الغراب الأبيض والنظارات السوداء البنك المركزي.. هو الحكم!!
بقلم/ علي الجرادي
نشر منذ: 15 سنة و 10 أشهر و 23 يوماً
الثلاثاء 23 ديسمبر-كانون الأول 2008 08:50 م

لم تتأثر بعد القناعة المزمنة لصناع القرار في اليمن بأن «البنك المركزي» و»الصميل» أدوات ناجعة وضامنة لطول البقاء بطمأنينة مفرطة تمكن بهما الحكام من التغلب على عواصف ورياح عاتية!!..

طوعت الخزينة صلابة هذا وأرهب الصميل بأس ذاك وسال لعاب بائعي الضمائر والأقلام لفتات عفن من بقايا طعام الذئاب!! فأعلنوا توبة واستغفروا عن كل زلة أو كلمة حق قالوها ذات مرة.

تقاطروا جميعا والتحقوا بركب «العقلاء» ويمموا شطر البنك المركزي فكفاهم حياة «الشظف والحرمان».

لتتوقف هنا.. خذ ورقة وقلماً سجل من استمعت له تصريحا أو حوارا ومقالا عن «الحكمة اليمانية» في عهد «ازدهار البنك المركزي».

البنك المركزي في خطر لم يداهمه «تتار المعارضة» و»مغول» الجائعين، هناك «سوس» الأزمة العالمية بدأت تأكل «حصاد النفط»، فترقبوا من الآن وصاعدا أولئك «المنفضين» والذين سيبدأون بالتبرؤ من النظام ومسلكياته!!

اليمن في مرحلة قبيل الفجر، لا زالت خيوط «النور» ركيكة، فقط خلال أشهر من الآن -لا سمح الله- سندرك معنى «اليمن دولة هشة» أو في طريقها «للفشل» سنبحث عن معنى ضرورات «الهبوط الآمن» وحينها سنكون «غرقى» نصارع الغرق!!

هل تتذكرون صراخ «المخلصين» في الداخل وتحذير التقارير الدولية من استمرار اعتماد اليمن على «النفط» كمورد رئيسي!!

والآن اليمن تواجه أزمة نضوب نفطي (تنتج اليمن حاليا 283 ألف برميل يومياً) بحسب إحصاءات رسمية وسعر البرميل وصل إلى ما دون أربعين دولاراً وباعت اليمن مخزونها من الغاز الذي لا يكفي احتياجاتها المحلية بـ 20 مليار دولار لمدة عشرين عاما.

* أين ذهبت فوائض النفط؟ وأين صندوق الأجيال؟ وهل تذكرون نصيحة الرجل العظيم المهندس فيصل بن شملان -عافاه الله- وهو يدعو إلى استثمار هذه الثروة الناضبة في اقتصاد دائم ومستمر!!

* الدراسات تحذر من وضع مقلق جدا خلال ستة أشهر إذا استمرت أسعار النفط بهذا التدني ولكن تطمينات اقتصادية تنظر للوضع باعتباره حالة انتقالية ستعود معها تحسن الأسعار.

المراهنة على التفاؤل وحده غير مجد مع انخفاض معدل الإنتاج وغياب البدائل الفعالة حتى الآن، ولا نغفل التوقعات الدولية بأن عام 2009م هو عام كساد اقتصادي في العالم وهو أشد على العالم الثالث.

مواجهة الأزمة

الخيار المعلن لدى الحكومة هو التقشف في غير ما هو ضروري.. وهذا الخيار وهمي لأسباب يطول شرحها فالمساس بالمصالح الكبيرة والتي تمثل «ثقب الأوزون» لموارد البلاد لا أحد يستطيع الاقتراب منها!! فالحصص الموزعة من الديزل على كبار المستفيدين وامتيازات البلكات النفطية والرديات والعطايا والهبات والتعيينات العليا في الإدارة المدنية والعسكرية بدون وظائف لمجرد المزايا المالية، إن تم الاقتراب منها ستضيف انقسامات حادة وصراعات أشد قد تطيح بالتوازن المعرض للتصدع أصلاً.

وسيكون أمام الحكومة السكوت عن هذه المصالح خوفا من الانهيار السياسي والاتجاه نحو مزيد من «الجباية» من شعب فقير وهو ما بدأ بالفعل في رفع أسعار الديزل «كمرحلة أدنى»، وزيادة الضرائب ورفع أسعار الكهرباء والخدمات وإطلاق أياد في كل اتجاه لامتصاص ما بقي من دم المواطن!! وبذلك تكتمل حلقات القهر الاجتماعي وزيادة السخط والنقمة.

كبرياء.. في طريق الانحدار

تتحدث السلطة لدينا عن «غراب أبيض» وتصر على أن:

* الحروب الخمس في صعدة التي استنزفت الموازنة وذهب ضحيتها 12 ألفاً من قتيل وجريح ومشردين وتحتاج إلى مليارات من الدولارات للتعويض وخلفت انقساماً اجتماعياً وسياسياً حاداً.. كل ذلك في نظر أصحاب «الغراب الأبيض» مجرد «شرذمة» و»أطفال» و»مراهقين» ولا نعلم كيف وصلت «الشرذمة» مشارف العاصمة!؟

* نمو مشاعر الكراهية والبغض في المحافظات الجنوبية وخروج المسيرات والمظاهرات جراء الظلم وإخراجهم من المعادلة السياسية والاقتصادية لشركاء دولة وكل ذلك مجرد «فقاقيع».

* تزايد عدد السكان ومحدودية الموارد وتزايد العاطلين والفقراء نتيجة فشل السياسات الاقتصادية وترهل الجهاز الإداري وافتقاره «للمهنية والتخصص» وإسناد الوظيفة العامة للمعيار السياسي، وتفاقم ظواهر الانقسامات القبلية وتقلص مساحات نفوذ الدولة لصالح كل قوى جاهزة لملء الفراغ حتى أصبحت الدولة تدفع «الفدية» من الخزينة العامة لقطاع الطرق!!

* انكشاف النظام أمام الداعمين الإقليميين والدوليين بعد سنوات من الدعم والضغط غير المجدي وزادت الأزمة العالمية من تضاؤل فرص الدعم والاقتراض وحاليا ترابط الأساطيل العسكرية الدولية في خليج عدن لمكافحة القرصنة وتلقف أي اضطرابات في اليمن باعتبارها عمقاً استراتيجياً يطل على القارة الأفريقية وشريان الملاحة الدولية وبجوار دول الخليج العربي ذات المصالح الحساسة للدول الغربية!!

* هناك أزمة مشروعية حادة تواجهها السلطة بعد إصرار المعارضة على عدم المضي في انتخابات شكلية تمنح النظام بعض سنوات إضافية، وضاعفت أزمة المشروعية المتآكلة المواقف الأمريكية والأوروبية التي أدانت إجراء انتخابات من طرف واحد واعتبرها المعهد الديمقراطي «كارثة سياسية».

ما سبق وغيره الكثير لا يعني شيئا لأصحاب منطق «الغراب الأبيض» وما دامت خزائنهم عامرة فإن البقية «حاقدون» ويلبسون نظارات سوداء وينحدرون من سلالة التتار والمغول. حين كان سعر برميل النفط بـ 146 دولار.

تأجيل الانتخابات

هناك من يردد من قيادة البلاد مقولة «الفقر نعمة» ولا يعني لهم الوضع الاقتصادي شيئا!! السلطة مصابة هذه الأيام ومنذ 18 أغسطس «بداء الوسطاء» فكل يوم ترسل وسيطا للمعارضة استنفدت حتى الآن أكثر من خمسين شخصية من كل اتجاه وإليهم المنظمات والسفارات الدولية.

كان الله في عونهم فمنذ انقلاب أغسطس أو بالأصح «حفرة أغسطس» التي خطط لها ونفذها «الاستئصاليون» داخل المؤتمر، منذ ذاك وهم ليل ونهار يحيكون «المبادرات» و»خارطة الطريق» لإقناع المعارضة بطلب تأجيل الانتخابات!!

أزعم أن الوعي الشعبي تجاوز مرحلة خداعه بصندوق محشو «بفوارق النفط» تم تصميمه لإنتاج جيل جديد من أبناء قيادات السلطة والمؤتمر.

تلفتوا حولكم.. صراع مرير بين قيادات مؤتمرية في كل دائرة انتخابية لفرض أبنائهم كمرشحين لبدء دورة جديدة من إنهاك البلد، وذلك لن يكون طريقا آمنا هذه المرة!!

aligradee@hotmail.com