سيتعين على اللاعب المحترف إنهاء مباراته وفق رغبة الجمهور !
بقلم/ سامي الكاف
نشر منذ: 13 سنة و 10 أشهر و 30 يوماً
السبت 18 ديسمبر-كانون الأول 2010 04:26 م

فاجأ رئيس الجمهورية الأخ علي عبدالله صالح الجمهور - الذي حضر لمشاهدة مباراة فريقي التلال وشعب إب لكرة القدم على ملعب حقات الجديد يوم الجمعة الفائت- بدخوله إلى منصة الملعب بدون حراسته المعتادة.

إنه أمر غير معتاد البتة. لم يكن أحد يتصور حدوث ذلك فعلاً؛ في الواقع بدا الرئيس - وهو يتلقى تحيات الجمهور فور دخوله إلى الملعب- كلاعب محترف انتهى لتوه من تسجيل هدف مباغت في مرمى الخصم؛ ومن ثم راح يرد على هتافات الجمهور بابتسامة المنتصر.

كان من السهل على عدد غير قليل من الحضور ملاحظة أن الأمر تم بعفوية شديدة؛ في حين راح عدد أخر يبحث عن تفسيرات لما حدث، وبالتالي أهدافه، خصوصاً في ظل النتائج السيئة التي حصدها منتخبنا الوطني لكرة القدم في بطولة خليجي 20 لكرة القدم ومطالبة شرائح مجتمعية مختلفة بإقالة وزير الشباب والرياضة حمود عباد ورئيس الاتحاد العام لكرة القدم أحمد العيسي.

لطالما انشغل الرئيس عن متابعة مسابقات كرة القدم في بلادنا خصوصاً وبقية مسابقات الأنشطة الرياضية الأخرى عموماً، لأسباب مختلفة ومتباينة بغض النظر عن كون مسئولين - يفوق عددهم عدد شعر رأسي- ما برحوا يؤكدون صباح ومساء كل يوم أن أي شيء، وكل شيء يتعلق بالحركة الشبابية والرياضية في بلادنا تتم وفق توجيهاته ورعايته..!

غير أن انشغال من هم دونه مسئولية بأمور أخرى، وهم مسئولون مباشرون عن كل صغيرة وكبيرة تحدث في حقل الشباب والرياضة في بلادنا، كان وما زال يثير أكثر من علامة استفهام خصوصاً وروائح الفساد التي تنبعث من هذا الحقل ما زالت تزكم الأنوف.

أنظروا: انتشر خبر حضور الرئيس المفاجئ إلى ملعب حقات انتشار النار في الهشيم؛ بعد دقائق حضرت حراسة الرئيس ودخلت المنصة [عددها قليل وكان لباسها مرتب وأنيق بخلاف تلك الحراسات التي عادة ما نشاهدها بشكل مختلف وأثرها كذلك..!].

راح الرئيس، وقد جلس على أحد المقاعد الأنيقة - مقاعد غير تلك التي تم تخصصيها للجمهور- يتحدث إلى عدد من الحضور بهدوء وسكينة أمكن لكثيرين ملاحظة ذلك، في حين أنهمك من جلس على المقاعد الأخرى يعاني الأمرين إذ تم تركيبها بحيث يخرج من جلس عليها مباشرة إلى أقرب صيدلية بحثاً عن أدوية لمعالجة آلام ظهره ورجليه اللتان كتبا عليهما السباحة في الهواء..!

بيد أن انتشار خبر حضور الرئيس إلى الملعب جاء بثماره نهاية المباراة، إذ سرعان ما ظهر وزير الشباب والرياضة حمود عباد ومعه عضو اللجنة العامة رئيس دائرة الشباب والطلاب في المؤتمر الشعبي العام عارف الزوكا مذهولين غير مصدقين ما حدث، ومع ذلك راح الاثنان يظهران في كادر الصور الملتقطة إلى جانب الرئيس كما في مناسبات سابقة: مبتسمين ولسان حالهما: (كل شيء تمام يافندم)..!

دعكم من مسألة الصور جانباً الآن. لاحظوا: الثاني مسئول تنفيذي مباشر عن (ا لهيئة الوطنية للتوعية ) ويرأس في الوقت ذاته اثنين من الأندية بطريقة غير قانونية؛ والأول بخلاف كونه وزيراً للشباب والرياضة يرأس اتحاد الكونغ فو - كما يفعل ذلك كثير من مسئولي وزارة الشباب والرياضة- وبطريقة مخالفة للوائح عمل وزارة الشباب والرياضة، ومن ثم يُراد من الاثنين - ومن سلكا طريقيهما- القيام بإصلاحات شبابية رياضية..!

ان جمهور الرياضة في بلادنا يتمتع بعاطفة جياشة لطالما أنسته آلام وأوجاع تجرعها في أوقات فائتة؛ وهي العاطفة التي سمحت لكثيرين منهم أن يطلقوا العنان لمخيلتهم وهم يشاهدون الرئيس يجلس معهم لمشاهدة مباراة في كرة القدم دون موعد مسبق، بحيث راح عدد منهم يتوقع حدوث إجراءات جادة لإصلاح الأوضاع التي يعاني منها حقل الشباب والرياضة حداً فاق كل وصف.

مساء اليوم ذاته راحت (سبأ) تنشر خبر تأكيد الرئيس اهتمامه بـ"تطوير الرياضة في بلادنا بمختلف أنواعها وتخصصاتها وتشجيع الشباب على الانخراط فيها وبما يكفل لهم البناء الرياضي السليم خاصة بعد أن توفرت لهم بنية تحتية ومنشآت رياضية متطورة وفي العديد من مناطق الجمهورية"؛ دون أن يتاح لأحد ما، سماع أي شيء له علاقة بإجراءات ما لها علاقة بإصلاح الأوضاع المتردية المُشار إليها سلفاً..!

كل ما هنالك التأكيد على "الاهتمام بالمواهب المتنوعة التي تزخر بها بلادنا سواء في المجال الرياضي أو الثقافي أو الفني أو العلمي أو غيره وبما يصقل مواهبها ويطورها على أسس علمية ويحقق الأهداف المنشودة منها"، و "التأكيد على أن عدن سوف تحتضن خلال الفترة القليلة القادمة العديد من المنافسات والبطولات الرياضية الإقليمية والدولية".

لقد بدا الرئيس - وهو يتلقى تحيات الجمهور فور دخوله إلى الملعب- كلاعب محترف انتهى لتوه من تسجيل هدف مباغت في مرمى الخصم؛ ومن ثم راح يرد على هتافات الجمهور بابتسامة المنتصر، شيئاً مُرحباً به؛ بدليل تلك الهتافات العفوية التي أطلقها الجمهور ترحيباً به، لكن اللاعب المحترف سيتعين عليه إنهاء المباراة وفق رغبة هذا الجمهور جيّاش العواطف؛ والأخير سبق وأن عبّر عن رغباته علناً، وعلى الجميع احترامها، وأولنا الرئيس.....!

- رئيس تحرير صحيفة "الملعب"