من واشنطن..ظاهرة البراق أوباما
بقلم/ منير الماوري
نشر منذ: 16 سنة و 8 أشهر و 12 يوماً
الأربعاء 05 مارس - آذار 2008 09:11 م

ماذا يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة لو أن الشعب الأميركي لا يستطيع أن يغير جورج بوش أو أن الرئيس الأميركي الحالي يستطيع أن يغير الدستور بجرة قلم، ويمدد فترة رئاسته إلى سبع سنوات، أو يستطيع تصفير العداد ليبدأ فترة رئاسة جديدة قد لا تنتهي إلا بعد ثلاثين سنة.

لو افترضنا حدوث ذلك، وهو في حكم المستحيل، فإن الشعب الأميركي سيجد نفسه محبطا، وسيضطر إلى القيام بثورة ضد جورج بوش، وسيتعرض استقرار البلاد ووحدتها للاهتزاز، وقد يتقاتل الأميركيون في الشوارع من منزل إلى منزل ومن قصر إلى قصر، وقد نشاهد عمليات سلب ونهب للمحلات التجارية وقصور المسؤولين الفاسدين، وتحطيم لسياراتهم وممتلكاتهم. هذا الأمر لن يحدث لسبب واحد هو أن الشعب الأميركي لن يضطر للثورة لأن لديه آلية سلمية للتغيير لا يستطيع الرئيس جورج بوش أن يتحايل عليها.

قائد التغيير الحالي هو باراك حسين أوباما الذي يتنافس اليوم الثلاثاء مع هيلاري كلينتون على الفوز بأصوات أربع ولايات بينها تاكساس وأوهايو، للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي. وحتى لو تغلبت هيلاري كلينتون على أوباما في أوهايو، فإن حظها في ترشيح الحزب الديمقراطي لها أصبح محدودا بسبب ظاهرة أوباما الذي صعد اسمه في سماء أميركا كالبرق، وسحب البساط من كل الوجوه العتيقة. كما جذب هذا الرجل الأسود ملايين الناخبين التواقين للتغيير، وهو الشعار الذي يرفعه البراق أوباما في حملته الانتخابية.

باراك حسين أوباما محام بارع وأكاديمي متفوق، ومتحدث لبق، وخطيب ذو كاريزما مدهشة، وإذا ما اختاره الحزب الديمقراطي لمنافسة جون ماكين من الحزب الجمهوري في انتخابات نوفمبر المقبل، فإنه قادر على تحقيق انتصار ساحق ضد الجمهوريين بعكس هيلاري كلينتون التي عارضت حرب العراق وصوتت للحرب في آن واحد. وإن كان وصول امرأة للمنصب الأول في أميركا يمثل إنجازاً كبيرا للأميركيين، ولكنه ليس بالأمر الذي يمكن أن تفتخر به أميركا على أوروبا أو إلى آسيا التي أوصلت المرأة قبل أميركا إلى هذا المنصب، في حين أن إيصال رجل ينتمي إلى الأقلية السوداء ومن أسرة مهاجرة، سيكون أمرا عظيما ستفتخر به أميركا على مدى التاريخ.

والشيء الجميل في باراك أوباما أنه رجل حوار من الطراز الأول، ويجاهر من الآن بأنه سيتحاور مع قادة إيران وسوريا وكوبا وكل الدول المصنفة بأنها معادية، لأن الحوار مع الخصوم أهم في نظره من الحوار مع الحلفاء والأصدقاء. ويستشهد دوما بمقولة للرئيس الراحل جون كندي مضمونها "إننا لا نخاف من التفاوض مع الآخر، ولكننا لن نتفاوض في ظل الخوف". وبما أن باراك أوباما رجل توحيدي يسعى للتوفيق بين الأميركيين وليس تقسيمهم؛ فإنه بلا شك سيعيَّن في إدارته شخصيات من الحزب الجمهوري المنافس، ولن نستغرب لو رأينا السيناتور الجمهوري تشاك هيغل وزيرا لخارجية أوباما، وستكون سوريا العربية أكبر الرابحين من هذا التعيين لأن هيغل المعارض لحرب العراق، ينادي دوما بفتح قناة حوار مع السوريين على وجه الخصوص.

كما قد يتولى السيناتور ريتشارد لوغار منصباً رفيعاً في إدارة أوباما، وهو إلى جانب هيغل من أبرز الجمهوريين المعتدلين.

أما بالنسبة لليمن فهي ليست حالياً في بال أي من المرشحين للرئاسة الأميركية، ولن تكون مثار اهتمامهم في المدى المنظور، ولكن المحامي باراك أوباما يتمتع بذكاء ووعي نادرين، وبإمكانه إذا ما وصل للرئاسة أن يلقي نظرة سريعة على تقرير من صفحة أو صفحتين عن خروج جابر البنا المطلوب للولايات المتحدة آمنا من محكمة يمنية، وعندما يصل إلى السطر المتعلق بتساهل النظام مع جمال البدوي المدان بالتورط في الهجوم على المدمرة الأميركية كول، سيتخذ أوباما على الأرجح سياسة أكثر حزماً وأكثر منفعة للشعب اليمني وإن عادت بالضرر على هذا النظام وبطانته الخربة.. ونأمل أن نرى نهاية العام الجاري أوباما داخل البيت الأبيض، لنطالبه على الأقل بألا يقف حائلا أمام الشعب اليمني في توقه للتغيير، بعد أن تحققت الأمنية للشعب الأميركي حتى وإن اختلفت الوسائل. 

* نقلاً عن المصدر