حميد ... يا حميد
بقلم/ محمد صالح البخيتي
نشر منذ: 15 سنة و 3 أشهر و 9 أيام
السبت 08 أغسطس-آب 2009 04:51 م

  مأرب برس – خاص

اعتاد الكثير من الناس ـ في ظل الوضع المأزوم الذي صادر كل حقوق المواطنة ـ أن يظهروا غير ما يبطنون, فرغم أننا نلاحظ أن مواقف الكثير ممن ننفرد بهم من أبناء اليمن المؤثرين هي مواقف متشددة ضد الوضع القائم إلا أنهم لا يجرؤون على قول الحقيقة إلا في الهمس أمام من يثقون بهم حتى لا تتأثر مصالحهم القائمة أو المتوقعة, وفي الحقيقة أن مواقف الإنسان ورؤيته التي يؤمن بها هي أمانة مع نفسه أولا ومع المجتمع الذي يعيش به ثانيا, يجب أن ينقلها إلى محيطه كما هي دون تشويه لأن تناقض قوله وفعله مع قناعته الذاتية يدخله في اضطراب نفسي, وفي نفس الوقت يضلل الكثير من المواطنين فيخلق مجتمع متناقض مضطرب مهزوم, ومثل هؤلاء وإن بلغوا مرتبة اجتماعية عليا في زمن مضطرب إلا أن مرتبتهم المتقدمة التي وصلوا إليها عبر صمتهم أو نفاقهم لا تدوم ولا تنتقل إلى أحفادهم حيث يلفظهم التاريخ ويعيدهم إلى أدنى مراتب السلم الاجتماعي.

وفي المقابل هناك أيضا رجال شجعان مهما كانت مصالحهم الآنية مرتبطة بمواقفهم فإنهم لا يترددون في قول الحقيقة مهما كلفتهم, ورغم أنهم قلة إلا أن تأثيرهم في المجتمع أكبر من تأثير الكثرة المضطربة, فهم الذين يصنعون التغيير إلى الأفضل ويرسون قواعد العدالة في مجتمعهم على المدى الطويل, وفي الأخير يجدون أن قول الحقيقة لم يعد عليهم إلا بالنفع على مستوى الحاضر وعلى مستوى المستقبل, فالصدق مع النفس ومع الآخرين فيه النجاة كما قال نبينا محمد(صلى الله علية وسلم )

من هؤلاء المتميزون بالشجاعة النادرة والصدق مع الآخرين لمع في زمننا الشيخ الشاب حميد الأحمر فمواقفه كلها مواقف صادقة فتحت له طريق النجاح في عدة اتجاهات, والتي كان آخرها موقفه الذي أعلنه في البث المباشر من قناة الجزيرة, فقد تألق السياسي الحزبي البرلماني رجل الأعمال الشيخ حميد بن عبدالله الأحمر تألقا لم يسبقه إليه أحد, حينما أعلن موقفه الشجاع في مساء الأربعاء الخامس من شهرنا أغسطس 2009, موقفه الناصح للرئيس علي عبدالله صالح بأن يقدم مصلحة اليمن على مصلحته الخاصة ويتنحى عن الحكم في أقرب فرصة ويسلمه لنائبه طبقا لنصوص الدستور تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة بعد أن أصبح الرئيس مشلولا لا يفرق بين الواجبات الدستورية والطموحات الأسرية حتى فلتت الأمور من بين يديه وأصبحت اليمن بسببه وبسبب المنافقين الذين صنعهم في كف عفريت.

ورغم ملاحظاتنا عن موقف حميد فيما يتعلق بقضية حرب صعدة إلا أن ذلك موقفه وقناعته قد أظهره بصدق, ولا يمنعنا ذلك من أن نهتف باسمه ( حميد .. يا حميد) فقد وضح أن الرئيس هو المسبب لكل تلك الحروب والأزمات, وصارحه بمبررات موقفه منه وبين سبب فشل وساطة دولة قطر وأشياء كثيرة قد لاحظها باندهاش كل من صادف عدم إطفاء الكهرباء في حيهم أو في قريتهم, فكان لحميد السبق على كل أبناء اليمن بمقابلة تاريخية سيحفظها له التاريخ وتتناقلها الأجيال جيل بعد جيل.

وهذا ليس بغريب على رجل ينتمي إلى أسرة لرجالها مواقف مشابهة أبا عن جد فهكذا هي مواقف آل الأحمر الحقيقيون من زمن ( علي بن قاسم الأحمر ) في سنة 1121هـ إلى سنة ( 1140هـ ) السنة التي قدم فيها رأسه في خيمة أعدت لقطعه خصيصا, فلم يبخل به في سبيل قول الحقيقة والمبادئ التي يؤمن بها, ورغم ذلك لم تذهب روحه هباء فقد خط بدمه موقفا تاريخيا خلده التاريخ وفاخر به أحفاده, وبعده فعلها حفيده الشيخ حسين بن ناصر وابنه حميد الأول في حركة حاشد سنة ( 1959م ) حينما قدما روحيهما فداء لمبادئهما أمام الإمام أحمد رحمهم الله جميعا, فالتاريخ مواقف تسجل لصناعه ويجني الأحفاد ثمار ما زرعه الأجداد.

وسائل الإعلام الرسمية كما هي عادتها لم تتوانى في الرد بطرق مختلفة وتحت توقيع أسماء وقاويق انتهازية وهمية لكنها فقاعات آنية ماتت وتموت بيومها وسيبقى موقف الأحمر يتلألأ إلى أن تقوم الساعة.

ما يدهشني في قِيَم هذه الأسرة هو أن كل جيل يؤسس للجيل الذي يليه ففي الوقت الذي يقتطف فيه ثمار ما زرعه له أجداده لا ينسى أن يبذر بذرة يتزامن نموها مع نمو الأجيال القادمة.

وما فعله حميد بموقفه هذا يندرج في إطار هذه القاعدة حيث لم يكتف بقطف ثمار ما زرعه أجداده, بل زرع نبتة جديدة سيقطف ثمرتها جيل قادم, وهكذا هم الرجال الذين يخلدون أسرهم وأوطانهم...

لقد أعلنها اليوم حميد الثاني باسم حاشد وباسم أصحاب المبادئ الوطنية الصادقة من كل أنحاء اليمن, وكم أتمنى من مشائخ اليمن وقادة أحزابها ومنظماتها ومؤسساتها وملتقياتها وأفرادها أن يحذوا حذوه ويعلنون موقفهم دون وجل أو تردد, على الأقل من باب مشاركة حميد في قطف ثمار المجد.

* abodhma@maktoob.com