فبراير السبعين ...ايام المجد العظيم
بقلم/ علي محمود يامن
نشر منذ: 5 سنوات و 9 أشهر و 6 أيام
الثلاثاء 12 فبراير-شباط 2019 05:13 م
  

 تعد مَلحمة (السبعين يوماً ) 1968م واحدةً من أهم ملاحم البطولة التاريخية التي تفرد اليمنيون فيها بتحقيق انتصار تاريخي بالغ الأثر بجهود يمنية محضة وإرادة وطنية خالصة شكلت امتدادا طبيعيا لنضالات اليمنين؛ عبر متتالية زمنية طويلة من الصراع ؛مع الاستبداد والكهنوت.

وهي الأجدر بأن تظل حية في الذاكرة الجمعية للأجيال اليمنية المتعاقبة؛ بتفاصيل بطولاتها الأسطورية؛ وفاعلية أحداثها الثورية العظام؛ ولتظل حاضرة في وجدان وذاكرة الشعب اليمني بأسره .

والتي بدأت إرهاصاتها الأولية على إثر انسحاب القوات المصرية المؤازرة للشعب اليمني في تحقيق إرادته الوطنية؛ بتثبيت مداميك النظام الجمهوري إثر نكسة 67م؛ التي حلت كارثتها العابرة للحدود بالأمة عامة،

وكانت أشد وطأة على الشعب المصري الشقيق؛ وقد أدى هذا الانسحاب المفاجئ والظروف الدولية الضاغطة لهذا الزلزال الشديد الوطأة على المنطقة العربية؛ وما رافقه من أوضاع سياسية مضطربة في الصف الجمهوري ؛ خلقت وضعا حرجا للقضية اليمنية برمتها ؛ والتي كانت محور قمة الخرطوم في أغسطس ٦٧م .

وفي الشهر ذاته قامت مجاميع أمامية بقطع طريق الحديدة _ صنعاء، واستطاعت المقاومة الشعبية وقوات جمهورية من طرد تلك المجاميع وتأمين الطريق . في ٨ سبتمبر من ذات العام أعلن الرئيس السلال عدم التزامه بالاتفاقية التي تمخضت عنها قمة الخرطوم، وهو ما أعلنته القوى الأمامية .

موقف الرئيس السلال من اتفاقية قمة الخرطوم والتي أرسلت اللجنة الثلاثية بالطيران؛ والحماية المصرية التي وصلت صنعاء في ٣ اكتوبر ١٩٦٧م ؛ وما ترافق مع وصولها من مظاهرات عارمة وغاضبة رافضة للجنة؛ وتعرضت تلك المظاهرات لإطلاق نار خلفت قتلى وجرحى !!،

وتطورت الأحداث إلى اشتباكات بين قوات يمنية ومصرية قتل فيها العشرات من القوات المصرية! !! كل ذلك أحدث توترا في العلاقات اليمنية المصرية !!

وعقب عودة القيادات اليمنية التي كانت موقوفة في السجون المصرية، وهي ما تسمى بالقوة الثالثة من القيام بحركة ٥ نوفمبر ١٩٦٧م ، وهو ما أحدث شرخا في الصف الجمهوري ؛ وتلى ذلك الانسحاب الكامل للقوات المصرية؛؛ بكامل معداتها وأسلحتها؛ ومغادرة الخبراء الروس، وإضعاف الجيش الجمهوري، وتوقف كل الإمدادات العسكرية واللوجستية..!!!

وكانت الأوضاع العصيبة ، والظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية تحد من أي دعم للنظام الجمهوري ..!! هذه المتغيرات العميقة أعطت النظام الإمامي الفرصة للتوسع وحشد القبائل الشمالية على وجه الخصوص !! ونقضوا اتفاقيات وقف اطلاق النار التي وقعت في ٥ أغسطس، وجددت في ١٣ نوفمبر ١٩٦٧م من نفس العام .

وبدأت الإمامة بإسقاط معقلها الرئيس في صعدة، ومحاصرة حجة، والإقتراب من صنعاء بشكل منظم ومدروس وبخطة عسكرية محكمة؛ سميت بالجنادل ؛ وتهدف إلى السيطرة على العاصمة صنعاء! ! من خلال عملية عسكرية نوعية وخاطفة لا تتجاوز أربعة أيام، تقوم من خلالها القوات الأمامية بقطع طرق الإمداد والتموين؛ والاستيلاء على المواقع العسكرية؛ وإحداث صدمة عسكرية مفاجئة !! من خلال سدود نيران كثيفة ؛ وقصف مدفعي شديد ومركز ؛ والهجوم من أربعة محاور رئيسة

- من الجهات الاربع - بقيادة وإشراف محمد ابن الحسين، والذي أدار ذلك من غرفة عمليات رئيسية في حدة لمدة أربعين يوما ، وتوزعت تلك المحاور كالاتي :-

1- المحور الشرقي بقيادة قاسم منصر .

2- المحور الغربي بقيادة احمد بن الحسبن .

3- المحور الشمالي بقيادة علي بن إبراهيم.

4- المحور الجنوبي بقيادة ناحي الغادر. وبخبرات عسكرية لجنرلات مهرة من جنسيات مختلفة..!! وبقرابة ٣٠٠ ضابط مرتزق موزعين على جميع المحاور للتعامل مع الأسلحة الحديثة، وتقديم العون العسكري واللوجستي المطلوب لكل محور ، رأسهم الجنرال اليهودي الأمريكي بروس كندي -مستشار البدر- !! والخبير البريطاني اليهودي ديفيد ساملي ، واخرون من جنسيات أوروبية متعددة، وبدعم إسرائيلي بالأسلحة !! أنزلت عبر المظلات ، وهو ما اعترفت به مصادر إسرائيلية متعددة ! !! بلغت تلك القوات التي حشدتها القوى الأمامية ٧٠٠٠٠ من رجال القبائل، و١٠٠٠٠ جندي نظامي، بالإضافة إلى قوات عسكرية أجنبية تجمعت من كل من (امريكا ،اسرئيل ، فرنسا ،بلجيكا ،ايران وجنوب افريقيا) بأموال باهضة، وتجهيزات حديثة، وتكفلت بريطانيا بتسليح ٢٠٠٠٠ فرد من أبناء القبائل وأعلن راديو لندن بتزويد القوات الأمامية بأكبر صفقة أسلحة ؛ قدرت قيمتها بأربع مائة مليون جنية استرليني ،والمئات من المركبات والآليات العسكرية الأمريكية الصنع الحديثة !! وبالجملة كانت الجبهة العسكرية الملكية في قمة الجاهزية وأفضل حالات التجهيز والأعداد المادي واللوجستي ، وترفدها جبهة دبلوماسية عالمية عريضة وفاعلة. في المقابل كان الصف الجمهوري في أسوأ حالته مفكك الأوصال، متعدد المواقف ، مشرذم الأجزاء في جميع المجالات العسكرية،و السياسية، والدبلوماسية ؛ لم يكن يملك من عوامل القوة إلا إيمانه بعدالة القضية، وإصراره على النظام الجهوري، وشدة المخاطر الوجودية المحدقة بالثورة والجمهورية، والمتربصة بتطلعات وآمال وطموحات الجماهير اليمنية ؛ والمستقبل المنشود التي قدمت من أجله أقدس التضحيات، وأثمن الدماء ،وأعز الأرواح . بدأت التدريبات ، ووزعت الأسلحة المتوفرة على قلتها، واستمات الجميع في الدفاع عن صنعاء !!

وبدأت النخب السياسية، والدبلوماسية تدرك المخاطر ، وتحركت بفاعلية لنصرة القضية الوطنية العادلة ؛ التي دخلت في طور الصراع من أجل الوجود إما أن نكون أو لا نكون .