هل حزب « الكيلينكس » يحكم اليمن ؟
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 29 يوماً
السبت 17 سبتمبر-أيلول 2011 03:54 م

من البديهي في أي نظام ديمقراطي أن يكون الشعب هو صاحب السلطة ومصدرها ، وبالتالي فان هذا الشعب قد اختار ممثليه في الحكم ومنح ثقته لمكون سياسي – هو المؤتمر الشعبي العام - بأغلبية ساحقة. وهذا يعني أن الحزب الحاكم هو من يمارس السلطة في البلاد. ونحن نخاطب ضمائر القوم هل حزبهم من يمارس السلطة فعلا ؟ « قلدهم الله ». نطمع من عقلاء هذا التنظيم الهلامي أن يسأل نفسه عن أي دور تاريخي أو قرار اتخذه بالفعل ويحسب له أو عليه. أم انه مجرد أكذوبة أهانت كل من انتمى إليه .فالتعمق في الصورة الكلية على الديمقراطيات العربية سيكـتشف الملاحظ أكذوبة التفويض الشعبي مثلما سقطت الأغلبية الكاسحة في كل من تونس ومصر .

ستناقش المقالة : « أولا: عدم وجود حزب حاكم » في اليمن، وهذا يستدعي البحث عن حقيقة « من يمسك بزمام السلطة – ثانيا ». والنتيجة التي ينبغي أن نسترشد بها في سياق التصعيد الثوري هي أن الشعب لا يتصارع مع حزب حاكم حقيقي ولكن مع جهة بعينها ينبغي أن يتوجه إليها الغضب والانتقام الشعبي تحديدا دون رحمة بما في ذلك المحاكمات وإمضاء العدالة. وحتى إشهار السلاح بوجهها دون غيرها لانتزاع السلطة منها بالقوة .

أولا : لا وجود لحزب حاكم في اليمن

لإثبات هذه الفرضية وهي الحقيقة المغيبة عن الأذهان بفعل آلة الإعلام النفاثة، يقتضي منا منهجيا تناول شروط وجود حزب حاكم سواء في دولة ديمقراطية أو استبدادية، فمن تجليات أي حزب حاكم ما يلي:

1- المؤسسية : الحزب - أي حزب - هو تعبير عن العمل المؤسسي، فهل هذا ما هو سائد في اليمن ؟ وأي حزب مؤسسي يكون بمؤسساته هو وحده صاحب السلطة ومستفردا بها وليس طرفا آخر فوقه يمارس السلطة بالنيابة عنه.

سنكتفي بالاستدلال على إثبات العلاقة بين المؤسسية ووجود الحزب بدولة استبدادية لا تعترف أصلا بالديمقراطية الليبرالية التي يدعيها علي صالح في نظامه العائلي وهو أقوى حزب سياسي لا يقبل التعددية ولا يعترف بها وهو الحزب الشيوعي الصيني ذو القبضة الحديدية، ومع ذلك فان هذا الحزب يعمل وفق تقاليد مؤسسية لا ترتبط بالإفراد بقدر ما ترتبط بالبرامج والسياسات، ولذلك عمل على تغيير قياداته مرات عديدة بل واخضع البعض من هذه القيادات إلى المساءلة والمحاكمة والاتهام بالخيانة، إذن فالحديث عن حزب يعني الإقرار بسلطة مؤسسية تجعل من الأشخاص أدوات للحزب وليس الحزب أداة للفرد، وبالتالي فزعيم الحزب يؤدي دورا مرسوما لا سطوة أو استحواذ له على الحزب ولا اثر لسلطته الشخصية.

 فما بالنا بالمؤتمر الشعبي العام الذي يعمل وفقا لقواعد الديمقراطية التي تقر بمبدأ أصيل وهو التداول السلمي للسلطة وفق نظام تعددي فهل رأينا على امتداد 33 عاما أي مظهر من مظاهر التداول؟ وكيف ارتضى أن يكون حزبا ديكوريا يتحكم به فرد ذو عصبوية عائلية تكرس شكلا من أشكال السلطة الشخصية التي تعلو على كل القواعد والقوانين وتبتلع الدولة والسلطة والمجتمع وتفسد الحياة السياسية وهذا هو وضع ما يسمى مجازا حزب « الكيلينكس »الحاكم باليمن.

ولكي نبرهن صدقية التحليل فان المؤتمر الشعبي العام قد وقع على المبادرة الخليجية، وبالتالي فإما أن يكون حزبا حاكما وعليه أن يقصي علي صالح من رئاسته لأنه رفض الانصياع لقرارات الحزب، أو انه ديكور فقط ينصاع كل أعضائه مهما كانت درجتهم التنظيمية لسلطة الفرد وفروعه العائلية ولا قدرة له على اتخاذ أي قرار أو الإسهام في إيقاف الوضع الخطير الذي تمر به البلاد. إذن فهل لدينا بعد كل هذا حزب حاكم في اليمن ؟.

2- احترام الأقدمية والتدرج : كل حزب سياسي يقتضي التدرج لقياداته بحسب الأسبقية والكفاءة والقدرة من حيث تسنم المناصب العليا وفق القواعد القانونية وليس القرابية أو العائلية والموالاة فهل هذا ينطبق على أفراد العائلة الين تسلموا مواقع قيادة في الجيش والأمن لمناصب أعلى من عمرهم وأقدميتهم وكفاءتهم ومقدرتهم، وكذلك ظهور الموالين لهم في السلطة السياسية المدنية متجازوين كل الكفاءات والخبرات اليمنية.

الحزب - أي حزب - هو من يعين قياداته وليس قياداته من تعين قيادات الحزب ؟ الحزب يعبر عن تنافس واستقطاب سياسي حاد داخل مكوناته الحزبية وبالتالي يصعد إلى قياداته أشخاص في كل منعطف سياسي مثل الانتخابات أو الأزمات السياسة ؟ فهل استطاع الحزب الحاكم – مجازا في اليمن – أن يغير قياداته منذ التأسيس في العام 1982 ؟ لو كان ثمة حزب حاكم في اليمن لتولى عزل رئيسه المعاق الهارب والعاجز، وصعد شخصا يحل محله لإدارة الدولة والتوصل إلى حل الأزمة ؟.

3- الأمن والسلم الاجتماعي: إن ما يفضي إليه الحزب السياسي الحاكم هو ضمان عدم حصول الفراغ السياسي والدستوري أيا يكن نوع هذا الفراغ في حالة حصول الانتقال الطبيعي أو غير الطبيعي للسلطة والدولة والنظام السياسي من وضع إلى آخر، وبالتالي فان الادعاء بان ذهاب صالح وتخليه عن السلطة سيؤدي إلى شفير الهاوية هو إقرار بان العمل السياسي مرتبط بشكل وثيق بسلطة شخصية وليس بسلطة مؤسسية يقال زورا وبهتانا إن حزبا حاكما « المؤتمر الشعبي العام » هو من يمسك بها. فكيف يتأثر الأمن والسلم الاجتماعي في رحبل شخص بإمكانه أن يموت في أي لحظة ؟

4- النظام السياسي : كل حزب سياسي إنما يكون وجوده تعبيرا عن نظام سياسي يستظل به كل مكونات المجتمع المدني وما هو حاصل في بلادنا أن الفرد والهيمنة العائلية تشدد قبضتها على كل مفاصل الحياة المدنية والعسكرية والتجارية والثروات الوطنية بحيث لا يستطيع أي كان في بلادنا أن يعرف على وجه الدقة كم إنتاج النفط في اليمن وما هي المعادن النقدية الثمينة المستخرجة وكم مقدار ذلك ؟ وبالتالي فان غياب الحزب هو غياب للنظام ،وما يسمى مجازا نظام سياسي لا يحضا بشيء من الشرعية دون أن يعترف به المجتمع نظاما شرعيا يحترمونه ويسلمون به نظاما للجميع، و لم يعد للنظام وللحزب الحاكم وجود إلا في الخطاب الإعلامي، وإذا أرادوا أن يثبتوا لنا أنهم موجودون فليتخذوا قراراتهم الحاسمة في الوضع اليمني بعيدا عن هيمنة الفرد الذي لا ينبغي أن ترتهن البلاد والعباد به وهو غائب وعاجز عن ممارسة السلطة وخائف من العودة طيلة أربعة اشهر.

لو كان في اليمن حزب حاكم فقد وقع هذا الحزب على المبادرة الخليجية وبوسعه أن يمضي في تنفيذها ويرغم رئيسه على التوقيع عليها أو يمضي في عزله. فكيف يوقع هذا الحزب على مبادرة ولا ينفذها لان الفرد الواحد الأوحد هو الحزب هو السلطة هو الدولة ؟ وهذا يدعونا إلى طرح السؤال :من يحكم اليمن ؟

ثانيا : من يحكم اليمن ؟: « الفرد بمعاونة العائلة ولفيف من الأتباع »

إنها حقيقة مرة تسقط ادعاء أن الشعب صاحب السلطة ومصدرها والتباهي بالتعددية السياسية والنظام الديمقراطي كونها العنوان الأبرز في خطاب السلطة العائلية. بينما من يمارس السلطة ويستحوذ عليها فرد حاكم بأمره على النحو التالي:

1- الفرد : تعذب فقرا في صغره فأراد أن يثأر لنفسه من الجميع ليفقرهم انتقاما لنفسه الناقمة والمريضة، جاءت به الأقدار بترتيب من السعودية ودعم القبيلة والإخوان المسلمون، وبدلا من أن يحمد الله على هذه النعمة كفر بها حين أسرف هذا الفرد بالكذب البواح وتأصيل الفساد والإفساد طيلة 33 عاما بشعاره المعروف السلطة مغرم لا مغنم. ونحن نستلقي من شدة الضحك على هذه المقولة السخيفة لسببين الأول: من أين يغرم هذا المعتوه علينا وهو رجل كان راع للغنم باعترافه الشخصي وليس وارثا كابر عن كابر. الثاني: إذا كان يغرم علينا فنحن نعفيه من هذا الغرم وليتركنا وشأننا لنذهب إلى الجحيم لا نريد النعم التي يغدق بها عليها من ميراث أبيه .

2- العائلة : استحوذ أفرادها بسهولة ويسر على كل ثروات البلاد والعباد بتسهيل من الفرد الغارم مقابل غرمه، وبالتالي فإنها تتعامل مع هذه الثروات والدولة والبشر باعتبارهم ملك شخصي لا يمكن التفريط به وهو ما يفسر طول عمر الثورة اليمنية وتشبث العائلة واستماتتها على السلطة كل ذلك إنما هو تكريس لمفهوم التملك الذي ينفي أي وضع آخر لاستقلال المجتمع والدولة عن السلطة ومصادرة الثورة والجمهورية، والانحدار بالأمة من نظام يفترض انه جمهوري إلى نظام جملكي قبيح. وبالتالي فهي تسخر اليوم القوات المسلحة والأسلحة وتوجهها إلى رؤوس أولياء نعمته وهم المواطنون وتستقوي بها عليهم، الشعب الذي اشترى من قوته هذه الأسلحة ليحتمي بها من العدوان الخارجي وإذا به هو من يقتل بها بتوجيهات هذه العائلة التي جعلتنا نترحم على الإمام عند كل نفس وضيق.

3- أتباع السلطة العائلية : وهم أحد الأصناف التالية : عبيد ، مرتزقة ، بلاطجة ، أرباب سوابق، محترفو فساد، أما هوية الأتباع فمتعددة فهناك : « مثقفو سلطة ، وعاظ السلطان ، مشائخ قبلية مستحدثون، بيروقراطيون ، عسكر العائلة ، إعلاميو السلطة ، تجار طفيليون صنعهم الحاكم الفرد لغسيل الأموال، وتجار العملة يعملون لحسابه بالباطن، سماسرة وقوادون ، ومهربون ».

4- النائب عبده ربه منصور: نحن نطلب من عبده ربه منصور هادي أن يثبت انه نائب لرئاسة الجمهورية وليس نائبا لحكم العائلة، بيده وحده إن كان رجلا كما يشهد له آخرون وبه ذرة من رجولة أو كرامة أن يصدر مرسومين :

الأول : مرسوم يقضي بتشكيل حكومة انتقالية تتولي زمام السلطة باعتبار أن البلاد بدون حكومة وان الحكومة المقالة انتهت صلاحيتها الدستورية وبالتالي تصبح الحكومة الحالية مكلفة بتهيئة الأجواء والإعداد لإجراء انتخابات مبكرة دون الرجوع إلى أي من أفراد العائلة .

الثاني :  مرسوم يقضي بتشكيل لجنة عسكرية عليا تتولى إعادة هيكلة الجيش والأمن وعزل كل الشخصيات العسكرية والأمنية الشريكة بصنع الأزمة من الطرفين الموالي والثوري بما في ذلك علي محسن وشلته، والشعب كله معه يدعمه ويبارك له خطواته، إنها لحظة تاريخية فارقة هل بوسعه أن يغتنمها ؟

وإذا لم يكن قادرا على ذلك فما عليه إلا أن يخاطب الشعب بعدم قدرته ويعلن استقالته بكل شرف، وليتركنا نواجه غرماءنا فقط دون التعدي على الغير .

إن استمرارك ياعبده ربه منصور في السلطة تحت يافطة الحكم العائلي يجعلك شريك في قتل اليمنيين لأنك تمثل في ظل هذا الفراغ السياسي أعلى سلطة في البلاد، وأنت القادر على منع القتل لمجرد القتل وعزل القيادات العسكرية والمدينة التي تجر البلاد والعباد إلى أتون فتنة وأزمة طاحنة وربما مواجهات مسلحة يجري الإعداد لها حثيثا - ولا أقول حرب أهليه لان الشعب في كفة والعائلة في كفة .

لا يظن النائب عبده ربه منصور انه سيكون بعيدا عن المسائلة الجنائية في القتل الذي يجري يوميا تحت سمعه وبصره وهو لا يحرك ساكنا في منع هذه الاعتداءات ، فهو شريك مثله مثل غيره من كبار الأتباع وليس الحزب المسمى مجازا « بالكيلينكس» العام ومن التابعين لهم في الحكومة المقالة ، فكل وزير مستمر في عمله في هذه الحكومة المقالة هو شريك في الجرائم التي تسلط ضد الشعب اليمني بالقتل والعقوبات الجماعية ورفع الأسعار ولن ينجو أيا منهم من المسائلة والمحاكمة ما لم يقدم استقالته منها اليوم وليس غدا.

ينطبق على النائب عبده ربه منصور هادي المقولة الشعريه في زمن الرشيد بعلاقته بالبرامكة

ليت هندا أنجزتنا ما تعد وشفت أنفسنا مما تجد

واستبدت مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبد

5- موقف الثوار من المؤتمر الشعبي العام : ليكن معلوما لأعضاء ما يسمى بالمؤتمر الشعبي العام بان الثوار في اليمن لم يثوروا ضد الحزب الموصوف بالحاكم كذبا وزورا وإنما ضد الحاكم الفرد ضد الحكم العائلي ضد التوريث ، ضد الأتباع من العبيد والبلاطجة ، ولا يمانع الثوار أن يتولى المؤتمر الشعبي العام زمام الحكم والسلطة ويشرف على إجراء انتخابات سابقة لأوانها أو يعين رئيسا جديدا له يستمر في الحكم إلى حين الترتيب لإجراء الانتخابات في الزمن الذي يريد ؟ الشعب والمعارضة لا تمانع من أن يمضي الحزب الحاكم - إن كان حاكما فعلا- من أن يتولى زمام السلطة والدخول في حوار معه إن هو سعى إلى عزل العائلة من مواقع الحكم باعتبارها سببا باندلاع الثورة أو بانفجار الأزمة كما يحلو للبعض تسميتها.

نحن الآن نطلب من الحزب الحاكم إما أن يثبت انه حزب حاكم وليبرهن على ذلك عمليا، أو أن الأعضاء المنتمين إليه مجرد أتباع وعبيد، وعليهم أن يحددوا موقفهم هل هم مع العائلة الحاكمة المغتصبة للسلطة أو مع الشعب الثائر المنتفض من اجل بناء يمن جديد لنا ولهم ؟

لو كان في اليمن حزبا حاكما لاجتمع نوابه تحت قبة البرلمان ولتولى زمام السلطة بموجب الدستور بدلا من الحكومة العاجزة التي معظم أعضائها في مستشفيات الرياض هكذا يقول الدستور، وبالتالي فان اليمن يحكمها فرد واحد وكل أعضاء حزبه إنما هم مجرد أتباع فقط « كلينكس». لا يملكون من أمرهم شيء، والتابع: هو إما عبد أو مرتزق أو بلطجي ، وعلى هؤلاء أن يختاروا لأنفسهم موقعا مناسبا إما في صف الأحرار أو في صف العبيد والمرتزقة والبلاطجة.

نأمل أن يصحو ضميرهم قبل فوات الأوان فالثورة ماضية إلى تحقيق أهدافها بكل السبل ، وان اليمن سننتقل - بعون الله - إلى حكم مدني ديمقراطي يحفظ كرامة الجميع بما في ذلك عبيد الحاكم ومرتزقته الذين يقتلون الشعب ، وسيتولى القضاء وحده بإدانة المتهمين فقط ، ولن يكون هناك أي سياسة للانتقام ضد احد، لكننا مع هذا التسامح لن نكون قادرين على منع الناس من احتقار عبيد الحاكم لسلوكهم الحقير في سبيل شخص واحد سلب كرامة الجميع، والثوار حينما خرجوا إنما ليستعيدوا هذه الكرامة المهدرة تحت أقدام صبيان العائلة.

لذلك على عقلاء المؤتمر أن ينظموا إلى الثورة الشعبية أو يقفوا على الحياد فهذا الموقع الطبيعي لهم إن لم يكونوا قادرين على إدارة دفة البلاد دون إمرة العائلة المصادرة للبلاد والعباد.

الخاتمة : الخطاب العائلي : حق يراد به باطل

العمل السياسي لا يتساوى على الإطلاق بين الوضع الطبيعي والوضع الاستثنائي، فكلما يقال به في الوضع الطبيعي لم يعد العمل به مجديا في الوضع الاستثنائي، لذلك فان ما يطرحه أتباع السلطة عن الحوار والتفاهم والاتفاق والترتيب لإجراء انتخابات مبكرة ، كلها أمور معقولة ومقبولة في الوضع الطبيعي حين يكون النظام السياسي محل إجماع ومقبول من الأمة وليس موضع تنازع ، غير أن الوضع الثوري الذي قلب موازين القواعد المتعارف عليها في الوضع الطبيعي يجعل من طروحات أتباع السلطة سخف ممجوج في وضع استثنائي قابل للانفجار في أي لحظة سيكنسون كنسا تاريخيا لا يقبل التسامح مهما طال أمد الثورة حقنا للدماء.

إن الميوعة السياسة الناتجة عن هذه السلوك الأرعن سيوغل الحقد ويعزز الانتقام في نفوس الناس، بينما لو تم سرعة التعاطي مع هذه المرحلة بروح من المسؤولية وبجدية لتجاوز الناس الماضي ونسوه وراء ظهروهم وأبدو قدرا عاليا من التسامح مع كل المشاركين في ظلمهم ، إن الخطاب السلطوي ومحاولة استجداء الثوار للحوار كان مجديا ومؤملا في عام 2009 حين كانت المعارضة تلح على الحاكم للاتفاق على إصلاحات جوهرية وعميقة اقل من هذا السقف بكثير، لكن الفرد المتسلط بقبح منقطع النظير فاجأ الجميع في 2010 بخطاب قلع العداد وتعديل الدستور منفردا والمضي بالانتخابات تقليدا لمسعى حسني مبارك الذي حصل على 94 في المائة لم تصمد مصداقيتها أمام الثورة الشعبية بأشهر معدودة، وأصبح نظام مبارك يتيما لا سند له سوى بضع آلاف، وهي ذات النسبة التسعينية المزعومة التي يتعالى فيها الفرد علينا بكل عنجهية.