عبدة الشياطين في تونس
بقلم/ مرسل الكسيبي
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 20 يوماً
الثلاثاء 26 يونيو-حزيران 2007 07:29 ص

خروج مجموعات عبادة الشيطان في تونس من السرية الى العلنية مظهر اخر من مظاهر الانحراف الاجتماعي والأخلاقي الذي تشهده تونس في ظل عدم صرامة أجهزة الدولة مع مظاهر الجرائم الأخلاقية التي تتوفر فيها الأركان القانونية وفي ظل عدم الحزم مع الجرائم الأخرى ذات العلاقة المباشرة بالاعتداء على الممتلكات والأنفس في وضح النهار ...

140 ألف شرطي في غيبوبة عن مجموعات دموية تعشق القتل والاغتصاب !

140 ألف شرطي في تونس المحروسة مزودين باليات وتقنيات أمنية حديثة تظاهي ماهو متاح للأجهزة الأمنية في البلدان الغربية ...,يعجزون عن وضع حد لعصابات الجريمة المنظمة وجماعات عبدة الشيطان الذين باتوا يتنقلون في العاصمة تونس بشعاراتهم الرسمية على اليد اليمنى وبقبعاتهم السوداء الحاملة لشعارات الجماجم والعظام ...!

140 ألف شرطي في بلد تعداده السكاني لايتجاوز العشرة ملايين لايغفلون عن أي تحرك سياسي أو حقوقي !, بل تجدهم له بالمرصاد قبل أسابيع وأيام وساعات من انطلاق أشغاله في تونسنا المحروسة...

140 ألف شرطي يعجزون عن الكشف عن عناصر تتحرك بأكسسوارات وحقائب تحمل رموز شيطانية وبلونين مميزين وسهلي الرصد هما الأسود والأحمر ...!

140 ألف شرطي في غفلة عن تجنيد فتاة عمرها 14 سنة ضمن واحدة من شبكات عبدة الشيطان بالعاصمة تونس , وهو ماقد يعني السكوت عن تقديم هذه الفتاة مراقة الدم ومزهقة الروح وفي أقرب فرصة الى المذبح الشيطاني ضمن تعاليم فاسدة ومنحرفة تحمل تسمية "القداس الأسود"...

تساؤلات حائرة وعديدة تطرح حول مغازي سكوت الأجهزة الأمنية والسياسية في تونس على موضوع الظهور العلني والمنظم لمجموعات خطيرة ومنحرفة ومهددة للأمن العام وأمن المواطن وهي مجموعات عبدة الشيطان , غير أن هذه التساؤلات تزداد عمقا وحيرة حين نعلم بأن الأجهزة الأمنية في كل بلاد العالم لاتتساهل مع هذه المجموعات , بل تقوم برصدها واختراقها قصد حماية المجتمع من جرائمها الأخلاقية واللادينية والموغلة في الوحشية والشذوذ.

فمن الولايات المتحدة الأمريكية مرورا بالبرازيل في أمريكا اللاتينية , وألمانيا الفيديرالية في قلب أوربا الموحدة , وصولا الى المنطقة العربية -البحرين ,المغرب ,لبنان , مصر ..., تتخصص أجهزة وفرق ووحدات في رصد هذه المجموعات من أجل الحيلولة دون انتشارها الواسع وسط المجتمع كما الحيلولة دون تنفيذها لجرائم القداس الأسود أو القداس الأحمر , حيث يقوم أعضاؤها بجرائم قتل بشرية عبر الطعن أو الذبح بالسكاكين , هذا الم نتحدث عن اغتصاب الأطفال والرضع وقطع أعضائهم التناسلية كما حدث مع احدي شبكاتهم قبل بضع سنوات بالبرازيل...!!!

حادثة أولى في ألمانيا :عبادة الشيطان أو المذبحة المدرسية :

من خلال هذه الجريمة الحقيقية التي وقعت قبل أشهر بجمهورية ألمانيا الاتحادية , نكشف للقارئ العربي والقارئ التونسي ولصانع القرار عن خطورة السكوت على هذه الظاهرة التي كانت سببا في انحراف مالايقل عن 32 ألف شخص في ألمانيا بحسب احصاءات قديمة نشرت على الصحف الكبرى بداية التسعينات .

 

الأخطر في الموضوع هو ليس مثل هذا العدد الكبير الذي تلاحقه أجهزة الشرطة الألمانية في المقابر وفي بعض الأمكان السرية من أجل الحيلولة دون ارتكابه لجرائم القتل أو الاغتصاب المتوحش , بل ان الأخطر هو ماترتب عن منهجهم الاجرامي والمنحرف من مجزرة في حق الاطار التربوي بألمانيا حيث انطلقت التحقيقات في جريمة بشعة وقعت بمدينة ارفورت -قبل أشهر فقط-.

اذ تحقق الشرطة الألمانية فيما اذا كانت كلمات أغنية ذات ايقاعات صاخبة باسم «حروب المدارس» قد حرضت الطالب روبرت شتاينهاوزر على قتل 13 معلماً في أسوأ مذبحة مدرسية شهدتها ألمانيا قبل أشهر.

وفي الوقت الذي لاتزال فيه مدينة ايرفورت تحاول التكيف مع هذه المأساة اعترفت الشرطة ان الأدلة التي عثرت عليها قليلة لكنهم يحاولون اتباع بعض الخيوط اعتمادا على ما هو متوفر بين أيديهم من أدلة.

ومن أهم الادلة التي بحوزة الشرطة قرص مدمج تم العثور عليه في غرفة نوم شتاينهاوزر، وأغنية حروب المدارس تحتوي على مقطع يقول: «اطلق الرصاص على معلميك الأشرار ببندقية الضخ».

وشتاينهاوزر البالغ من العمر 19 عاما كان يحمل معه أحيانا بندقية من هذا النوع لكنه استعمل مسدسا في هجومه الذي أودى بحياة 13 معلما ورجل شرطة وطفلين قبل ان يقتل نفسه.

وفي غرفة الدردشة على الكمبيوتر كان شتاينهاوزر يوقع تحت مسى ابن الشيطان رغم انه كان يستخدم مسميات أخرى.

وبعد أن دخل المدرسة مع الطلبة الذين يستعدون لاداء امتحانات المرحلة النهائية اتجه شتاينهاوزر الى دورة المياه حيث بدل ملابسه وارتدى زياً أسود وهي الازياء المفضلة لدى أعضاء جماعة عبدة الشيطان.

يذكر ان حوالي 15 طفلا ومراهقاً قتلوا أنفسهم في طقوس عبادة الشيطان في ألمانيا الشرقية والعديد منهم انتحر برمي نفسه من فوق الجسور، الأمر الذي شجع بعض المجرمين على تبني هذا الأسلوب من جرائم القتل.

حادثة ثانية في ألمانيا : 66 طعنة في طقوس شيطانية:

قبل خمس سنوات حكم في ألمانيا على رجل وزوجته بالسجن بتهمة قتل رجل بطعنه 66 مرة في طقوس شيطانية، وذلك في ختام محاكمة جذبت إليها الكثيرين من المهتمين.

ولم ينف دانييل ومانويلا رودا التهمة عنهما، ولكنهما قالا ان ما فعلاه لم يكن جريمة قتل لانهما كانا يعملان بأوامر من الشيطان.

وقضت المحكمة باحتجازهما 15 سنة للرجل و13 سنة للمرأة في جناح متخصص في معالجة الأمراض النفسية في السجن.

وقد عثر على جثة المجني عليه في شقة المجرمين في شهر يوليو من سنة 2001 وقد رسم عليها علامة الشيطان.

وقبض على الرجل وزوجته بعد ذلك بأسبوع.

وقال القاضي انه لا بد من حبس المتهمين في مشفى للأمراض العقلية كيلا يقوما بارتكاب جريمة أخرى في المستقبل.

ولم يعبر المجرمان عن الشعور بالندم، ووقفا في تحد أمام المصورين.

وقالت الأنباء إن شقة المجرمين كانت مليئة بالجماجم والأضواء الخافتة. وكانت مانويلا تنام في تابوت.

وقالت مانويلا (23سنة) أمام المحكمة ان الشيطان جندها عندما كانت في الرابعة عشرة.

وقال دانييل ومانويلا انهما حاولا الانتحار عندما كانا هاربين بعد قتل الضحية.

وقال دانييل انه اشترى منشارا كهربائيا لانه كان يريد أن يكون مستعدا عندما يستدعيه الشيطان.

تفجير وتخريب للكنائس بالولايات المتحدة الأمريكية:

قبل سبع سنوات اعترف رجل من عبدة الشيطان أنه قام بإضرام النار في ست وعشرين كنيسة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية .

ويواجه الرجل، وهو جَي سكوت بالينجر، البالغ ستة وعشرين عاما من العمر، حكما بالسجن لمدة اثنين وأربعين عاما، على جرائمه التي اعترف بها .

ويقول المسؤولون الأمريكيون بأن بالينجر تنقل بين الناس مدعيا أنه رسول الشيطان، وقام ليلا بإضرام النار في الكناس النائية كجزء من حملته ضد معالم الدين المسيحي ومؤسساته

فقد تعرض تسعمئة مكان للعبادة في أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية المختلفة للإحراق منذ إعلان الرئيس كلنتون بتشكيل فريق للتحقيق في حوادث تخريب الكنائس عام 1996

-حلف مع الشيطان :

وبالرغم من اعتقال أكثر من ثلاثمئة شخص بخصوص أعمال التفجير والتخريب التي بلغت حوالي مئتي عملية بين عام 1995 وأكتوبر /تشرين الأول عام 2000، فإن بالينجر قام بأكبر عدد من أعمال التخريب ضد الكنائس حتى اعتقاله في فبراير/شباط من العام الماضي، الذي اعتبر تقدما كبيرا في مهمة فريق التحقيق .

وتقول وزارة العدل الأمريكية إن بالينجر يستخدم أساليب الشعوذة مع الناس الذين يلتقي بهم مثل توقّيع عقود لهم مع الشيطان .

-حروق شديدة :

واعترف بالينجر عند اعتقاله بمحاولة إضرام النار في خمسين كنيسة في إحدى عشرة ولاية أمريكية، لكنه نجح في ست وعشرين فقط .

ولا يزال بالينجر يواجه تهما بإضرام النار في خمس كنائس أخرى عامي 1998 و1999 .

واعترفت صديقته، البالغة من العمر أربعة وعشرين عاما، والمتهمة هي الأخرى بالقيام بأحد الحرائق، بأنها قامت برسم رموز الشيطان على الكنائس قبل أن يقوم بالينجر بإحراقها .

وقد بدأت صديقته السفر معه عام 1993 وعملت كراقصة في النوادي الليلية كي تتمكن من دفع مصاريفهما الحياتية .

وأفادت التقارير أن بالينجر أصيب بحروق خطيرة في حوالي أربعين بالمئة من جسمه في إحدى الحرائق في فبراير/شباط الماضي، وقد أجريت له العديد من العمليات لمداواة حروقه الجلدية .

عبدة الشيطان في البرازيل :قتل للأطفال وقطع لأعضائهم التناسلية :

قبل خمس سنوات وفي مدينة بيلم البرازيلية وقعت محاكمة خمسة من اعضاء طائفة من عبدة الشيطان بتهمة قطع الاعضاء الجنسية وقتل مجموعة من أطفال مدينة التاميرا الواقعة في حوض الامازون.

وترتبط الاتهامات بعمليات خطف تسعة عشر طفلا فقيرا في الفترة ما بين عامي 1989 و1992.

 

وتمكن بعض الاطفال من الهرب من خاطفيهم، غير انه عثر على جثث ستة اطفال تم انتزاع اعضائهم التناسلية، ولم يعرف مصير خمسة آخرين.

ويعتقد انه هذه الطائفة من عبدة الشيطان انتزعت الاعضاء التناسلية للاطفال لاستخدامها في السحر الاسود !.

ماذا بقي على السلطات التونسية أن تفعل ؟

بعد ماذكرناه من نماذج حقيقية تتبعناها عبر رصد التاريخ الحديث والمعاصر والقريب لهذه المجموعات المنحرفة والشاذة والخطيرة في أكثر من دولة وحاضرة غربية , أوروبية أو أمريكية , فاننا نطرح التساؤل على الرأي العام عن سر السكوت الأمني والسياسي والاعلامي التونسي الرسمي تجاه هذه المجموعات ...

ولعله لايساورنا شك ومن خلال الواقع والأحداث في أن السلطات التونسية لم تكن لتتوانى في تجريم مجموعات شبابية متدينة حامت حولها بعض الشبهات أو تعلقت بها وشاية كاذبة من بعض الجهات الحزبية أو الأمنية أو السياسية المتسلقة , اذ أن حريات التونسيين وحرماتهم تغدو بعدها سهلة المصادرة والافتكاك لمجرد أن هذه الموضوعة قد تكون جسرا لتمتين العلاقات مع هذه العاصمة الغربية أو تلك بدعوى التساوق مع منظومة دولية من السهل دغدغة عواطفها الفكرية والسياسية بالدندنة على ملف وموضوع مكافحة الارهاب ...

مثل هذا السكوت على شبكات خطيرة ومدمرة تستبيح القتل والتمثيل بالأعضاء البشرية والاغتصاب والمخدرات والشذوذ والسحر الأسود وشرب الدماء البشرية والحيوانية ..., وهو الشأن الحاصل مع شبكة عباد الشياطين بالعاصمة تونس أو غيرها من المدن الكبرى , والذين لم تتكشف بعد كل أفعالهم الخطيرة بحق أمن المواطن والمجتمع ..., مثل هذا السكوت لن يفهم الا على أساس أنه الوجه الاخر والقبيح من خطة سياسية فاسدة حملت تسمية تجفيف الينابيع , والتي هدفت الى اشاعة أجواء من الفساد الأخلاقي والثقافي الرامي الى اضعاف بنية المجتمع وحصانته الفكرية والسياسية .

مثل هذا السكوت على عبدة الشيطان هو خروج وانحراف واضح عن دولة القانون والمؤسسات , وهو بلاشك مؤشر اخر على الرغبة في الهروب الى الأمام وتعميق الأزمة بأبعادها الأخلاقية والسياسية , في توقيت حرج يتوق فيه التونسيون الى رؤية بلدهم على طريق الخطوات الأولى لمسيرة الاصلاح .

نأمل في النهاية ومن خلال ماقدمناه من معطيات هامة وحقيقية حول تشعب وخطورة هذه الظاهرة أن نكون قد حذرنا النخبة وشرائح المثقفين والسياسيين والمربين من مخاطر السكوت على تهاون الدولة بحق هذه الجماعات المدمرة , وهو مايشكل في تقديرنا جوهر مهمة السلطة الرابعة التي تحملنا مسؤولية أخلاقية ووطنية وثقافية وسياسية لابد أن نضطلع بها .

حرر بتاريخ 24 جوان 2007-9 جمادى الثانية 1428 ه .

*كاتب واعلامي تونسي-رئيس تحرير صحيفة الوسط التونسية