بن سلمان في افتتاح القمة الإسلامية بالرياض يتحدث عن موقف المملكة من المجازر في فلسطين ولبنان والضربات على إيران حادثة أليمة في المحويت.. وفاة وإصابة 15 شخصاً نتيجة انهيارات صخرية في اجتماع استثنائي بحضرموت.. وزير الدفاع يشدد على مضاعفة الجهود للقبض على قاتل الضباط السعوديين ويؤكد استمرار التحقيقات إسرائيل تعترض صاروخاً باليستياً أطلقه الحوثي من اليمن.. وشظاياه تشعل حرائق النفط يتراجع بطريقة مفاجئة مع انحسار تهديد عاصفة في أميركا وحوافز صينية مخيّبة للتوقعات الكشف عن خطط ترمب للقيام بقرارات ديكتاتورية في يومه الأول كرئيس في تحذير عاجل.. 6 كلمات لا تكتبها في محرك البحث فقد تدمر حياتك بعد انفجارات في قلب العاصمة… إعلان حالة تأهب الجوي في أوكرانيا من قصف جوي مع تصاعد الهجمات الروسية غارات أميركية بريطانية جديدة تستهدف مواقع للحوثيين في محافظتين كتائب القسام تكشف عن عملية نوعية في الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا من مسافة صفر
لمجردِ أن وقعت عيناي على مشاهد من الاحتفال الفني الساهر الذي أقامه ثوار ساحة التغيير ابتهاجاً بانتصار الثورة الليبية حتى أيقنت أن ثورتنا الكرنفالية ستطول إلى أمدٍ غير معقول ..
فكما يبدو لي أن ثورتنا لم تكتفِ بكسر القواعد والسنن التي سار عليها الثوار منذ أن خلق الله الأرض من حيث انتهاج الغضب الخلاق كـ وسيلةٍ لتحفيز القوى الخاملة وتفعيل العناصر غير الفاعلة بل زادت على ذلك أن كسرت القواعد الأخلاقية التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم حينما استشهد عمه حمزة في معركة أحد فقال حينما رأى الناس يتباكون على قتلاهم ( ولكن حمزة لا بواكي له ) ..
فالدماء التي تنزف في شمال الوطن وجنوبه لم تكن كافية ًلإثناء ثوارنا الكرام عن إقامة هذا الحفل الفني الساهر لأنهم منتشون بتلك الفقاعات التي تروج لها وسائل الإعلام عن تفوق الثورة اليمنية سلمياً و ( فنياً ) وهو التفوق الذي ترجمه الأخوة الثوار باحتفالاتهم الصاخبة بدءاً باحتفال 26 سبتمبر الذي جاء بعد مرور أربعة أيامٍ فقط من مجزرة جولة كنتاكي وانتهاءً باحتفال الثورة الليبية الذي جاءَ مصاحباً لآهات الثكارى وبكاء الأيتام في الحصبة وتعز وأرحب ..
ولهذا فإن مشاركتهم لأفراح الليبيين بنصر ثورتهم أحق من مشاركتهم لأوجاع الشعب اليمني وكأن الأبعدون أولى بالمعروف عند ثوار ٍترعرعوا في وطنٍ اعتاد الناس فيه على تأجيل أعراسهم حينما يموت جارٌ لهم ..
والغريبُ في الأمر أن احتفال ثوارنا الكرام جاء بعد مرور ثلاث أيامٍ من وفاة سلطان الذي أعلنت قناة سهيل الحداد عليه بتعليق صورته الكريمة أعلى الشاشة وبجانب مشاهد القتلى والشهداء الذين تعرضهم القناة باستمرار والذين لم تكلف السعودية نفسها عناء الشجب والتنديد لمقتلهم ..
ومع احترامنا لثوارنا الذين احترموا فقيد السعودية ولم يحترموا شهداء ثورتهم تكريساً منهم لمبدأ (الأبعدون أولى بالمعروف ) فإن نظرية النفاق السياسي التي يبررون بها هذه التجاوزات اللاأخلاقية لن تجلب لهم النصر بقدر ما ستجلب عليهم غضب الله وحسرة المؤيدين وتشفي المعارضين ...
فالوسيلة قد تبرر الغاية ولكنها أيضاً ستبرر لكل مواطنٍ يمني يعاني من هذه الأوضاع المعيشية الصعبة أن يطالب بثورةٍ ثانيةٍ تأكل الأخضر واليابس بدءاً من منصة الاحتفالات بساحة التغيير وانتهاءً بالقصر الجمهوري ..
فلا أظن أن النظام الذي يعزي مواطناً انتحر لأجل الرئيس متجاهلاً مئة شهيد في أبين بأسوأ من ثورةٍ تهافت قادتها لتعزية ولي عهد دولةٍ تدعي الثورة أن لها يدٌ في كل قطرةِ دماءٍ تُسفكُ في الوطن من خلال دعمها اللامحدود للنظام ..
ولا أظن أن سياسة العزف على أوتار المعاناة والرقص على إيقاعها العاطفي قادرةً على إنقاذ وطن ٍ يحتضر مالم تكن هناك نقلةٌ نوعيةٌ لهذه السياسة الترفيهية بسياسةٍ أخرى تؤجج الغضب عِوضاً عن الطرب ...
فسياسة الترفيه شكّلت عائقاً أمام المسار التصاعدي للثورة فكلّما اشتعلت حماسة الثوار للحسم أطفؤوهم بـ حفل ٍ فنيٍّ ساهر ...
وليتهم يعلمون أن الغناء لم يعد يمتع للوجوه الشاحبة ...
والرقص لم يعد يجذبُ العيون الدامعة ...
وكذلك الاحتفالات ..
لم تعد تُشبعُ البطون الجائعة ...