محاكمة عقل الإرهاب الحديث
بقلم/ أحمد أمين المساوى
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و يومين
السبت 14 يوليو-تموز 2007 06:38 م

مأرب برس - خاص

لساعات الليل اليمانية خواطر إلهامية تنقل النظرة لخزانة الفكرة فتتجلى في الأسحار إشرافات الأنوار وقد جاءت الأخبار الموثقة عن جهالة محققة أودت بالطالب والمطلوب فشرعت أقلب أفكاري عن مقاصد الفعل وشرعية غرضه وتوجهت بنية صادقة بحثا عن أسباب الاغتراب من سلوك الأحباب والأصحاب فاستنجدت بخليلي اللبيب والصفي العجيب سائلاً عن دليل الفعل الغريب في استهداف الوافدين للوطن الحبيب وطريق سنده وإسناده؟

أجابني خليلي اللبيب أن دليل الفعل إفلاس معرفي واضح وغايته بلاء فاضح ومسنده لايعمل الراجح بإسناد منقطع لم يرو عنه عالم ناصح تابعهم قليل المعرفة متطاول يبحث عن ذكر لذاته يضحي فيه بحياته متعلقاً بسراب أن في ذلك نجاته .

ثقافتهم خطب ساخطة على تفرق الأمة وضلال العامة وفساد القمة وجعل التفجيرات طريق وحيد للخلاص من شتاته وتعبيرا لاستنكاره ضيق حياته!

تعبئتهم الفكرية خطب وكتيبات يقتص مصنفيها من المشرع ما ناسب تعبئتهم وأغراضهم، يتلقاها تابعهم كحق مطلق وآية بينة ،كافراً بكل ما خالف منهج شيخهم يتسم أصحاب هذا المنهج بميل دينماتيكي لحركات الخوارج يهتمون بالشكل مغتربين عن المضامين الإسلامية المحقة لا يتورعون بدماء مخالفيهم من أهل القبلة ويرون ضرورة العودة لحالة الأمة قبل الألف عام، أول مايتلقاه الداخل معهم حديث لم يروه البخاري ومسلم عن الفرقة الناجية بإدعاء أنهم المراد بالفرقة الناجية يدعون الاجتهاد وهم في غب الانقياد ، وبعد أن أوضح اللبيب سألت الصفي العجيب عن فوائده فيما سمعه ورآه؟

 فتبسم وأشار بما قد يفهم بأن ذاك جزء من غثاء وموجة بحر نهايتها هباء، أخُبر عنهم بأنهم يمرقون من الدين كما تمرق السهم من الرمية، مستشهداً بجهل الجماعة شرعية الأفعال والأقوال حيث اختطف تنظيمهم بغزة فلسطين جونستون مراسل الـ BBC لأشهر عدة لم يفرج عنه إلا بعد طلب أمراء ذلك البلد تحكيمهم لعالم بالكتاب والسنة الأمر الذي أظهر عجزهم أثبات مستندهم الشرعي وبطلان حجتهم وإتباعهم أهواء بعضهم فتبين فساد فعلهم وأفرج عن أسيرهم فطلبت منه صورة الأحكام لنبثها في الإعلام ليشهد بذلك الأنام فلم نجد للحاكم أثر ولا للحكم خبر وبما أن الإفراج عن جونستون تقرر بالبصر فلابد من أن قرار قد صدر ولكوننا لم نعلم فحواه كان لابد من السير للقياه ،

فدعونا ممثل لفكرة الجماعة وعرضنا عليه محاكمة توافقية معتمده على الكتاب والسنة فقال أعمالنا مستمده من الكتاب والسنة وأقرها مجتهدي الأمة

فرد الصفي قائلا:

 والدعاوي ما لم تقيموا عليها ***بينات أبناءها أدعيا

فقلنا سنترك الحكم للنظر،

ومثلت النيابة الإسلامية وكيلاً مدعياً أمام هيئة المحكمة التوافقيةً ضد فكرة جماعة الاغتراب بأن الفكرة المذكورة أخلت بالنظام العام للشريعة الإسلامية ومجتمعها محدثتاً أضرار بحق الأمة الإسلامية والإنسانية على وجه العموم ولكون المذكورة استهدفت بجريمتها الأخيرة التي أقدمت فيها على تفجير مجموعة من المسلمين والذميين الذين كانوا برفقتهم ما أودى بحياة تسعة نفوس بشرية وجرح آخرين وإهلاك عدد من الآليات وترويع أبناء الأمة مايوجب إنزال أقصى العقوبات على فكرة الجماعة المذكورة ،

استنادا للآيات التالية قوله تعالي ((إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم))

وقوله تعالى (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون)

وقولة تعالى (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فإتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم )

هذا والشرع ميزان الأمور كلها وحاوياً لفرعها وأصلها...

وفي الجلسة رد ممثل فكرة الجماعة قائلا: أن ما تقدم به المدعي المذكور باطلاً لايقره مسلم ولا يقبله عالم واستدلاله في غير محله ولا نعلم سبب تنصيب النيابة نفسها عن الكفرة والمرتدين! وما قام به الشهيد بناء على الفكرة كان عمل مبارك شرعي مستندا للكتاب والسنة مدافعاً عن الأمة من هجمة الكفرة والمرتدين ، علماً بأن الجماعة في حل من أي أمان منحة السلطان للكفرة كوننا أصدرنا بيان قبل العملية بثلاثة أيام أعلنا أننا سنضرب العدو أينما وجد، وهي بينة كافية ودلالة وافية تدل على شرعية العملية إعمالاً للآية القائلة(( واقتلوهم حيث ثقفتموهم)) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم *أخرجوا المشركين من جزيرة العرب* واعتمادا على فتوى زعيم الجماعة الشيخ أيمن الظواهري حفظة الله باستهداف المصالح الأجنبية في اليمن وبلاد الرافدين وغيرها من البلدان كما أن الجهاد واجب هنا لإضعاف الغرب في حروب استنزاف موزعة في مناطق شتى تنهكهم لتعلو راية الإسلام ولو كره المرجفون والكافرين.

المحكمة: تكتفي بهذا القدر من الرد على الدعوى وتمنح وكيل النيابة الإسلامية حق التعقيب

فأفاد الوكيل: بسؤال استنكاري وهل ستعلو راية الإسلام بالتفجير وقتل الأبرياء وأي ملة تتشرف بعلو هكذا وسيلته؟!

إلا أن اعتراف ممثل فكرة الجماعة بالعميلة دليل كافي للإدانة بالتهم المنسوبة إليها في قرار الاتهام إما إنكارها لكون العملية غير شرعية واعتمادها على أدله شرعية لاتتناسب مع الواقعة فإن خطأ فكرة الجماعة في فهم الحكم الشرعي للعملية لايلغي العقوبة المقررة شرعاً،

وبالنسبة لاعتمادها للفتوى الضعيفة متناً وسنداً مرتكزة على*ظاهرة الفيديو كليب* أولا هناك إشكالية في التحقق من صحة الإسناد ثم في أهلية المفتي المعتمد في الإسناد أيمن الظواهري وصلاحيته للفتوى مما يتضح بجلاء فساد الفتوى وبطلان حجيتها لتطرق الشك وغياب يقين الرواية واختلال توازنها نهجا وممارسة،

أما الحديث الوارد عن الحبيب الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم فليس مجاله هنا حيث أن السياح وافدين وليسوا قاطنين والإخراج لايقتضي بالضرورة أن يكون القتل هو وسيلته فالظاهر أن دعوتهم للإسلام بالموعظة الحسنة هو المراد وحمل الأمر على ظاهره أولى والاستئناس بعمل الخلفاء الراشدين في ترك أهل الذمة بالجزيرة علمه القاصي والداني، 

أما الأية القرآنية فالبين من السياق من مجمله قتل المشركين الذين يقاتلونكم وبالعودة لأخر النص يتضح المعني بجلاء بقوله تعالى ((فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين)) ولما سبق نتقدم للعدالة تقرير ما يبين فساد الـتأصيل إقرارا للحق وبيانا له ...

عقب ممثل الجماعة مستفتحاً: بقوله تعالى ((يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون))

وحسبنا إخبار القرآن عن أمثالك وهيهات أن ينال من روح الإسلام *الجهاد أمثالكم من الأدعياء للدين وما تشنيعك وتقذيعك للأعمال المشرفة هو الدليل على جهل مركب بأحكام الشرع ألم تعلم النيابة قوله تعالى { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم } واعتداء الغربيين على بلداننا الإسلامية لاتناكر عليه وقد قال تعالى ((إن تكونوا تألمون فأنهم يألمون مثلما تألمون)) وماقمنا به كان امتثالا لأمر شرعي إذ قال تعالى ((كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)) وعليه فلا عبرة بهرطقيات النيابة وعويلها الذي يبين فساد قرارها وخطأ استدلالها

عقب ممثل النيابة مبتدأ: بقوله تعالى ((أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون أولا تعلمون أن الله يعلم ما تسرون وما تعلنون))

وهل الجريمة النكراء التي تمت جهاد كيف اعتبرت جهاد؟ مع أنها في أرض الإسلام وليست في أرض العدو ولا يوجد فيها غازي استهدفت مسلمين وذميين ولم تمس الحربيين خالفت روح الإسلام*الرحمة التي خاطب المولى نبيه بقوله ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) وخالفت قوله تعالى ((ولا تلقوا بأيديكم إلا التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)) وفي التفجير إهلاك لأوطاننا وأبنائنا ومنهم منفذيه، لم تصب عدو ولم تضر ببلد ، بقدر ما أضرت بالدين والوطن وبمعاهدين للمسلمين.

والرد على من اعتدى بأرض الإسلام يكون محل الاعتداء موطن رده ودفع محاربه باعتبار ذاك البلد المحتل أرض معركة ألم يقل تعالى ((ولا تزر وازرة وزر أخرى))أما أن يحتل الشام فنرد في العدن فإن ذلك ضرباً من عبث

ولو افترضنا مع استحالته جدلاً اعتباره جهاد بدليل خفي لم يتضح أين ذلك من حكمة الإسلام وقد روي أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم

: أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ فقال ( لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم قال فناداني ملك الجبال وسلم علي ثم قال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت ؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا )

فأين هو عملهم من الحكمة النبوية ألم يكره للمجاهدين أبو بكر الصديق أن يخرب عامرا أو يقطع مثمرا أو يحرق نخلا أو يعقر شاة أو بعيرا إلا لمأكله ؟

فأين هذه المعاني من أعمال فكرة الجماعات التفجيرية؟

وماتلك الإفهام الغير سوية إلا مصداقاً لقوله تعالى ((فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم))

المحكمة تكتفي بهذا الإيضاح المدعم لقرار الاتهام وتمنح ممثل الجماعة حق الرد للجلسة الختامية،
وفيها حضر الطرفان واستعرضت الهيئة وقائع الجلسة السابقة وأقرها الطرفان وفيها قدم ممثل الجماعة رداً على النيابة خلاصته :

إن مجمل ما ورد في ردود ممثل الإدعاء مغالطات جمة طوع فيها ممثل النيابة الشواهد القرآنية بما يتناسب مع طرحه وتوجهات آمريه وذلك ليس بالأمر الجديد وقد أخبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بأن لانجادل في القرآن لأنه ذوو وجوه ، وعليه فأن استغلال النيابة لوضوح عملياتنا حاولوا أن يدخلونا في إشكال توضيح الموضح وكما تعارف العرب بأن توضيح المبين عسر ، ومع ذلك لن نعدم حيلة تبيين شرعية غاياتنا ووسائلنا وعليه نتوجه بسؤال يعرف جوابه العالمين *الإنس والجن* هل بإمكان أحد إنكار الهجمة الغربية على عدد من البلدان الإسلامية؟ أليس من اعتدى علينا عدو؟أليس فكرة تنظيمنا تستهدف أبناء تلك البلدان وبلدانهم؟ وعلى النيابة وممثليها ألا يرضوا لنا بالدنيئة ونحن قوم أعزنا الله بالإسلام...

ممثل الادعاء يعقب على رد ممثل المتهم:

 بأن ما رد بأن القرآن حمال أوجه كلام صحيح يدرك ذلك كل صاحب فطرة سليمة وملكة لغوية ولكنه أطلاق على الأغلب الوارد في الكتاب الشريف وما ورد فيه من آيات مُحكمات فهي خارجة من القاعدة كما بين الشارحين ذلك ،كما أن إدعاء أن العمليات الإجرامية واضحة الشرعية فإن ذلك مدعى للعجب كون أي مبتدئ طالب للعلم الشرعي يدرك أن الأصل في الدماء التحريم وان الإسلام جاء في مجمله يدعو لحفظ الكليات الخمس وهي حفظ النفس والعقل والمال والنسب والعرض، ثم إن استفهامه عن من اعتدى على البلدان الإسلامية نعم هو الغرب ولكنه الغرب المحارب وعدونا محاربيهم الذين أعتدو على بلداننا وإخواننا وذلك بميزان شرعي عاقل منصف

ولتسمح هيئة المحكمة بإيراد فكاهة كشاهد لتوضيح اعوجاج فهم المتهمين للشرع فقد كان الحضريين في اليمن يتندرون على جهل بدو الصحراء :

بأن قتل أحدى رجال القبائل مدرس مصري كان يدرس بقرية قبيلة أخرى ما حدا بالقبيلة المجني على مدرسها أخذاً بثأر مدرسها أن قتلت مدرس مصري يدرس في القبيلة التي بدأت القتل وإذا بالنتيجة مدرسين مصريين قتلى وقاتلين طُلقا وجماعتين يعتقد كل منهما أنه أخذ حقه

وهذا حقيقة حال عمليات الإرهاب التي تستهدف مدنيين الغرب والشرق والجنوب والشمال بشكل مبسط وجلي موضح العبث بالمدنيين الذي قد يفيدونا ونفيدهم وندعو الله أن يهديهم للإسلام دون أن نقتلهم وإذا وفق المولى ترى كم سيتحقق للدين والعالم من منافع وخيرية أممية شاملة؟ وليسأل أنصار الفكرة أنفسهم هل يتمنون أن يهدي الله بوش وقادة أمريكا للإسلام؟ عسى أن نرى إجابة إيجابية

المحكمة تكتفي بكل ما ورد وتحجز القضية للإطلاع واعدة وطالبة من القارئ إعداد حكم مخالف لما جرت عليه الأسلاف من أحكام إبادة وقتل للمتهمين ولكنها تعتزم تقديم حكم بأسباب مقنعه تبيين فساد وبطلان ماذهبت إليه أفكار الجماعات الموسومة بالتفجيرية والأمر متروك لقرار النظر بإحكام جزمها الاقتناع وفساد مخالفة الإجماع الشرعي والوطني تاركة فكرة الاجتثاث والانصياع لأنصار مذهب العبث والضياع ومخالفة مذاهب الإجماع هذا والله ولي الهداية والتوفيق .