آخر الاخبار

في الذكرى السنوية الأولى لطوفان الأقصى..أردوغان يوجه خطاباً شديد اللهجة إلى زعماء العالم - بماذا توعد نتنياهو؟ في الذكرى السنوية الأولى لـ طوفان الأقصى.. أبو عبيدة يتوعد بأمر .. شاهد هيئة الإسناد اللوجستي تعلن جاهزية دوائرها لتنفيذ كافة المهام المنوطة بها وفق توجيهات قيادة وزارة الدفاع حملت المليشيات مسؤولية سلامته.. نقابة الصحفيين تتحدث عن مصير مجهول للكاتب محمد المياحي جيش الاحتلال يكشف نتائج الهجوم الحوثي الصاروخي الذي استهدف تل أبيب اليوم أكاديمي يمني يعري أحد ابرز قيادات الحوثي التي تنتحل منصبا رفيعا في جهاز المخابرات أطفال مأرب يطالبون الأمم المتحدة القيام بدورها الانساني تجاه أطفال غزة ويعلنون التضامن مع منظمة الاونروا الخزانة الأمريكية توجه أقسى عقوبة على رجل الأعمال اليمني حميد الأحمر وتضع 9 من شركاته في قوائم العقوبات تعرف على قائمة الهوامير الذهبية التي تضم أسماء 25 قياديا حوثيا تم مناقشة الإطاحة برؤسهم وكيل محافظة مأرب يكشف عن أكبر تهديد بيئي واجتماعي يهدد عاصمة المحافظة

عن ثورة الفيس بوك اليمنية
بقلم/ بشرى المقطري
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 22 يوماً
الإثنين 14 فبراير-شباط 2011 04:43 م

لا شيء يثير غضبي بعد المعاملات الروتينية في أروقة الجامعة والتي ستدخل عامها الثاني بإذن الله سوى خطابات الرئيس ومبادراته، ليتحول غضبي إلى رغبة في النفاذ من هذه الحياة التي يراد لنا أن نغمض عيوننا ونعيشها كحياة غير جديرة بالعيش، أحاول أن أغلق أذني عن كل ما يدور حولي لكن التعبئة الرسمية والترديد الاسطواني المشروخ لكل ما يقوله هذا الرئيس" الأراجوز" يلاحق متعتي بالقراءة والكتابة وأبدوا مجبرة للخوض في أسباب كثيرة للحزن.

احتجت أيضاً لكمية من الأسبرين لأسيطر على ضغط دمي فرحة بالثورة المصرية ولاستوعب الواقع اليمني الذي مازال يدور حول مبادرة الرئيس لحل أزمة اليمن وحتى أحدق بعدها بهذا السقف الخفيض الذي يريدنا أن ندق رؤوسنا فيه لنفهم بأن اليمن ليست مصر ولا تونس، وأن القبائل ستنهش لحمنا إن فكرنا بالتغيير، وأن حميد الأحمر هو البديل الأسوأ للحكم في اليمن، وأن على الشعب أن يحمي نفسه بنفسه، برسالة تحريضية لا يطلقها شخص مسئول، باختصار حاول الرئيس أن يقنعنا أن وضعنا "منيل بستين نيلة" على قول أخواننا المصريين، ولابد من وجوده كإله حامي وصمام أمان لنحتمل بعضنا، ويسود الأمن والاستقرار والهدوء والازدهار، ولتهب المنجزات الطيبة المخبئة في جعبته لثلاثة وثلاثين عاما.

في قاعة مجلس النواب ظهر الرئيس كبابا نويل، طيب القلب، ويفهم مطالب المعارضة لا ليقول فهمتكم يا شعبي أو أعي مطالبكم.. بل لبيك أيها المشترك، ولأن الشعب ليس كله مشترك، وإنما هناك تحولات في الشارع لم يفهمها الرئيس بعد ولا مستشاريه، ولا المطبلين لحكمه، وإن ثورة الفيس بوك اليمنية قادرة على قلب كل معادلات الساحة السياسية الراكدة، المسرحية التي أنتجها الرئيس والذي ظهر كممثل هزلي فاق قدرة "دحباش" على إضحاكنا- مع احترامي للممثل آدم سيف والإساءة له في هذه المشابهة الظالمة- وهو يطلق المنجزات والعطايا كألعاب نارية ليبهر الحاضرين من نواب حزب المؤتمر الشعبي، والمحللين السياسيين بقدرته على حبس أنفاسنا، ومناوراته التي تجعله حارس مرمى من الطراز الرفيع، لتبدو الأزمة السياسية التي استمرت لأكثر من عامين والتي أصابتنا بالتخمة وانحباس شريان القلب، وما تبعها من تخوين المعارضين والاعتداء عليهم، والتشهير بهم، واعتقال الناشطين السياسيين والصحفيين مجرد فقاعة صابون في الهواء، فهاهو اليوم يفتح قلبه للحوار، ويؤجل الانتخابات، ويخرج من تحت إبطه الوظائف للعاطلين عن العمل، والضمان الاجتماعي، ويلغي التعليم الموازي الذي كسر ظهورنا لسنوات طويلة، وأنه بذكائه الخارق يستطيع أن يجرف الحياة السياسية كما يريد ومتى ما أراد ليجعل خصومه مخنوقين في أنفسهم، ربما يقرقرون المداعة حتى سقف السماء السابعة.

لكن نسى هذا الرئيس المبجل الذي حكم على رؤوس الثعابين منذ ثلاثة وثلاثين عاما والذي يعتبر معارضيه كلاب مسعورة، وذو نظارات سوداء، ومرتزقة، أن التاريخ لا يعيد نفسه إلا بصورة مأساة أو ملهاة، وأن الوقت فات لهذا الكلام الطيب الذي كنا نتمنى أن تجود به يده الكريمة قبل سنيين من الآن، وأن العطايا التي وهبت لم تعد تكفينا لنتخلص من كابوسية حكمه واستئثار أبنائه وأصهاره ومقربيه بمقدرات الوطن، وانفراد حزبه بامتيازات الحياة، ولم يعد مثل هذا الكلام المنمق يجدي نفعاً، لأن سياسة المهدئات والتخدير الموضعي لم تعد مجدية للحالة اليمنية، وفوبيا حميد الأحمر لم تعد أيضاً مقنعة، فنحن لا نريد حميد ولا علي عبد الله صالح، نريد حاكم مدني، لا يجرنا من حرب إلى أخرى، ولا يرفع من شأن القبيلة فوق القانون والمؤسسات، ونسى الرئيس أن الثورة الفيسبوكية في اليمن ستعطي أكلها قريبا وبهدوء حتى تفرز شارعها الخاص وقادتها ورموزها، وأن هذه الشريحة من الشباب والمثقفين قادرة على صنع المعجزات أسوة بمصر وتونس، لأن حاجز الخوف قد تم كسره.

ولأن الخوف أصبح الآن بعيداً بالنسبة لكثير من الشباب فإننا نريد اليوم أن نقول للرئيس انتهى زمان الضحك، واللعب، والفهلوة، انتهى زمن المسكنات والمهدئات، والأسبرين، انتهى الزمن الذي كان يدور حولك، وإننا نريد اليوم ليس مبادرة لترقيع الحياة وإنما نريد أن نحاكمك على كل الجرائم التي ارتكبتها في حق أبائنا وأبنائنا وإخواننا في معتقلات الأمن السياسي منذ اغتيال الحمدي وحتى الآن، نريد تعويض نفسي ومادي لكل قطرة دم أريقت في حرب 94م وفي حروب صعدة، ومازالت تسفك اليوم في عدن وردفان والحبيلين وشبوة، نريد في نهاية عهدك الوشيك بإذن الله أن نعمل جرد لكل الجراح التي أصابتنا في عهدك، بعدها إذا أردت المسامحة ستحتاج لإسفنجه لمسح ذاكرة كل يمني من شمال الوطن إلى جنوبه تعرض في عهدك للذل والقهر والجوع، هل تستطيع؟!!. شخصيا لا أظن لأن الذاكرة لا تمحى.