أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع تفاصيل لقاء وزير الداخلية بالقائم بأعمال السفارة الأمريكية في اليمن صنعاء..مليشيا الحوثي تجبر جميع العاملين في القطاع الصحي على هذا الأمر مؤتمر مأرب الجامع يدعو لسرعة توحيد القرار العسكري والأمني ويؤكد ان تصدير النفط والغاز هو الضامن لانعاش الاقتصاد الوطني ودعم العملة المحلية الامين العام لمؤتمر مأرب الجامع: مأرب لن تقبل ان تهمش كما همشت من قبل ونتطلع لمستقبل يحقق لمارب مكانتها ووضعها الصحيح قيادي حوثي استولى على مدرسة اهلية في إب يهدد ثلاث معلمات بإرسال ''زينبيات'' لاختطافهن الهيئة العليا لـ مؤتمر مأرب الجامع تعلن عن قيادة المؤتمر الجديدة.. مارب برس ينشر قائمة بالأسماء والمناصب الذهب يرتفع بعد خسائر حادة سجلها الأسبوع الماضي رئيس الحكومة يعلن من عدن اطلاق عملية اصلاح شاملة تتضمن 5 محاور ويبدأ بهيكلة رئاسة الوزراء.. تفاصيل الكشف عن كهوف سرية للحوثيين طالها قصف الطيران الأميركي في محافظة عمران
إيان توملينسون، اسم ربما لم يسمع به كثيرون في العالم العربي، لكن قصته تحمل دروسا تستحق القراءة والتأمل، في ظل الانتفاضات والثورات المتلاحقة وطريقة مواجهة السلطات للمتظاهرين في عدد من دول المنطقة.
توملينسون مواطن بريطاني بسيط كان يعمل بائعا للصحف عندما توفي خلال مظاهرات في لندن للاحتجاج على قمة العشرين. كان يمكن أن تمر الوفاة بلا ضجة إعلامية، لولا أن شريط فيديو أظهر لاحقا أن توملينسون توفي بعد لحظات من قيام شرطي بضربه بهراوة على فخذه ثم دفعه من الخلف، مما أدى إلى سقوطه وارتطام رأسه بالأرض. وعلى الرغم من أنه تمكن من الوقوف بمساعدة بعض المتظاهرين وسار بضع خطوات، فإنه تهاوى وسقط مجددا ولم ينجح المسعفون في إنقاذ حياته ليموت بسكتة قلبية.
منذ ذلك الوقت تصدرت قصة توملينسون نشرات الأخبار وعناوين الصحف عدة مرات، آخرها الأسبوع الماضي بمناسبة التحقيق القضائي في ظروف وفاته التي حدثت قبل عامين ولا تزال تداعياتها مستمرة. فخلال جلسة التحقيق القضائي خضع الشرطي الذي دفع توملينسون من الخلف لاستجواب قاس من محامي العائلة الذي طالبه بالإقرار بأن ما فعله كان غير مبرر وأنه تصرف بشكل مبالغ فيه مع الضحية. كما أن القاضي وجه عدة أسئلة أجبرت الشرطي على الاعتراف بأن عددا من الملاحظات التي دونها بعد الواقعة لم تكن صحيحة. ويتوقع أن تستمر الجلسات ثلاثة أسابيع قبل أن يصدر قاضي التحقيق قراره في ظروف الوفاة. إلى جانب هذا التحقيق القضائي، فإن إدارة شرطة لندن بدأت إجراءاتها الخاصة وفقا للوائحها الداخلية فأوقفت الشرطي عن العمل إلى حين مثوله أمام لجنة تحقيق أخرى بتهمة سوء التصرف التي قد تؤدي إلى إقالته.
هذا ما يحدث في بريطانيا لأن مواطنا واحدا توفي بعدما دفعه شرطي خلال مظاهرات شهدت اشتباكات بين رجال الأمن وعدد من المتظاهرين. فللإنسان قيمته وحقوقه، ودور رجل الأمن هو حماية المواطن لا الاعتداء عليه، وحفظ الأمن لا تجاوزه، وتنفيذ القانون لا خرقه. قارن هذا بما يحدث في عدد من الدول العربية التي تشهد انتفاضات شعبية، حيث يقتل المتظاهرون بالمئات. في تونس، حيث انطلقت الثورات العربية، رأينا كيف أفرط الأمن في استخدام العنف ضد المتظاهرين بلا ضابط أو رادع، فسالت دماء كثيرة ألهبت المشاعر وأججت الغضب على أساليب الكبت والقمع والقهر وأسهمت بالتالي في حقن الثورة بالمزيد من قوة الدفع.
في مصر، لم نر فقط قوات الأمن تركن إلى أقصى درجات العنف باستخدام الرصاص الحي ودهس المتظاهرين بالسيارات، بل رأينا النظام يدفع بالبلطجية لترويع المواطنين في مشهد لخصته «معركة الجمل»، التي عكست طريقة تفكير النظام وأجهزته التي لا تقيم وزنا للمواطن أو القانون. فسلطات الأمن لجأت إلى استخدام مختلف الأساليب والتكتيكات التي تهدف فقط للترهيب، وبث الرعب في نفوس الناس حتى ولو بإشاعة الفوضى. وهكذا صدرت الأوامر للشرطة بالانسحاب من الشوارع وفتحت أبواب السجون من الداخل لكي يخرج السجناء، خصوصا عتاة المجرمين وأصحاب السوابق للإسهام في بث الفوضى والرعب.
نتيجة كل ذلك كانت وقوع المزيد من الضحايا، إذ ذكر التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق التي نظرت في تلك الأحداث ورفعت تقريرها قبل أيام إلى المجلس العسكري وحكومة الدكتور عصام شرف، كما أوردت صحيفة «الأهرام»، أن قوات الأمن والشرطة تعمدت القتل العمد للمتظاهرين والمواطنين العزل، واستخدمت في ذلك إطلاق النار العشوائي، إضافة إلى استخدام قناصة مزودين بأسلحة متطورة كانوا يتمركزون في أعلى المباني المحيطة بميدان التحرير وبعض المواقع الأخرى. وأورد التقرير شهادات وتقارير طبية لتوضيح عمليات القتل بأسلحة القناصة، كما قدم توثيقا لأسماء ستمائة قتيل وخمسة آلاف جريح سقطوا خلال الأحداث بفعل الرصاص والعنف المفرط.
عقلية الأمن المدرب على القمع والتنكيل بالمواطن فضحتها أيضا مشاهد أشرطة الفيديو المصورة سرا داخل أقسام الشرطة وتظهر أساليب التعذيب النفسي والبدني للمعتقلين. لكن أبلغ تعبير عن هذه العقلية المريضة كان مشهد مدير أمن البحيرة في مصر الذي صور وهو يقول لجنوده بعد الثورة إنهم «أسياد» وإن المواطن الذي يتجرأ على رفع يده على سيده يجب أن تقطع يده. هذه هي العقلية السائدة وسط كثير من قيادات الأمن التي تتدرب على أن مهمتها هي حماية النظام وليس المواطن، وأنها يمكن أن تتصرف خارج القانون بدلا من أن تكون خاضعة له.
ضمن هذه العقلية التي لا تعطي قيمة للمواطن كنا نسمع بعض قادة الأنظمة التي تواجه انتفاضات يصفون المتظاهرين بالمتآمرين والفوضويين والعملاء أو حتى بالجرذان والسكارى. ولسحق هؤلاء يتم استخدام البلطجية، كما رأينا في مصر، أو البلاطجة كما يوصفون في اليمن، أو الشبيحة والزعران كما يقولون في سورية. ولأن القذافي حالة خاصة دائما، فقد ذهب لأبعد من ذلك في سعيه «لسحق» الثورة ضده، حيث استعان بالمرتزقة الأجانب من طيارين وقناصين لدعم كتائبه في تنفيذ الأوامر «بسحق الجرذان». وقد بلغ الاستخفاف بالناس حدا جعل بعض المسؤولين يخرجون للقول إن قوات الأمن انسحبت من الشوارع «حفاظا على أرواح المواطنين»، وإن البلطجية هم الذين يعتدون على المتظاهرين ويطلقون عليهم النار عشوائيا. لكن هؤلاء لم يقولوا لنا هل البلطجية مسؤولون أيضا عن قطع خدمات الهاتف والإنترنت؟
عقلية «البلطجة» وثقافة القمع استخدمت طويلا لإخضاع الناس وحماية أمن الأنظمة، لكن هذه العقلية أسهمت أيضا في انفجار الغضب المكتوم. فالثورة التونسية اشتعلت من تداعيات انتحار الشاب محمد بوعزيزي بعد صفعة من شرطية، والعامل المشترك في الثورات والانتفاضات العربية كان الهتاف ضد الكبت والقهر والفساد والمطالبة بالحرية وكرامة الإنسان.
*الشرق الاوسط