآخر الذي لم يكن سوى الشارع المصري وعلى رأسه الإسلاميون..!

الانقلاب كشف النقاب عن طابور - غير مفتعل مثل أزمة الوقود- استمر عاما كاملاً، وقف خلاله اللاعقون يحرضون العسكر للانقضاض على الثورة التي أتت بالإسلاميين إلى سدة الحكم، وكان أول الطابور في ميدان التحرير الذي سرقه الإنقلابيون، وآخره في أمريكا ويمر عبر بيادة العسكر.

أمريكا التي دمرت سفيرتها جيش العراق عبر إغراء صدام حسين بغزو الكويت، و عندما بلع الطعم انقلبت عليه السفيرة، وساقت دول العالم لا لتحطيم الجيش فحسب بل وتحطيم العراق ومحوه من على خارطة البشر، والمفارقة أن أحد أدواتها في تخريب وتركيع العراق كان محمد البرادعي الشهير بـ"تويتر مان"، وهو ما يلعبه في مصر الآن..!

تكتيك خطة السفيرة الأمريكية في مصر آن باترسون لم يختلف كثيراً عما جرى في العراق، إغراء بعزل الرئيس المنتخب عبر غطاء من معاداة الإسلاميين، حشدت باترسون هذه الفصائل تحت مسميات عدة كان آخرها "تمرد"، واستغلت "المسامحة القاتلة" التي وقع فيها الرئيس.

استمر التشجيع الأمريكي لأسابيع متزامناً مع تشجيع مادي رعته الإمارات مع دولتين خليجيتين، البقاء في الشارع مع آلة الإعلام الجبارة التي كانت تبطن معادة الثورة وتظهر معادة الرئيس، وفر غطاءاً مثالياً أشاد به "السيسي" في بيان الانقلاب.

الموقف الأمريكي المتأرجح الآن يثير استغراب البعض، وفي حقيقة الأمر هو غير متأرجح وإن بدا كذلك، وإنما يراعي الهدف النهائي وهو إنهاك الجيش وحصاره بين فكي الرحى، إما أن يستجيب للشعب ويرفض الانقلاب، وفي هذه الحالة عليه تقديم الانقلابيين إلى محاكمة عسكرية تنتهي بالإعدام أو العفو من الرئيس د.مرسي القائد الأعلى للقوات المسلحة، وإما أن يدخل الجيش في مواجهة خاسرة مع ملايين الشعب الغاضب، ويسقط كلا العصفورين بحجر أمريكي واحد..!

المفارقة هنا أيضا أن الرئيس المنقلب عليه حذر في خطابه الأخير الجيش من الانجرار للفخ الأمريكي ، وقال لهم بالحرف "لا تشمتوا بنا الأعداء"؛ فكان جوابهم انقلاباً صريحاً أثلج صدر أمريكا وإسرائيل..!

ويبدو أن مفارقات الإعلام الفلولي لا تنتهي؛ فقد وصف الرئيس المنتخب د.محمد مرسي بـ"الديكتاتور" حينما أصدر إعلاناً دستورياً، لكنه علق على الإعلان الدستوري الذي أصدره الانقلابي المستشار عدلي منصور بأن ذلك من حقه..!

كذلك كان التبرع لأجل مصر أيام د.مرسي "شحاتة"، و بعد الانقلاب صار "وطنية"، ناهيك عن السب ليل نهار في الرئيس د.مرسي وكان يسمى "حرية رأي"، أما الآن وبعد غلق قنوات إسلامية صار "أمن قومي".!

فعلاً الحياة مدرسة ومن دروسها أن أكبر أخطاء الرئيس د.مرسي أنه كان أميناً مع خونة، عادلاً مع ظلمة، رفيقاً مع فجرة، صادقاً مع كذوبين، متسامحاً مع لصوص، خلوقاً مع عاهرين.

وسيذكر التاريخ أن الرئيس د.مرسي ترككم تشتمون فيه بأحط العبارات ولم يعلن في وجهكم قانون طوارئ، ولا قوانين استثنائية، ولا أحكام عرفية، وسيذكر أيضاً أن لا تثق بعلماني أو ليبرالي، فقد خان دينه قبل أن يخـونك، فأنى يؤتمن على ثورة؟!

وسيذكر أن الشعب المصري الحقيقي خرج بالملايين رجالا ونساء وشيوخا وأطفالا رافضاً أن يلعق البيادة، مستقبلاً رصاص الشرطة والبلطجية بصدره العاري، لأن الحرية غالية، وثمنها الدم الذي يغرق أسفلت مصر، في القاهرة والإسكندرية والصعيد ومن سيناء لمطروح.