بمقصية رائعة.. رونالدو يقود البرتغال الى ربع نهائي الأمم الأوروبية أحمد العيسي ينافس نفسه في انتخابات اتحاد كرة القدم باليمن.. تعرف على القائمة النهائية للمرشحين تحذير للمواطنين في 9 محافظات من أجواء باردة وشديدة البرودة اسرائيل على صفيح ساخن اليوم.. اعتراض هدفين فوق البحر الأحمر وصافرات الإنذار تدوي في الجليل ونهاريا اتفاق أمني بين تركيا و فلسطين يشمل إرسال قوات عسكرية 5 عبارات بحث على غوغل قد تعرضك للاختراق فورًا.. لا تقع بالفخ رقم قياسي جديد... سحب الجنسية الكويتية من 1535 حالة الريال اليمني يواصل الإنهيار نحو الهاوية أمام العملات الأجنبية اليوم صور بالأقمار الصناعية تكشف النشاط العسكري للحوثيين في مطار الحديدة فيديو مروع .. عنصر متحوث يحرق نفسه امام تجمع للحوثيين وسط ميدان السبعين بصنعاء
(1)
جَللٌ ومَهولٌ ما حدث فيك يا عيدنا يا عيد النَّحر الأكبر، يا عيد التضحية والفداء..
لقد ترجَّل الفارس النبيل عن صهوة جواده، كاتباً بأنامل المنية التي لا تُرد آخر سطور التضحية والتفاني والصدق والإخلاص والفداء لأغلى ما يُفتدى وأعزِّه وأَنْفَسِه.. في ملحمته العمرية الحياتية الممتدة على مدى نيفٍ وسبعين عاماً..
حقاً،"إنا لله وإنا إليه راجعون".
(2)
بوفاتك يا أبي الحبيب فقد العالَمُ 99% من احتياطيِّه من البراءة والصدق والنقاء، وانشطرت الكرة الأرضية إلى شطرين متنازعين: الأول غارقٌ في طوفان من الدمع، والثاني مستمتعٌ بطفولته النائمة في حضن السماء..
(3)
بموتِكَ يا أعزَّ الناس سقطت قلعتي الأماميةُ في مواجهتي الكبرى مع نفسي وضعفي وأخطار الطريق.. التي تتهدد-عادةً-كلَّ من جعل من حرية التفكير والاختيار، وهي عنوانٌ رئيسيٌّ في مخطوطتك الذهبية التي تتصدر أوراق إضبارة العمر،منهجاً له في هذه الحياة..
(4)
أثبتَّ لنا – يا فقيدنا الكبير – نحن أولادَكَ وكلَّ معايشيك عن قُرب، أنَّ بإمكان المرء أن يتربع على عرش أعزِّ الممالك الإنسانية وإمبراطوريات الثراء القيمي المعنوي الحقيقي..وإن عزَّ عليه الدِّرهم والدينار..وأنَّ الحرمان من أبسط الحقوق قد يكون أيسرَ طريق للإقناع بقيم الحق والخير العُليا..
(5)
أفرطْتَ في نزاهتِكَ وعفَّتِك وطُهرِك.. فأفرطَتْ فيكَ يدُ النُّكران والجحود والتجاهل المتحكمة.. حتى غمطَتْك أحقَّ حقوقِك وأبسَطَها وأبدهَها؛ وها أنتَ في يوم عيد التضحية والفداء تفتدي خلودَ ما آمنتَ به وانتهجتَ سبيله..
وتلقى ربكَ صافياً نقياً إلا من هذا الطُّهر الإنساني الذي تلابسْتَ به راضياً قانعاً مختاراً، حتى العَظْم..
ها أنتَ تموت في يوم العيد.. تموت شهيداً لطهارتك المُفْرِطة..!
(6)
بلا مُحاباةٍ.. ولا تزلفٍ.. أو مداهنة.. أو مخافةٍ في الحق من لومة لائم؛ وبكل حبٍّ خالصٍ وتواضعٍ وحُنُوٍّ ورحمة؛ وبكل خُلقٍ دَمِثٍ وسجيةٍ محمودة.. عشتَ حياتك، وطاب معشرُك لدى معاشريك في البيت والعمل والمسجد والطريق.. فكان لك في كلِّ قلب بريءٍ عرفك وردةُ حُب.. وفي كل وجدانٍ هززتَ أوتارَ إحساسِهِ خلجةُ مودةٍ وعرفان واقتداء..
(7)
في كلِّ نقطةٍ من نقاط تماسِّكَ العملي مع الحياة.. نسمةُ عطرٍ تفوحُ شذىً ناطقاً بعبير خصالك الممتد من لحظة الإصطدام الطفولية المبكرة جداً لسفينة عمرك، بالصخور والأمواج الحياتية العاتية، وحتى هذه اللحظة الأخيرة الأصعب بالنسبة لنا ..لحظة توديعك..
فحيثما نولِّي.. من "الوشل"إلى "ذمار" والمدرسة الشمسية فصنعاء و"الفليحي" والمدرسةِ العلميةِ والكلية الحربية في أواخر خمسينيات القرن العشرين الماضي بدفعتها الثانية التي كنتَ أحدَ نجوم كوكبتها الثائرة، أو ما عُرف بالتنظيم السِّري للضباط الأحرار..وحتى "ضلاع همدان" حيث جمعك القدر في عش الاقتران الزوجي بأمنا الغالية.. وحيث التأمت قصصٌ رائعة مضيئة للمحبة والعِشرة الإنسانية الطيبة والمثالية مع ناسِها الذين لم يصحو من سكرة محبَّتِكَ العجيبة حتى الآن.. وصولاً إلى "رازح" و وشحة.. والوقوع في أسر الملكيين في جيزان ونجران لمدة عام..
في كلِّ ذلك وسواه.. آثارٌ لخطوك الحياتي الوضاء والمورق.. آثارٌ لا تُمحى..
(8)
برحيلك أيها الغالي.. ها قد سقطتْ "كُنَّـتي" التي كانت تدرأ عني الأمطار والعواصف، وسُرقت مني التعويذة التي كانت تردُّ عيون الحُسَّاد وكيد الكائدين، وانكسر زجاج نافذتي المدرع ضد الرصاص والهموم وأسلحة الدمار الإنفعالي والعصبي؛ وسلب الموتُ حياتي بردَها وسلامَها وقرّةَ عينها..
ولم يبق لي سوى بركاتِ شريكتك المؤمنة المخلصة المضحية في مشوار الحياة.. وذخيرة رضوانها ودعائها.. أم عبدالكريم وعبدالله ومحمد و وليد وأخواتهم.. المكلومين جميعاً بمصاب رحيلِك..
لم يبق لنا إلا نفحُ ذكرك الطيِّب وسيرتِك العطرة ومحبةِ الطيبين من أقارب وأصدقاء ومحيطين.. وفوق كلِّ ذلك وقبله وبعده ما يكلؤنا جميعاً من رعاية خالقنا وعائلنا وعنايته، وفي ذلك خير العوض وعظيم العزاء..
(9)
كدت أن أنسى، أيها الراحل الفقيد العزيز الأغلى، أن هناك نبـتـةً في "وادي القشيب".. تجاهد للاحتفاظ باخضرارها ونضارتها آملةً في عودتك مرةً أخرى..
وأن الينابيع في "شعب ميل" لا تنسى شبابها المتدفق في ثغور الصباحات وسنابل الذرة.. وأنت تلقي عليها آيات الحنين، وتستلقي على أرائك عشقها المصنوعة من أعواد السفرجل وقصب الطفولة المطعم بالأساطير..
والجميع على أمل كبير في اللقاء بك مجددا، أيها الفقيد الحبيب.. في ذلك العالم الأجمل والأروع والأكمل.. عالم الفردوس الأعلى وجنان الخلد التي لا تبلى، فإلى ذلك اللقاء..