ميناء عدن.. مؤامرات دولية بأيدٍ يمنية (الحلقة الثانية )
بقلم/ جريدة مأرب برس
نشر منذ: 11 سنة و 8 أشهر و 13 يوماً
الإثنين 04 مارس - آذار 2013 07:04 م
كانت صحيفة "مأرب برس" قد في الحلقة الاولى كشف جوانب مهمة من الحال الذي وصل إليه ميناء عدن أحد أهم موانئ العالم وبعض الأسباب التي وقفت حائلة دون تطويره بل وعملت على تأخره، مستغلة بذلك بعض النفوذ التي وجدت في مصلحتها الشخصية خيرا من مصلحة وطن بأكمله.
"مأرب برس" تواصل في هذه الحلقة كشف مزيد من الحقائق حول ميناء عدن وأسباب تدهوره على أمل أن تجد آذانا صاغية من قبل الجهات المختصة بإعادة النظر في هذا الميناء الوطني العريق بما يعيد له مكانته الحضارية التي عرف بها على امتداد التاريخ .
سمعة دولية سيئة
لم تقف أضرار الميناء عند احتكار السلع الغذائية وانعدامها في الأسواق حيث تجاوزت أضراره الخارطة المحلية بتعرضه لسمعة سيئة في كل أنحاء العالم حيث رفضت بعض الشركات الملاحية شحن أية حاويات إلى اليمن وخاصة إلى مدينة عدن مما أدى إلى ارتفاع سعر نقل الحاوية الواحدة من 2000 إلى 7000 دولار وكل هذا انعكس على أسعار المواد الغذائية وبالتالي انعكس الضرر على المواطنين المستهلكين للأسواق المحلية.
تدمير ممنهج
يكشف رجل أعمال يمني آخر عندما استلمت موانئ دبي الميناء وكان عدد الكرينات 13 (أشبه بالونش مهمتها تفريغ الحاويات من السفن إلى الميناء) وتوقع الجميع أن يصل عددها إلى المئات بما يزيد من القدرة الإنتاجية للميناء لتكن الحقيقة تراجع الكرينات من 13 إلى 3 بعد تعطيل عشرة منهم مما تسبب بتراجع الإنتاجية وتدني الخدمة التي كان يقدمها الميناء ويحدث هذا من قبل شركة معروف أنها عالمية.
 يزيد رجل الأعمال: رافق تعطيل الكرينات زيادة في رسوم الخدمات والأرضية ورسو السفن بنسبة تصل إلى 100% وفي معظم الأحيان تتضاعف هذه النسبة إلى ضعفين.
 تشهد الموانئ المجاورة زيادة في الإنتاجية في أدائها فيما يستمر التراجع هو سيد المواقف في الموانئ اليمنية وقد تستمر عميلة تفريغ البواخر العملاقة لعدة أسابيع فيما تتم العملية في الموانئ المجاورة خلال ساعات وجيزة كما يوضح بذلك تاجر قديم وهو يردف: أليس هناك مؤامرة على ميناء عدن.
 يؤكد أن أحد المستوردين باستحالة أن تكون الشركة التي استحوذت على ميناء عدن تابعة لميناء دبي.. منوها الى أن معلومات شبه مؤكدة تشير الى أن الرؤوس الكبيرة في اليمن هي من كانت تتحكم بالميناء وبالتالي استغلت سمعة موانئ دبي لتنفيذ أجندتها الخاصة وفق اتفاقيات تم توقيعها بغرض تحقيق مصالح شخصية على مصلحة الوطن.
 بعض التجار لا يتفقون مع طرح زميلهم وهم يوضحون أن دبي كانت تدير الميناء وفق الاتفاقية التي أبرمتها مع الحكومة اليمنية السابقة وذلك بغرض تدمير الميناء وليس تطويره لما له من موقع استراتيجي يهدد مصالح موانيها العالمية وسارت الخطة وفق ما رسم لها تماما وكل ذلك بمساعدة أيادٍ محلية يمنية كانت تتقاضى راتبا شهريا وبالدولار من موانئ دبي مقابل تسهيل مهامها وتنفيذ خططها
الحكومة استعادت الميناء
وفيما يتعلق بالثمرة الايجابية للجهود التي بذلتها الحكومة في استعادة الميناء من مؤسسة موانئ دبي العالمية؟.. يوضح تاجر في عقده السادس: للأسف حكومة الوفاق لم توفق في الحفاظ على ميناء عدن بل بالعكس هي مقصرة تجاهه وفي عهدها تعرض لهزات اقتصادية وضربات موجعة, لم يتعرض لها منذ إنشائه في عهد الملكة اليزبيث في ثمانينيات القرن الماضي, في عهد حكومة الوفاق أغلق الميناء لأكثر من مرة ولفترات متباعدة وتجاوزت الشهر، وتصور معي أن يغلق ميناء دولة لمدة شهر ونصف.
عودة.. ومعاناة وخراب
يؤكد التجار أنهم بذلوا الكثير من الجهد من أجل إقناع حكومة الوفاق بسرعة إلغاء الاتفاقية مع موانئ دبي العالمية بعدما تكشفت الحقائق وهي الخطوة التي كللت بالنجاح أواخر العام الماضي.
 يثمن تجار اليمن الدور المساند لهم من قبل شباب الثورة بالضغط على الجهات المسئولة بسرعة استعادة ميناء عدن، وهو التعاضد الذي عجّل بعودة الميناء إلى السيادة اليمنية ولكن عودته جاءت وهو خاوٍ على عروشه وصاحب ذلك تنفيذ العديد من المخططات التدميرية للنيل من الميناء وتجار اليمن بهدف تأديبهم دون أن يدرك العامل أو السائق الفخ الذي وقع فيه ودون أن يعلم أن غلق الميناء سينعكس عليه وعلى أسرته وكل الشعب بالسلب.
عيون تبكي دموعا وحاوية تبكي شوكلاتة
يروي بعض التجار الكثير من القصص المؤلمة التي انعكست على أصحابها بفعل إضراب الميناء ومن ذلك أن أحد التجار، ويحمل شهادة ماجستير أضطر إلى الدين وبيع سيارته وكل مجوهرات زوجته بغية العمل التجاري بعدما عجز عن الحصول على وظيفة مناسبة وبالتالي استهل تجارته باستيراد أول شحنة حلويات من تركيا وصادف وصولها إغلاق الميناء.
 وتنتهي حكاية التاجر أنه وبمجرد انتهاء الإضراب وقيام التاجر بتحميل بضاعته فوجئ أن الحلويات ساحت من كل جوانب الحاوية بفعل درجة الحرارة المرتفعة مما أدى إلى تلف كامل البضاعة ولم يتبقّ أمام الرجل الذي أصيب بالذهول غير البكاء وهو يذرف دموعه في الوقت الذي كانت تبكي فيه الحاوية وتذرف دموعا من الشوكلاتة.
 ينوه أحد التجار الى أن زميلا لهم عمد إلى استيراد العديد من السيارات وصادف وصولها الإضراب مما أضطره إلى البقاء عليهن في الميناء لعدم قدرتها على سداد الأجور التي تراكمت عليه.
 يوضح زميل التاجر أن المبالغ الإجمالية لشراء السيارات 180 ألف دولار ووصل إيجار الأراضي والديمرج إلى 800 ألف دولار مما اضطر التاجر إلى ترك بضاعته في انتظار الفرج من الله تعالى.
شركات استيراد ملتزمة
بعض الشركات المستوردة عليها التزامات للعميل بتوفير بضاعته خلال مدة معينة وركود البضاعة في الميناء بفعل الإضراب مما أدى إلى تأخرها وبالتالي تعرض الشركات المستوردة لخسائر فادحة وغرامات مالية مفجعة. كذلك توقفت بعض المصانع المستوردة للمواد الخام، وبالتالي توقف عملها وانعكس ذلك بالسلب على العامل البسيط.
ومما يذكر من قصص مؤلمة أن أدوية مخصصة لمركز مرضى السرطان وكانت تصرف يوميا تم احتجازها في الميناء ولم تفلح كل الجهود والوساطات بالإفراج عنها وسط غياب كامل لحكومة الوفاق ووزرائها.
 لو كانت لأمريكا وبريطانيا أية مصلحة في الميناء لتدخلت ووضعت الحلول، بينما حكومة الوفاق لم تفعل شيئا.
الإضراب الأخير
مع بداية شهر ديسمبر أقدمت مجموعة مسلحة على غلق ميناء عدن تحت قوة السلاح وتم منع الناس من أخذ بضاعتهم وبدأت المجموعة الصغيرة بالتوسع يوما عن آخر كما يتحدث بذلك أحد رواد الميناء.
 يوضح بعضهم أن المسلحين هم من أصحاب سيارات النقل الكبيرة وتكمن مطالبهم بتنظيم النقل وزيادة في الأجور واستمرار إغلاق الميناء مجددا لمدة شهر ونصف من ديسمبر حتى منتصف يناير 2013 وسط جهود مشكورة للسلطة المحلية وتجاهل رسمي لحكومة البلاد.
 ينوه التجارالى أن مطالب السائقين كانت غير شرعية وتدخل ضمن المؤامرات عل الميناء وهذه المرة عبر السائقين.
 وفي الوقت الذي تهربت فيه الحكومة من التزامها بوضع الحلول استطاع العديد من التجار وبالتعاون مع السلطة المحلية بالمحافظة وكذلك هيئة تنظيم النقل بالتوصل إلى اتفاق وحلّ الإشكالية في إطار القانون.
 ينوه المتحدث الى أن المشكلة، والتي تم حلها بعد شهر ونصف الشهر من إغلاق الميناء كان يمكن حلها في خمس دقائق فقط.
 وأقدم السائقون بإغلاق الميناء باستخدام الأسلحة بحجة استغلالهم من قبل مكاتب النقل (وسيط بين التاجر والسائق مقابل نسبة معينة).. حيث يفرض المكتب على التاجر مبالغ معينة ويقوم باستقطاع نسبته وفق هواه.
تجاهل مؤلم
يقول أحد المتضررين من الإضراب الأخير: إنه تم التواصل مع وزير النقل فكان رده: أيش أسوي لكم.. (أنا يا حيا الله وزير في حكومة الوفاق).
 يتابع حديثه: وزير النقل لم يتجاهل فحسب بل وترك الوضع على حاله وسافر إلى دولة الصين بينما تقتضي عليه المسئولية تأجيل أي سفر حتى حل إشكالية إغلاق الميناء.. متسائلاً: هل هناك عمل أو مسئولية أهم من غلق ميناء دولة بحجم ميناء عدن في نظر وزير النقل..؟ ربما الوزير يريد فرزة كي يكون مسئولا عنها..!!
لا اعتذار
يؤكد التجار أن أيّاً من وزراء حكومة الوفاق وخاصة وزيرا الصناعة والتجارة لم يبادر أي منهما إلى مواساة أي تجار ولو من باب المجاملة بدلا من تقديم الاعتذار على الأقل نوع من التشجيع للتاجر أن المرحلة الراهنة صعبة وتستوجب التضحيات الوطنية.
دور الإعلام
يراهن القائمون على توفير السلع الغذائية للشعب اليمني على دور الإعلام في مساندتهم وكشف الأبعاد التآمرية التي يمر بها الوطن بالقيام بمعركة تصحيحية من أجل الوطن دون خوف أو وجل من أية جهة، فالإعلام الصادق بداية لصنع دولة قوية ولو قدّر ونجح الإعلام وتم استعادة الميناء لمكانته الحقيقية لأصبح أهم رافد للاقتصاد اليمني الذي قد يغنيها عن النفط.
 يراهن التجار على دور الإعلام بالقضاء على الجهل في المجتمع وكشف المفاتيح الحقيقية لبعض القضايا بما يسهم في خلق رأي عام قوي وقادر على صناعة ثورة تقود إلى البناء والتطور والقضاء على الفساد ومحاكمة العملاء.
 يضيف أحدهم: يجب على الإعلام تكوين تكتل وطني قوي من أجل اليمن الذي نعيش تحت مظلته جميعا والابتعاد عن سياسة التفرقة والتشرذم والمناطقية والطائفية والتي تسهم بتدمير هذا الوطن أكثر من إصلاحه.
 يردف تاجر من أبناء عدن: بعد صيف 94 كان الجميع متلهفا للوحدة والكل في الشمال والجنوب يرنو إلى يمن جديد قادر على صنع حضارة جديدة، ولكن ما حدث هو العكس من الممارسات الخاطئة التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه.
أبعاد المؤامرة
 يكاد يتفق الجميع من رواد ميناء عدن أن هناك مؤامرات على اليمن من خلال الميناء عدن وأبعادها.. حاولت "مأرب برس" الاقتراب أكثر مما يجول في خاطر الطبقة الاقتصادية وهي تكشف بعضاً من جوانبها الخطيرة، بحسب وجهة نظرها التي برهنتها بحقائق واقعية أفرزت العديد من التساؤلات: هل دول الجوار تريد أن ترى اليمن وهو في قمة الديمقراطية والاستقرار وينعم بالثروات والمستثمرين من كل أنحاء العالم, هل ستكون هذه الدول سعيدة وهي ترى اليمن دولة متطورة حديثة قادرة على منافسة دول عالمية في كل مجالات التنمية..؟
طائرة سعودية محملة بالعملة الصعبة
 ولأن التجار أكثر الناس خبرة في تعاملات السوق وخاصة فيما يتعلق بسعر العملات فإنهم وحدهم من فسروا جميلها أي السعودية - في دعم اليمن خلال الأحداث التي شهدتها وإن بدت غير معلومة لدى الكثير.
 يكشف أحد التجار عن طائرة سعودية كانت تحط بشكل شبه يومي في مطار صنعاء الدولي وهي محملة بالعملة الصعبة من الدولارات والريال السعودي وضخها في الأسواق المحلية على امتداد فترة الأحداث التي شهدتها اليمن مما أسهم وبشكل كبير للغاية في حفظ واستقرار الريال اليمني.
 يوضح الرجل أنه ومع اشتداد فترة الثورة وخاصة في أسابيعها الأولى كان المتوقع أن يصل الدولار إلى ألف ريال وقد يزيد، وهي الخبرة التي اكتسبوها في عهد النظام السابق فمجرد أن تقع أبسط المشاكل حتى يرتفع الدولار ريالين إلى ثلاثة ريالات.
على امتداد الأشهر الأولى من الثورة تخلص الناس من الريال ولجأوا إلى العملة الصعبة بشكل غير متوقع لولا التدخل السعودي لشهد الريال اليمني انتكاسة لم يعهدها في تاريخه.
وبما أن الواقع يدفع بالاعتقاد إلى الدور الإيجابي للسعودية تجاه اليمن من خلال مساهمتها في استقرار العملة غير أن تجار اليمن يفسرون الموقف من منظور آخر يرونه أكثر واقعية أن السعودية تريد استقرارا نبسيا فقط لليمن دون تطور, وإن حدث استقرار ورافقه تطور فإن ذلك سينعكس بالمشاكل على الدولة الجارة ولو دخلت اليمن في مشاكل فإن دول الخليج الأكثر تضررا.
شركات ملاحية عالمية
 للتعرف أكثر حول المشاكل التي تعتري ميناء عدن وبعيدا عن التجار ومخاوفهم من ذكر أسمائهم كان لـ"الجمهورية" لقاء مع شركة سبأ العالمية للملاحة أحد الوكلاء الملاحيين لشركات خطوط الملاحة الدولية MSC الخط الملاحي للبحر الأبيض المتوسط وشركة الخطوط الملاحية الدولية BIL.
 يوضح الأستاذ/ سالم العباب مدير عام العلاقات العامة في الشركة لـ"مأرب برس" أن أهم الانتكاسات التي تعرض لها ميناء عدن تسير في اتجاهين عام وآخر خاص، ويعود الأول إلى وضع الكساد في العالم وبالتالي الشركة وكيلة لخطوط تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن حيث أثرت عمليات القرصنة على معظم أداء النشاط التجاري الذي ذهب إلى دول الخليج والقرن الأفريقي، أهمها جيبوتي.
 وتكمن الانتكاسة الثانية (الخاص) إلى الربيع اليمني الذي انعكس على الاقتصاد بشكل غير عادي وما تبعه من انفلات أمني في البلد في ظل وجود حكومة هيكلية غير قادرة حتى على إدارة نفسها في صنعاء مما أدخل البلد في حالة من الفوضى وفرض سياسة الغاب بالقوة.
 يستدل الحاج سالم: (تصور عمال في ميناء ومش موظفين أصلاً يتم استدعاؤهم عندما تأتي بضائع التجار من قبل الوكلاء الملاحيين للعمل أغلقوا الميناء, اضربوا عن العمل.. يشتوا زيادة في الأجور ويشتوا يتفاوضوا مباشرة مع أرباب البواخر، ويشتوا ويشتوا.. لا قدر الوزير ولا مدير الميناء ولا مفاوضة التجار من إقناعهم، وبالتالي معظم التجار حولوا عبر ميناء الحديدة).
 يتابع مدير العلاقات العامة: أيضا هناك أمر آخر فعندما تسلمت موانئ دبي الميناء أدارته بشكل عشوائي عكس ما هو معروف عنها، وهذه عوامل ساعدت على تأخيرنا وتعطلت الكثير من الأمور بما في ذلك أراضي الميناء.