من ألبس أزمة اليمن لباس الجوع والخوف؟؟
بقلم/ علي مبارك ملص
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 11 يوماً
الأربعاء 06 يوليو-تموز 2011 05:13 م

لقد مرت على أزمة اليمن الشهور وأكلت عليها الأيام وشربت وتطايرت التوقعات على بساط الآراء والتخمينات لكن أزمة اليمن لم تنفك أن تبرح مكانها وتفنن اللاعبون بخيوطها في إلباسها الزواهي من حلل الإرباك والتضليل ليضيع مشهدها المأساوي بين تبرير الأسباب و استبعاد النتائج وأخيرا اهتدى فقهاؤها ( ولعله من الفقه الأعوج) الذي يسترعي من العقاب الرباني الذي يجب ألا يعاقب به الا رب العباد وحده فاستوحى شياطينه وأوحت اليهم أن يلبسوا هذه الأزمة لباس الجوع والخوف هكذا فكروا وقدروا فقتل الشعب اليمني حيث قدروا .

والمدقق في مسارات هذه الأزمة المستحكمة يرى العجب العجاب وخصوصا في أطروحات المتعاطين لهذه الأزمة واللاعبين فيها بما تحمله من مصالحهم المتقاطعة وآرائهم المتصارعة وبالرغم ما خلفته هذه الأزمة من أرقام مهولة في ارتفاع مستويات الفقر ومعدلات مخيفة من التفنن في إهلاك الحرث والنسل الا أن جميع الأطراف وبلا استثناء تتعامى قصد او بغير قصد عن الالتفات الى آثارها المدمرة وعواقبها الكارثية التي لو طالت ـ وقد طالت ـ فإنها وبلا شك ستأتي على ما تبقى من يابس فتحرقه ومن تالف فترهقه الا أن يتدارك الله هذا الشعب المكلوم المظلوم برحمة منه وفضل.

وبغض النظر عن أسباب اطالة هذه الأزمة وعن اجندات الأطراف الفاعلة فيها والتي يصر كل طرف على اطالة أمدها واستحكام عنفوانها لتحقيق تطلعات مطلوبة وأجندات مطروحة والتي يخشى أن تأتي آثار هذه الأزمة المدمرة على جميع التطلعات والأجندات فتجعلها شلوا في مهب الريح فلا يستطيع أصحابها تحقيق متطلباتهم ولا تثبيت أجنداتهم ويصبح الجميع وبلا استثناء مثلهم كمثل (المنبتّ الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى).

وفي نظري وحتى يخرج هذا الشعب والذي لا يملك من أمره سوى الترقب لتصرفات اللاعبين والمتلاعبين بخيوطها وأوصلتها الى عنق الزجاجة والتي تمس نتائجها أسس مقومات حياة هذا الشعب الذي يعاقب بغير جرم ارتكبه وبغير جريرة اقترفها فإنه لابد أن تحدث أمور ينظر اليها من دائرة المخرج من مربع السياسات والمناكفات الى مربع دائرة المسئوليات والأخلاقيات والأمور هي :

أولا : لا بد أن يعلم الجميع أن السفينة قد وصلت الى درجة الرأس في الغرق فهي وإن كانت تغرق منذ أمد بعيد فإنها اليوم قاب قوسين أو أدنى حتى تصل الى مرحلة الغرق التام فالقضية أصبحت حياة شعب أو موته لا قضية تحقيق أطماع أو بحث عن مسببات أو الكيل بمكاييل الاتهامات فإن أسباب الأزمة يعرف بها الجميع ويهرف بها من يستطيع ومن لا يستطيع .

ثانيا : إن عدم التزحزح عن المواقف الراديكالية والترنح والتشبث بالأجندات الخاصة القائمة أصبح نوعا من الخور لا يسوّغه عقل ولا يقره شرع بل لابد من بحث عن مخرج يكون فيه الجميع في درجة المسئولية التاريخية والأخذ بالحلول المقنعة العاجلة القوية أما شعار ( علي وعلى أعدائي ) فإنه لا يصلح في مثل هذه الأزمة الخانقة

ثالثا : ينبغي كف جميع الأفواه سواء أفواه ابواق الإعلام أو أفواه المدافع والإجرام وبكافة الوسائل الممكنة بدءًا من النصيحة وانتهاء بالضرب على أيدي المتسببين في تعميق روح الفرقة وترويج أطماع المصلحة

رابعا : إن تضييع الأوقات في المماحكات السياسية والتصريحات العبثية والترتيبات البروتوكولية ليس أوانه الآن فإنما هي تحتاج الى أرضية لتثبيت الأمان واستقامة الحال وتكوين الأطر الممكنة لاستيعابها فالحال الآن حال تحمل المسئولية والشجاعة والإقدام واتمام مالم يتم اتمامه وتهديم مالم يهد بنيانه من بقايا معالم الفساد وازاحة جميع أركان التلاعب والإفساد .

خامسا : إن انتظار دهاقين الفساد والمتلاعبين بالثكالى والجياع حتى يضعوا ما بأيديهم وتتساقط جميع مقومات قواهم فإن ذلك ليضع الحبل على الغارب لهم حتى يغرقوا السفينة بما فيها ومن فيها وهم سبب تيهانها وضياعها .

سادسا : إن مقتضى تحمل المسئولية في مثل هذه الأوقات العصيبة واللحظات التاريخية المهيبة ليلقي على عاتق من تصدر للتغيير وناصروه حملا ثقيلا يحمل صاحبه تبعة في تحديد طريق مفصليا لخروج هذا الشعب من عنق زجاجة هذه الأزمة المستحكمة ويضع أمامهم ونصب أعينهم أنه لابد من حسم الموقف وتحديد الخيارات وعدم التردد والتلكؤات فإعطاء فرصة وتضيع أخرى لتتبعها غصة ليس في منهج التغيير في شيء ولا من حكمة التدبير بشي .

سابعا : إنه لابد من مقام الوعظ والتذكير للأطراف المتدخلة لحل هذه الأزمة والمتمصلحة في تعميقها يقتضي أن نقول لهم قولا بليغا في جانب ونشرد بمن خلفهم في جانب آخر فإن استخدام عصى الإذعان والتنازل فقط ليملي في مثل هذه الأطراف في الاستمرار في اللعب على حبال التماهي والتحايلات حتى وإن كان ذلك على حساب معاناة المظلومين والجياع فإن مبدأهم يدور حيث تدور المصلحة فلابد أن نشرد بمصالحهم ونحذر من استمرار التمادي في تعميق الأزمة واطالة أمر المفسدين

أخيرا : فإن الناظر الى حال الأزمة اليمنية اليوم وما أصابها من ترهل وركود ليعلم أن ذلك إنما كان لأسباب ثلاثة لا يخرج عنها . أولها اذعان الفاعلين فيها للضغوطات , وأطماع الضاغطين فيها , واسترسال المهمشين فيها في انتظار ما يخرجه الضاغطين والطامعين .

مشاهدة المزيد