آخر الاخبار
في ذكرى معركة الفلوجة الثانية
بقلم/ احمد الظرافي
نشر منذ: 15 سنة و شهرين و 10 أيام
الجمعة 04 سبتمبر-أيلول 2009 11:02 م

هل نسيتم الفلوجة يا عـرب؟ هل نسيتم الفلوجة يا أتباع محمد صلى الله عليه وسلم؟ .. الفلوجة مهد الغيارى، وقلعة الصمود والتصدي، التي أعادت الاعتبار إليكم، ورفعت شانكم بين الأمم ..الفلوجة شامة الأنبار التي أثبتت أن الإسلام قوة لا تقهر، وأن الجهاد إرادة لا تغلب، وأن الإيمان شعلة لا تنطفئ..الفلوجة مدينة العلم ، التي انتحر على أسوارها العلوج من عباد الصليب ومن رعاة البقر الأمريكان وحلفائهم .

الفلوجة مدينة المساجد التي أذلت كبرياء أقوى قوة امبريالية استعمارية صليبية غاشمة في العالم في القرن الواحد والعشرين وداست على كرامتها بالوحل ..عندما وقف في وجهها قلة قليلة من المجاهدين الأبطال ( حوالي 1000مقاتل ) من خيرة الشباب الذين لم يكونوا يملكون من السلاح سوى عقيدة التوحيد الراسخة في قلوبهم ، وسوى زهدهم في الحياة الدنيا، وسوى رغبتهم الصادقة في الجهاد ذبا عن دينهم وكرامة أمتهم ، وسوى ما أمكنهم الحصول عليه أو انتزاعه من أيادي أعدائهم من الأسلحة اليدوية الخفيفة ودون المتوسطة. لقد ظلت هذه المدينة الصغيرة، الأبية بإباء هذه الثلة من المجاهدين، وإخلاصهم وقوة عقيدتهم وثقتهم بنصر الله، ظلت تناطح الولايات المتحدة الأمريكية سيدة الكرة الأرضية، لمدة تسعة أشهر كاملة، ولم يخضعها شدة القصف الجوي والبري المستمر بأشد ما يملكه العدو الأمريكي من سلاح فتاك ومن قوة تدميرية هائلة، وكذلك لم يفت في عضدها الحصار الخانق المتواصل، والطعنة في الظهر التي تلقتها من بعض الخونة المأجورين من المحسوبين على أهل السنة في العراق، والسنة براء منهم، وهي المدة من أبريل 2004 حتى نوفمبر2004. وكانت هذه الفترة من أحلك الأوقات وأطولها بالنسبة للولايات المتحدة، وعاشتها الإدارة الأمريكية واليمين المسيحي المتطرف في جحيم وكوابيس، وقلق على كرامتهم التي مرغتها في الوحل هذه المدينة الصغيرة. وكانت هذه الفترة هي أمداد لمعركة الفلوجة الأولى التي اندلعت في أول أبريل من عام 2004 واستمرت حتى نوفمبر من نفس العام، وهو الشهر الذي وقعت فيه معركة الفلوجة الثانية.

ويمكن القول أن معركة الفلوجة الثانية مرت بمرحتلين: الأولى تمثلت في هجوم القوات الأمريكية، تلى ذلك هجوم فيلق بدر والعصابات الشيعية.

أولا: هجوم القـوات الأمريكية 

جاءت معركة الفلوجة الثانية في النصف الثاني من رمضان 1424هـ، الموافق نوفمبر 2004 - كما هو معروف – بعدما ضاعفت القوات الأمريكية تعزيزاتها 7مرات عن المعـركة الأولى في ابريل 2004، وبلغت أعداد جنودها أكثر من 15ألف جندي، مقابل حوالي 1000مقاتل كانوا متحصنين داخل المدينة.

وبعد أن كانت قد أنهكت واستنزفت سكان المدينة ومقاتليها بالمفاوضات العبثية التي تمت في ظل وساطة مشبوهة قام بها إخوان العراق ( الحزب الإسلامي ) وبعض الشخصيات المشاركة في مجلس الحكم العميل وهذا أولا، وبالحصار الخانق بحيث قطعت عنهم التموين والمدد من الخارج نهائيا ، ثانيا ، وثالثا بالضربات الجوية المتواصلة والتي لم تتوقف منذ هزيمتها المخزية في المعركة السابقة في ابريل 2004، وحتى بداية هذه المعركة، وذلك رغم أن ما كان يسمى بـ " المفاوضات" كانت جارية طوال هذه المدة، والتي كان واضحا أنها فقط لكسب الوقت وللحصول على مزيد من المعلومات حول المقاومة بداخل المدينة، ولاختراق صفوف المقاتلين في المدينة والحصول على معلومات حول مواطن قوتهم ومواطن ضعفهم، وأرادت القوات الأمريكية هذه المرة أن تمحوا المدينة عن بكرة أبيها ، وكان هذا لسان حال المارينز الأمريكي ، فعندما سألت صحيفة أوروبية ضابطا من المارينز في بغداد عن وجهته.. قال لها بلهجة صارمة : نحن ذاهبون لمحو الفلوجة.

وقد بدأت القوات الأمريكية معركتها الثانية على الفلوجة بهجوم مكثف واسع النطاق قام به مشاة البحرية الأمريكية ( المارينز ) على المدينة، مستخدمين مختلف الطائرات العمـودية والمقاتلة من الجو ، والدبابات والمدافع الثقيلة والصواريخ من البر ، وكل ذلك ضد حوالي 1000 مقاتل من أهالي الفلوجة، وبعض العـرب والذين لم يكونوا يملكون إلا أسلحة خفيفة وفوق الخفيفة وإلا سلاح الأيمان والعقيدة.

ولما عجزت القوات الأمريكية عن اقتحام المدينة بعد عدة محاولات لاختراقها من جهاتها الأربعة, وتلقت ضربات موجعة جدًا اضطرت إلى استقدام طائرات B52 العملاقة وقاذفات أخرى من الخليج ، واستمرت القوات الأمريكية في تطوير وتيرة هذا الهجوم ، وتصعيده حتى وصل إلى ذروة الوحشية والهمجية : بكل ما تضمنته معنى الوحشية، والهمجية، من استخدام الكيميائي، والفسفور الأبيض، إلى القنابل العنقودية، والقنابل فائقة الوزن إلى الإجهاز على الجرحى والعبور عليهم بالعربات، إلى التمثيل بجثث الشهداء، وسحلهم بحبال الدبابات.

وعن أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا التي استخدمتها القوات الأمريكية ضد مجاهدي الفلوجة وإخوانهم من المقاتلين العرب من أنصار السلفية الجهادية وتنظيم القاعدة، والتي أدت بعد ذلك إلى سقوطها بيد الأمريكان، رغم صلابة المقاتلين واستماتتهم المتناهية في الدفاع عن مدينتهم، وبعد أن كانت قد استعصت عليها وردت على أعقابها خائبة مدحورة في أبريل عام 2004، عن كل ذلك ينقل لنا أحد الكتاب رواية أحد الأطباء في مستشفى الفلوجة، حول أنواع تلك الأسلحة وعن المذبحة التي ارتكبتها القوات الأمريكية في الفلوجة – بواسطة هذه الأسلحة : وهي مذبحة تسربت أنباؤها إلى وسائل الإعلام على الرغم من التعتيم الإعلامي الشديد الذي حرصت واشنطن على فرضه على الجميع سواء داخل العراق أو خارجه : وتلك الأسلحة وإن قد تم الكشف عنها إلا أن رواية الطبيب العراقي تفصح عن شيء هام ، ألا وهو التكتيكات التي أتبعتها المقاومة للوقاية من المخاطر المهلكة لتلك الأسلحة الفتاكة، والمحركة دوليا. وهي التكتيكات التي – بالتالي – مكنت المجاهدين من ذلك الصمود البطولي النادر ضد أعتى قوة على الأرض، وفي التكيف مع أسلحة الدمار الشامل التي تم استخدامها ومواصلة القتال ضدها لأطول فترة ممكنة بل وتكبيدها خسائر فادحة، بالرغم من إفراط القوات الأمريكية في استخدام تلك الأسلحة الفتاكة. فقد أشار هذا الطبيب العراقي - وهو أحد الذين شهدوا الأحداث الكاملة للمعركة - أشار إلى أن: 90% من شهداء الفلوجة قتلوا بالكيماوي، والفسفور، وقال : لو لم يستخدم الاحتلال الأسلحة المحرمة والفتاكة، لما دخلها أبدًا، ولبقيت الفلوجة عاصية عليهم حتى الآن. وأضاف: استخدم الاحتلال أول الأمر القنابل العنقودية .. وألقى في الأسبوع الأول على الفلوجة أكثر من 170 حاوية عنقودية، ومع ذلك فشلت!! فقد وجد مقاتلو الفلوجة الحل بمواجهتها عن طريق "حفر خنادق شقية ضيقة " تحوي "سواتر ترابية في مقدمة الشق، تفجر عندها القنبلة، كي لا تنزل عليهم، وقد حفظ الله رجال المقاومة بتلك الخطة. ثم استخدموا – أي الأمريكان - الغاز الخانق، وقد وجدت المقاومة حلاً أيضًا، حيث وضعوا على وجوههم "شماغ" فيه سكر مذاب، منع من دخول الغاز على رئتيهم. ثم استخدموا آخر المطاف الفسفور الحارق، واستشهد الكثير منهم بفعله، واحترقوا بالكامل، إلا أنهم لا زالوا غير قادرين على كسر المقاومة، فعمدوا في نهاية الأمر إلى استخدام الكيماوي مع الفسفور، وهو ما أحرق الأخضر واليابس، فقد استشهد في يوم واحد أكثر من 200 مقاوم حرقًا، حيث أذاب الفسفور والكيماوي حتى العظم، فلم تبق حياة في الفلوجة - حتى الكلاب والقطط نفقت-، والأشجار يبست. وعندها تمكنوا من الفلوجة، فقد دخلوا إليها أرضًا سوداء جرداء، بلا حياة على الإطلاق، وأعلنوا نصرهم المزعوم، على جثث متفحمة منصهرة، تتعدى 400 جثة. وقدمت المدينة المجاهدة خيرة شبابها ورجالها شهداء... وتم تخريب وتدمير مساجدها وأبنيتها وأحياءها، وتعرّض من تبقى من أهلها علي قيد الحياة إلي التشريد في البراري وفي المدن القريبة، أما الشهداء، فقد تحولت بهم شوارع المدينة وساحاتها إلي مقابر جماعية. وقد أعلنت القوات الأمريكية عن مقتل 1600مقاوم، واعتقال 1050شخصا من أهالي الفلوجة . وقد ترك القتلى في الشوارع ولم يقم أحد باخلائهم ، حتى سارت الدبابات الأمريكية فوق جثثهم . واستمرت رائحة الجثث المتعفنة لضحايا الهجمات الأمريكية تفوح في العديد من المناطق.

ولم تكن تلك هي الحصيلة الكاملة للقتلى حيث أن كثيرا من أهالي الفلوجة دفنوا تحت أنقاض منازلهم التي هدمها القصف فوق رءوسهم والذين تركوا تحتها لعدة أيام قبل أن تسمح قوات الاحتلال بعملية إخراجهم من تحتها، بل و: لا تزال – والكلام لازال للطبيب العراقي السابق - حتى يومنا هذا ( ديسمبر 2006) جثثًا موجودة تحت الأنقاض، تصلنا بين فترة وأخرى، واحدة أو اثنتان، يعثر عليها أهل المدينة، تحت أنقاض المنازل، والمحال التجارية، والعمارات السكنية، على الرغم من مرور قرابة العامين على تلك المعركة، وقد وصلتنا جثثٌ بعضها يوحي إليك كأنه قتل قبل يوم أو يومين، فوالله وصلتنا جثة سوري وجدت تحت أنقاض عمارة الفلوجة القديمة، كأن صاحبها قد مات أمس أو أول أمس، وتم دفنه في جنازة مهيبة في مقبرة شهداء المدينة.

" ان الفلوجة تبدو وكأن اعصاراُ كــ " تسونامي " قد ضربها " هكذا وصف المشهد أحد الأطباء العراقيين الذين شهدوا معركة الفلوجة الثانية.

ثانيا: هجوم فيلق بدر والعصابات الشيعية

كان ذلك هو نهاية الفصل الأول من المعركة فقط ..وبعده يبدأ الفصل الثاني، والذي لم يكن بأقل وحشية وهمجية من الفصل الأول – إن لم يتفوق عليه في ذلك طبقا للبعض - وسأحيلكم هاهنا إلى مقالة تحمل اسم: ما بعد معركة الفلوجة، نشرها صاحبها في 9/12/2006 بعد زيارة ميدانية قام بها إلى الفلوجة، ومقابلة بعض شهود العيان فيها . قال هذا الكاتب مسلطا الأضواء على الجرائم المروعة التي حدثت في هذا الفصل، وهي تلك الجرائم المروعة التي أعقبت سقوط المدينة، والتي أرتكبها الروافض إذناب الفرس قاتلهم الله جميعا– والتي لم تحظ بالتغطية الإعلامية المناسبة.

قال – وأنا أنقل عنه بتصرف هاهنا - : بعد انتهاء معركة الفلوجة .. بدأ فصل الرافضة ... فبعد أن حطت الحرب أوزارها! وسيطر أكثر من 15 ألف جندي من المارينز والكوماندوز، وقوات عراقية خاصة - تم تدريبها في أمريكا قبل احتلال العراق تدعى الفرقة السرية A1 - إضافة إلى الحرس الوطني العراقي، دخلت إلى مدينة المساجد في اليوم الثاني أكثر من سبعين سيارة، وآلية، تحمل عشرات العناصر من العصابات الشيعية ... حاملة على زجاج السيارات الأمامي صور السفير الإيراني في العراق "علي السيستاني"، وصور "عبد العزيز الحكيم" وأعلام الحوزة .وقامت – تلك العصابات - في اليوم الأول بقتل ثلاثة وأربعين مقاومًا جريحًا، وجدتهم في أزقة وشوارع وبيوتات الفلوجة.

وهنا يترك الكاتب الحديث لأحد سكان الفلوجة الذين كانوا شهودا على ما حدث وهو الحاج "المعاق" "محمد عارف" والذي يقول : بعد انتهاء المعركة، وسيطرة الاحتلال، وأعوانه على الفلوجة، دخل العشرات من عناصر العصابات الشيعية في سيارات، تحمل على زجاجها الأمامي صور السيستاني والحكيم إلى الفلوجة. وانقسموا إلى قسمين: فالقسم الأول بدأ بقتل الجرحى العرب والعراقيين في المساجد، والمنازل، والشوارع، عن طريق إطلاق ما أسموه (رصاصة الرحمة)، أو الدهس بالسيارات، أو كما حدث عند الشيخ الجريح "نواف العنزي" - وهو سعودي الجنسية- حيث كان جرحُه ينزف في حي الشرطة، ومُمدد بلا حراك، عندما قام أحد عناصر تلك العصابات بضربه بصخرة كبيرة على رأسه، هشمته بالكامل قائلاً له: الرصاصة كثيرة في حقك، واستشهد ـ رحمه الله ـ بعد أن تهشّم رأسه، .. أما القسم الثاني: فكان مخصصا للسرقة، فقد سرقوا بيوت المسلمين السنُّة في المدينة، ولم يبقوا على شيء يذكر من ذهب، وأموال، وكهربائيات، وتحف ... حتى كونت تلك العصابات سوقًا، عُرف باسم سوق الفلوجة ... يباع فيها بسعر زهيد كل ما تمّت سرقته من الفلوجة ... حتى وصل الأمر بهم إلى سرقة ملابس نساء السنُّة في الفلوجة، وبيعها إلى الشيعة بأسعار زهيدة، .... بعد يوم واحد ( من ذلك ) قامت تلك العصابات... باختراع فكرة جديدة، وهي تسليم الجرحى العرب، خاصة للاحتلال، تحت زعم أنهم هم من ألقوا القبض عليه وأصابوه، بعد أن حاول الهروب، وكانوا يأخذون من الصليبين الأموال، مقابل تسليمهم المسلمين الجرحى. ويضيف شاهد العيان هذا قائلا : وشهادةً لله وللتاريخ، فإن اليهود - الذين اقتحموا الفلوجة - كانوا أرحم من الروافض في فصل الفلوجة الثاني، وأقصد به ما بعد هجوم الجيش الأمريكي. حيث رأيت أمام عيني أربعة من تلك العصابات، يرفعون طفلاً عمره سنة ونصف، وهو ابن الشهيد "محمد أبو خديجة" ـ أحد قادة المقاومة ـ، ويقومون بينهم برمي الطفل، فتارة يركلونه مثل بأرجلهم، وتارة يقذفه الأول للثاني والثالث للرابع وهكذا... والدم يسيل من أنفه وفمه وتمنيت أني لست عجوزا حتى أهجم عليهم، ... إلا أن أحد جنود الاحتلال شاهدهم وهم يركلون الطفل "خطاب" بالأرجل، فركض إليهم وخلص الطفل من بين أقدامهم، ووبخهم، ... وعندما سَئَل عن أهله، أخبرتُه أن والده استًشهد، ووالدته أيضًا استشهدت!! فأخذه، ولم أعرف ما مصيره حتى الآن؟.

ثالثا: تحويل الفلوجة إلى سجن كبير

بعد ذلك أغلقت القوات الأمريكية والعصابات الشيعية المدينة في وجه أهلها الذين كان أكثرهم قد غادروها قبل اندلاع الحرب الثانية بطلب من القوات الأمريكية، وبعد أن دخلت هذه القوات إلى المدينة قامت باستدعاء الأهالي اللاجئين للعودة إليها، بعد أن حولوها إلى خرائب وأطلال وإلى مدينة أشباح، على أن يتم دخولهم إليها عن طريق البطاقات التعريفية، التي تحمل الاسم، والوظيفة، بجانب بصمات الأصابع، والقزحية للعين لكلّ مواطنٍ، هو من أهل "الفلوجة".

وصعّبت القوات العراقية والقوات الأمريكية إجراءات الدخول والخروج إلي الفلوجة إلى أقصى حد ، مما أدى إلي وقوف المواطنين والسيارات ساعات طويلة علي مداخل المدينة ( حددت نقاط ست للد خول إلى المدينة )، مع اتخاذ مختلف الإجراءات الأمنية المشدّدة على نقاط السيطرة تلك من جميع الاتجاهات التي تحيط بالمدينة.ويتم معاملة المواطنين عند الدخول والخروج بكل خشونة وصلف ووقاحة، وصار الوصول إلي الفلوجة أشبه بالمعجزة بالنسبة لغير أهلها، الذين يتم التحقق من انتسابهم إليها عن طريق فحص قزحية العين والتأكد من بصمات الأصابع.

وهذه المنافذ الستة التي حددتها القوات الأمريكية للدخول إلى الفلوجة تتعرض لعمليات تفتيش ومراقبة دقيقة، ولا يستطيع أي شخص دخول المدينة إلا وهو يحمل هوية تعريفية تثبت انه من سكان الفلوجة حصرا...وأصبح الدخول إلى المدينة والخروج منها متعذرا إلا بعد الحصول على تصريح خاص.

وبالنسبة للذين عادوا إليها، فالأمريكيون والعراقيون المتعاونون معهم، حولوا حياتهم إلى جحيم لا يطاق بسبب القوانين الأمنية القاهرة، والمداهمات المستمرة، التي تجعل من الصعوبة بمكان أمام أي شخص يريد معاودة حياته وبناء اقتصاده الذاتي الذي شكل في الماضي عصب الحياة في المدينة.

فكل مواطن في المدينة، عليه الحصول علي بطاقة أمنية، تحمل صورته واسمه، وبصمة أصبع الإبهام، وصورة عن بؤبؤ عينه، حيث يتم إدخال البطاقة هذه في جهاز كمبيوتر لفحص هوية الشخص الذي يدخل أو يخرج منها.

يقول مواطن أن معظم السكان لا يعملون أنا سائق ولكني محاصر في الفلوجة، كيف اقود سيارتي وانا لا استطيع الخروج.

 

وإبراز بطاقة الهوية التي أصدرتها القوات الغازية هو الوسيلة الوحيدة للدخول والخروج وبدونها لا يمكن الدخول ولاالخروج حتى ولو كان يمتلك كل الأوراق والوثائق الرسمية التي تثبت هويته.. والاهانات والاستفزازات عند نقاط التفتيش تجعل الناس أكثر غضباُ . قال أحدهم: لقد كنت هناك ورأيت أن كل من يرفع مجرد نظره يهدد ويضرب من قبل الجنود الأمريكان والجنود العراقيين على السواء ... أحد الرجال فعل ذلك ورفع بصره ، وعندما حاول الجندي العراقي أن يهينه استولى هذا الرجل على سلاح الجندي الواقف إلى جواره وقتل اثنان من هؤلاء الجنود ، وطبعا قُتل بعد ذلك. وتكررت هذه الحادثة فيما بعد مرات كثيرة.

على أن هذه المنافذ الستة للدخول والخروج أحيانا تغلق لمدة 24 ساعة نتيجة عملية أمنية تنفذ من قبل أجهزة الشرطة وقوات الحرس الوطني الموالية للاحتلال وقوات الاحتلال داخل المدينة بحجة إلقاء القبض على مطلوبين. مما يضطر المواطنين إلى المبيت خارج المدينة أوفي سيارتهم على الرغم من خطورة قوات الاحتلال الأمريكية المتجولة وممارستها العدوانية. 

يذكر أن إغلاق المداخل والمخارج في المدينة يسبب حالة من الإرباك الكبير لمواطني المدينة؛ حيث دائمًا ما يضطر البعض إلى المبيت في العراء داخل سياراتهم عند إغلاق المداخل، ومنعهم من الوصول إلى بيوتهم.

كما شدّدت القوات الأمريكية والحرس الوطني الموالي لها من لهجتها ومن تعاملها للمواطنين الذين يقومون بالدخول إلى المدينة، من خلال بعض الاستفزازات والكلام الجارح. وأصبح طابور السيارات الذي تصطف حوله سيارات المدنيين أصبح يرى من مكان بعيد لكثرة وجود السيارات هناك، ودقة التفتيش الذي شدده جيش الاحتلال الأمريكي عند هذه السيطرة بالذات.

رابعا: بطـائـق الدخول والخـروج

قلنا إن إبراز بطاقة الهوية التي أصدرتها القوات الغازية هو الوسيلة الوحيدة للدخول إلى الفلوجة والخروج منها وبدونها لا يمكن الدخول ولا الخروج حتى ولو كان الشخص يمتلك كل الأوراق والوثائق الرسمية التي تثبت هويته.. ويا ويل يا سواد ليل من تضيع منه هذه البطاقة .. ومما قرأته حول هذا الأمر هو تلك القصة التي كانت من ضمن مكالمة هاتفية من عراقي لصديق له في الولايات المتحدة الأمريكية- وهو صحفي كان يعمل في العراق سابقا - ومضمون القصة حول المعاناة التي عاشتها أحد المدرسات الفلوجيات لكونها فقدت بطاقتها – وكيف أن الأمريكيين أخذوا بصمات أصابعها العشرة وصورة بالماسح الضوئي لقرنية العين لكي تحصل على بطاقة هوية تضمن لها دخول مدينتها . وعندما خرجت للتسوق من أحد الأسواق بمدينة بغداد فقدت هذه البطاقة فأصبحت غير قادرة على دخول المدينة حيث ترفض قوات الحرس الوطني العراقي الموالية للأمريكيين السماح لها بالعودة إلى منزلها داخل المدينة. وقد أخبرتهم المعلمة بأنها فقدت بطاقة هويتها في بغداد أثناء التسوق، وأنها تريد العودة إلى منزلها ولكن القوات العراقية والأمريكية رفضت السماح لها بالعودة وقد كان بعض جيرانها في مدينة الفلوجة متواجدين عند نقطة التفتيش على مدخل المدينة وأكدوا للقوات العراقية أن هذه السيدة من سكان المدينة وأنها جارتهم ولكن أيضا لم ينصت لهم أحد. واتصلت بزوجها عبر الهاتف المحمول الخاص بأحد جيرانها عند نقطة التفتيش لكي يحضر لها الأوراق الدالة على هويتها وأنها زوجته وأنها تعيش في الفلوجة ولكن القوات المرابطة عند نقطة التفتيش رفضت أيضا السماح لها بالدخول إلى المدينة . وقد صرخت السيدة بعد أن نفد صبرها وقالت لتلك القوات: إن لها ثأرا لديهم ولعنتهم لأن القوات الأمريكية قتلت تسعة من أقاربها في هجومها على الفلوجة في نوفمبر الماضي ( 2004 ) والآن تأتي تلك القوات الأمريكية والقوات العراقية لتمنعها من العودة إلى منزلها!!. وطلب الصديق العراقي في ختام المكالمة الهاتفية من صديقه الأمريكي أن يثير هذه القضية لدى الشعب الأمريكي ويسأل أفراد الشعب عن شعورهم إذا ما وجدوا نقطة تفتيش تمنعهم من دخول مدينتهم رغم أن سكان المدينة يؤكدون أن الشخص الممنوع هو من سكانها وأنه معلم في إحدى مدارسها؟!!.

ولا تزال معركة الفلوجة مستمرة حتى اليوم وحتى النصر إن شاء الله ودحر الغزاة من جميع أراضي المسلمين.