الجمهورية الثانية.. قائدان وجغرافيا صنعت معجزات
بقلم/ أحمد عايض
نشر منذ: 7 سنوات و شهر و 3 أيام
الأحد 15 أكتوبر-تشرين الأول 2017 06:07 م
 

يوم أن سقطت الجمهورية، وتهاوت قلاع الشرعية وانسحب كل مناضلي الثورة والجمهورية، تجنباً للوقوع في فخ المؤامرة التي حاك فصولها السفاحون الجدد من الإماميين وقوات الحرس العائلي التابع للمخلوع تنفيذا لمخطط دموي استهدف في مجمله القضاء على ثورة الشباب والتيار الداعم للربيع العربي في اليمن.

يومها كانت مأرب تستقبل الرجال من أحرار اليمن بكل مشاربهم وانتماءاتهم السياسية والقبلية والجغرافية, لتتحول بمساحتها المتواضعة وبنيتها شبه المنعدمة إلى وطن صغير اتسع لكل القادمين من أصقاع الجمهورية اليمنية.

وعلى الطرف الآخر من محافظة مأرب كان الإنقلابيون يتراقصون طرباً بتهاوي الجمهورية ونظامها الجمهوري الديمقراطي التعددي, ومضوا بكل وقاحة وحقارة في التغني بدولة الإمامة، وباشروا طمس معالم الجمهورية وشرعوا في حذف ماضيهم الظلامي من إرشيف الجمهورية بكل مكوناته ومؤسساته من وسائل إعلام رسمية وشبكات إنترنت، ومراجع مصورة عبر الشبكة العنكبوتية، حتى الشوارع التي كانت تطلي أرصفتها باللون الأبيض والأسود في إشارة كان يفهما البعض أن المقصود بها هو «بياض ونقاء الجمهورية ورجعية وتخلف الإمامة» رغم أن لها مفهوماً أخر في عالم إدارات المرور، إلا أن الأماميين الجدد حرموا طلاء الشوارع باللون الأسود واستبدلوه باللون الأخضر في إشارة واضحة لبعدهم الطائفي والمذهبي الذي يتبنونه.

على الجانب الآخر كانت مأرب بأبطالها الميامين وجيشها الحر الذي وقف من أول لحظات الانقلاب في صفوف الشرعية والثورة، تحت قيادة اللواء عبد الرب الشدادي ذلك القائد الذي وقف شامخا أمام تلك المؤامرات بثبات يفوق ثبات الجبال الرواسي ,ومتحديا بشجاعته كل جحافل الإمامة والعائلة التي تدفقت على مأرب من كل حدب وصوب، تنفيذاً لمخطط كهنوتي يستهدف بمجمله ابتلاع آخر حصون وقلاع الجمهورية في اليمن.

في تلك اللحظة وقف عميد الشجعان ومؤسس الجمهورية الثانية اللواء عبد الرب الشدادي, رافضاً كل المؤامرات التي رسمت في كهوف مران وطيرمانات العاصمة صنعاء ,ومضى بكل عزيمة في تنظيم صفوف قواته وترتيب أوضاع ألويته العسكرية في المنطقة الثالثة للمضي في خيار المواجهة المسلحة ضد الإنقلابيين, معززا قواته بكل حماة الجمهورية من صناديد الجيش اليمني القادمين إلى مأرب رافضين مؤامرة الغدر بالجمهورية والثورة، تلك المؤامرة التي قاد كبرها « مخلوع حاقد وخريج كهف مراهق».

لن ينسى التاريخ ولن تنسى ملاحمه المواقف البطولية التي وقفها شجعان الحرية والكرامة بمحافظة مأرب ابتداء برجل المهمات الصعبة وقائد الشرعية الذي صمد وحيدا يوم انهارت كل محافظات الجمهورية «اللواء سلطان العرادة « الذي أعلن خيار الحرب المسلحة على الانقلابيين والوقوف إلى صف الشرعية, مدعوماً بكل الأوفياء من أبناء محافظة مأرب من مسؤولي الجهات الرسمية والحزبية ورجال القبائل بكل فخوذهم.

حيث شكلوا بمواقفهم تلك لوحة خالدة تعد من أعظم لواحات البطولة وهم يحملون أسلحتهم تحت راية اللواء عبد الرب الشدادي قائد المنطقة العسكرية الثالثة, وقادوا ملحمة، عمدوا بدمائهم يومها ميلاد الجمهورية الثانية.

سيذكر التاريخ أن الجمهورية تعرضت للغدر والاغتيال في كل ربوع اليمن, باستثناء مأرب، وسقطت كل المناطق العسكرية وصمدت المنطقة العسكرية الثالثة، وتهاوت كل ألوية الجيش في الجمهورية، ولم تبق إلا الألوية التي يقودها اللواء عبدالرب الشدادي.

سيذكر التاريخ أن الإماميين الجدد سيطروا بوحشيتهم التي أوغلوا فيها بقوة الحديد والنار على كل ربوع اليمن، , ولم يخضع لصلفهم ويرفض الاعتراف بوجودهم ويعلن مواجهتهم من قادة الجيش إلا عبدالرب الشدادي، ومن جغرافيا اليمن إلا محافظة مأرب، ومن رجال الشرعية والدولة إلا اللواء سلطان العرادة.

ثلاثية من قائدين ومساحة جغرافيا كانت كفيلة بالبدء في تحريك مؤشر العد التنازلي لحسم المعركة عسكريا ضد الانقلابيين، ومن يومها والجمهورية تستعيد مكانتها أرضا وأنسانا، ومن لحظتها ومعاقل الإمامة تتهاوى انكسارا وذلة أمام شموخ الناهضين برايات الجمهورية والثورة.

في هذه اللحظة التي نستذكر فيها رحيل اللواء عبدالرب الشدادي, نمضي جميعا في إستعادة حلم كل أبناء اليمن، وتطهير كل شبر من أرجاء اليمن، دنسته مسيرة غدر ولطخته عصابة إجرام، وصولا إلى اليمن الجديد يمن الوحدة والجمهورية والثورة، ولا نامت أعين الجبناء.