شباب اليمن وقصة العلم والكفاح
بقلم/ محمد جواد عبد الصمد أحمد
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 16 يوماً
الأربعاء 03 مارس - آذار 2010 04:51 م

على الرغم من ضنك العيش ومرارة الفقر و قلة الموارد و ضيق الحال يتجلى ذلك البصيص الوهاج من تطلعات الشباب اليمني الممزوج بالأمل و الكفاح و الإعتماد على النفس، فكم هو جميل أن نرى نماذج مضيئة من شباب اليمن وهم قد أنقضّوا على طلب العلم إنقضاض الأسد على فريسته. وهم يحاولون قدر الإمكان تغير واقعهم الأليم وإستبداله بإبتسامة ملؤها التفاؤل والصبر، فترى الشباب اليمني منهمكين في طلب العلم صباحاً بلذة لا تقل عنها في طلبهم للرزق ليلاً، فهذا الذي يدرس في كلية الطب في الصباح و يعمل بائعاً في محل للملابس ليلاً ليعول به أهله وذويه، أو ذاك الذي يدرس في كلية الآداب نهاراً ليعمل ليلاً مضيفاً في أحد المطاعم ليسد به مصاريف الدراسة والجامعة.

 ولم يقتصر الأمر على الذكور فقط بل وأن الإناث كذلك أنخرط في تحصيل العلم وطلب الرزق في الوقت نفسه فهذه التي تدرس في كلية التربية صباحاً لتعمل في المساء موظفة إستقبال في إحدى العيادات لتساعد والدها أو تلك الأخرى التي تدرس في كلية الإدارة في الصباح وتعمل في المساء موظفة في كبينة إتصالات أو في أحد المحلات التجارية لتغطي مصاريفها الخاصة حتى لا تشكل عبئ ينهك والدها المتقاعد ضاربين بذلك أروع الأمثلة في العلم والكفاح، فمن مشاكل اليمن التي يستحيل بمكان عدّها تعتبر مشاكل الشباب وحلولها الضائعة هي الأبرز والتي لابد للمجتمع وأهل الحل و الربط الوقوف عليها وحلها لينعم المجتمع بالتوازن المطلوب بين فآته المختلفة لاسيما وأن الشباب يمثلون الشريحة الأكبر والأهم في أي مجتمع يتصف بالتحضر والإتزان، .

يقول المفكر محمد بشير الإبراهيمي في كتاب الإدارة في التراث الإسلامي :"إيجاد الحلول السليمة لمحن ومشاكل وأزمات الشباب هو سر النجاح في إدارة المجتمع وفي تخطي أزماته وتجسيد وتحقيق آماله"، ولي أن أتكلم هنا عن مشكلتين هامتين يعاني منها الشباب في المجتمع اليمني أول هذه المشاكل هي البطالة التي تشعر الشباب بالعجز والتخاذل مهما طال حلمهم لما يترتب على ذلك الداء السقيم أقصد البطالة من أعراض جانبية مزمنة وأضرار فتاكة منها فقدان القومية و الولاء للوطن، فقدان الحماس للإبداع و التغيير، هشاشة الرأي والموقف تجاة صعوبات الحياة ومستجداتها المختلفة، عدم التفاعل البناء مع الأفراد والمجتمع من حولهم ،الشعور بالعزلة والا مبالاة والتخبط وعدم تحديد الأهداف ، التنبؤ بالمستقبل المجهول بنظرة سوداء مصبوغة بالتشاؤم والسخط ولك أن تتخيل ما لتلك الأثار وإن كانت تتعلق بالشباب أنفسهم من أثار سلبية على المجتمع و الوطن ككل، لا سيما وإن كانت من أهم الأثار المترتبة على كل ذلك بحث الشباب عن فرص عمل في الخارج ودول الخليج وبذلك يكون المجتمع بلا شك قد فقد أهم مرتكزات نهضته ونقاط قوته ومصادر طاقته وعلمه ويتجه الجزء الأكبر منهم للعمل في بعض الشركات أو المؤسسات الخاصة وهي الحل الأمثل ولكنها تستنزف قدرات الشباب الفياضة وتستهلك عقولهم النيرة، ومع ما نشهده كل عام من تخرج ألاف الدفع من الدارسين في الجامعات اليمنية تثلج القلب و تبعث على الفخر لكن الأمر ذاته يعني زيادة مطردة أيضاً في البطالة وأعداد العاطلين.

وأما ثاني هذه الأساب هو تهميش دور الشباب في المجتمع وعدم إتاحة الفرصة لهم بالشكل المطلوب للقيام بدورهم المنوط بهم على غرار الكثير من المجتمعات التي أدركت دور الشباب فخلقت الفرص وأتاحتها لهم كالمجتمع المصري و اللبناني والأردني مثلا ًوحتى الاجتماعات الخليجية كالسعودية والإمارات من خلال المؤتمرات والندوات الشبابية المنظمة التي غالباً ما تشرف عليها وزارتي التربية والتعليم و التعليم العالي ولم يقف الأمر عند هذا الحد حيث توسعت هذه الانشطة في كثير من الدول لتشمل مناظرات حوارية شبابية بين الدول المتنافسة كما حدث مؤخرا في المناظرة الحوارية والفكرية بين قطر وسلطنة عمان وما لهذه اللقاءات من أثر واضح في تقريب أفكار الشباب وتنمية التحليل المنطقي لديهم وإحترام حرية الرأي والتعبير عن الذات وحقنها بالحوار الفعال والتوجيه المنظّم.

وما يترتب على ذلك إنشاء مراكز شبابية ثقافية وأدبية. كما يجب على الدولة المتمثلة بوزارتي التربية والتعليم العالي والجامعات والمؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية أن تقوم بالدور الأكبر في تنظيم الجوائز التنافسية بين الطلاب والطالبات في البحث العلمي والتحصيل الدراسي وإبراز الموهوبين منهم عربياً وعالمياً.

لكن مع كل تلك المشاكل يظل الشباب اليمني ذكورهم وإناثهم هم ثروة اليمن الحقيقية وفخر شعبها و شعاع مستقبلها الواعد ومثالاً ساطعاً للشباب العربي الخلاق.