كورونا اليمن : سنرى صورا تقشعر لها الأبدان
بقلم/ د.مروان الغفوري
نشر منذ: 4 سنوات و 5 أشهر و 30 يوماً
الإثنين 18 مايو 2020 12:09 ص
 

في صفحتي الشخصية أطرح من خلالها ما أدعي أنها مسائل تحظى بأهمية ما. أقدم ملاحظات لا يطلبها مني أحد، وأتبرع بتقديم خدمة كثيرون منكم في غنى عنها. السلطات العديدة في البلد، هي الأخرى، مستغنية عن كل أنواع الخدمة. ومع ذلك سأواصل الحديث مدعيا أني أقول ما يستحق الكتابة.

وربما أقع في أخطاء نظرية ستعزز موقف أولئك الذين ما فتئوا يؤكدون على أن م.غ. مجرد طبيب متواضع الإمكانات يلاعب مسائل أكبر من قدرته.

ما العمل إزاء الكارثة؟

صرنا نعرف الكثير عن الوباء والآن نعرف الكثير عن الضحايا وعن الخسارات.

قدم سيمون جينتيكس، الليلة، عبر الغارديان جدلا يقول إن بمقدورك أن تصل لنفس الدرجة من النجاح في مواجهة الوباء سواء استخدمت ال High- tech أو ال no-tech، أي التكنولوجيا الفائقة، كما فعلت كورويا الجنوبية، أو اللاتكنولوجيا، كما تفعل السويد.

سنت السلطات الكورية قوانين تسمح للأجهزة الحكومية بتفتيش بيانات، موبايلات، وبطاقات المصابين بكوفيد 19، ذلك أنها تريد أن تتبع خط سيرهم في الماضي، ثم جعلتهم يحملون تطبيقات على موبايلاتهم لتتمكن السلطات من اقتفاء أثرهم في المستقبل.

في المقابل قررت السويد هذه الاستراتيجية: التباعد الاجتماعي وإلغاء التجمعات. وتركت الحياة تمضي محروسة بهذين الشرطين، بلا أي منظومة تقنية للتتبع والرقابة

تعترف السويد بارتكاب خطأ: كان عليها أن تضيف شرطا ثالثا، عزل المرضى وكبار السن عن باقي المجتمع، بلغت وفيات المسنين 50% من إجمالي الوفيات في البلاد.

النموذج السويدي صالح للبلدان التي ليس لديها القدرة على فعل الكثير:

تباعد الأفراد، وتعطيل الحياة الجماعية.

بهذه البساطة؟ نعم.

دخلت السويد المواجهة بحوالي 800 جهاز تنفس اصطناعي، وفياتها تقترب من 350 حالة لكل مليون، أقل من نظيراتها الأوروبية، عدا جيرانها.

في بلد كاليمن:

الوباء ينتشر بسرعة، الموجة صاعدة، مثل باقي العالم. الاستراتيجية الأولى هي إبطاء الموجة، ثم بعد ذلك تخفيض المنحنى.

مثال:

المصاب عبد الله سيخرج غدا لينقل العدوى لخمسة أشخاص.

إبطاء الموجة يتطلب التالي: أن لا يتمكن عبد الله سوى من نقل العدوى إلى ثلاثة أشخاص فقط.

ثم أن لا يقدر سوى على إمراض اثنين.

على أن يكون الهدف بعد شهر من الآن أن ينقل عبد الله المرض إلى محمد، أي إلى شخص وحيد 1:1

عند ذلك ستهبط الموجة.

لاحظوا أن الفيروس جاء ليقيم، وأن علينا أن نتدبر شكل حياة للتعايش معه، إلى أن يفقد ضراوته كما حدث مع غالبية الأوبئة، لنتعايش معه بطريقة تحرمه منا.

هذه الاستراتيجية لا تتطلب سوى تكييفات لنظامنا الاجتماعي: كمامات، نظافة، تباعد، إلغاء كل الحشود التي تزيد عن شخصين.

في هذه المواجهة يحتاج المجتمع للوعي والانتباه، لنتباعد قدر الاستطاعة، القبائل البدائية في الغابات واجهت أوبئة كثيرة على مر الأيام، وتغلبت عليها من خلال تفكيك بنيتها الاجتماعية وخلق المسافات.

ستتزايد الوفيات، وسنرى صورا تقشعر لها الأبدان، علينا أن لا نصاب بالهلع، فنحن قادرون على أن ننجوا فرادى وجميعا. مسافات، انتباه، نظافة، هذا فيروس تنفسي عليك أن تغلق أمامه الطرق التنفسية، السويد قدمت مثالا مثيرا، حتى إنها تركت الحياة مفتوحة بشرط: المسافات، سيتزايد عداد الموتى حتى وأنتم تحققون نجاحا من خلال الإجراءات، فقط ثابروا وانتظروا، الوفيات هي آخر عامل يستجيب للإجراءات.

الوقت لم يتأخر. من الغد ستخرجون بمسافات، لن تتركوا الرذاذ يصل إلى حناجركم، ستلبسون الكمامات، لن تجلسوا مع الآخرين، ستغسلون أياديكم قبل أن تلمسوا شيئا في بيوتكم. بأدوات بسيطة ستكسبون المعركة، تذكروا أنه يطير مع الكلام والضحك.

ميزة هذا الفيروس واحدة: قدرته الرهيبة على الانتقال، فهمنا كعب أخيل الفيروس، لن نجعله ينتقل. لا تصافحوا أحدا، لا تصلوا جماعة ولا تقيموا العزومات، الالتزام سيعرقل الفيروس وسيكبح حركته، المستهترون قتلة.

الهلع لن يفيد، التحابيش والعلاجات والأعشاب، وكل ما له علاقة ب Fake medicine لا تلعب دورا على أي مستوى.

أعيش في ولاية اقتربت حالات الإصابة فيها من 20 ألف، وعلي أن أخرج للعمل كل يوم وأن أقابل المصابين والمحتملين وأمر خلال كل الكمائن. لا تكنولوجيا، ولا منظومة تجسس، مجرد احتياطات فردية وجماعة، اتفقنا، ضمنيا، على أن لا يضر بعضنا بعضا.

سيكون عليكم أن تلزموا بيوتكم لبعض الوقت ريثما تبطئ الموجة، لا تخرجوا والأمور مشتعلة والفيروس يتطاير في كل الوجوه، والموجة صاعدة للأعلى، ولا وبحيرة المرض غير معروفة.

وفيما يخص احتياجاتكم أرسلوا أحدكم ليتحسس ويأتي بالشيء، هذه مسألة متعلقة بالحياة والموت، من الجيد أن بيدكم درء الموت، ودفع المصيبة من خلال ترك المسافات والنأي عن التجمعات.

سلامات عليكم